الجنوب العربيالسلايدر الرئيسيتقارير

استمرار انهيار العملة المحلية اليومي يدق ناقوس الخطر.. «موت بطيء» وبوادر مجاعة قادمة ..!

سمانيوز / تقرير/خاص

قال ناشطون جنوبيون إن الجنوب يمر بأسوأ مرحلة، لم يشهد مثيلاً لها منذ استقلاله، وأن صفحات التاريخ لن ترحم أولئك الحكام المتعاقبين عليه، أكانوا يمنيين أو جنوبيين، لن يمروا ولن تمحى آثارهم العفنة، بل تظل وصمة عار في حياتهم وبعد مماتهم، ولن يفلتوا من عدالة الأرض والسماء.

متسائلين: كيف ارتضى أولئك البشر حمل الأمانة وهم يعلمون علم اليقين أن لا صلاحيات حقيقية لهم، منزوعي الإرادة والقرار، وأنهم لا يستطيعون تقديم أي شيء يخدم الشعب أو يرفع الأزمات عن كاهله، مجرد أدوات مقيدة بيد الخارج لتمرير أجندات تخدم الخارج؟!

كيف ارتضى أولئك البشر ركن أنفسهم بتلك الزاوية المخزية المفلسة أخلاقياً وإنسانياً، المربحة مالياً؟!هل فرط أولئك البشر في ضمائرهم ورجولتهم وتاريخهم لأجل الجاه والمال، على حساب إفقار وتجويع وتجهيل وحرمان شعب الجنوب من أبسط حقوقه في الحياة الكريمة؟! أم أن غياب الرقابة والمحاسبة وإفلات الفاسدين السابقين عن العقاب أعطى اللاحقين الأمان والضمانة بعدم الملاحقة، فأصبح الفساد روتيناً إدارياً ومالياً يتعاقبه المسؤولون؟!

من أمن العقوبة أساء الأدب:

فساد إداري ومالي محمي، يخرج الفاسد منه كما تخرج الشعرة من العجينة، يراه محللون وساسة جنوبيون يسير وفق المقولة «من أَمِن العقوبة أساء الأدب». فساد ترعاه وتحميه أيادٍ قوية يمنية وإقليمية.. وفي مقابل ذلك تعطيل (محمي) قمعي ممنهج لكل ما من شأنه أن يخدم الشعب، من كهرباء، مياه، رواتب، اقتصاد… الخ، مشيرين إلى أن ما يجري عبارة عن تدابير دنيئة أفسحت المجال أمام أنصاف الرجال معدومي المروءة لشغل مناصب مسؤولين دون إيكال أية مسؤولية وطنية لهم.. مجرد ديكورات وضعت داخل مكاتب مغلقة.

تدابير سيئة أفرزت واقعاً أسوأ:

لقد أفرزت سياسية الفساد المحمي المسيس نتائجَ إيجابية ورفاهية مؤقتة على المسؤول الفاسد، وأخرى سلبية كارثية على الشعب.. تعطلت خدمات الكهرباء والماء وضُربت العملة المحلية ووصلت إلى أدنى مستوى في تاريخها، ومعها أصيب الاقتصاد في مقتل، أفرغت رواتب الموظفين من قيمتها الشرائية ولم تعد تصرف شهرياً، وتفشى الغلاء بجميع المشتريات المتعلقة بحياة وكينونة المواطن الأساسية وغير الأساسية، كما أصيب قطاع التعليم والصحة بالشلل.
ومع هكذا أوضاع، حذر اقتصاديون من وصول قيمة الدولار الواحد إلى 3000 ريال قبل انتهاء العام الحالي 2025م، يعقبه فشل كلي للدولة وتحولها إلى غابة يحكمها قانون الغاب البقاء للأقوى، وتبعاته من الفوضى والخروج عن السيطرة.

وكانت مصادر إعلامية قد كشفت بأن تقديرات البنك المركزي اليمني كانت تفيد بإمكانية وصول سعر صرف الريال اليمني إلى 1000 ريال مقابل الريال السعودي، وقرابة 3000 ريال مقابل الدولار الأمريكي نهاية العام الجاري 2025م، في حال استمرار غياب الدعم الخارجي.

وأكدت المصادر أن البنك المركزي وضع في حساباته هذه السيناريوهات، استنادًا إلى المؤشرات الاقتصادية الحالية وتراجع التدخلات الدولية.. مشيرة إلى أن عدم وجود دعم حقيقي من الأشقاء والأصدقاء لإنقاذ الاقتصاد الوطني يشكل عاملًا رئيسيًا في تفاقم أزمة العملة وارتفاع أسعار الصرف بوتيرة متسارعة.

وحذّرت المصادر من أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى الانهيار المتوقع قبل نهاية العام، ومزيد من الانهيار الاقتصادي، مما سينعكس سلبًا على حياة المواطنين ويفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في البلاد.

وأوضحت أن البنك المركزي لا يزال يأمل في تدخل خارجي عاجل لدعم الاحتياطي النقدي ووقف تدهور العملة، إلا أن المؤشرات الحالية لا تبعث على التفاؤل، مع استمرار التباطؤ في تقديم أي دعم فعلي من الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالأزمة اليمنية.

الأمم المتحدة تحذر من بؤر مجاعة قادمة:

إلى ذلك، حذّرت الأمم المتحدة من ظهور بؤر مجاعة في اليمن خلال الفترة المقبلة، نتيجة تفاقم انعدام الأمن الغذائي في البلاد الغارقة في الأزمات.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا)، في تغريدة على حسابه في منصة فيسبوك، إن ملايين الناس في اليمن يعانون من جوع حاد، وقد تظهر بؤر مجاعة خلال الأشهر المقبلة.

وأضاف أن انعدام الأمن الغذائي في البلاد لا يزال عند مستويات مقلقة للغاية، حيث إن ما يقرب من واحد من كل شخصين لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، مشددًا على ضرورة توفير تمويلات فورية لضمان استمرار تقديم المساعدات المنقذة للحياة لمن هم في أمسّ الحاجة إليها.

وطالب مختصون الجهات المعنية – سواء في الداخل أو الخارج – إلى تضافر الجهود من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل وقوع الكارثة.. موضحين أن مؤشرات المجاعة قد بدأت تظهر منذ نهاية عام 2024 في مختلف المحافظات اليمنية، وأن هناك أكثر من 400,000 مدني أغلبهم أطفال قد دخلوا هذه المرحلة.

ناشطون يستنكرون العجز الحكومي والرئاسي:

في السياق، استنكر ناشطون جنوبيون عجز الحكومة والرئاسي، متسائلين عن سبب بقاء مسؤولين فاقدي الصلاحيات بتلك المناصب السيادية.
وقال الناشط وضاح قحطان الحريري، في مخطوط إعلامي: في ظل الانهيار المتسارع الذي تعيشه العاصمة عدن، لا يبدو أن هناك أفقًا قريبًا للحل، بل إن المشهد يزداد تعقيدًا يوماً بعد يوم، وسط صمت دولي مريب، وحكومة شرعية مفرغة من مضمونها، تُدار من الخارج لصالح أجندات لا علاقة لها بالشعب اليمني ولا بمطالبه المشروعة.

وأضاف الحريري: لقد حصلت على معلومات خاصة من مسؤول رفيع في عدن، كشفت عن وجود عناصر قيادية تنتمي لتنظيمات إخوانية وأخرى مرتبطة بالحوثيين داخل عدن، وهي عناصر تُحرك المشهد من خلف الستار، ضمن مخطط خطير يُدار من جهات عليا، يُراد من خلاله إبقاء الجنوب في حالة إنهاك دائم، اقتصاديًا وخدماتيًا، تمهيدًا لتركيعه أو تفكيكه من الداخل.

وتابع قائلاً: العملة تواصل السقوط، والأسعار تحلق بشكل غير مسبوق، والمرتبات متوقفة، والخدمات تكاد تكون معدومة… ومع ذلك، يخرج علينا رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بتصريحات “مكررة ومفرغة”، وكأنه ينفذ توجيهات خارجية تحت مظلة الشرعية الدولية، لا تهمها معاناة المواطن بقدر ما يهمها بقاء الورقة اليمنية بيد اللاعبين الإقليميين والدوليين.

وختم الحريري متسائلاً: إلى متى سيظل الجنوب يُستخدم كأداة تفاوض على طاولات الآخرين، بدلاً من أن يكون شريكًا حقيقياً في تقرير مصيره؟

من جهته، قال الدكتور مساعد القطيبي: لو كانت هناك إرادة سياسية حقيقية، لاتخذت الحكومة قرارًا واضحًا بترشيد الاستيراد، بالحد من استيراد السلع الكمالية وغير الضرورية إلى السوق المحلية. مثل هذا القرار من شأنه أن يخفف الضغط الكبير على سوق الصرف، ويقلّص الطلب على العملة الصعبة بما قد يتجاوز 30% من إجمالي الطلب الحالي على النقد الأجنبي. هذه النسبة كفيلة بإحداث فارق كبير في استقرار سعر صرف الريال اليمني، والحد من تدهوره المتسارع.

وأردف القطيبي قائلاً: المفارقة أن البلاد تستنزف ملايين الدولارات شهريًا في استيراد سلع لا تمسّ احتياجات الناس الأساسية، في وقتٍ تعاني فيه الخزينة من العجز والمواطن من الانهيار المعيشي.
ومن أبرز هذه السلع الكمالية التي يتم استيرادها بشكل منتظم (على سبيل المثال لا الحصر):
– السيارات الفارهة والحديثة.
– العطور ومستحضرات التجميل الأجنبية.
– الشاشات العملاقة وأنظمة الصوت الفاخرة.
– الحلويات والمواد الغذائية الراقية المستوردة.
– الأثاث الفاخر المستورد بأسعار خيالية.
ولذلك، فإن ترشيد الاستيراد ضرورة وطنية لضبط السوق، وحماية العملة، وتوجيه النقد الأجنبي نحو الأولويات الحقيقية: الغذاء، الدواء، والطاقة.

من جانبه، يرى الكاتب محمد عكاشة أن ما يجري يندرج ضمن الأساليب التي يتبعها الاحتلال اليمني من حرب خدمات، وهبوط سعر العملة المحلية.
وقال: يمكن نوجزها أو بعضها برؤوس أقلام من خلال الواقع المعاش. المؤسسات الاقتصادية والتموينية مازالت بيد الطرف الشمالي، المواني، الاستيراد، الضرائب، ورفد الخزينة بالعملة الصعبة تكاد تكون معدومة.

هوامير الاقتصاد والاستيراد لم تتغير، فما حصلت عليه من مردود بالعملة الصعبة يذهب إلى مناطق الحوثيين. مؤسسة النفط مازالت بيدهم، لا شيء يدخل الخزانة. الإيرادات تهرب إلى الخارج وإلى مناطق سيطرة الحوثيين. مرتبات الجيش السري في السلك الدبلوماسي والهاربين في الخارج تصرف بالعملة الصعبة، وعددهم يفوق العشرين ألف، أقل واحد يستلم خمسة آلاف دولار.

فتح المعابر زاد الطين بلة، المواطن الشمالي يأتي إلى الجنوب يحمل التموين، يصرف عملتهم ويحولها بالريال القعيطي، ثم تعود عملتهم إلى الشمال عبر مكاتب الصرافة. المفروض يكون هناك إلزام بصرفها بالعملة الصعبة، مع إيجاد قانون وضبط يمنع خروجها إلى الشمال.

النازحون يحصلون على إعانات بالعملة الصعبة، ويعملون وكل ما تحصلوا عليه بالريال القعيطي يتم شراء العملة الصعبة وترحيلها إلى الشمال، وبهذا تم تجفيف الجنوب من العملة الصعبة.

وختم عكاشة متسائلاً: عندما يعودون في الأعياد إلى قراهم، أين النقاط التي تضبط تهريب العملة؟! لا توجد..

ختاماً..
انهيار العملة المحلية المستمر، تحديداً في المحافظات الجنوبية الغنية، غير مبرر ويحمل ألف علامة استفهام، ويدق ناقوس الخطر، ولا ينبغي السكوت عليه، طالما تسبب في تجويع وإفقار شعب الجنوب، وقضى تماماً على الطبقات الوسطى. وعلى المجلس الانتقالي الجنوبي، المفوض الشرعي من شعب الجنوب، القيام بما يتوجب عليه القيام به، وأن يأخذ تلك المحاذير على محمل الجد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى