نُخب جنوبية لـ«سمانيوز»: «إذاعة عدن» صوت الجنوب الذي لا يُنسى..!

طسمانيوز / استطلاع / حنان فضل
تعرضت دولة الجنوب العربي عقب توقيع الوحدة المشؤومة مع الجمهورية العربية اليمنية إلى التدمير الممنهج والقضاء على كل مؤسسات ومرافق الدولة الجنوبية من قبل الاحتلال اليمني الذي خان العهد والميثاق، وقضى على منبر الإعلام المرئي والصوتي وهذا النموذج البسيط الذي أصبح في زمن كان.
وقبل أن نبدأ حديثنا عن الإذاعة الجنوبية في العاصمة عدن،يجب علينا أن نعرّف ماهو الاحتفال باليوم العالمي، حيث تحتفل الأمم المتحدة في 13 شباط/فبراير باليوم العالمي للإذاعة، الذي يتزامن هذا العام مع مرور 100 عام على أول بث إذاعي مباشر عبر الأثير.
المدير العامة لليونسكو قالت : إن هذا المعلم البارز يُذكرنا بأن الإذاعة منذ اختراعها في أواخر القرن 19 “ما زالت الرفيق الدائم الذي يجمعنا حول لحظات قوية ومشاعر مشتركة”.
ولقد عرفت مدينة عدن الإرسال الإذاعي لأول مرة في الحرب العالمية الثانية، تحديدًا في 15 سبتمبر 1940مـ، لتكون بذلك الأولى في شبه الجزيرة العربية والرابعة بين إذاعات الوطن العربي ، وتم تأسيس إذاعة عدن في 17اغسطس 1954م تحت اسم محطة عدن للإذاعة كأول إذاعة تقدم خدمات مستقرة في المنطقة على فترتين صباحية ومسائية بإجمالي ست ساعات يومياً في الأيام العادية ولمدة أثنتي عشرة ساعة في أيام العطل الأسبوعية من التاسعة صباحاً وحتى الساعة التاسعة مساءً.
وكان صوتها يشكل رنينا جميلا عندما نسمعها والآن أصبحت بقايا تنادي بصوت خانق متى العودة إلى صوت الدفىء العدني وبرامجها المتميزة بأصوات مذيعي الزمن الجميل والزمن الحاضر لتكون إشراق عدن من موقعها المتألق التواهي.
متى تعود إذاعة عدن؟
وقالت الصحافية والكاتبة الأستاذة نادرة عبدالقدوس متسائلة : متى تعود إذاعة عدن ؟! لا نتذكرها في هذا اليوم، بالذات، بل هي في ذاكرة التاريخ التي لا تموت ولا تشيخ ولا تخون، هي إذاعة عدن، العريقة التي تأسست في ٨ أغسطس ١٩٥٤م، بعد أن بدأ بثها التجريبي عام ١٩٤٦م وكان على نطاق محدود في مدينة عدن، أي أن بث إذاعة عدن، جاء في ذات التوقيت من بث إذاعة الأمم المتحدة الذي يحتفي به العالم اليوم وجعله يوماً عالمياً، بعد أن تم إقراره من قبل أعضاء منظمة اليونيسكو عام ٢٠١١م، وتم العمل به منذ العام ٢٠١٣م، بعد الموافقة عليه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.
حيث كانت عدن السباقة في منابرها الإعلامية المختلفة (المقروءة، والمسموعة والمرئية) وسباقة في مختلف مجالات الحياة المدنية. لكن للأسف ما تعرضت له هذه المدينة الكونية التي احتضنت الجميع من كل أصقاع الأرض، من مؤامرات ودسائس، كافياً لأن يجعلها اليوم تعاني وأهلها أوضاعاً متردية ومزرية. وكانت إذاعة عدن وتليفزيون عدن أول ضحايا حرب ٢٠١٥م، بعد غزو جحافل الحوثيين للمدينة المسالمة. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اللحظة، لم يتم إعادة البث!! رغم أن أسباب الإغلاق قد انتهت بعد أربعة أشهر من وجودها، أي بعد تحرير عدن ومعظم مناطق الجنوب من أولئك الحمقى.
ولا أخفي سراً، حين أقول إن إغلاق البث الإذاعي المسموع والمرئي في عدن، كان حلماً للطاغية عفاش الذي بعد إعلانه الحرب على الجنوب، في ال٢٧ من ابريل ١٩٩٤م ودخول عساكره بقوة السلاح إلى عدن في ال٧ من يوليو من ذات العام، بدأ بقراراته الحاقدة التي غيرت أساليب العمل في مؤسسات الدولة المختلفة ، وأسهمت في نشر الفوضى الإدارية والمالية، كما تم استبدال أسماء المنشآت التعليمية المختلفة بأسماء شخصيات شمالية ، وتم تغيير المنهج التعليمي بما يتوافق وسياسة النظام السياسي الجديد الذي يتزعمه، كما غير الدستور وألغى بعض القوانين التي تنظم حياة الناس ما قبل احتلاله للجنوب ، وغير ذلك من الافاعيل الشيطانية التي لم تعهدها عدن ولا الجنوب عموماً.
وصب عفاش جام حقده على إعلام الجنوب، فتم تغيير اسم تليفزيون عدن، إلى (قناة ٢٢ مايو)، ثم (اليمانية) وبعدها (القناة الثانية) ورفض جعلها قناة فضائية. أما إذاعة عدن؛ فقد أطلق عليها أسم(البرنامج الثاني). وما إغلاق هذين المنبرين في ٢٠١٥م، إلا تنفيذاً لسياسة الحقد الدفين عليهما وعلى مدينتهما التي لن تموت وستنهض، حتماً، من جديد وستظل، كما كانت، أم المدن، فهي المبتدأ وهي المنتهى، هكذا شاء الله لها أن تكون.
ومن هذا المنبر وفي هذا الحيّز نوجه دعوتنا لبن مبارك الذي أقسم اليمين، قبل أيام قلائل، لترؤسه مجلس الوزراء، إلى إعادة الاعتبار لتلفزيون وإذاعة عدن، المختطفَيْن والاهتمام بكوادرهما الذين يعانون الضيم والقهر ونكد العيش، منهم من مات ومنهم من يعاني الكثير من العلل، وهم الأوائل والسباقون المخضرمون في مهنة الإعلام الإذاعي ومن علّم الآخرين فن وثقافة التعامل مع الكاميرا والمايكروفون.
ارحموا عزيز قومٍ ذل :
وتواصل عبدالقدوس حديثها :
ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى اتحدث فيها عن ضرورة إعادة بث تليفزيون عدن وإذاعة عدن، فقد قلتها أمام رئيس الوزراء الأسبق، بن دغر عام ٢٠١٥م، بعد تحرير عدن من الغزاة الحوثيين، وكانت حجته الواهية، في رده عليّ، أنه (سيتم إعلان الانفصال من خلالهما؛ فليبقيا مغلقين)!! وسأظل أكتب عن إذاعة عدن وتليفزيون عدن، ما حييت، أنافح إلى ما شاء الله.
اليوم العالمي للإذاعة وصمت إذاعة عدن :
أما الإعلامي علي سلام الدياني تحدث بشوق بالغ وحنين قائلاً :
اليوم العالمي للإذاعة وصمت إذاعة عدن يحتفل العالم أجمع في ال13 من فبراير من كل عام باليوم العالمي للإذاعة ، ويعد هذا اليوم يوما دوليا لما تمثله الإذاعة منذ نشأتها في القرن التاسع عشر كاداة تقنية ومجال علمي ، ووسيلة اتصال ومنظومة لنشر المعلومات الصوتية ، ولا خوف عليها بأنها قد تجاوزت عتبة مئويتها الثانية.
وقد أعلنت الدول الأعضاء في اليونسكو اليوم العالمي للإذاعة في عام 2011 وأقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2012 ، وبذلك أصبح يوما عالمياً تحتفل به كل دول العالم.
وكانت إذاعة عدن هي احدى الإذاعات العالمية التي تعد صرحاً إعلامياً تاريخياً في عدن والجنوب بشكل عام، وقد واكبت إذاعة عدن كل التطورات التقنية والعملية منذ نشأتها في الـ 7 من أغسطس عام 1954م، وطبعا عدن تميزت بالريادة في جميع المجالات الخدمية والاقتصادية والتجارية والإعلامية على مستوى المنطقة العربية وكانت إذاعة عدن تمثل الوجه الحقيقي لعدن من خلال ما تقدمه عبر الأثير من قوالب إذاعية ثقافية وأدبية ودينية وفنية ، وأول من صدحت الإذاعة بأصواتهم هم الشيخ عبدالله حاتم والشاعر الكبير لطفي جعفر أمان والشاعر الكبير محمد سعيد جرادة _الله يرحمهم _ جميعاً وكانت التجهيزات الفنية للإذاعة آنذاك عبارة عن استوديوهين صغيرين تبث منهما جميع الفقرات البرامجية، واعتمدت إذاعة عدن على العديد من الكوادر الإذاعية والفنية المعروفة واهتمت الإذاعة بالبرامج الموسيقية وتطوير التراث الغنائي وتسجيل أغاني لعدد من الفنانين آنذاك من أمثال الشيخ علي أبوبكر وأحمد عبيد قعطبي وعلي عبدالله المسلمي وإبراهيم الماس، وواصلت الإذاعة تسجيلاتها الفنية ، فيما بعد لعدد من الفنانين المشهورين حديثا مثل الفنان الكبير خليل أحمد خليل والموسيقار الفنان أحمد قاسم والفنان المخضرم محمد سعد عبدالله والفنان الكبير محمد عبده زيدي والفنان الكبير محمد مرشد ناجي ، وسجلت الإذاعة الأصوات النسائية الجماعية مثل الثلاثي اللطيف المكون من الفنانات أم الخير العجمي وفتحية الصغيرة وصباح منصر وسجلت إذاعة عدن للفنانة الكبيرة رجاء باسودان عددا من أغانيها المشهورة ومنها الأغاني الوطنية.
ويسرد الدياني تفاصيل وتاريخ إذاعة عدن بالقول : تطور الإرسال الإذاعيّ لإذاعة عدن بعد الاستقلال الوطني المجيد في الـ 30 من نوفمبر 1967 لتشمل أربع محطات إذاعيّة ليصل صوت عدن عاصمة الجنوب إلى انحاء العالم . وأصبحت إذاعة عدن تقدم العديد من البرامج السياسية والثقافية والأدبية والدينية والفنية ، وكان لها جمهور عريض من المستمعين ليس فقط محليا بل عربيا. وللأسف الشديد بعد الوحدة عانت إذاعة عدن صنوفا من الويلات ابتداءً بتصغيرها من خلال اعتبارها البرنامج الثاني رغم أنها إذاعة عريقة ولها تاريخ وجاء غزو 1994 المشىؤوم للجنوب من قبل نظام صنعاء الهمجي ليسكت صوت إذاعة عدن من خلال قصف محطات الإرسال الإذاعي الأربع في الحسوة، وبعدها تم إعادة الإرسال عبر أف إم بقوة خمسة كيلو ، وربط الإرسال بقناة عدن المرتبطة أصلاً بقناة صنعاء ،
وهكذا استمرت الحرب الشعواء على إذاعة عدن أحد صروح الجنوب التاريخية ، ليأتي العدوان الحوثي عفاشي على الجنوب ليسكت صوت إذاعة عدن منذ 2015 وحتى يومنا هذا، تسع سنوات من صمت إذاعة عدن رغم أننا طرقنا كل الأبواب الحكومية وغير الحكومية ، ولم يستحب لنا أحد لماذا هذا التخوف من إعادة بث إذاعة عدن ما هو المانع يجب أن يصل صوتنا إلى كل الجهات المسؤولة ، ليصدح من جديد صوت إذاعة عدن هنا عدن .
الإذاعة صوت المجتمع ونافذته المفتوحة للعالم :
فيما قالت الإعلامية فاطمة نور في إحدى مقالاتها عن الإذاعة : تحتفل عدن في ال13 من فبراير من كل عام باليوم العالمي للإذاعة،
من خلال أمواج الإذاعة، سمعنا أول صوت في السابع من شهر أغسطس عام 1957م، والتي كانت منبعًا للبرامج التعليمية والتثقيف الصحي، وبرامج الترفيه والرياضة، وبرامج الأطفال. هكذا كانت، وهكذا أصبحت، الصوت المسموع ولسان المواطن، المنبع الأول لكل خريج إعلامي ولكل مبدع. الإذاعة هي وسيلة تعبير وتواصل للمواطن. يسمعها من يذهب للمدرسة والعمل، ومن يقوم بالصيد والزراعة. فهي شريك الحياة والكفاح معنا.
وفي هذا اليوم، لا ننسى الإعلامي الإذاعي علي السقاف – رحمه الله – الذي أمتعنا ببرامجه وجرأة أسئلته ومناقشته للقضايا الخاصة بالمجتمع. رسالتي لجميع الزملاء هي كونوا لسان الحقيقة واستخدموا اللغة البيضاء. اجعلوا التواضع عنوانكم وتخلصوا من الغرور وسلطوا الضوء على من يستحق كونوا مخيرين لا مسيرين.
إحياء دور الإذاعة المتميز :
تقول المذيعة ليان صالح :
اليوم العالمي للإذاعة يعتبر فرصة يجب أن ينتهزها الإعلاميون والكُتّاب للنقاش حول الدور المرموق الذي يقدمه الإعلام المسموع.
ومن هذا المنطلق يجب التأكيد على أهمية الإذاعة كوسيلةٍ فاعلة في عملية التنمية الشاملة، والتي هي سبيلنا الوحيد لارتقاء الإنسان. فالإذاعة تحظى باهتمام من قِبل المستمعين، وهي قادرة على مواجهة تحديات الحاضر ومتغيرات المستقبل.
ونحن نتطلع إلى إعادة البث الإذاعي للإذاعات المحلية، المتوقفة فهناك الكثير من الكوادر المؤهلة للعمل الإذاعي.
أما ابتسام الناصر صحافية وإعلامية ومذيعة براديو هنا أبين تقول :
يحتفل العالم باليوم العالمي للإذاعة الذي يعتبر أكثر وسائل الإعلام استماعا في أوساط واسعة من المدن والقرى التي يبعد مداها مسافات ليصلها الصوت محطما حواجز كثير في ظل العالم الرقمي اليوم.
وتعتبر الإذاعة الوسيلة الأقوى ومنبراً حراً لإيصال الرسالة ، ولذلك اختارت الأمم المتحدة هذا اليوم ال13من يناير من كل عام احتفالا بالدور الكبير الذي تلعبه الإذاعة على نظاق واسع من العالم.
ورغم كل التطور التكنولوجي إلا أن الإذاعة تبقى هي المنبر الحر الذي يصل صداه إلى أبعد مدى.
فيما أشار الإذاعي عدنان عبدالرحمن مدير البرامج لإذاعتي بندر عدن وعدنية عن أهمية الإذاعة بالقول :
يحتفل العالم في الثالث عشر من فبراير باليوم العالمي للإذاعة، وهو مناسبة تسلط الضوء على قوة وأهمية وسائل الإعلام الصوتية في التواصل العالمي.
حيث تعتبر الإذاعة واحدة من أقدم وأقوى وسائل الاتصال التي تتيح للأفراد التواصل والمشاركة والتعبير عن آرائهم وثقافاتهم، تعكس الإذاعة تنوع الثقافات واللغات والأصوات في جميع أنحاء العالم، وتعزز التفاهم والتعاون العالمي، وفي هذا اليوم نحتفل بقوة الإذاعة في تغيير الحياة وتحقيق التغيير الاجتماعي والثقافي والاقتصادي.