آداب و ثقافة

«الذئب والأفعى» قصة: عيشة صالح

سمانيوز/خاص

أيها الجوع هل كنت يوما من الأيام ذئباً، فاستبدلت جسدك لتحل في أجساد الجوعى؟ لم يتغير فيك شيء ما زلت تنهش وتعوي

لم أكن ذئبًا يا صاحبي، بل كنت إنسانًا مثلك، ذا جسد ينبض وروح تتوق. عرفتُ الشبع والجوع، عرفتُ الضحك والبكاء، عرفتُ الحب والكره. لكنّ رحلة الحياة قاسية، طرقتني الأيام بسياطها، ورمتني في وِهاد الفقر والعوز.

أكلتُ من قِلة الحيلة لحاء الشجر، وشربتُ من ينابيع البؤس، وسكنتُ كهوفَ الخوف. تحوّل جسدي مع الوقت، فصار هزيلًا ضعيفًا، وعيناي غارقتان في عمق من الحزن.
لم أعد أُميّز بيني وبين الذئب، فكلانا جائع، كلانا يبحث عن فريسة. لكنّ في داخلي شعلةً خافتة لم تنطفئ، شعلةٌ تُسمّى “الأمل”.

أحلمُ بيومٍ أتحول فيه إلى ضحكات وأهازيج حصاد، بيومٍ أرتدي فيه ثوبًا من الكرامة، بيومٍ أعيشُ فيه حياةً تليق بإنسان، ويشطب اسمي من ذاكرة الوطن، ويبقى الإنسان.

لكنّ أيامي تتلاشى، وخطواتي تُثقلها الأحزان. أُدركُ أنّ الموتَ قريبٌ، وأنّ النهايةَ حتميّة.
في لحظاتِ وداعِ الحياةِ، أُغمضُ عينيّ، وأهمسُ بِكلماتٍ حزينة: “يا جوعُ، هل ستظلّ تنهشُ في أجسادِ البشرِ إلى الأبد؟”.
أُسلمُ روحي، تاركًا ورائي جسدًا منهكًا، وقلبًا مملوءًا بالأسى، وأرضا محروقة هناك قرب الأفعى الملتوية وسط الإخوة الأوغاد، وعالمًا لم يُنصفْ جائعًا يومًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى