«سمانيوز» تستطلع آراء الشارع الجنوبي: هل لدى «بن بريك» عصا سحرية ؟!

سمانيوز / استطلاع
تساءل ناشطون جنوبيون: أين يكمن الخلل؟ هل في الرئاسي أم في الحكومة؟ أم في الاثنين معاً؟
هل أصبح بن مبارك كبش فداء؟ وهل استقالته أو إقالته معناها إدانته وإعطاء العليمي صك براءة من الفساد؟
هل كانت استقالة بن مبارك بسبب فشله في إصلاح الاختلالات الاقتصادية والخدمية؟ أم على وقع احتجاجات الشارع؟ أم هي انحناء أمام ضغوط العليمي؟.. وهل لدى البديل “بن بريك” عصا سحرية؟!
أكد محللون أن وجود بن مبارك في رأس الحكومة خلال الفترة الماضية، منذ توليه المنصب في 5 فبراير 2024م حتى استقالته في 3 مايو 2025م، لم يخدم الجنوبيين ولا الشرعية، ولم يكن مصدر تهديد للحوثيين. وإنه رغم نزاهته إلا أنه لا يمتلك حضوراً قوياً، وغير قادر على فرض إرادته أو التحرك بشجاعة وثقة في نطاق صلاحياته الدستورية.
وفي أول تعليق للدكتور محمد حيدرة مسدوس حول المستجدات الأخيرة، قال: أمام الحكومة واقعان مختلفان، هما: واقع الخدمات في الجنوب، وواقع الحرب في الشمال، وبالتالي مالم توجد حكومة خدمات جنوبية في عدن، وحكومة حرب شمالية في مأرب إلى ان يأتي الحل مع الحوثيين، فسوف يظل الفشل حليف أي حكومة حتى لو جاؤوا بها من الملائكة٠
“سمانيوز” استطلعت آراء الجنوبيين حول دوافع الاستقالة وقراءة ما بين سطورها وخرجت بالآتي:
أطراف تضررت من وجود بن مبارك فأزاحته عن المشهد:
القيادي في انتقالي العاصمة عدن الأستاذ هشام الجاروني، يرى أن أطرافاً “تضررت من وجود بن مبارك فأزاحته عن المشهد”. مضيفاً بالقول: أعتقد – بل الأكيد – أن سبب تلك الازاحة هي مصالح بعض الأطراف في الحكومة والرئاسة على حد سواء، والتي تضررت من الإجراءات التي اتخذها بن مبارك وشملت إصلاحات اقتصادية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. والأهم من ذلك هو الصراع الذي نشب بينه وبين بعض الوزراء حول صناديق التنمية التي كانت تنهب دون حسيب ولا رقيب، ما أدى إلى تمرد بعض الوزراء وعدم حضورهم اجتماعات المجلس، وعدم تنفيد توجيهات رئيس المجلس.. هذه الصناديق تبلغ إيراداتها عشرات المليارات كانت تنهب ولا يعلم عن مصيرها وقنوات صرفها.
وأشار الأستاذ الجاروني إلى أن الرئيس العليمي كان في طليعة المتضررين من إصلاحات بن مبارك، وبادر إلى تعطيلها.
واستهجن قائلاً: للأسف ليس هناك موقف واضح من قبل التحالف. والمصيبة أن مصالح إقليمية خبيثة تلاقت مع مصالح العليمي الفاسدة، فأنتجت لنا واقعاً أليماً في الجنوب، تفشى الفساد في كل مناحي حياتنا.. ولا أظن – وبعض الظن ليس إثماً – أن رئيس الحكومة الجديد لديه أي حلول، بل إن في عهده فقد الريال اليمني أكثر من 200% من قيمته، وتدهورت الأوضاع الاقتصادية بصورة فظيعة دون أن يحرك ساكناً..
واستطرد متسائلاً: والمصيبة الأخرى أن رئيس الوزراء الجديد جزء من المشكلة فكيف يكون بيده الحل؟!
وتابع قائلاً: لقد دفع (بن مبارك) ثمن وقوفه في وجه هوامير الفساد، وكان على الشارع التحرك لمساندته، ولكن ذلك لم يحدث..
لقد نجح بن مبارك في إغلاق بزبوز فساد المحطات المؤجرة، لكنه لم يخلق البديل أو يحافظ على ما هو موجود، وفر المال لينهبه المتربصون وهو يتفرج.
وختم الجاروني حديثه قائلاً: مصيبة هذا الشعب أنه ابتُلى بفاسدين ليس لهم مثيل ولايوجد لهم شبيه في هذا الكون.
بن مبارك مقيد ولم تُعطَ له الفرصة الكافية لحرية الحركة:
الأستاذ صالح علي الدويل باراس، من جهته، ألمح إلى أن رئيس الوزراء السابق أحمد عوض بن مبارك كان مقيدًا، ولم تعطَ له الفرصة الكافية لحرية الحركة، وأن لا علاقة لإقالته أو استقالته بالاختلالات الاقتصادية والخدمية واحتجاجات الشارع.
مضيفاً: الهدف من استقالته إيجاد ضجة إعلامية للعليمي وإعادة “تلميعه”، وأنه بصدد إجراء إصلاحات، مع أنه في واقع الأمر هو رأس الفساد وراعيه.. في إشارة إلى الرئيس العليمي وإلى قوى إقليمية تتمسك به في الرئاسي، اختارت بن مبارك ضحية وكبش فداء، رغم نجاحه في إيقاف عدد من صفقات الفساد في حقول النفط بمحافظة شبوة، كان “هوامير العليمي” بصدد الاستيلاء عليها، وكذا شركات الطاقة المشتراة، وقرارات وتدابير لمكافحة الفساد مسّت مصالح نافذين كبار في السلطة، حد قوله.
ولفت الدويل إلى أن البديل (بن بريك) لا يملك عصا سحرية للحلول، ولن تضع استقالة بن مبارك أية معالجات جدية لحالة الخدمات المزرية.. فالخلل – من منظور الأستاذ صالح الدويل – ليس في شخص فلان أو علان، الفشل ليس في الأشخاص بل في أن قوى إقليمية تتمسك بمنظومة الفشل، وتصر على بقائها واستمرارها.
استقالة استبقت الإقالة:
ويعتقد غير جازم الناشط الإعلامي الأستاذ ياسر محمد السعيدي، أن استقالة أحمد بن مبارك كانت استباقية، لأنه كان في طريقه إلى الإقالة.
وتابع قائلاً: في اعتقادي، جاءت نتيجة ضغوط مُورست ضده من قبل رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، عقب أن وصلت خلافاتهم إلى طريق مسدود.
وكشف الأستاذ ياسر السعيدي أن الدكتور رشاد العليمي أمعن في التدخل في عمل الحكومة، ولم يتح لـ بن مبارك ولفريقه الوزاري أي فرصة للعمل أو التحرك وفق صلاحياته الدستورية، مشيراً إلى أن بن مبارك تحدث في أكثر من مناسبة عن عرقلة عمل الحكومة من قبل رشاد العليمي، كون الأخير لا يريد الحكومة أن تقوم بأي إنجاز بمعزل عنه، ولتنفيذ أجندات سياسية معادية لشعب الجنوب، وورقة ضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي، حد وصف الأستاذ ياسر.
تعرض بن مبارك لحرب أفقدته السيطرة على الحكومة:
من جهته أكد القيادي بالانتقالي الجنوبي الأستاذ علي الجوهري، أن بن مبارك تعرض لحرب داخلية خارجية أفقدته السيطرة على الحكومة.
وتابع حديثه واصفاً الدكتور رشاد العليمي بـ”قلم بيد محرك”، وبأنه ليس صاحب قرار، ولا يجب إعطاؤه أكبر من حجمه.
وأردف قائلاً: من هذا المنطلق وقبل الحديث عن سبب إقالة أحمد عوض بن مبارك، يجب أن نعرف من كان وراء تعيينه،؟ ومن لعب دوراً لإفشاله؟ واستطرد قائلاً: هناك قوى إقليمية استخدمت نفوذها ووسائلها المعروفة لإفشال بن مبارك، استخدمت سلاح الخدمات، الكهرباء والمياه وتجويع شعب الجنوب اقتصادياً وعرقلة صرف الرواتب، حرب مكتملة الأركان أفقدت بن مبارك السيطرة والقدرة على قيادة الحكومة وتسيير أمورها.
وكشف الأستاذ الجوهري أن إجراءات بن مبارك ضد الفساد، وتحريكه كثيراً من ملفات الفساد وإحالتها للنيابة العامة أضرت بمصالح كثير من الفاسدين والمتنفذين، ممن يعملون تحت جناح العليمي ودول إقليمية، ما دفعهم إلى تشكيل تحالف ضده.
وختم الأستاذ الجوهري قائلاً: أما بالنسبة للبديل فقد طرح شروطه مسبقاً، وأعتقد أن الكل قد قرأها.
لا تكمن المشكلة في بقاء بن مبارك أو إقالته:
المحلل السياسي الأستاذ محمد الجفري، بدأ حديثه لـ”سمانيوز” بالتطرق إلى معاناة المواطن الجنوبي، وكيف أصبح يعيش التعاسة بكل تفاصيلها بين كماشة الشرعية اليمنية ودول إقليمية تتلاعب بأرضه وثرواته وتعبث باقتصاده، تدمر عملته المحلية وتخلق أزمات خانقة في قطاعات الكهرباء والمياه والرواتب وغيره..
مشيراً إلى أن الحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي خذلوا المواطن الجنوبي، وأصبح فاقد ثقته فيهم..
واستطرد قائلاً: الوضع كارثي قبل أن يتم تعيين بن مبارك كرئيس وزراء، ولا تكمن المشكلة في بقائه أو إقالته، المشكله تكمن في صمت دول التحالف أمام ما يتعرض له شعب الجنوب، شعب ضحى وناضل وقاتل وانتصر وناصر دول التحالف العربي، ولا يزال يدافع عن الأمن القومي العربي حتى اللحظة، وفي نهاية المطاف لاقى جزاء سنمار.
واستهجن قائلاً: الجميع يعلم بأن حكومة الشرعية هي حكومة ملاهي وسهرات وفنادق وسفريات وبناء شخصها الذاتي، ولا يُرجى منها خير.
وألقى الأستاذ الجفري باللوم على استمرار الوزراء الجنوبيين ضمن حكومة الشرعية، لافتاً إلى أن إيجاد الحلول لا يكمن في الاستمرارية مع من يقتلون الشعب.
وطالب الجفري في ختام حديثه، قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بتشكيل حكومة إنقاذ لإنقاذ شعب الجنوب الصابر المكافح، أو ممارسة الضغط على دول التحالف العربي حتى إيجاد حلول جذرية للأزمات الاقتصادية والخدمية، ترفع عن كاهل الجنوبيين المعاناة، لا في تغيير وجوه وشخصيات تخدم أحزاب أو دول حتى وإن كانت تلك الشخصيات جنوبية.
أسباب سياسية بامتياز تقف خلف أزمات الجنوب:
وكان القيادي في الحراك السلمي الجنوبي التحرري الأستاذ عوض محمد صائل مسك ختام استطلاعنا، حيث أكد خلال حديثه لـ”سمانيوز” أن ما تعانيه الجنوب من انهيار اقتصادي وخدمي سببه أزمات سياسية بامتياز، ولن يصلح الوضع إلا بزوال الأسباب السياسية.
وتابع قائلاً: استقالة بن مبارك من منصبه كرئيس للوزراء كانت محاولة استباقية لقرار إقالته، وأراد بذلك أن يحرج رئيس مجلس الرئاسة د. العليمي قانونياً لأنه باستقالة رئيس الوزراء تعتير الحكومة في حكم المقالة، وتصبح حكومة تصريف أعمال فقط حتى يتم تعيين رئيس وزراء جديد، ويقدم التشكيلة الوزارية الجديدة.
وأشار صائل إلى أن العليمي لا يرغب في تغيير كامل الوزارات، ولن يهتم أيضا للجانب القانوني في هذا المجال، علماً أن بن مبارك قد طلب تغيير عدد من الوزراء، وأن عدداً من الوزراء أيضاً وقعوا على طلب إقالته. يعني الموضوع كله خلاف بين رئيس الوزراء والعليمي، وقد أوضح بن مبارك أن سبب استقالته هو عدم تمكينه من صلاحياته.
واتهم صائل جهات بإفشال بن مبارك لإجباره على تقديم استقالته بسبب طرقه باب الفساد، باب الهوامير الدواهي، حد وصفه.
وأضاف: هذا الباب محمي ومدعوم ويا ويل من يلمس ويقرب. وبالطبع رئيس الوزراء الجديد (بن بريك) على دراية بذلك وسيسبح مع التيار.
وختم صائل حديثه قائلاً: حل الازمة ليس مرهوناً بشخص رئيس الوزراء ولا حتى بالحكومة، لأن هذا الوضع الاقتصادي المتدهور هو سياسي بامتياز، ولن يصلح إلا بزوال الأسباب السياسية.