آداب و ثقافة

الأب الابن”.. معرض فني بالقاهرة يحيي ذكرى “المذبحة الأرمن”

سمانيوز / آداب وثقافة

يقدم الفنان المصري الأرميني فاهان تلبيان، لزوار معرضه “الأب الابن” في قاعة بيكاسو الزمالك بالعاصمة القاهرة فرصة نادرة للترحال بين ماضي وحاضر الجالية الأرمينية في مصر.
ويحمل معرض تلبيان عنوان “البحث عن روابط”، حيث يستمر حتى 8 مايو، إذ يشارك الفنان ابنه كيان فاهان (9 سنوات) برسوم طفولية بأقلام الرصاص والجاف والألوان.
وينتمي الفنان فاهان تلبيان إلى عائلة صاحبة نشاط فكري بارز في أوساط الجالية الأرمينية في القاهرة، بداية من الجد الأول ليفون الذي عمل محرراً بأول جريدة أرمينية مصرية “هوسابير”، ثم الأب فاهاكن الذي عمل مصوراً فوتوغرافياً وامتلك ستديو تصوير خاص به في وسط القاهرة.

يليهم فاهان الفنان التشكيلي الذي تخرج كلية التربية الفنية عام 1988، وعرض أول أعماله الفنية عام 1983، وشارك في عدد من المعارض الدولية والمصرية.

تعاقب الأجيال

وأوضح فاهان تلبيان لـ”الشرق”، أن “هذا المعرض أقرب إلى تسليم جيل لجيل، الفكرة كلها أني أسلم الراية لابني الذي تصادف أنه يرسم، وأن له شخصية مستقلة واضحة جداً في لوحاته، وهو بالنسبة لعائلة تلبيان آخر سلالتهم، لأنه الذكر الوحيد وحامل اللقب، وهذا في حد ذاته كان دافع لأن أشاركه العرض”.
وينقب الفنان المصري من خلال المعرض عن روابط الماضي المليء بالحكايات والآلام، وتعج لوحاته بالاغتراب والحنين إلى أرض ضائعة، تارة على شكل أشخاص تلتحم أقدامهم بالأرض، وتارة أخرى على هيئة شخص مدفون بالكامل تحت الأرض.

ويحكي فاهان عن معرضه باعتباره وسيلة لنقل الإرث الثقافي والفكري إلى ولده “كيان” الذي تحتل رسومه الصغيرة ولوحاته نصف قاعة العرض، إضافة إلى عشرات الاسكتشات التي رسمها الصغير وقد طغت عليها طفولته وولعه بالديناصورات والسيارات، والأرقام، لكن في الخلفية تكمن الحكاية والإرث الثقافي لأشخاص يبحثون عن البيت والبحيرة الخلابة وأشرار يتربصون.
وأشار فاهان إلى أن “لوحات كيان ليست مجرد شخبطة طفولية، فقد شعرت أن فيها شيئاً واعداً جداً، طريقة رسمه للمنظور في بعض أعماله، وطريقته في رسم بعد ثالث بمنتهى التلقائية والبساطة، كذلك فقد ورث منى ارتباطه بالجالية الأرمينية، وهي جزء من هويته أغذيها، لأنه لابد من أن يعرف حكايته”.

أضاف: “ورغم أنه لا زال صغيراً، لكن رسومه تدل على حضور قوى لنفس الإرث، لكن بطريقته، هو يسمع من جدته ومن العائلة الحكايات ويرسمها ممزوجة بصور الفيديو جيم وأبطاله سواء كان ديناصورات أو سيارات أو حتى مجرد أرقام”.

مذبحة الأرمن

وتزامن افتتاح المعرض مع ذكرى مذبحة الأرمن على يد العثمانيين عام 1915، وكذلك اعتراف الولايات المتحدة الأميركية للمرة الأولى بالمذبحة رسمياً، في خطاب ألقاه الرئيس جو بايدن واستقبلته الجاليات الأرمينية في كل أنحاء العالم بفرحة عارمة.
وفي السياق ذاته، لفت فاهان، إلى أن “هذا الاعتراف حق نطالب به منذ زمان طويل، ويمنح الأرمن في كل أنحاء العالم سلام داخلي، فنحن الآن مسموعون، بعد سنوات طويلة من تجاهل المجتمع الدولي لنا لأسباب سياسية، هذا الاعتراف بداية للمطالبة بالحقوق أيضاً، فالأرمن كان لديهم أرض وبيوت وممتلكات تم نهبها بالكامل”.

واستقبلت مصر في عهد محمد على حوالي 17 ألف مهاجر أرمينى، شكلوا واحدة من أكبر الجاليات الأجنبية في مدينتي القاهرة والإسكندرية، لكن بمرور الوقت تناقصت أعدادهم إلى ما يقارب 3000 شخص.
وأكد هافان، أن ” الغالبية هاجرت مرة أخرى إلى أوروبا وأميركا، البعض عاد إلى أرمينيا، وهناك من ذاب في المجتمع المصري”.
وحكى فاهان قصة المذبحة كإرث عائلي تلقاه وكل صغار العائلة عن جدته التي خرجت من منطقة بوليس في تركيا معها اثنين من أخواتها في 1915، واستمرت رحلة هروبهم 3 سنوات كاملة بين سوريا ولبنان حتى استقر بهم الحال في القاهرة.

وتطرق فاهان إلى تبعات الهروب، قائلاً: “خرجت الفتيات الثلاث ولم تكن هناك أي وسيلة للتواصل مع عائلتهم، وفي ذلك الشتات وجدت الفتيات جماعات من الأرمن الهاربين من الفاجعة وآلاف الحكايات عن المذبحة، وعبر جماعات النازحين التي تكونت في المهجر، استطعن أحياناً أن يجتمع الشمل بأطراف العائلة البعيدة، أما الغالبية فقد فقدوا وفقدت آثارهم إلى الأبد”.
وشدد فاهان أن الأمر لا علاقة لها بالشعب التركي، ووفق حكاية جدته، فإن من ساعد الفتيات الثلاث على الهروب من القتل هم جيرانهم الأتراك، لكن الأزمة “كانت ولازالت مع النظام الذي أباد حوالي مليون ونصف مواطن أرميني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى