تقرير يكشف المستور.. « الإصلاح » الحاضن الرسمي للإرهاب تفاصيل التحالف الخفي بين الإخوان والحوثي لاستهداف الجنوب

سمانيوز / تقرير
لم ينشأ حزب التجمع اليمني للإصلاح “إخوان اليمن” لإصلاح خلل معين، ولم تكن له خلفيات اجتماعية إنسانية ليعبر عنها ويسعى إلى إصلاحها، كالفقر والجهل والتخلف…الخ، ولم تكن له حاضنة أو قاعدة جماهيرية تجمعها قضية معينة ليحملها ويسير على نورها، ولم تكن انطلاقته لرفع معاناة أو حل مشكلة اجتماعية، ليس له قضية محددة بعينها،
فالأحزاب السياسية هي في الغالب اتحاد بين مجموعة من الأفراد بغرض العمل معاً لتحقيق مصلحة عامة معيّنة تعود بالنفع والفائدة على العامة، وفقاً لمبادئ خاصة متّفق عليها مسبقاً، شرط أن تخضع للدستور وللقانون الساري في البلد.
ولكن التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن) اتخذ الدين الإسلامي، الذي هو دين الدولة ودين الشعب، جسراً للوصول إلى السلطة، سخر منابر المساجد والفتاوى الإسلامية لشرعنة تحركاته ولاستغفال العامة، وفي المقابل أصدر فتاوى تكفر كل من يعارضه، نظامه الداخلي مبني على الترغيب والترهيب..
لم يَسِر وفق قانون ودستور البلد، وإنما وفق قانون ودستور جماعة الإخوان الدولية، ولم يعبر عن معاناة الشعب وإنما للترويج لأفكار الإخوان بأوساط المجتمع، وكانت النتيجة حدوث انقسامات دموية بأوساط المجتمع وتفكيك الأسر، وصل إلى حد تكفير الولد لوالديه ولإخوانه وأهل عشيرته وإباحة دمائهم.
شكل أجنحة مسلحة (تنظيم القاعدة) لتصفية خصومه السياسيين في الجنوب، وفق فتاوى دينية متفق عليها. سيطر على دار الإفتاء اليمنية فأصبح يُدخل من يشاء إلى الإسلام ويكفر من يشاء، يدعي أنه هو الاسلام وأن الاسلام هو، ومن يخرج عن طوعه يخرج عن الإسلام، ومن يدخله دخل الإسلام.
الإصلاح مجرد أداة “عفاشية قبلية” لتصفية كوادر الحزب الاشتراكي اليمني:
بحسب مصادر مؤكدة، عقد الرئيس السابق علي عبد الله صالح “عفاش” اجتماعاً سرياً، قبل توقيع اتفاق الوحدة اليمنية بأسابيع، مع بعض شيوخ القبائل والقادة العسكريين منهم الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، وقائد الفرقة الأولى مدرع علي محسن الأحمر وغيرهم، تم الاتفاق على تشكيل حزب إسلامي لمواجهة ما أسموه المد الماركسي القادم من الجنوب، “الحزب الاشتراكي اليمني”. وبالفعل عقب توقيع الوحدة اليمنية تأسس حزب التجمع اليمني للإصلاح يوم 13 سبتمبر 1990، بصفته تجمعاً سياسياً ذا خلفية إسلامية، وامتداداً لفكر الإخوان المسلمين، وتم افتتاح مقره الرئيسي بالعاصمة اليمنية صنعاء في 3 يناير 1991م.
كان تركيزه على المحافظات الجنوبية، فتح بها مقرات ومعسكرات سرية لتدريب عناصر إرهابية لاستهداف قادة الحزب الاشتراكي اليمني. وكانت البداية قتل العميد ماجد سيف مرشد الصبيحي مستشار وزير الدفاع هيثم قاسم طاهر، في 21 يونيو 1992م، وسحل جثته والتمثيل بها في شوارع صنعاء.
كما تم اغتيال السياسي الجنوبي حسن الحريبي،
وتعرض كبار القادة الجنوبيين لمحاولات اغتيال بدءاً من الرئيس علي سالم البيض، مرورًا بحيدر العطاس، وياسين سعيد نعمان، وسالم صالح محمد، وأنيس حسن يحيى، وعلي صالح عباد (مقبل). وبحسب مصادر رسمية، فقد بلغ عدد الذين تعرضوا للاغتيال في تلك الفترة التي سبقت اجتياح الجنوب في العام 1994، أكثر من 160 من الكوادر والشخصيات السياسية والعسكرية الجنوبية.
وعقب اجتياح الجنوب في العام 1994م، تضاعفت وتيرة الاغتيالات ضد الجنوبيين، تعرض خلالها العشرات من الضباط الجنوبيين لاغتيالات غامضة، قيدت جميعها ضد مجهول.
الإصلاح يواصل مسيرته الدموية في الجنوب:
عقب الاطاحة بالرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح (عفاش)، قدم الاصلاح نفسه كبديل يحل محله، ولكنه واجه رفضاً في العاصمة اليمنية صنعاء، فأعاد تموضعه في الجنوب. انغمس بأوساط المقاومة الجنوبية وسيطر على مديريات في العاصمة عدن، وعلى أبين والمكلا وأجزاء من شبوة، ووصل حتى جزيرة سقطرى، وكانت ولا تزال المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت مدده وملاذه الآمن.
ولكن عقب تدخل قوات التحالف العربي في الجنوب، نجح الجنوبيون في تحرير أغلب محافظاتهم من الوجود الإخواني وأذرعه المسلحة (القاعدة وداعش)، وجاء المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تأسس في العام 2017م ليستكمل ما تبقى من فلول تلك التنظيمات بمحافظتي أبين وشبوة بعمليتي “سهم الجنوب” و”سهم الشرق” في العام 2022.
تزاوج إخواني حوثي ضد الانتقالي الجنوبي عبر العميل المزدوج أمجد خالد:
عقب إضعاف وتقييد حركة حزب الإصلاح في الجنوب وتجفيف أغلب منابعه المالية، وتجميد أنشطته السياسية وإخراج جميع معسكراته من العاصمة عدن في العام 2019م، فتح خطوطاً سرية وأبرم تحالفاً خفياً مع مليشيات الحوثي، مستغلاً استمرار سيطرته على محافظة مأرب اليمنية الغنية بالنفط والغاز اللذين لا تورد مبيعاتهما للبنك المركزي بالعاصمة عدن.
أبرم الطرفان اتفاف النفط مقابل السلام وأشياء اخرى، لتمويل تحركاتهما وشراء الذمم.
القيام بعمليات إرهابية خاطفة، اغتيالات، زرع عبوات ناسفة، وسيارات مفخخة، زعزعة الأمن وإقلاق السكينة العامة، لإظهار الانتقالي أمام الداخل والخارج في موقف العاجز عن تأمين مناطق سيطرته.
ظهرت أولى مؤشرات تورط الإرهابي أمجد خالد، الذي كان يشغل منصب قائد لواء النقل بالعاصمة عدن، برتبة عميد، عثور الأجهزة الأمنية الجنوبية على 3 جثث كانت مدفونة داخل حوش منزله بمديرية دار سعد بالعاصمة عدن، واتضح مؤخراً أنها لجنود تم اختطافهم من محافظة لحج.
وبحسب تقرير صدر عن اللجنة الأمنية العليا يوم 28 يونيو 2025م، كُشف النقاب عن شبكة إرهابية يديرها الإرهابي أمجد خالد، مرتبطة مباشرة بقيادات حوثية عليا منها رئيس أركان المليشيات محمد عبدالكريم الغماري، ونائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات الحوثي عبدالقادر الشامي، أبرز مهندسي العمليات الإرهابية والتخريبية في المحافظات المحررة، وتنسيق التخادم بين المليشيات الحوثية، والتنظيمات الإرهابية ومخططاتها العابرة للحدود.
وأثبتت اعترافات المتهمين المضبوطين تورط هذه الشبكة بارتكاب عدد من الجرائم الإرهابية البشعة، بما فيها اغتيال مدير برنامج الأغذية العالمي في مدينة التربة، مؤيد حميدي، وهو الحادث الإجرامي الذي أرادت من خلاله المليشيات الحوثية ضرب جهود الحكومة لتعزيز ثقة المنظمات الدولية، والإجراءات المتخذة لتأمين أنشطتها الإنسانية في المحافظات المحررة.
وأوضحت تقارير اللجنة أنه تم القبض على عدد من العناصر المتورطة في اغتيال موظف برنامج الأغذية العالمي، بمن فيهم المنفذون الرئيسيون لعملية الاغتيال، والعشرات من المتورطين في الاغتيالات والتفجيرات الأخرى.
كما أشارت اللجنة إلى أن التحقيقات أثبتت تورط الخلايا الإرهابية بتفجير موكب محافظ محافظة عدن أحمد حامد لملس في أكتوبر ٢٠٢١، الذي أدى إلى استشهاد عدد من مرافقيه، إضافة إلى عمليات اغتيال واختطافات وإخفاء قسري متعددة، استهدفت محققين وقيادات وحدات وشخصيات دينية ومجتمعية، ومحاولات اغتيال عدد من القيادات العسكرية والأمنية في محافظات عدن، ولحج، وتعز، والبيضاء.
وكشفت الحملة عن معامل لصناعة المتفجرات، وتجهيز السيارات المفخخة، وضبط عبوات ناسفة وألغام متنوعة داخل منازل سكنية في وكر العصابة الإرهابية بمديرية الشمايتين، واستخدام وسائل توثيق مرئية لعمليات اغتيال وتصفيات، والتخابر مع العدو الحوثي، وتقديم إحداثيات ومعلومات أمنية حساسة، ضمن مخطط واسع لإسقاط مدن، ومحافظات من الداخل.
أمجد خالد إرهابي قاتل محمي:
وبحسب «العين الاخبارية»، بعد تحرير عدن بدعم من قوات التحالف العربي وبمشاركة إماراتية فاعلة عام 2015، بدأ الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي بإعادة تشكيل «ألوية الحماية الرئاسية»، ومن ضمنها تعيين أمجد خالد قائدًا للواء النقل العام، وذلك بدعم كبير من نائب الرئيس السابق (علي محسن الأحمر).
وظل أمجد خالد في عدن حتى عام 2018، عندما شارك في المواجهات إلى جانب تنظيم الإخوان ضد قوات المجلس الانتقالي، التي نجحت في تأمين العاصمة عدن ودحر عناصر التنظيم.
آنذاك، تلقى أمجد خالد هزيمة ساحقة، ففرّ عام 2019 إلى مدينة التربة، جنوب محافظة تعز، بعد أن وفّر تنظيم الإخوان ملاذًا آمنًا له ولقواته، التي أعادت تموضعها في مديريتي الشمايتين والمقاطرة التابعتين إداريًا لمحافظة لحج.
استغل أمجد خالد منصبه العسكري لتوفير مظلة للعناصر الإرهابية، التي ظلت تنطلق من مقراته نحو عدن والمحافظات المحررة، لتنفيذ تفجيرات واغتيالات طالت كبار رجال الدولة اليمنية.
وأكدت وثائق صادرة عن النيابة العامة المتخصصة في مكافحة الإرهاب، بتاريخ 25 يوليو 2025م، وقوف أمجد خالد وآخرين خلف 7 عمليات إرهابية، منها التفجير الذي استهدف موكب محافظ عدن أحمد لملس ومرافقيه، وتفجير بوابة مطار عدن الدولي في أكتوبر 2021، الذي أودى بحياة عشرات المدنيين.
وفي نوفمبر 2023، بثّت شرطة عدن تسجيلات مرئية حصلت عليها من خلية إرهابية، تظهر أمجد خالد وهو يدير عناصر إرهابية، ويوجّهها لتنفيذ عمليات ضد قيادات في المجلس الانتقالي.
وفي 11 فبراير 2025، أوقفت قوات أمنية وعسكرية موالية للإخوان أمجد خالد في التربة، جنوب تعز، بناءً على توجيهات رئاسية باعتقاله، لكن الرجل تمكّن من الفرار من السجن، بتواطؤ من حزب الإصلاح.
وقال مصدر أمني لـ«العين الإخبارية» إن حزب الإصلاح لا يزال يناور، ويدير ما يشبه «مسرحية» بشأن التعامل مع أتباع أمجد خالد من العناصر المتطرفة، محاولًا استخدامه كورقة لمقايضة الشرعية وأطرافها..
وبحسب ناشطين لـ«سمانيوز»، ظهر أمجد خالد في مقطع فيديو نشره مؤخراً، نسب خلاله عملياته الإجرامية إلى المجالس الانتقالي، بعكس مقطع الفيديو السابق الذي توعد فيه الإخوان بنشر وثائق يحتفظ بها تؤكد تورط الجماعة في أعمال إجرامية، مشيرين إلى أن الرجل يمر بحالة تخبط، وأن طرفاً ثالثاً يرجح أن يكون إقليمياً “معادياً للإمارات والانتقالي” قد دخل على الخط، وفر لـ أمجد خالد المال والأمان والحماية، ونجح في استمالته وتغيير مساره.
ختاماً..
تجمع جماعة الحوثي الإرهابية وجماعة الإخوان الإرهابية عدة قواسم مشتركة: الإرهاب، القتل لأجل القتل، افتعال الحروب والأزمات كونها مصدر رزقهما، إلى جانب المخدرات. وتعد “الوحدة اليمنية” القاسم المشترك الأكبر الذي يربطهما بالجنوب ويشرعن لهما غزو الجنوب وقتل كوادره الأمنية والعسكرية، والاستحواذ على ثرواته البرية والبحرية، فأصبح تزاوج الطرفين شرعياً.