«تَمْشِي بِلَا قَدَمٍ» شعر : عبدالرب السعيدي
سمانيوز/خاص
وَثَورَةٍ لَمْ تَزَلْ تَمْشِي بِلَا قَدَمٍ
تَحْبُو كَطِفْلٍ بِدَرْبٍٍ غَيْرِ مُسْتَقِمِ
مَعْتُوهَةٌ مَا بِهَا عَقْلٌ يُوَجِّهُهُا
شَوْهَاءُ في أُذْنِهَا وَقْرٌ مِنَ الصَّمَمِ
تُطِلُّ مِنْ كُوَّةِ الأَمْوَاتِ عَاجِزَةً
مَرْبُوطَةً مِثلَ كَلبِِ البَيْتِ بَالوَذَمِ
وَتَنْحَنِي في خُشُوعٍ وَهْيَ عَارِيَةٌ
وَرُوحُهَا تَحَتَ سَوطِ الخَصْمِ والحَكَمِ
وَحَمْلُهَا كَاذِبٌ بَانَتْ حَقِيْقَتُهُ
طَالَ المَخَاضُ وَلَمْ تُولَدْ بِمُعْتَصِمِ
هَلْ بَعْلُهَا عَاقِرٌ مَاتَتْ فُحُولَتُهُ
أَمْ عِنْدَهَا عَاهَةٌ وَالعُقْمُ بِالرَّحِمِ
كَادَتَ لِتُردِي بِنَا لَولَا قَضَى أَجَلًا
رَبُّ السَّمَاءِ الَّذِي يُحْيِي مِنَ العَدَمِ
وَليْسَ فِيْهَا إذَا اسْتَنْظَرْتَهَا رَمَقٌ
حَلَّ عَلَيْهَا الَّذِي قَدْ حَلَّ في إرَمِ
عَمَّ الفَسَادُ بِهَا وَالدُّودُ يَنْخُرُهُا
مِنْ قِمَّةِ الرَّأسِ حَتَّى أَخْمَصِ القَدَمِ
بَنَى دُجَى الجَهْلِ في أَعْمَاقِهَا فِتَنًا
لَمْ يَلتَقِ العَقْلُ وَالبَارُودُ بُالقَلَمِ
وَقَومُهَا خَلفَ قَيْدِ الذُّلِّ يَرْقُبُهَا
الخَوفُ أَضْفَى عَلَيْهِمْ خِيْفَةَ الوَجَمِ
قَومٌ تُصَفِّقُ أَيْدِيْهِمْ لِقَاتِلِهِمْ
وَمَابِهَمْ قَدْرُ مِثْقَالٍ مِنَ الهِمَمِ
الكُلُّ يَنْقَادُ خَلفَ المَالِ مُنْبَطِحًا
والَّلسْنُ خَرْسَاءُ لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الكَلِمِ
وَحَاضِرِي مِثْلُ أَمْسِي يَقْتَفِي أَثَرِي
بِهِ تَسَاوَتْ طُمُوحَاتي مَعَ العَدَمِ
تِسْعٌ شِدَادٌ وَرِيْحُ الشَّرِّ تَعْصِفُ بي
تَمَازَجَتْ أَنَّتِي في أَدْمُعِي وَدَمِي
أَرْنُو جَرِيْحًا إلى الشَّمْسِ الَّتِي جَنَحَتْ
والرُّوحُ تَرْقُدُ فَوقَ الجُرْحِ وَالأَلَمِ
اللِّصُّ يَطْحَنُنِي وَالجُوعُ يَمْضَغُنِي
وَدُودَةٌ: تَأكُلُ الأَعْضَاءَ في نَهَمِ
نَارُ العَوَاصِفِ في الأَحْشَاءِ مَاخَمَدَتْ
احْدَودَبَ الظَّهْرُ مَشْدُودًا إلى القَدَمِ
طَلَائِعُ القَومِ تَحْتَ الوَحْلِ قَدْ سَقَطُوا
بَاعُوا بِبَخْسٍ نَفِيْسَ الدُّرِّ بالدَّسَمِ
امْشِيِ مَعِي حَيْثُمَا وَلَّيْتُ وَجَهْتَنَا
فَالقَومَ قَدْ أَصْبَحُوا لِلذِّئْبِ كَالغَنَمِ
أمَامَنَا مَارِدٌ يَغْوِي بِضَحْكَتِهِ
وَمِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ غَيْرِ مُحْتَشِمِ
فَلتَعْلَمِي أَنَّه يَسْتَلُّ خَنْجَرَهُ
حَقِيْقَةً مَابَهَا ضَرْبٌ مِنَ التُّهَمِ
فَمَا قَطَعْتُ وِصَالًا كَانَ يَرْبِطُنَا
وَلَمْ أَكُنْ ذَاتَ يَومٍ فَاقِدَ الذِّمَمِ
اسْتَيْقِظِي مِنْ مَنَامِِ بَاتَ يُزْعِجُنَا
تَنَزَّهِي وَاحْذَرِي مِنْ نَشْوَةِ الخَدَمِ
فَلتَرْفَعِي رَايِةَ الأَرْضِ الَّتِي سُلِبَتْ
وَلتَخًلَعِي رُوحَكِ المَنْحُوتَ كَالصَّنَمِ
وَرَمِّمِي لُحْمَةَ البَيْتِ الَّتِي وَهَنَتْ
فَالجُرْحُ مَازَالَ يُدْمِي غَيْرَ مُلتَئِمِ
سَتُشْرِقُ الشَّمْسُ رَغْمًا عَنْ إرَادَتِهمْ
وَتَقْذِفُ الأَرْضُ أَثْقَالًا مِنَ الحُمَمِ
في الصَّدْرِ أُنْشُودَةُ الأحْيَاءِ تَطْرِبُنَا
وَرُوحُنَا في ثَبَاتٍ غَيْرُ مُنْهَزِمِ
أَهْلُ الوَفَاءِ أَنَا مِنْهُمْ إذَا ثَأَرُوا
الضَّرْبُ والطَّعْنُ في الأَعْدَاءِ مِنْ شِيَمِي
حَتَّى وَإِنْ نَامَ قَومِي عَنْ مُؤَازَرَتِي
فَعِيْنُ مَنْ فَوقَ عَرْشِ الكَونِ لَمْ تَنَمِ
عبدالرب محمد ناجي السعيدي
المكنى بأبي مروان السعيدي