خذلان لا يغتفر! وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتة نثر / نجاة حُسين
سمانيوز/خاص
عزيزتي أمل اليازجي!
قد قرأت رسالتكِ ليلة البارحة وشعرتُ بأسًى عظيم، شعور العجز الذي نحس به قاتل، صدقيني نحن لسنا دمى يا أمل لكننا بذات الوقت اتخذنا وضعية الوقوف طويلاً حتى تورمت إنسانيتنا وتضخمت مبادؤنا، أصبحنا ننظر لكل شيء من منطلق الخيانة!
قراءة رسالتكِ لهي ضربة أخرى أتلقاها بصمت وأعجز عن الرد حينها؛ كون أبجديتي هي الأخرى قامت بخذلاني، لكن خذلان الأبجدية أخف من خذلان أمة عربية!
تحاصرني رسالتكِ وكأنها مدججة بدبابات ميركافا مستعدة للإطلاق، وليس لدي القدرة على الاختباء!
هاجمتني حروفكِ وكأنها تريد أن تغتال من خذلها وأرخص من دمائها! تريد أن تأخذ بثارها مهما طال الزمن، مزمجرة كأسد غاضب ليس لديه الوقت للعتاب وإنما للانقضاض على فريسته تعبيراً عن خيانته وخذلانه!
مؤلم جداً يا أمل أن نستغيث بكل ما نملك من مشاعر، ورغم كل ذلك نظن وكأننا الأحياء فقط في عالم تسكنه الجماعات لا أكثر!
بت أظن بأنكم الشعب الأكثر إنسانية ومادونكم مشاريع إنسان!
فلا أظن أن بهذا الكوكب البائس من يصنف إنسان لا تهتز جوارحه من مناظر الذل والقهر الذي يمارس ضدكم!
ورغم كل ما مررتم به نقف متشدقين بالخطابات الرنانة لا أكثر! وكأن أبطال هذا الزمن متسلحين فقط بالشجب والاستنكار شديد اللهجة!
ردود الفعل تلك تأتي مخيبة للآمال وبدل من خبر عاجل حري بهم أن يكتبوا “خبر خاذل”! بتنا نتجرع الخيبات العربية وكأننا لم نُفطم يوماً!
مؤلمة جداً يا أمل تلك الأحداث، أشبه بكابوس مرير لا ينتهي، والأعظم من كل ذلك هو ذاك الخذلان المبطن بحجج واهية، والتي لا تعترف بحق الإنسان بالحياة!
مؤلم جداً ونحن ننعق كالحمير في المؤتمرات بحقوق الإنسان، وعند أول كارثة نقف كالمتفرجين تماماً!
أعلم جيداً أن ذاك الخذلان لا يغتفر!
والخيبة أعظم من الفقد ولو أتى العالم كله يحمل وروداً بيضاء!
عزيزتي أمل! كمية الخذلان التي لمستها برسالتك تنعي مفهوم الإنسانية حتى إشعار آخر!
كمية القهر والوجع تلك وكأن تلك الرسالة آخر أسلحتك الأدبية قذفتيها بوجه العدو، أتعلمين شبهتكِ بمن؟! بالبطل يحيى السنوار!
هذا البطل الذي قاتل حتى الساعات الأخيرة من عمره، لم تمنعه إصاباته بل سدد رمية وكأنه يقول لهم سناقتل من أجل حقنا ومن أجل حريتنا.
كم أنتم عظماء! شعب قابل الموت وجهاً لوجه ولم يزده ذلك إلاإيمانًا. أي يقين ذاك يا أمل فنحن نحتاج الكثير منه!
أتعلمين؟ أنتم الآن المعلم المكافح لنا، أنتم بمحنتكم تلك جددتم إيمان مائة ألف شخص أو يزيد. أتعلمين ماذا يعني ذلك؟! ما أزمتكم إلا إعادة تأهيل إيماننا، وهذا لا يغفر مطلقاً وضعكم وحاجتكم لنا لكننا يا أمل كمن يصبّر نفسه فعسى الله أن يمنحكم نصر عظيماً يليق بكم وهو حتماً سيفعل، وأن يعطينا يقينا صلباً لا تهزه مصائب الدنيا قط.
الإنسانية لم تموت بعد على الأقل بقلوبنا نحن، ورغم كل الأحداث الحاصلة قطعاً لن نمزق فلسطين أرضاً وكتابة!
لن نمحي أثراً لكم، ولن تزول قضيتكم فأنتم أصحاب حق والحق لا يموت!
ومهما وصل الخذلان لأقصى درجاته فأنتم يا أمل باعتقادي القابل للخطأ والصواب تُغربلُ سيئاتكم كل يوم حتى تبقوا قوماً بلا ذنوب، مستعدون فقط لدخول الجنة ومن
حفاوة الاستقبال نسيتم أنكم ولدتم بالأمس بوطن خذله الجميع وبقي شامخاً حتى النهاية.
لم يتبقَ يا أمل إلا أن ينشق البحر أمامكم وتظهر للعالم معجزة الله، وما بين تلك المعجزة و معجزة صبركم قصص تستحق أن تبقى خالدة حتى قيام الساعة.
أسال الله أن يرزقكم نصراً عظيماً بحجم صبركم و ثباتكم.