آداب و ثقافة

اقبليني.

كتب: لمياء العفيفي.

أعطته من الذي صنعته، كعكٌ صغير، كان للنزهة، قالت في نفسها: لا يخجل يسأل مني بجراءةٍ تامة

 

قطع من جديد حديثها الداخلي بقوله: الكعكُ لذيذ

 

نظرت له وأكملا الطريق،

 

 

عرفت الجبل الذي خلفة المأوى ففرحت قالت بفرحٍ: الجبل الجبل هناك سنصل!

 

نظر لها وابتسم نظر بعدها للجبل وقال: يتطلب علينا صعود الجبل

 

قالت: ماذا! ولكن أنا لم انزله حتى اتسلقه إنهُ شاهق

 

قال: لقد نزلتِ من الدرج التي في الجهة الآخرى سنصعده فصعوده سهل لمنتصفه سننعطف قليلًا لنصل للأهل، فهذا أسهل من أن نمرّ بجانب الجبل ونصعد السلالم من جديد،

 

حركت رأسها للدلالة على الموافقة، عندما رأى هزتها بدأ بالصعودِ فورًا

 

بخفةٍ صعده، رأى خلفه فإذ بها ما زالت في البداية، رجع لها وقال: على هذه الحال لن نصِل، قطيع غنمي سيصل لمنزلي وأنتِ ما زلتِ هنا

 

قالت: أنني أُسرع وقد حققت إنجازًا بصعودي هذه المسافة لأول مرة وبهذه السرعة

 

قال: اخلعي هذا الحذاء فهي لا تُناسب تسلق الجبل،

 

 

خلعته وأكملت المسير ما أن وصلت حتى أحسَّت أن قلبها سيُنخلعُ لشدَّة خفقانه، جلست بارهاقٍ تلتقطُ الهواء الطلق، سمعت نِداءً، من بعيد، فإذ هو ذاك الذي أغاظها قال: أين كُنتِ؟ لقد بحثنا عنكِ

 

ظلت صامتة فتذكرت الراعي بحثت عنه فلم تجده نظرت لفوقٍ لتراه في قمة الجبل قد اختفاء،

 

قامت لتكمل الطريق أعطت الكعك الباقي للغليظ وأكملت المسير حافية القدمين والحذاء في يدها، وصلت، واِحتلة البهجةُ روحها، ذهبت للسرير ونامت، فالرحلة قد اتعبتها.

 

 

يومٌ جديد صحت، أكملت العبادة والعمل بفرحًا فخرجت

 

لترى من ساعدها يحمل سلَّة بُـنٍ كبيرة في ظهرة قالت بحيرةٍ: متى قطفها؟!

 

نادتها أصغر عماتها لِتُساعِدها في جمع البن ذهبت بفرحٍ إليها وجمعت البن بمرح، وهكذا مرَّ الوقت ومرَّت الأسابيع تطوى ليأتي يومٌ يتم فيه جمع الحصاد وبيعه في السوق،

 

رأت راعي الغنم يحمل محصول الجميع، في سيارةٍ يُساعدة ذاك الغليظ الذي قد تخلَّى عن غلاظته، وقليلٌ من شباب القرية، لقد عرفت اسمه، فبعد حرف الحاء يأتي حرفهُ وسطهُ ألفٌ وآخره لأمٌ يُجاريهِ دال.

 

 

حسَّ بأنها تراه فالتفت لها، فتاةٌ ناضجة تتألق بأبهة الأنوثة الكاملة، اختلف الناس في وصف جمالها ولكن يتفق الجميع بأنها فاتنة، ماذا لو طلب يدها؟، لا لا فهي من بيئةٍ ثانية، احلامها صاعدة، أي فتاةٍ حالمه تطمعُ براعيٍ، مُزارعٍ، جاهلٍ، يهوى القراءة!

 

 

فطِن بهِ والتفت لابنة عمه، يبدو أنهُ معجبٌ بها، لا يُنكر أنهُ أفضل منه، ولكن لا يستحقها، فآخر ما تتمناه ابنة العم المكوث في القرية.

 

 

ذهبوا والسلام يرافقهم، وعادوا والفرحة تزاحم قلوبهم، لأن الحصاد قد بيع والنقود كثيرة، وزِعت النقود وأخذ كلُّ ذي حقٍ حقه، وصل للفتاة هدية يبدو من شكلها أن المخفي شيءٌ جميل، المُهدي مجهول، فتحتها فإذ هي حذاءٌ جذاب يُناسب الريف، ابتسمت وفي داخلها يقول: إنها منه.

 

 

لبستها وظلت تمشي بها، جلست في المكان الذي تحبه، أمامها مدرجاتٌ مُخضرة، تأسِر الناظر وتجبره على التأمل التام، تزرع البهجة في الشخصِ وهو حزين،

 

رآها وهو مارٌ للصعود، قوةٌ مجهولةٌ تجذِبُه إليها حافي القدمين، لم يعي بنفسه إلا وهو بالقرب منها، قال في نفسه: لا حلال في الاقتراب ابتعد تسلم،

 

شعرت بشخصٍ قريبٍ منها فالتفتت، رأتهُ سرِح البال يراها وعندما وعى بنفسه غضَّ بصرهُ عنها وابتعد

 

قال مرتبكًا: ماذا تفعلين هنا؟

 

قالت: انظر للمكان أحب الجلوس هنا

 

قال: حسنًا اذهبي فالشمس بدأت تغيب

 

قالت: جمالُها في غروبِها وكأنَّها تودع الجميع في خجلٍ جميل

 

فردَّ لها قائلًا: أو ربما احزنتها السماء فقررت الرحيل في حزنٍ كئيب

 

قالت: والاحِمِرار من حولها ماذا تصفه؟

 

قال: ربما تنشر الشمس شراراتِ غضبها على السماء عند رحيلها كي لا تقترب السماء لتُراضيها

 

قالت: أو ربما ترسل السماء لها حبًا محمرًا لاحتوائها لترضى عنه، فتذهب الشمس لتبزغ  في صباح يوم جميل تنثر للسماء حبها مُحمرًا يُنير الجميع

 

قال: تعبيركِ أبهرني للغاية

 

قالت: وأنت أيضًا

 

قال: أنا لستُ أديبًا لأصف لكِ المناظر بجمال وصفك إنني شخصٌ جاهلٌ يهوى القراءة

 

قالت: لستَ جاهلًا فالجاهل من لا يطَّلعُ ويحسب نفسه أعلم الناس!

 

أو أنه لا يحب الإطلاع ويكتفي بما عنده

 

قال: ولكنني لم ادخل المدرسة لأصبح متعلمًا

 

قالت: ليس من الضروري أن تكمل المدرسة لتصبح متعلمًا يكفيك اِطِّلاعُك الدائم للكتب فالذين هم امثالك أقِلَّ

 

ابتسم وقال في داخله: إذًا هي لا تظن أنّي جاهل أشعث الرأس غبي

 

شعر بالسعادة تغمرة رأى الحذاء الجديد فقال بفرحٍ: حذاءٌ جديد يناسب الريف، تستطيعي به الصعود لأعلى الجبل

 

قالت: شكرًا

 

احتار على سبب شكرها فظنَّ أنه لارجاعها للمنزل فقال: للّه كل الشكر

 

غابت الشمس لِتدهن السماء في إثرِها باللون القرمزي الباهت

 

 

 

يتبع في العدد القادم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى