تقارير

دون تحرير «مكيراس» من قبضة المليشيا الحوثية.. «فتح طريق ثرة» خطر داهم وخديعة لا تُغتفر ..!

سمانيوز/تقرير/هشام صويلح

في جنوب ما زال يستشعر نبض الخطر قبل أن تلامس قدم الغازي أرضه، ويُعيد صياغة تكتيكاته بمداد من دماء الشهداء وتجارب الماضي المريرة، لا يمكن أن تمر دعوات فتح “عقبة ثرة” قبل دك معاقل الحوثيين في مكيراس مرور الكرام. فما يُعرض اليوم ليس قناعًا إنسانيًا بريئًا، بل هو رأس حربة لاختراق صفوفنا، قد يُعيد عقارب الساعة إلى لحظة الاجتياح والخذلان الأولى.

فخ إنساني يُفضي إلى الاحتلال

حين يُنادى بتهدئة الجبهات، ويُطلب فتح المنافذ بينما الأرض لا تزال ترزح تحت وطأة الاحتلال، فإننا لا نقف أمام بارقة أمل إنسانية، بل أمام فخ مُحكم النصب. عقبة ثرة ليست شريانًا تجاريًا أو معبرًا اعتياديًا، بل هي خاصرة استراتيجية تفصل الجنوب عن العمق الحوثي المتغلغل في البيضاء. وإذا ما فُتحت هذه العقبة بينما لا تزال محاصرة بمليشيات الموت، فإن الجنوب يكون قد منح العدو مفتاح المرور دون أن يخسر جنديًا أو طلقة.

أولئك الذين يتباكون على “عودة الأهالي” عبر ثرة، يتجاهلون حقيقة دامية: أنهم لن يعودوا إلى ديار محررة ينعمون فيها بالكرامة، بل إلى سجون يسيطر عليها كهنوت الحوثي. فأي جدوى تُرجى من فتح طريق يُعيد الأحرار إلى حكم الجلاد؟ هل هذه عودة كريمة أم استسلام مُقنّع يُباع باسم الإنسانية؟

ثرّة ليست الضالع.. والحسابات الاستراتيجية مُغايرة

يجب أن نتذكر جيدًا: عندما فُتح طريق الضالع، لم يكن ذلك في ظل سيطرة العدو، بل بعد أن كسرت القوات الجنوبية شوكة الحوثي عسكريًا، وتمركزت داخل محافظة إب اليمنية. هذا الانتشار منح الضالع عمقًا دفاعيًا حصينًا، وأبعد شبح الحرب عن قراها ومدنها الآمنة.

أما في ثرة، فالصورة معكوسة تمامًا. العدو لا يزال قابضًا على مكيراس، أي أنه يمتلك عمقًا استراتيجيًا يُهدد خاصرة أبين، بينما لا توجد أي قوة جنوبية متمركزة في البيضاء تشكل سدًا منيعًا أو تُؤمّن الطريق. فهل من المنطق أن نفتح على أنفسنا جرحًا غائرًا بلا غطاء عسكري، وبلا ضمان سياسي؟

الرايات البيضاء.. خدعة مُصدّرة من صنعاء إلى لودر

وما يثير الغضب أضعافًا مضاعفة، هو ما تكشف مؤخرًا عن وصول وفد حوثي إلى مدينة لودر تحت لافتة “الرايات البيضاء”. هذا الوفد الذي يدعي صفته المدنية ويحمل شعار “الرايات البيضاء”، يسعى للتفاوض بشأن فتح الطريق. إن هذه الأنباء، هي فضيحة مدوية، لا يمكن غض الطرف عنها أخلاقيًا أو سياسيًا، لأنها تُكرّس الاعتراف بالاحتلال الحوثي وتمنحه شرعية مدنية مجانية، لم ينلها حتى في ساحات القتال. والأمر الأكثر إثارة للريبة هو وجود مجموعة مشبوهة في أبين تساند علنًا فتح هذا الطريق.

فمتى تحولنا إلى متفاوضين على أرضنا مع محتل غاصب؟ ومن منح هؤلاء صفة التحدث باسم أبين والجنوب؟ وهل أصبحت “المبادرات الإنسانية” حصان طروادة يُعيد إنتاج العدو من بوابات قُرانا؟

السيادة خط أحمر.. لا تُمس باسم المعاناة

إن الجنوب، شعبًا وقيادة وقضية، لم يكن يومًا حجرة عثرة أمام تخفيف وطأة الحرب على المدنيين، لكنه في الوقت نفسه لن يسمح بتحويل معاناتهم إلى سلم يصعد عليه أصحاب المشاريع المشبوهة. من يبتغي فتح الطرق حقًا، عليه أولًا أن يُلقي السلاح، ويُغادر الأرض، ويكف عن تحويل الجغرافيا إلى خنادق ومتاهات.
أما أن يبقى الحوثي جاثمًا على مكيراس، ونفتح له عقبة ثرة، فهذه ليست بادرة إنسانية، بل خطيئة استراتيجية سندفع ثمنها غالياً.

الجنوب يتذكر.. وبالوعي يتسلح

الجنوب، الذي خطّ مسيرة نضاله بمداد الدم والتضحيات الجسام، لن يسقط مجددًا في فخ “الرايات البيضاء” الملطخة بدماء الأبرياء، ولن ينزلق إلى شراك “الطرق الآمنة” التي يرسمها قادة استخبارات العدو على خرائط أوهامهم. يد الجنوب ممدودة للسلام الشامل والعادل، لكنها لن تُصافح يدًا تُخفي خنجر الغدر خلف ظهرها.

فتح “ثرة” قبل تحرير “مكيراس”، هو بمثابة اعتراف ضمني بسيادة الحوثي على أرضنا، وتنازل عن خاصرة استراتيجية ستُستخدم غدًا كمنصة انطلاق لطعن لودر وزنجبار وحتى عدن الأبية.

ختامًا: دروب العودة لا تُعبد إلا على أنقاض المحتل

في قاموس الحروب والسياسة، الطريق يُفتتح بعد التحرير، وليس قبله. والرايات البيضاء تُرفع في لحظة الانتصار، لا حين يُعيد العدو ترتيب صفوفه خلف خطوطنا.
الجنوب لن يسمح بإعادة تدوير الاحتلال عبر منافذ ضيقة تُسوّق تحت شعار “السلام”، ولن يتحول حنين أبنائه إلى ديارهم إلى مدخل يُزرع فيه خنجر جديد في خاصرته.
الجنوب يتذكر.. يتحصن.. ولن يُلدغ من الجحر مرتين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى