أخبار عربية

بنسبة مشاركة “دون المأمول”.. الجزائريون ينتخبون أول برلمان بعد الحراك.

سمانيوز / متابعات
جانب من فرز أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية بالجزائر في مركز اقتراع على أطراف العاصمة – 12 يونيو 2021

أدلى ناخبون جزائريون، السبت، بأصواتهم في إطار انتخابات تشريعية مبكرة رفضها الحراك المطالب بتغيير النظام، وجزء من المعارضة على خلفية ما اعتبروه “قمعاً متزايداً” من السلطات.
وشهد الاستحقاقان الانتخابيان السابقان (الاقتراع الرئاسي العام 2019 والاستفتاء الدستوري العام 2020)، نسبة امتناع غير مسبوقة عن التصويت بلغت 60% و76% على التوالي.
لكن الرئيس عبد المجيد تبون اعتبر في تصريحات لصحافيين بعد قيامه بالاقتراع في مركز بسطاوالي في الضاحية الغربية للعاصمة الجزائرية، أن هذه النسبة “لا تهم”.
وقال “سبق أن قلت إنه بالنسبة لي فإن نسبة المشاركة لا تهم، ما يهمني أن من يصوت عليهم الشعب لديهم الشرعية الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعية”.
وتابع “رغم ذلك، أنا متفائل من خلال ما شاهدته في التلفزيون الوطني أن هناك إقبالاً خصوصاً لدى الشباب والنساء. أنا متفائل خيراً”.

مشاركة دون المأمول

وكشف محمد شرفي رئيس السلطة الجزائرية للانتخابات أن نسبة المشاركة النهائية بلغت 30.20% على مستوى التراب الجزائري، في وقت كانت الحكومة تأمل في نسبة مشاركة تتراوح بين 40% إلى 50% على الأقل.
ومن المقرر أن ترفع محاضر فرز أصوات الناخبين في الانتخابات التشريعية إلى السلطة الوطنية للانتخابات فور الانتهاء من عملية فرز الأصوات.
وكانت مراكز الاقتراع قد أوصدت أبوابها في الثامنة مساءً بعد أن مدَّدت سلطة الانتخابات فترة التصويت ساعة كاملة.
وجرت عملية الاقتراع بهدوء في الجزائر العاصمة حيث كان عدد الناخبين قليلاً، ولكن تم تسجيل توترات في منطقة القبائل حيث كانت المشاركة شبه معدومة، مع نسبة بلغت 0.79% في بجاية و0.62% في تيزي وزو، بحسب أرقام رسمية أولية.

مواقف متباينة

وقال محمد حسان دواجي المترشح عن حزب “طلائع الحريات” بولاية غيليزان غرب البلاد في تصريحات لـ”الشرق” إن “الانتخابات كانت شفافة لم تشبها أي شائبة”.
وقال أمين عريب القيادي والمترشح عن حزب “جيل جديد” في ولاية الجزائر العاصمة، إن “السلطة التزمت بوعودها بشأن الحياد في الانتخابات التشريعية عكس ما كان يحدث سابقاً في الانتخابات التشريعية من ممارسات فوقية لتوجيه الانتخابات والتدخل في نتائجها”، بحسب تعبيره.
ولم يخف أمين عريب في حديثه لـ”الشرق”، تسجيل حزبه عدد من التجاوزات تخص عدداً من المترشحين  الذين حاولوا كما يقول التأثير على نتائج الانتخابات بتقديم توجيهات للناخبين أمام مكاتب الاقتراع.
من جانبه، اعتبر المحامي الناشط في الحراك لحسن تواتي، في تصريحاته لـ”الشرق”، أن “هذه الانتخابات لا جدوى منها لأنها تعطي فرصة للنظام لإعادة إنتاج نفسه”.
بالإضافة الى قطاع واسع من الحراك، قاطعت العديد من القوى المعارضة الانتخابات التشريعية وأبرزها: “حزب العمال”، وحزب “جبهة القوى الاشتراكية”، و”التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” بسبب ما تعتبره “عدم توفر الظروف المناسبة وسط أجواء تتسم بالتضييق على الحريات.

“استشرافات شيطانية”

وتعد هذه الانتخابات أول انتخابات تشريعية منذ انطلاق حركة الاحتجاجات الشعبية السلمية غير المسبوقة في 22 فبراير 2019 رفضاً لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.
وتبدو السلطة مصمّمة على تطبيق “خارطة الطريق” الانتخابية التي وضعتها، فيما يقدم الشارع مطالب أخرى تتمحور حول (دولة القانون والانتقال الديمقراطي والقضاء المستقل).
وفي تصريح عقب الإدلاء بصوته، أكد وزير الاتصال والمتحدث باسم الحكومة عمار بلحيمر، أن “نزاهة وشفافية الانتخابات ستكذب الاستشرافات الشيطانية لمخابر الفوضى المدمرة” التي تستهدف الجزائر.

22 ألف مرشح

ودُعي نحو 24 مليون ناخب لاختيار 407 نواب جدد في مجلس الشعب الوطني (مجلس النواب) لمدة خمس سنوات. وعليهم الاختيار من بين 2288 قائمة، أكثر من نصفها “مستقلة”،  أي أكثر من 22 ألف مرشح.
وهذه هي المرة الأولى التي يتقدم فيها هذا العدد الكبير من  المستقلين ضد مرشحين تؤيدهم أحزاب سياسية فقدت مصداقيتها إلى حد كبير وحُملت المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها الجزائر مند حوالى 30 شهراً.

من جهة أخرى، قررت الأحزاب الإسلامية المرخص لها المشاركة في الاقتراع، من أجل “المساهمة في القطيعة والتغيير المنشود”، فيما يتوقع بعض المحللين حصول هذه الأحزاب الإسلامية على غالبية نسبية في المجلس.

تشكيل الحكومة

وفتحت الانتخابات باب التساؤلات حول تشكيل الحكومة المقبلة في ضوء التعديلات الدستورية الجديدة، التي تنص لأول مرة على أن الحزب أو التكتل الفائز بغالبية المقاعد في البرلمان له الحق في قيادة الحكومة.
وقال توفيق بوقعدة أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر لـ”الشرق”، إن المؤشرات السياسية الحالية تنبئ بأنه لن يكون هناك من يحصل على الأغلبية البرلمانية حيث ستكون الأصوات مشتتة.
وأضاف بوقعدة أن قراءة خطاب التشكيلات السياسية المترشحة للبرلمان خلال الحملة الانتخابية يُظهر أنها لا تنوي قيادة الحكومة المقبلة، خاصة أن كل الأطراف التي دخلت السباق الانتخابي عبرت عن دعمها للمسار السياسي للسلطة.
وتوقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر قيام الرئيس الجزائري بتشكيل حكومة بقيادة وزير أول وبتشكيلة من الأحزاب المشاركة في الانتخابات.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، السبت ،بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، إن “الدستور فصل في الاحتمالين المطروحين، أي فوز أغلبية برلمانية أو أغلبية موالية لبرنامج الرئيس” وأضاف: “في كلتا الحالتين، سنتخذ قراراً يتماشى مع الديمقراطية الحقة”.

“تصعيد مخيف”

ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، حذّر رئيس أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة، من “أي مخطط أو فعل يهدف الى التشويش على سير العملية الانتخابية”.
وسعت الحكومة التي تُتهم بأنها الواجهة المدنية للمؤسسة العسكرية، إلى كسر الحراك، فقد منعت كل المسيرات وكثفت الملاحقات القضائية ضد المعارضين السياسيين والناشطين في الحراك والصحافيين المستقلين والمحامين.
وتقول الحكومة إنها استجابت للمطالب الرئيسية لـ”الحراك الأصيل” في “وقت قياسي”، ولم تعد هناك أي شرعية لنشطاء الحراك السلمي، متهمة إياهم بأنهم في خدمة “أطراف أجنبية” معادية للجزائر.
ويقبع ما لا يقل عن 222 من سجناء الرأي خلف القضبان في الجزائر بسبب نشاطهم في الحراك أو الدفاع عن الحريات الفردية، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.
وأطلقت السلطات، مساء السبت، سراح ثلاث شخصيات بارزة في الحراك: كريم طابو، وإحسان القاضي الذي يدير موقع “مغرب إيمارجون” و”راديو إم” القريب من الحراك، والصحافي خالد درارني الذي يتعاون مع الإذاعة ذاتها، بعد أن أوقفوا، الخميس الماضي.
وقال الرئيس الجزائري، السبت، “أعتقد أننا في الطريق الصحيح ما دمنا نتعرض للهجمات من كل جانب، لأنهم لن يرضوا بأن تدخل دولة مثل الجزائر الديمقراطية من أبوابها الواسعة. أنا شخصياً كرئيس وكمواطن أؤمن إيماناً قوياً بأن السلطة للشعب ويمارسها من خلال من ينتخبهم”.
وتأتي الانتخابات التشريعية تزامناً مع تحديات اقتصادية تشهدها البلاد، إذ انخفضت احتياطيات العملات الأجنبية بنسبة 80% منذ عام 2013 مع تراجع عائدات الطاقة وإخفاق الحكومات المتعاقبة في تنويع الاقتصاد أو تحفيز نمو القطاع الخاص بقوة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى