مقالات

14 أكتوبر ثورة العزة والانتصار.

بقلم:

محمد علي صالح المأمور

يحظى يوم14 أكتوبر من عام 1963 بأهمية خاصة في تاريخ الثورة في اليمن الجنوبي وكذا تحظى منطقة ردفان بنفس الاهمية لأنه في ذلك اليوم ومن ردفان تفجرت الشرارة الاولى لثورة الرابع عشر من اكتوبر التي انتهت بالانتصار على معسكر الاستعمار والرجعية العربية عام 1967 لتدخل في مرحلة جديدة تستكمل بها تحررها الوطني الديمقراطي أي لتحقق التحرر الاقتصادي

فعند قيام ثورة 26 سبتمبر في الشمال اليمني عام 1962م

توجه العديد من ابناء الجنوب للدفاع عن ثورة الشمال وكان من بينهم الكثيرين من ابناء ردفان وبعد عام من الكفاح الضاري المرير في جبال الشمال وشعابه ووديانه وبعد توقف اطلاق النار الاول وبسبب الخيانات والفوضى في تصريف امور الحرس الوطني قرر ابناء ردفان العودة الى ديارهم فكانت في انتظارهم قوانين واوامر من الانجليز بتسليم سلاحهم وضم بلدهم الذي كان حتى الحين بعيدا عن نفوذ الانجليز والسلاطين –

الى امارة الضالع المجاورة لهم ورفض ابناء ردفان الخضوع لقوانين الانجليز وكان اول صدام في 14 اكتوبر 1963م واول شرارة للثورة

ولم تكن هذه هي المرة الاولى التي ثارت فيها قبائل ردفان فقد سبق ان تمردت وقاومت السلطة الاستعمارية والرجعية اعوام 1918،1938،1948،1957 كما لم تكن هذه الانتفاضات القبلية الوحيدة على ارض الجنوب فقد قامت قبائل الجنوب في مختلف مناطقة بالتمرد على السلطة في البلاد وهذه الانتفاضات القبلية بالإضافة الى الانتفاضات الشعبية في المدن لم تكن منظمة بل عفوية ومتقطعة ولا يجمعها تنظيم سياسي يقود المعركة ضد السلطة الاستعمارية – السلاطينية

وكانت الاسباب الحقيقة لثورة ابناء ردفان في 14 اكتوبر 1963م هي استمرار اوضاع الاستغلال والطغيان الاستعماري – السلاطيني – اما السبب المباشر فهو ضغط الانجليز على ابناء المنطقة لتسليم سلاحهم عند عودتهم من الشمال وضم ردفان الى سلطة امير الضالع المتعاون مع الاستعمار

ويمكن تلمس الموقف الصعب الذي واجه ابناء ردفان اذا عرفنا ان منطقة ردفان لا تلاصق الحدود اليمنية بل يفصلها عن هذه الحدود اراضي الضالع والعلوي والحواشب غربا وحالمين والشعيب والمفلحي شمالا بالإضافة الى وجود سلاح الطيران البريطاني القادر على التوجه من عدن الى سماء ردفان وضرب قراها وسكانها ومواشيها من الجو هذا بالإضافة الى ان اداة الكفاح المسلح وهي الجبهة القومية كانت معلنة فعلا منذ اغسطس 1963م الا انها اعلنت بدء الكفاح المسلح عقب اندلاع شرارة الثورة في ردفان أي ان الجبهة القومية لم تكن مستعدة فور اندلاع الثورة لمساندة ثوار ردفان مساندة فعلية ورغم الموقف الصعب لم يتردد ابناء ردفان او يتخاذلوا بل رفضوا اوامر السلطة الاستعمارية – السلاطينية ورفعوا السلاح في وجهها .

وقد قامت عدة عوامل جعلت من شرارة ردفان في 14 اكتوبر بداية ناجحة تمكنت الجبهة القومية من التقاطها بنجاح واعلان بداء الكفاح المسلح ، ومن ذلك المناخ الثوري الذي تواجد فيه ابنا ردفان ، ابان وجودهم في الشمال فقد اكتسبوا مراناً على السلاح وحصلوا على مزيد من الاسلحة وتلقوا ثقافة سياسية ونضالية جديدة ، فقد حاربوا في الشمال ضد (( اعدا سياسيين وقبليين ولم يحاربوا من اجل ثارات قبلية كما كانوا يفعلون في قراهم ، وشعور ابنا ردفان وقادتهم منهم الشيخ راجح بن غالب لبوزة ابان وجودهم في الشمال انهم يعيشون وسط جو ثوري يلف العالم العربي كلة ويمتد لأفاق ابعد ليتصل بالعالم كلة ووجدوا انفسهم وسط جبهه نضالية عريضة في مواجهه الاستعمار وقواعده العسكرية وفي مناخ ثوري يؤكد على الوحدة اليمنية والوحدة العربية ، وما لمسوه في محاولات جادة لإقامة جبهه نضالية واحدة الامر الذي أعطاهم انطباع بانهم لا يقفون وحدهم على ارض المعركة وانما يستندون الى جبهه نضالية – هي الجبهة القومية – تم تكوينها وهي متعطشة لبداء القتال بالإضافة الى احساسهم باحتمالات ، بل بحتمية المساعدات العربية والدولية ، وشعورهم انه بالقرب منهم قوم ثورة الشمال للدفاع عن مكتسباتها وهو موقف مقدم النموذج لمحاكاته خاصتاً وسط ذلك المناخ المشحون بالثورة الذي عاشته شبه الجزيرة العربية عام 1963م ويضاف الى ما سبق نضج الظروف الموضوعية والذاتية بحيث نجد امامنا ( وضوعاً ثورياً ) يودي الى تفجر الثورة وامكان استمرارها ولاسيما ان الاستعمار البريطاني وقد وصلت الى علمة انبا تجمع المقاتلين من الجنوب في صنعا ومشاركة ابن ردفان وشيخهم راجح بن غالب لبوزه للدفاع عن الثورة اليمنية ومشاركتهم في الجهود التي بذلت لإقامة الجبهة القومية للأعداد للكفاح المسلح وقد قام بمعالجة الموقف بشكل حاد واستخدام كافة أسلحته وخاصة المصفحات والطائرات لتأديب ابنا ردفان وكانت هذه الحدة والقسوة البالغة التي عالج بها الاستعمار الموقف عاملاً فعالاً لإنجاح الشرارة الاولى للثورة ، وتصميم المقاتلين على الاستعمار في النضال المسلح ولتصفية الوجود الاستعماري السلاطيني .

اما عن موقف بريطانيا من احداث ردفان فقد تصورته وصفه تسللاً من رجال القبائل المسلحين من اليمن بغرض اذكاء التمرد ضد سلطان الضالع واستخدمت بريطانيا في مواجهة الموقف مختلف اسلحتها البرية المتاحة فحركت كتيبة مشاة مدعمة بالمدفعية والهيلوكوبتر وسلاح المهندسين والسيارات المصفحة والطيارات الهنتر لمواجهة رجال القبائل المزودين بالبنادق القنابل اليدوية وقد اهتمت بريطانيا بمواجهة رجال القبائل الثائرين في ردفان لأنها تبينت عمق الثورة واختلافها عن الانتفاضات القبلية السابقة وقد ركزت بريطانيا في تصورها للمشكلة على وجود القوات المصرية في الشمال اليمني وتقدم بعضها الى الحدود الجنوبية واكدت ان القوات المصرية وتواجدها قرب الجنوب قد وفر السلاح والمناخ اللازمين لرجال القبائل لبدى القتال ضد القوات البريطانية ، وكان يخيل لبريطانيا ان بمقدوره القضاء على شرارة الثورة الاولى من ردفان بنفس الطريقة والسرعة التي تمكنت بها من انها الانتفاضات القبلية السابقة ولم تتبين طبيعة الحال تعدل الظروف الموضوعية والذاتية المهيئة لقيام واستمرار الكفاح المسلح.

وفي يوم 18 /10/1963م أي بعد اندلاع شرارة الثورة المسلحة الاولى من ردفان قدمت صحيفة الراي العام العدنية وصفا لوحشية القوات الاستعمارية في محاولتها المستميتة للقضاء على ثورة ردفان فابرزت تحرك قوات المشاة البريطانية تسندها الدبابات والمدافع الثقيلة والهاون وتعززها الطائرات النفاثة لتشن هجوما عنيفا على قبائل ردفان يوم 14/10/1963م ووصفت الصحيفة المعركة بانها ضارية ولا تزال مستمرة وان عددا من رجال القبائل قد استشهدوا ومنهم الشيخ راجح لبوزة وجرد عدد اخر كما اعتقلت السلطات البريطانية عددا من مشايخ المنطقة واودعتهم سجن جعار وقامت الطائرات البريطانية بدك مساكن القبائل واحراق زراعتهم وقتل مواشيهم والمحت الصحيفة الى ان منطقه ردفان ترفض الدخول في الاتحاد الفدرالي ولذا تشتد الحملة البريطانية ضدها بالإضافة الا ان اخضاع ردفان بالقوة يسهل احتلال يفع العليا التي لا تزال بعيدة عن قبضة سلطات الاحتلال ، وترفض هي الاخرى الدخول الى الاتحاد الفدرالي الانصياع لرغبات الاستعمار البريطاني .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى