7 يوليو ذكرى حزينة تجمع مصر والجنوب.. المنسي شهيد وشعب الجنوب جريح..!

كتبت: سها البغدادي
ليس مجرد يومٍ عابر في الذاكرة، بل تاريخ مشحون بالدمع والدم والكرامة.
7 يوليو، ذكرى حزينة ومتشابكة، تربط بين شعبين عربيين في زمنين ومكانين مختلفين، لكنها توحدهما في الألم والبطولة والمأساة.
في مصر، يستعيد الوطن ذكرى ملحمة البرث، حين سطّر الشهيد أحمد منسي ورفاقه من أبطال الكتيبة 103 صاعقة أعظم صفحات الفداء، في مواجهة شرسة مع الإرهاب في قلب سيناء.
وفي نفس اليوم، لكن قبل ذلك بـ23 عامًا، كان الجنوب يسقط عسكريا على يد قوات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، في اجتياح دموي أنهى حلم الوحدة بين الدولتين “الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية” وحوّله إلى احتلال باسم “الوطنية”.
في البرث، قاتل رجال الجيش المصري ببسالة حتى آخر رصاصة، رافضين الانسحاب، مدافعين عن الأرض والعقيدة والهوية.
وفي عدن ومحافظات الجنوب، سالت دماء الجنوبيين وهم يرون أرضهم تُحتل، ومؤسساتهم تُنهب، وتاريخهم يُمحو بقوة الدبابة.
كأن القدر شاء أن يجعل من هذا اليوم رمزًا للفقد، وبالمقابل أيضًا للثبات على الحق.
في ملحمة البرث، ارتقى المنسي ورفاقه ليحفظوا للوطن كرامته، وكانت معركتهم ضد جماعات ظلامية لا تعترف بالوطن، ولا بالسلام.
وفي الجنوب العربي، ارتفع علم “الوحدة” فوق عدن، لا كمظهر للتكامل، بل كشعار لقمع شعب بأكمله، وسرقة دولة كانت مستقلة حتى الأمس القريب.
توالت سنوات القهر بعد 1994 على الجنوب، من إقصاء الموظفين، ونهب الأراضي، وسحق الهوية، إلى حملات أمنية شرسة ارتكبت مجازر في الضالع ويافع وأبين.
وفي مصر، ظل اسم “المنسي” خالدا، يعلّم الأجيال معنى الشجاعة، بينما بقيت في الجنوب أسماء الشهداء بلا عدالة، وبلا اعتراف رسمي بحجم المأساة التي عاشها الجنوب بعد اجتياحه.
ثم اجتمعت الأقدار مجددًا، في جبهة واحدة من المعاناة: في اليمن، اندلعت حرب كبرى مع الحوثيين، وأصبح الجنوب ساحة صراع داخلي وإقليمي.
وفي مصر، استمرت المعركة ضد الإرهاب، لكن الذاكرة ظلت تحفظ صمود منسي ورجاله.
واليوم، في العاصمة عدن، تعيش المدينة في الظلام، بلا كهرباء، بلا ماء، بلا رواتب، وبأسعار تحرق جيب المواطن.
وفي مصر، تُضاء الشموع في قلوب الناس لذكرى الشهداء، الذين لولاهم لما بقي الوطن في أمان.
هكذا صار 7 يوليو يومًا يتقاطع فيه الدم العربي، بين ملحمة الشرف في سيناء، ومأساة الخذلان في عدن الجنوب.
لكن بينما تحوّلت ملحمة البرث إلى رمز للبطولة في ضمير الوطن المصري، لا يزال شعب الجنوب العربي يبحث عن إنصاف، وعن اعتراف بأن ما جرى لم يكن “نصرًا” بل “نكبة”، وأن الوحدة الحقيقية لا تبنى بالقوة، بل بالرضا والعدالة والمساواة.
ولأن التاريخ لا يُنسى، والجراح لا تندمل بالصمت.. سيبقى “7 يوليو” شاهدا على وجعٍ عربيٍ مشترك، لا زال يبحث عن معنى للخلاص..!