«غياب واحد يثقل كاهل الكون» نثر : صابر البلالي

سمانيوز/خاص
رحل واحد ، تاركاً وراءه فراغاً هائلاً، صدىً من ذكريات تتردد في أرجاء الروحِ، وأنين حزنٍ يتغلغلُ في أعماقِ القلبِ.
لا أستطيع أن أُفسرَ كيفَ لغيابِ شخصٍ واحدٍ أن يُحوّلَ العالمَ إلى مكانٍ قاتمٍ، وكيفَ لِضحكةٍ خافتةٍ أن تُصبحَ ذكرياتٍ بعيدة ، وكيفَ لِلمسةِ يدٍ حنونةٍ أن تُصبحَ لُغزاً غامضاً.
أجوبُ الشوارعَ، أُحدّقُ في الوجوهِ، أبحثُ عن ملامحِهِ في كلّ عابرٍ سبيلٍ، علّني أجدُ فيهِ بقايا روحه التي لم تزلْ تُحلّقُ في هذا الكونِ الفسيحِ.
أُسألُ النجومَ عن سرّ غيابهِ، أُناجي القمرَ عن حُزني العميقِ،
أُناشدُ الرياحَ أن تُوصِلَ رسالتي إليهِ.
لكنهُ لا يجيب .
صمتٌ ثقيلٌ يخيّمُ على المكانِ، كأنّ الكونَ قد فقدَ صوتهُ مع رحيلهِ.
أُدركُ حينها أنّ غيابَهُ لم يكنْ غيابَ جسدٍ فحسب، بل كانَ غيابَ جزءٍ منّي، جزء من روحي، جزء من كياني.
أُصبحُ تائهًا في زحمةِ الحياةِ، لا أجدُ لي مكاناً، لا أجدُ لي هدفاً.
أُصبحُ كالطائرِ جريحِ الجناحِ، لا يستطيعُ الطيرانَ، لا يستطيعُ العيشَ.
أُدركُ حينها أنّ الكونَ لن يكونَ كما كانَ من دونهِ.
لقد فقدتُ شخصاً واحداً فقط، لكنّني فقدتُ معهُ كلّ شيءٍ.
