محو الأمية قبل العام ٩٠م في الجنوب .. «عدن» انموذجا في الجزيرة العربية ..!

سمانيوز-شقائق / تقرير / نوال باقطيان
يحتفل الوطن العربي في الثامن من يناير من كل عام باليوم العربي لمحو الأمية انطلاقا من أهمية عملية محو الأمية في محو الجهل والظلام الذي كان يسود الوطن العربي جراء الاحتلال ،وقد أولى الوطن العربي بعد الاستقلال محو الأمية أهمية عظيمة وبذل الكثير من الجهود ليقود الوطن العربي من مجاهل الظلام إلى نور العلم والأخلاق كأساس للنهضة والتقدم والدفع بعملية التنمية وصناعة المستقبل واستشرافه.
وتأكيدا على أهمية محو الأمية في الوطن العربي قررت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم من خلال جهاز محو الأمية وتعليم الكبار أن يكون الثامن من يناير من كل عام يوما عربيا لمحو الأمية وتعليم الكبار ، حيث كانت جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية من أبرز الدول التي بذلت جهودا حثيثة في محو الأمية استحقاقا لمرحلة مابعد الاستقلال من نير الاحتلال البريطاني ،واخذت على عاتقها مهام محو الأمية وأولتها أهمية كبيرة وكرّست كافة أجهزتها ومؤسسات الدولة التربوية لمهمة محو الأمية ،وقامت بالحملة تلو الأخرى في العاصمة الجنوبية عدن ولم تستثني القرى والمناطق النائية من حملاتها. كما اهتمت بتعليم المرأة وانخراطها في صفوف محو الأمية باعتبارها الحاضنة الأولى للفرد والنواة الأولى لتكوين الأسرة والمدرسة الأولى التي يتعلم منها الطقل ابجديات العلوم الأولى ، لتحتل جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية المرتبة الأولى في شبه الجزيرة العربية من حيث التعليم حسب إعلان منظمة اليونسكو في السادس من ابريل عام ١٩٨٥م.
محو الأمية قبل الوحدة :
بعد استقلال الجنوب وإعلان قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كرّست الدولة كافة جهودها للتخلص ومحو الأمية ، فمنذ السبعينات كانت هناك تحركات جادة لمحو الأمية ولنشر التعليم ليس فقط في مدينة عدن، بل امتدت الحملات الواحدة تلو الأخرى إلى الأرياف والقرى وأصبحت قضية المجتمع ومهامه الأساسية هي محو الأمية ، وافتتحت المدارس لتعليم الصغار والفتيات ومراكز محو الأمية وتعليم الكبار.
وكانت التنمية تسير بخطى متسارعة على كافة الأصعدة محققة بذلك تفوقا عاليا على مستوى المنطقة العربية وشبه الحزيرة.
وفي غضون سنوات قليلة تمكنت دولة الجنوب من تقليص الأمية وتحجيمها إلى نسبة ضئيلة جدا وصلت ٢% فقط لتصبح بذلك نموذجا يحتذى به في الوطن العربي وشبه الجزيرة العربية ليس فقط في مجال محو الأمية بل أيضاً في السنوات القليلة القياسية التي بذلت بها دولة في محو الأمية وهي مازالت دولة فتية تخطو الخطوات الأولى في التنمية بعد سنوات طويلة رزحت تحت نير الاحتلال البريطاني. مكللة كل تلك الجهود في محو الأمية بنجاح باهر صدح في ارجاء العالم أجمع، حيث أعلنت منظمة اليونسكو الدولية في عام ١٩٨٥م أن اليمن الديمقراطية الشعبية احتلت المرتبة الأولى من بين دول شبه الجزيرة العربية.
محو أمية المرأة :
تبوأت المرأة الجنوبية قبل الوحدة مكانة بارزة وتقلدت العديد من المناصب، كما كان لها شرف السبق في عدة ميادين على مستوى شبه الجزيرة العربية والوطن العربي، فأول قاضية كانت في الجنوب وأول مظلية كانت في الجنوب وأول معلمة وأول مذيعة كانت في الجنوب.
ولم يكن هذا الدور الريادي التي اضطلعت به سوى ترجمة لاهتمام الحكومة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بتعليم المرأة فعملت على فتح وانشاء مدارس خاصة بالفتيات وشجعت الأسر الجنوبية على انخراط فتياتهن في التعليم النظامي ،كما اهتمت ضمن حملات محو الأمية بصفوف محو الأمية للنساء أسوة باخيها الرجل ، انطلاقا من أهمية دورها البيولوجي في الأسرة والمجتمع وفي الإسهام بإرساء مداميك الدولة الجنوبية.
فقد كان للمرأة دور كبير وشكلت داعما قويا ،وانخرط معظم النساء في السلك الوظيفي والعسكري وعملن الكثير في المصانع والمؤسسات.
حال الأمية بعد الوحدة :
بعد أن قطعت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية شوطا كبيرا وبذلت مزيدا من الجهود في محو الأمية ، اتسعت رقعة الفجوة التعليمية مابين فترة السبعينيات والثمانينيات وفترة التسعينيات بعد إعلان الوحدة اليمنية المشؤومة، وتعمقت هذه الفجوة التعليمية أكثر بسبب الحرب الحوثية على محافظات الجنوب إلى جانب السياسات التعليمية الفاشلة التي اتبعتها الحكومة اليمنية.
فاضيفت ظواهر دخيلة على المشهد التعليمي ،فإلى جانب انتشار أمية الكبار التي بلغت ٢٩% من إجمالي عدد السكان البالغ ٣٠ مليون حسب تقرير أصدره الجهاز المركزي للإحصاء.
كما بلغت نسبة الأمية في عام ٢٠١٣م إلى حوالي ٧٠ % في الأرياف. وظهرت الأمية أيضاً بين صفوف الطلاب في مختلف المراحل العمرية ،جراء اتساع ظاهرة التسرب الدراسي وعدم جدوى المنظومة التعليمية في أغلب المدارس وافتقار المناهج للأساليب التعليمية الجيدة في نهج القراءة والكتابة الذي أثبت فشله.
وبالتالي بعد أن تبوأت المرأة الجنوبية الصدارة في المشهديات الساسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ، تعرضت المرأة الجنوبية لسياسة التهميش والإقصاء ، وأصبحت المرأة بشكل عام معول هدم بعد أن كانت النواة الأساسية في بناء المجتمع.