عام

رد على " نخشة " د.بليغ

صالح علي بامقيشم

كاتب جنوبي
لازال الامل يحدوني ان يتفهم ” القدير ” اسبابي الخاصة والشحيحة في بعض حالات التجديف التي ارتكبها ، في بيئة فاشية يقتل فيها الشهيد امجد عبدالرحمن ويعيش ابوسالم التعزي ، معززا مكرما باعتبار الاخير هو الممثل الحصري لمختلف الديانات الابراهيمية بينما الاول هو الخطر الاكبر المهدد لوجودها .
وعلى انقاض المشهد المأساوي الآنف الذكر ، يقف صديقي د. بليغ اليزيدي ، ليقول انه لايوجد صراع اصلا وان الامر يحدث فقط لان شخصيات شيوعية هرمة ارادت جدولة خياراتها فحسب ، وحملت ولعها بالعلاقات الصراعية ، لتعيد انتاج نفسها وهو طرح شعبوي في غاية الطرافة ، يأتي في تصوري كاحتراز امني ذكي من الكاتب ،.فكلما كان المرء شعبويا وفارغ المضمون زادت حظوظه في تحقيق تقدم ما في المشهد الاعلامي والسياسي علاوة على ضمان البقاء على قيد الحياة ، في هذا الظرف الامني بالغ الرداءة والذي تقنص فيه رؤوس من يفكر بطريقة مغايرة عن القطيع ، وبهذا قد يقتنع الرقيب المتوسد بندقيته المزودة بكاتم الصوت ويصرف النظر عن اية مغريات للاقتصاص منه .
في الواقع ، لقد كان الصراع طبقيا محضا ولازال ، وربما يصلح مثال ” الحرس الاشتراكي القديم ” لاثبات هذا لا لنفيه ، فكل ماحدث باختصار هو تغيير تموقع تلك القيادات من الصرح الطبقي السابق الى موقع جديد لتخوض الصراع من موقعها الطبقي الراسمالي الجديد بعد ان تخففت من المباديء كليا ، وامسى موقفها سبة وعار في مسار النضال التقدمي . تلك المواقف التي لاترقى باي حال من الاحوال الى تقدمية السلطان محمد غالب العفيفي وانحيازه للمقهورين و المحرومين والذين تشربوا نفحات الخلاص من محياه وكلماته كجداول عذبة تبتلعها الدلتا لتزهر مستقبلا لائقا ، كما وتقدمية طارق الفضلي المجاهر بعداءه للامبريالية الاميركية وربيبتها الصهيونية ، او نقاء وصمود الشريف ايمن ناصر وهو يلهج – هازئا بالاخطار – بحق سكان عدن وكادحيها .
يتمحور النقاش عادة في الفلسفة بين المادية
والمثالية ، اما في التاريخ فبين قوى الانتاج وادواتها ، في اطار وسائل الانتاج ،
وفي المجتمع : بين طبقتين رئيسيتين وعلى من يقف في الوسط ان ينحاز الى احدهما ذلك انه لايمكن تجريد الانسان من مصفوفة العوامل الموضوعية المؤثرة حوله لذا يقول ارسطو ” الانسان كائن اجتماعي ” فهو ابن بيئته ومجتمعه ويتحرك في ظل مجتمع وتاريخ .
اليوم ليس من العسير ، ان نلحظ ان الاغنياء وملاك العقار والميديا في مختلف التنظيمات السياسية في الجنوب ، بما فيها مكونات الحراك هم من يهيمن على المشهد تماما ولوكان الصراع يقتصر على توصيفات وسائل الاعلام اللعينة التي تضفي عليه كل هذه البساطة والسذاجة ، لما كانت هناك سياسة اساسا بل ولما سميت فن الممكن.
ان شعارات التعددية والحرية والديموقراطية ماهي الا رواسب يبتغي الاستعمار الحديث نسخها ولصقها في غير تربتها ..ماهي الحرية الليبرالية ان لم تكن ترجمتها العملية تقنين النشاط الاقتصادي وحرية تداول السلع وانتاجها وبيعها وتوريدها ، وفقا لقواعد الاحتكار التي تحتكم اليها منظومة الملاك ، انه مفهوم اقتصادي بشع في المقام الاول وحين يصل الى طوره السياسي ستكون الفكرة السالفة هي الناظم الرئيس له ، حيث ان الانتخابات مثلا هي عملية مفاضلة بين راسمالي وزميله يختار الفقراء من يصلح منهم ليتحكم في حياتهم وهكذا يصبح الشان الاقتصادي والسياسي والاعلامي والحقوقي حكرا على فئة معينة تحت شعارات كاذبة خاطئة وبراويز مذهلة جاذبة للبسطاء ، وهذا ما وصل اليه المسكين ” نلسون مانديلا ” متاخرا وماادركه العظيم فيدل كاسترو مبكرا. .
لابد ان نعثر على صيغة ما للتعايش في الجنوب تحقق القدر الاكبر من العدل الاجتماعي وانهاء التمييز والتحقير ، وان يتحول الصراع العنيف ، الى تنافس
للبناء والتطوير وان نكف والى الابد عن الاستقواء بالخارج على شركائنا في الو طن .
والمؤسف ان الدكتور اراد ادانة الشيوعية بكل ما اوتي من ذخيرة محاججة انتهت صلاحيتها بغياب النظرية نفسها عن واقعنا المعاصر ، ولم يستطع تحري الدقة بين كل من الوصف والموصوف . فمن يتهمهم بالشيوعية هم اليوم ينكرونها تماما فكيف تهاجم شيوعيا لايؤمن بذاته !!
نحن نعيش اسوأ اللحظات في تاريخنا السياسي ، ولاغرابة ان مصير الجنوب وقضيته اضحى لعبة تقترفها العناكب والوطاويط اللاعقة لدم الشهداء وكبار لصوص المافيا ..لكن ( باصبر على ماجرى ..مادام يرضي زماني ).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى