سياسة تجويع وإفقار شعب الجنوب والاحتجاجات السلمية المضادة… تصعيد متبادل ولا انفراجة في الأفق القريب..!

سمانيوز/ استطلاع/خاص
يتعرض شعب الجنوب لسياسة تجويع وإفقار خطيرة تهدد حاضره ومستقبله، بالتلاعب بقيمة العملة المحلية وحرمانه من الرواتب ومن خدمات الكهرباء والمياه وتدمير المنظومة التعليمية والصحية، بحسب ما يتداوله عدد كبير من المحللين السياسيين والناشطين الجنوبيين، مشيرين إلى أن تلك السياسة تديرها أدوات محلية يمنية وجنوبية تتمترس خلفها دول إقليمية.
سياسة خبيثة يسعى من خلفها الفاعلون إلى إيصال الشعب إلى مرحلة التبلد السياسي، لتصبح أمنيته الوحيدة هي البقاء على قيد الحياة، فحسب.
سياسة أجبرت الجنوبيين – رجالاً ونساءً – على الخروج إلى الشوارع، لتنظيم احتجاجات مضادة لتلك السياسة، وإلى لفت أنظار العالم المتحضر للمعاناة التي يكابدونها، عسى أن يجدوا من يردع أولئك الفاعلين.
الدكتور حسين العاقل خط منشوراً إعلامياً أبدى خلاله وجهة نظره الخاصة قائلاً: نظراً لحالة التجاهل وعدم الاستجابة، نقترح عليكم التفكير الجدي والحاسم بما يمكنكم من السيطرة الفعلية على مواردكم الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية، وإدارتها من قبل كفاءات وكوادر جنوبية نزيهة وموثوقة، بالتنسيق والتنظيم مع الهيئة المركزية لنقابة عمال الجنوب والجهات الرسمية المعنية بذلك، بدون ذلك لن تجدي أو تشفع لكم مظاهر الاحتجاجات الشعبية مهما كانت أهميتها، في ظل دولة منهارة ومتهالكة وغارقة في مستنقع الفساد المالي والإداري، وتعيش في عالمها المترف في فنادق النعيم على حسابكم وحساب مواردكم وخيرات أرضكم المستباحة.. وعلى الله فليتوكل المتوكلون.
وتساءل ناشطون: ما الذنب الذي اقترفه شعب الجنوب لينال كل هذا العقاب الجماعي؟! هل ارتمى في أحضان إيران الفارسية؟ هل اعتدى على دول الجوار أو على خطوط الملاحة الدولية؟ هل أفسح المجال أمام إيران للتوسع على حساب الأمن القومي العربي؟
وهل تنجح الاحتجاجات في إقناع الفاعلين بالكف عن افتعال الأزمات والتعاطي مع مطالب الجنوبيين الحقوقية والسياسية؟ أم يستمر الطرفان في التصعيد، وإلى متى؟! وهل من انفراجة في الأفق القريب؟ سؤال طرحته “سمانيوز” على عدد من الجنوبيين، وخرجت بالاستطلاع أدناه:
سكوت الشعب منذ البداية شجع الفاعلين على التمادي:
القيادي بانتقالي العاصمة عدن الأستاذ علي الجوهري، لفت إلى أن سكوت الشعب منذ البداية شجع الفاعلين على التمادي، محملاً الحكومة والرئاسي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع.
وأضاف: بالفعل هي سياسة تجويع وإفقار أخرجت الجنوبيين رجالأ ونساء إلى الشوارع ليقولوا كلمتهم، شعب طيب مغلوب على أمره لا يستحق كل هذه البهذلة والعذاب. وتكمن جريمته في سكوته على الباطل منذ البداية.
وأشار الأستاذ الجوهري إلى دول إقليمية تمارس الإذلال الممنهج لتجويع الشعب وإفقاره، عبر أدوات ورموز بالسلطة، خاصة المالية والاقتصادية والرئاسي.
وقال: تم تعويم العملة المحلية، الريال اليمني الطبعة الجديدة، المتداولة في الجنوب وهم غير قادرين على القيام بأي ضوابط لها، وتركوها للسماسرة والصيارفة يعلبون بقيمتها.
واستهجن قائلاً: أقولها حقيقية، هم من ساعد الفاسدين والمتنفدين وبرضى إقليمي، تلا ذلك تم تعويم أسعار المشتقات النفطية، وقد سبق ذلك تخريب مصافي عدن وخروجها عن الخدمة، لإفساح المجال أمام الفاسدين للسيطرة على أسعار المشتقات النفطية، بعيداً عن يد الدولة..
متسائلاً: أليس هذا عملاً ممنهجاً ومدروساً؟
وختم الجوهري قائلاً: كنا نحذر بأن ثورة الجياع إن قامت لا يمكن أن يعترضها أي كانت قوته، وهذا هو الحاصل اليوم بعد خروج الشعب للشوارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة، وأتوقع أن الشارع الجنوبي لن يهدأ إلا بحلول جذرية.
أبعاد سياسية تتعدى التجويع والإفقار:
من جهته، الأستاذ حيدرة عبدالله، قيادي بالانتقالي ومدير ثانوية، يرى أن أبعاداً سياسية تتعدى التجويع والإفقار تتمثل في محاولة تصفية القضية الجنوبية وضرب مشروع الجنوبيين الكبير في استعادة الدولة الجنوبية، وصولاً إلى تقسيم الجنوب بفصل حضرموت عن الجسد الجنوبي.
وتابع قائلاً: خروج النساء والرجال في مظاهرات تطالب بتحسين الخدمات، من كهرباء وماء ومعالجة تدهور العملة المحلية، لا أعتقد أن تنجح في رفع الأزمات المفتعلة، لاسيما ومفتاح الحل بيد الفاعلين ممن افتعلوا تلك الأزمات، بالإضافة إلى أن خروج الناس إلى الشوارع في مظاهرات هي الوسيلة للوصول إلى الهدف السياسي المخطط له من قبل أعداء الجنوب، لخلط الأوراق ولإذابة القضية السياسية في كومة مطالب حقوقية، ظناً منهم أن باستطاعتهم – ومن خلال أتباعهم من النازحين – حرف المظاهرات وتغيير مسارها، والوصول بها إلى تأليب الناس ضد المجلس الانتقالي الحامل للقضية الجنوبية في استعادة دولة الجنوب.
وختم الأستاذ حيدرة قائلاً: لن ينجح أعداء الجنوب، ولا يمكن تمرير المخطط القذر على الشعب الجنوبي الواعي لما يدور في الساحة، والصابر الواثق في قيادته السياسية الحاملة لقضيته.
سيظل الوضع لأن الفاعلين يريدونه هكذا:
الشيخ سالم منصور دافق الجرادي، أحد مؤسسي الحراك السلمي الجنوبي، قال بلهجة يعلوها التشاؤم: سيظل الوضع قائماً كما هو عليه دون أي تغيير، لأن الفاعلين الإقليميين يريدونه هكذا.
وأضاف قائلاً: أتوقع أن يتفاقم الوضع وتزداد وطأته، في ظل استمرار شراكة سياسية غير منطقية لأطراف متنافرة لا تجمعها أي أهداف مشتركة، تتمثل في الشرعية والمجلس الانتقالي، فالانتقالي يسعى إلى طرد الشرعية اليمنية من الجنوب، فيما تسعى الشرعية إلى إزاحة المجلس الانتقالي عن المشهد لتستحوذ على الجنوب.. وسوف يظلون هكذا إلى ما لا نهاية، والضحية هو الشعب، ولم يتبقَ غير هدف واحد مشترك هو الفساد وسرقة المال العام. والعجيب أن دول إقليمية تدعم ذلك.
وختم الشيخ الجرادي حديثه قائلاً: أتوقع أن يأتي الحوثي ويلتهم الجميع في نهاية المطاف، وتنقلب الطاولة على رؤوس الجميع.
ما يحدث لم تصنعه الصدفة وفيه خلط للأوراق:
المحلل السياسي الأستاذ محمد الجفري، يرى أن ما
ما يحدث لم تصنعه الصدفة وفيه خلط أوراق وكثير من الالتباس. وأضاف: قد يكون خروج الرجال والنساء في تظاهرات عفوية، ولكن هناك أطرافاً خبيثة استثمرتها وحرفت الأحداث عن مسارها الطبيعي، حولتها إلى فوضى وإلى محفل سياسي موجه ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، وضد الأجهزة الأمنية الجنوبية بالعاصمة عدن.
وأشار الأستاذ الجفري إلى أن الوضع في الجنوب استثنائي، ولا تكفي العاطفة والعفوية والاندفاعة، لاسيما والأعداء والمتربصون من حولنا وبأوساطنا كثير، ولا أتوقع حدوث انفراجة عن قريب.. وقدرة الله ومشيئته فوق كل شيء.
اتفاقات إقليمية تحولت إلى أداة لتدمير الجنوب:
الأستاذ محمد السعدي أبو عادل، عضو مجلس المستشارين بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وبه نختم الاستطلاع، قال: أدى الانهيار الاقتصادي المُمنهج وتفكيك الخدمات والصراعات السياسية المفتعلة، إلى احتجاجات واسعة في الجنوب، تطالب بحقوق معيشية وسياسية.
وأشار الأستاذ السعدي إلى أن بعض الاتفاقات الإقليمية الخاصة باليمن أعطت مفعولاً عكسياً، وتحوّلت إلى أداة لـ:
1. تدمير الاقتصاد الجنوبي (انهيار العملة، حجب الموارد).
2. تفكيك الوحدة الجنوبية، عبر دعم كيانات متناقضة.
وردًّا على الأزمة، أعلن المجلس الانتقالي (الممثل الشرعي للجنوب) “إدارة ذاتية” عام 2020، لكن الضغوط الإقليمية أجبرته على القبول بـ”حكومة المناصفة”، التي فشلت وأدّت إلى مزيد من الانهيار.
وتابع الأستاذ السعدي قائلاً: الاحتجاجات الحالية تعكس رفضًا لسياسة التجويع كأداة لإسقاط المطالب السياسية، لكنها تواجه محاولات توظيف من أطراف شمالية لتحويلها إلى فوضى.
أما بخصوص المحور الثاني من سؤالكم المتمثل في: هل يستمر التصعيد؟ وإلى متى؟
فنشير إلى أن استمرار التصعيد مرهون ببعض العوامل، منها:
– عجز المجتمع الدولي عن فرض حل عادل للقضية الجنوبية.
– تشابك مصالح محلية (شمالية-جنوبية) وإقليمية.
– سيناريوهات الانهيار (إدارة ذاتية أحادية أو عسكرة الصراع).
وختم الأستاذ السعدي حديثه بصياغة خلاصة لمآلات المشهد، حددها في عدة نقاط قائلاً:
المشهد يتجه نحو تعقيد أكبر، والحل الوحيد يكمن في:
– اعتراف دولي/إقليمي بحقوق الجنوبيين السياسية.
– تشكيل حكومة جنوبية تُدير المناطق المحررة.
بدون ذلك، سيستمر الصراع مُهددًا أمن المنطقة، خاصة مع احتمال تحوّل الاحتجاجات إلى مواجهات عنيفة.