الخير الذي يذهب إلى غير أهله.. «نفط شبوة» ثروة شعب «تسرق» بذريعة السيادة..!

سمانيوز/ تقرير
لم يعد للبلد سيادة في ظل الوصاية الدولية ضمن أبجديات الفصل السابع الأممي واستحقاقاته المطولة المعقدة، الذي لا أحد يعلم متى يرفع عصاه الغليظة المؤلمة عن اليمن، في ظل الاستغلال الإقليمي السلبي له.
مع ذلك، يأتينا وافداً من العاصمة اليمنية صنعاء ليحدث أبناء الجنوب عامة وأبناء محافظة شبوة خاصة، عن الثروات السيادية للبلد، وضرورة توزيع مواردها المالية على المحافظات اليمنية بالتساوي.
وكان ناشطون جنوبيون أشاروا إلى أن بعض المسؤولين الفاسدين ونافذين من أبناء المنطقة، استغلوا قرار الحوثي بإيقاف تصدير النفط والغاز عبر موانئ حضرموت وشبوة، وقاموا بتحريك طرق التهريب الملتوية لبيع شحنات النفط الخام بعيداً عن أنظار أبنائها، في ظل التغييب الممنهج لمؤسسات الدولة، أهمها الرقابة والمحاسبة،
محافظة غنية يذهب خيرها لغير أهلها:
محافظة شبوة إحدى محافظات الجنوب الغنية، تتمتع بثروة نفطية كبيرة، ويعد قطاع النفط فيها من أهم المصادر الاقتصادية، أهمها القطاع الخامس (جنّة هنت) بمديرية عسيلان، الذي كان محل صراع بين رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي ورئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد عوض بن مبارك، والذي أفضى إلى إقالة بن مبارك وتسليم القطاع لـ”عبد الحافظ” نجل الدكتور العليمي، بحسب معلومات مؤكدة.
وكان وزير النفط في الحكومة الشرعية قد شن هجوماً على شركة الاستثمارات النفطية المحسوبة على العليمي. وقال بأن الشركة التي أدارت صفقة بيع القطاع إس 5 لنجل العليمي تسببت بانهيار القطاع إس 4 أيضاً.
وكشف الوزير عن توجه لفصل المحافظة عبر تشكيل شركة جديدة لإدارة الحقول النفطية، بدلاً عن شركة الاستثمارات الوطنية النفطية، مشيراً إلى أن الشركة الجديدة ستكون تحت مسمى “بترو شبوة”.
تم اكتشاف الحقل في العام 1996، بواسطة مجموعة شركات تقودها شركة “جنة هنت” النفطية الأمريكية، ويمثل أكبر احتياطي نفطي بمحافظة شبوة. ينتج 150.000 برميل من النفط الخام يوميا حتى العام 2015م.
يليه قطاع S2 بمنطقة العقلة بمديرية عرمة، بواقع إنتاج 38.000 ألف برميل يومياً، إلا أنه هو الآخر لم يسلم من فساد العليمي. حيث قالت مصادر مطلعة إن شركة OMV S2 التي تعمل في قطاع العقلة بمحافظة شبوة قررت الخروج رسميًا من العمل في القطاع بتاريخ 31 ديسمبر 2024.
وأوضحت المصادر أن تحركات حثيثة يقودها عبد الحافظ العليمي، نجل رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، بالتنسيق مع وزير النفط سعيد الشماسي، بدأت للبحث عن مشغل بديل للقطاع النفطي S2 بعد انسحاب الشركة.
وأكدت وثيقة رسمية موجهة من رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط، مبارك باحميش، إلى وزير النفط عن التوجه نحو اختيار شركة “بلو سكاي” لتكون المشغل الجديد للقطاع. وتظهر المذكرة طلب الهيئة توضيحات إضافية حول مدى جاهزية الشركة للعمل، مع مرفق يتضمن معلومات عنها باللغة الإنجليزية.
يليه قطاع 4 عياد بمنطقة عياد بمديرية جردان، بواقع 25 ألف برميل نفط خام يومياً، الذي اكتشف في العام 1987، بواسطة شركة “تكنو إكسبورت” السوفيتية.
كما تمتلك المحافظة احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال، والتي لم يتم استغلالها حتى اليوم، ما يجعله فرصة استثمارية واعدة بانتظار الاستقرار السياسي والأمني.
يتم نقل كميات النفط الخام بواسطة شبكة من الأنابيب إلى منطقة النشمة بالقرب من ميناء بلحاف على البحر العربي، ومنها ما يتم نقله بواسطة القاطرات العملاقة إلى مصفاة مأرب اليمنية.
أكد ناشطون لـ”سمانيوز” أن خيرات المحافظة تذهب إلى غير أهلها المنشغلين بالثأرات، مشيرين إلى أن 90% من سكان محافظة شبوة – البالغ تعدادهم قرابة 500 ألف نسمة – لا يعلمون عن تفاصيل ثرواتهم وإلى أين تذهب. وفي الوقت ذاته يقاسون مرارة العيش من فقر وجهل ومرض، ويتعرضون للبطش والإذلال من القوات اليمنية المرابطة هناك بذريعة حماية الشركات العالمية العاملة.
نهب مهول يوشك أن يجفف المخزون:
وكانت المديريات آنفة الذكر تنتج من خام النفط إلى ما قبل الغزو الحوثي لمحافظات الجنوب في مارس ٢٠١٥م، ما إجماله 218.000 برميل يومياً.
وبحسب منشور خطه الدكتور حسين العاقل في وقت سابق، أشار خلاله إلى أن كمية إنتاج النفط والغاز المسال تراجعت خلال سنوات الحرب ٢٠١٥م إلى اليوم، ولم يعد بالإمكان تقدير ما يتم نهبه من تلك الثروة الشبوانية، سواء كان ذلك بواسطة شبكة الأنابيب أو بواسطة الناقلات القواطر. ولكن بحسب بعض المعلومات، فإن عمليات النهب للنفط والغاز لم تنقطع وما زالت مستمرة بواسطة القواطر، حيث تشير تلك المعلومات إلى أن عدد القواطر تتوزع إلى ثلاثة أرتال في اليوم الواحد، بواقع 25 قاطرة كل 8 ساعات، أي حوالي 75 قاطرة يومياً، وتتراوح سعة القاطرة الواحدة ما بين 300 – 400 برميل خام نفط. في حين تتم عملية تجميع كمية النفط المنقول بواسطة الأنابيب في خزانات كبيرة خصصت لذلك في منطقتي النشيمة وبلحاف، وكلما وصلت الكميات المنهوبة إلى حوالي 2 مليون طن يتم تصديرها بطرق سرية عبر رصيف ميناء بلحاف تحت إشراف الشركات النفطية العالمية العاملة في تلك القطاعات، ومنها الشركة الفرنسية توتال Total والشركة النمساوية OMV، وحماية مراكز القوى اليمنية وبعض كبار المشائخ في شبوة المتواطئين في نهب ثروات بلادهم مقابل فتات من ما يسمح به لهم هوامير النهب اليمني.
وأضاف الدكتور العاقل قائلاً: ما يحز في النفس والضمير الجنوبي بصفة عامة، هو أن أبناء المناطق التي تتم فيها عمليات النهب للثروة النفطية، سواء كان ذلك في محافظة شبوة أو في مديريات وادي حضرموت والمسيلة المنتجة للنفط، يتعرضون لأبشع جرائم القتل وسفك الدماء من قبل جحافل جيوش عناصر القاعدة والدواعش المتمركزين بألويتهم العسكرية حول آبار وحقول القطاعات النفطية، وعلى امتداد الطرقات البرية وفي موانئ تصدير النفط والغاز (بلحاف والضبة).
من جهته، أشار الدكتور علي المسبحي في منشور على الفيس بوك إلى أن قطاع جنة 5 قد استنفد نسبة كبيرة من مخزوناته النفطية، ولم يتبقَ منه إلا القليل، حيث إن التقديرات تشير إلى أن النفط القابل للاستخراج (الاحتياطيات المؤكدة) من القطاع يبلغ 245 مليون برميل، وما تم إنتاجه فعلياً منذ بداية الإنتاج وحتى اليوم يبلغ 239 مليون برميل، بلغت حصة الحكومة منه 65% بينما بلغ حصة الشركاء 35%، ولم يتبقَ من المخزونات المؤكدة سوى 6 مليون برميل، وهو ما أدى إلى انخفاض الإنتاج بشكل كبير ومستمر، وبالتالي يحتاج القطاع إلى استثمارات لتوسيع الاستكشاف وعمليات التنقيب.
قوى يمنية عبر وكلاء محليين تسيطر على أغلب نفط المحافظة:
وكانت وسائل إعلام جنوبية كشفت النقاب عن سيطرة قوى يمنية بطريقة مباشرة، وعبر وكلاء (نافذين) محليين، على المناطق الغنية بالنفط بالمحافظة، والاستماتة على عدم تسليمها للسلطات الشرعية في المحافظة.. لافتين إلى أن بعض المناطق يوجد فيها ما يزيد عن 150 بئرًا منتجة للنفط الخام والغاز.
وبحسب المصادر، فإن جزءًا من إنتاج هذه الآبار يتم ضخه عبر أنابيب نقل إلى ميناء بالحاف (الأنبوب الروسي القديم والأنبوب الجديد)، والجزء الآخر يتم نقله على مدار الساعة بواسطة مئات الناقلات البرية إلى مصفات صافر في مأرب، لتغطية حاجة مناطق الشمال من المشتقات النفطية، وضخ الفائض عبر أنوب النفط الرابط بين منطقة صافر الشمالية ورأس عيسى على البحر الأحمر، وكان ذلك سبباً في عدم تؤثر مليشيات الحوثي من القصف الإسرائيلي أمريكي الذي طال ميناءي الحديدة ورأس عيسى.
وكشف أحد المهندسين العاملين في إحدى الشركات الغربية بشبوة، وهو كندي من أصل عربي، أن إنتاج شبوة من النفط يصل إلى 700 ألف برميل في اليوم، مؤكداً أن الدراسات الجيولوجية تشير إلى إمكانية رفع الإنتاج إلى مليون ونصف برميل خلال خمسة أعوام قادمة..
بناء مصفاة لضمان عدم تسرب النفط خارج المحافظة:
وكان محافظ المحافظة الشيخ عوض بن الوزير، قد أصدر مذكرة في وقت سابق، طالب خلالها الرئاسي والحكومة بإنشاء مصفاة نفطية بالمحافظة، وإعادة هيكلة الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية.
مشيراً إلى أن إنشاء مصفاة شبوة النفطية سيساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، وخلق فرص عمل جديدة لأبناء المحافظة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية، وكذا إعادة هيكلة الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية، بما يضمن تحسين أدائها ورفع كفاءتها، وتحقيق أقصى استفادة من مواردها.
وتزامناً مع ذلك أشعل جنوبيون مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاجات تؤيد المحافظ، وتطالب بضرورة إنشاء المصفاة، لما لذلك من مكاسب ومردود إيجابي على السوق المحلية، وفي تمكين أبناء المحافظة من إدارة ثرواتهم النفطية وحمايتها ومنع تسربها بذريعة تكريرها خارج المحافظة، كما تسهم في استقلالية القطاع النفطي الجنوبي وتقليل نسبة المهدور منه.
ختاماً..
تموت الأُسْدُ في الغابات جوعاً.. ولحم الضأن تأكله الكلاب..
محافظة شبوة بحاجة إلى تعزيز ونشر الوعي الثقافي، وإحاطة المجتمع الشبواني بما تمتلك أرضه من ثروات طبيعية بكل شفافية ووضوح، وبكمية الإنتاج اليومي، وأين تضخ إيراداته المالية، وأين نسبة المحافظة منها؟