مراقبون: محاولات يمننة الجنوب “سخافة سياسية” تطيل أمد استعادة صنعاء ولن تمنع الجنوبيين من استعادة دولتهم

سمانيوز / تقرير
فتح الجنوب أبوابه لاحتضان الأشقاء اليمنيين الشاردين من بطش مليشيات الحوثي.
والمؤسف أن أولئك الشاردين تحولوا تدريجياً إلى حكام مسلطين على رؤوس الجنوبيين، فتحوا أبواب النزوح اليمني العشوائي لاستقدام أبناء جلدتهم وتوطينهم في الجنوب، واستولوا على الأخضر واليابس. ولم يكتفوا بذلك، بل يسعون لإحداث انقلاب عسكري أمني ضد المجلس الانتقالي الجنوبي المفوض من قبل شعب الجنوب، لإزاحته عن المشهد والاستفراد الكلي بالسلطة، ووضع ايديهم على جميع الإيرادات المالية، والتهيئة لإعادة الجنوب تدريجياً إلى باب اليمن بأي شكل من الأشكال حتى تحت سلطة الحوثيين، إيماناً راسخاً في عقولهم وقلوبهم متوارث بأن الجنوب فرع ولازم يعود لأصله اليمني.
ويرى مراقبون أن تلك السياسات العبثية ومحاولات يمننة الجنوب، إنما هي سخافة واستخفاف بالعقول تطيل أمد استعادة صنعاء، وترسخ سلطة الأمر الواقع الحوثية، ولن تمنع الجنوبيين من استعادة دولتهم عاجلاً أو آجلاً، لا سيما والجنوب كانت دولة ذات سيادة قبل فترة قصيرة، معترف بها إقليمياً ودولياً، وهناك إجماع شعبي على استعادتها. خطوات تحررية تبناها وحملها على عاتقه المجلس الانتقالي الجنوبي، تسير وفق الأطر القانونية الدولية المدافعة عن الحقوق والحريات.
كما أن لشعب الجنوب مظالم، حيث شنت عليه حروب ظالمة سقط على إثرها مئات الألوف من الشهداء والجرحى، ويحق لهم التقدم بشكوى لمحكمة العدل الدولية كون المظالم لا تسقط بالتقادم، ولا يضيع حق وراءه مطالب.
وبحسب خبراء قانون دولي، فإن جميع الشروط القانونية لفك ارتباط الجنوب عن اليمن متوفرة ومكتملة الأركان، وما هي إلا مسألة وقت.
القوى الشمالية تفضّل محاربة الجنوب بدلًا من مواجهة الحوثيين:
إلى ذلك، نشر المؤرخ ورجل الأعمال الأمريكي المعروف، مايكل روبين، مقالة تحليلية تناول فيها مستجدات المشهد السياسي في اليمن، ووجه خلالها انتقادات لاذعة للقوى اليمنية الشمالية والدور الإقليمي والدولي في الأزمة اليمنية.
وقال “روبين” إن القوى السياسية في شمال اليمن (في إشارة منه إلى القيادات السياسية اليمنية الشاردة إلى الجنوب والمبعثرة في الخارج) تركز جهودها على تقويض جهود الجنوبيين بدلاً من مواجهة الحوثيين، وهو ما يعرقل التنمية ويؤدي إلى تعثر دفع الرواتب.
وأشار في السياق ذاته إلى أن “الوزراء الوهميين” على حد وصفه، مثل وزير الإعلام معمر الإرياني، ووزير الداخلية إبراهيم حيدان، يستنزفون ميزانية الدولة رغم إقامتهم في الخارج، وتحديداً في مصر والسعودية، بعيداً عن الواقع اليمني.
وفي انتقاده للسياسة الإقليمية، اعتبر روبين أنه قد آن الأوان لمحاسبة بعض دول الإقليم، مطالباً بإعادة أولوية هزيمة الحوثيين إلى الواجهة، بدلاً من سعي بعض الدول لعقد “صفقة خاصة” تضمن لها هدوء الحدود مقابل بقاء الحوثيين في المشهد.
وفي ملف الجنوب، أكد روبين أن الاستقلال الجنوبي قد يكون أكثر استقراراً من استمرار الوحدة، نظراً لخلفية الجنوب كدولة مستقلة سابقة وثقافته المتميزة عن الشمال. وقال إن فرض الوحدة بالقوة قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار أكثر من الانفصال السلمي.
وانتقد الكاتب قرار الولايات المتحدة بعدم إعادة فتح سفارتها في مدينة عدن الآمنة، والإبقاء عليها في الرياض، واعتبره قراراً غير منطقي، مشبهاً ذلك بإبقاء السفارة الأمريكية المخصصة لأوكرانيا في موسكو.
وفي ختام مقالته، دعا روبين إلى حِل مجلس القيادة الرئاسي أو إعادة تشكيله بالكامل. واتهم حزب الإصلاح (الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين) بـ”لعب دور حصان طروادة لصالح الحوثيين وتنظيم القاعدة”، مطالباً السيناتور الأمريكي ماركو روبيو بالتوقف عن التعامل مع الحزب كشريك، والعمل على تصنيفه كمنظمة إرهابية أجنبية.
البرلمان البريطاني يناقش الأزمة اليمنية وخيار استقلال الجنوب:
في سياق غير بعيد، عقد البرلمان البريطاني في لندن اجتماعاً رفيع المستوى، مطلع شهر يوليو 2025م، لمناقشة تطورات الأزمة في بلادنا، بحضور مدير العلاقات الخارجية في الحكومة البريطانية وعدد من أعضاء مجلس العموم، وبمشاركة شخصيات جنوبية ودولية بارزة، وذلك بدعوة من البرلمانية البريطانية، ابتسام محمد الشرفي.
الاجتماع الذي عقد داخل البرلمان البريطاني يعد مؤشراً واضحاً على تزايد الاهتمام الرسمي بتعقيدات الملف في الجنوب، والدور المتنامي لمليشيات الحوثي في زعزعة الأمن الإقليمي، لا سيما في البحر الأحمر.
وأكدت البرلمانية ابتسام الشرفي أن هذا اللقاء يشكل بداية لسلسلة من الاجتماعات داخل البرلمان، تهدف إلى إعادة اليمن إلى دائرة الاهتمام السياسي، ودفع الحكومة البريطانية للعب دور أكثر فعالية في الدفع نحو تسوية سياسية شاملة.
وقد خرج الاجتماع بتوصيات تؤكد ضرورة استمرار هذا النوع من اللقاءات داخل البرلمان، وفتح حوار حقيقي حول مستقبل بلادنا.
استعادة الوطن والاتفاق على مستقبله:
الدكتور والمفكر السياسي الجنوبي المخضرم محمد حيدره مسدوس، خط موضوعاً تنويرياً رقم 204 بتاريخ 29 يوليو 2025م، ضمن سلسلة “إصلاح العقول يساوي الحلول”، وبه نختم تقريرنا المختصر، قال فيه: كانت آخر جملة من موضوعات التنوير رقم (203) تقول: استعادة الوطن والاتفاق على مستقبله. وفي هذه الموضوعات، نقول:
١/ إن استعادة الوطن والاتفاق على مستقبله هو المصير المشترك لكل أبناء الجنوب، من السلاطين الى المساكين. وهذا ما يتطلب وحدة الصف في جبهة تضم الجميع.
٢/ إن قيام الجبهة يتطلب الاتفاق على الطريقة التي بها ستتم استعادة الوطن، ويتطلب الاتفاق على شكل الدولة القادمة ونظامها السياسي، باعتباره مستقبل الوطن.
٣/ إن ما سيتم الاتفاق عليه هو (الميثاق) الوطني للجبهة، وفي هذا الميثاق لابد من تحريم العمل السياسي خارجها، ومن يريد العمل السياسي يدخل الجبهة.
٤/ إنه سيدخلها على أساس ميثاقها الوطني باعتباره الرؤية السياسية لجميع أبناء الجنوب، لأنه لا يمكن لأي جنوبي أن يرفض استعادة الوطن أو يرفض مستقبله.
٥/ إن من يرفض ذلك يكون خصماً لقضية ومستقبل وطنه. وهذا ما يستوجب ضرورة تحريم العمل السياسي خارج الجبهة إلى أن يعاد الوطن.
٦/ إن الانتقالي ومعارضيه لابد أن يدركوا ذلك، وأن يدركوا بأن استعادة الوطن مرهونة بوحدة الصف الجنوبي، وأن وحدة الصف تتطلب جبهة تضم الجميع.
٧/ إن الجبهة تعني أن كل مكون له استقلاليته التنظيمية والمالية، كما هو حاصل في منظمة التحرير الفلسطينية، وفقط توحيد جهود الجميع لتحقيق الهدف.
٨/ إن واقعنا يتطلب جبهة برئاسة الانتقالي، لأنه المعترف به دولياً، ولأنه الأكبر ولديه جيش وأمن رسميين تشكلا بقرارات رسمية، بصرف النظر عن أي طابع مناطقي.
٩/ إن الأولوية الآن هي لاستعادة الوطن، وبعد استعادته سيتم إصلاح ذلك. كما أن شكل الدولة الفيدرالي القادم سيحلها تلقائياً، لأنه سيكون على نمط دولة الإمارات٠
١٠/ إن طريقة قيام الجبهة وقيادتها ونظام عملها، سيتم تناوله في التنوير القادم، بإذن الله.