بعيداً عن أفكار الغرب.. التشكيلية مرح بن دعبان : تأثرت بدافنشي وأطمح لإنشاء لعبتي الخاصة
سمانيوز/حاورتها : نوال باقطيان
فتاة تزخر بالتفاصيل، كلوحة فيسفساء كلما أوغلت في سبر أغوار شخصيتها صادفتك هوايات ومواهب أخرى، من كاتبة لقصص المانجا وقصص المانهو إلى فنانة تشكيلية لا تألو جهداً في تجسيد الطبيعة بألوان بادخة وسرديات توازي الحياة، لتسفر عن خطواتها الأولى في عالم الفن التشكيلي برؤى فنية ناضجة.
إنها الفنانة التشكيلية مرح بن دعبان، ذات الثامن عشر ربيعاً، التي استطاعت على الرغم من صغر سنها أن تجمع بين الفن التشكيلي والرسم الإلكتروني، كما استطاعت أن تطوع مجال دراستها في البرمجة في خدمة رسم وتجسيد الشخصيات.. وللتعرف أكثر على مرح التقيت بها وكان هذا اللقاء.
في بداية حديثها تعرف الفنانة التشكيلية مرح عن نفسها بقولها: اسمي مرح محسن عوض بن دعبان اليافعي، أبلغ من العمر ١٨ عاماً، أدرس تخصص IT في الجامعة الألمانية، ترتيبي بين إخوتي السادسة، جميع إخوتي يهوون الرسم ووالدي مهندس معماري يهوى الرسم أيضاً.
تفيد التشكيلية فرح بالقول: “انطلقت موهبتي في الرسم منذ طفولتي، حينما كنت أخربش بالقلم الرصاص على كراسات المدرسة، رسومات مختلفة تحاكي رسومات أفلام الأطفال، وكنت أرسم وأرمي أي رسمة لا تعجبني، حينها كنت في الصف الثاني ابتدائي، وقتها فقط لاحظت إحدى معلماتي في المدرسة موهبتي ووشجعتني ونصحتني بالاستمرار وعدم رمي رسوماتي، قائلة إن رسوماتك هذه ستشهد على تطورك وتقدمك في عالم الرسم حينما تحتفظين بها”.
وتتابع مرح: “بعدها كنت أتابع الكرتون على قناة سبيس تون، عندها أعجبت برسومات الانمي، بحثت عنها على شبكة الإنترنت، فوجدتها عبارة عن مجموعة قصص مصورة يابانية باللون الأبيض والأسود تطلق عليها اسم المانجا”.
وتضيف قائلة: “وهذه كانت اولى انطلاقي في عالم القصص المصورة، وعلى الرغم من عدم شهرتها في الوطن العربي آنذاك، كنت أحاكي رسومات المانجا وأكتب القصص كل أسبوع ثلاث صفحات أثناء الإجازة الأسبوعية، وعندما كنت أكملها آخذها معي إلى مدرستي وتقرأها كل طالبات الصف، فكان لدي ملف كامل من هذه القصص التي أحدثها كل أسبوع بقصص ورسومات جديدة.. حينذاك كنت أطمح أن تكون لدي قصص المانجا خاصتي، وأن تكون ذائعة الصيت في الوطن العريي”.
وتردف بالقول: “استمريت برسوماتي فترة طويلة لا أبارح مكاني، حتى وجدت ضالتي مرة أخرى على شبكة الإنترنت، حيث وجدت مجموعات لمحبي الرسم خاصة قصص المانجا، وكانت لدينا مشروع إصدار مجلة خاصة بالمانجا كأول مجلة متخصصة في الوطن العربي، تطبع وتوزع على مستوى الوطن العربي على المكتبات، كون المنضمين لهذا الشروع من جميع أصقاع الوطن العربي، إلا أن هذا المشروع ألغي بسبب ضرب جائحة كورونا الوطن العربي آنذاك، وبسبب رسوم التوصيل الباهظة”.
شارحة بالقول: “فليس من المنطقي بيع المجلة على سبيل المثال بـ ١٠ دولارات، وإضافة تعرفة التوصيل على سبيل المثال أيضاً ١٥ دولاراً، لذا كان المشروع محكوماً عليه بالفشل، بعدها تركت المانجا وتحطمت أحلامي، وانتقلت إلى رسم وكتابة قصص المانهو وهي عبارة عن قصص مصورة لا تشترط الطباعة، وممكن تصفحها عبر الإنترنت أون لاين. ومن خلال هذه القصص انضميت لموقع ويب تون، وهو أشهر موقع عالمي متخصص بقصص المانهو، يستضيف كتاب هذا النوع من القصص وينشره دون عائد مادي، ولكن إن زادت المشاهدات ممكن يجني أرباحاً مادية في المستقبل”.
منوهة: “لكنه موقع أجنبي يحوي بعض القصص ذات المحتوى غير الأخلاقي، لذا ارتأيت ترك هذا العالم برمته نتيجة احتواء الموقع على قصص تخالف ديننا الإسلامي الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا العريية، إلى جانب الشبهة الفقهية لرسم وتجسيد الشخصيات، انتقلت إلى الفن التشكيلي الذي أدهشني بعالمه، فعالم الفن التشكيلي عالم ساحر مليء بالألوان واستخدام الفرش، وهو أفضل بكثير من الرسم الإلكتروني”.
وعن الدعم والتشجيع، أشارت مرح إلى أن والدها والدتها وإخوتها جميعاً قاموا بتشجيعها، وتضيف: “ولأن إخوتي يمارسون الرسم فإن أختي الكبرى لم تكن مشجعة فقط بل تمتلك عيناً ناقدة لإبداء الملاحظات وتلافي الأخطاء، فدائماً كانت لي العون في تطوير مهاراتي في رسم لوحاتي”.
وعن اشتراكها في معارض للفن التشكيلي، أوضحت مرح بالقول: “أمضيت جل طفولتي في المملكة العربية السعودية ولم أستقر في عدن إلا عند وصولي للصف السابع إعدادي، فكنت لا أعلم أن هناك معارض تقام في العاصمة الجنوبية عدن، ولم أكتشف ذلك إلا مؤخراً من صديقتي آيات المفلحي، التي عرفتني على العديد من المجموعات على الإنترنت في العاصمة الجنوبية عدن، ومن خلالها انضميت لجروب مبدعات عدن، ومن خلال هذا الجروب علمت بأن هناك معارض تقام بمختلف المجالات، فمعرض البن السابق لم أكن أعلم به ولم أشارك به، وسأشارك في هذا المعرض إن شاء الله في موسمه الثاني”.
مستطردة بالقول: “ومع كل هذا لم يمنع من مشاركتي بإحدى لوحاتي عبر مدرستي خلال مسابقة أقيمت في ساحل السواح في العاصمة عدن”..
وعن مدارس الفن التشكيلي تقول مرح “لم أحترف الفن التشكيلي بعد، وأعدها هواية تحاكي شغفي في الرسم فقط، فأنا أرسم ما أشعر به فقط”. وتتابع: “لقد فكرت بالالتحاق بمعهد الفنون الجميلة، لكني لم أجد الفن التشكيلي مهنة لها عائد ربحي رغم عالمه الجميل، فلابد من خفض سقف توقعاتي والتعايش مع الواقع، لذا لضمان الجانب المهني لحياتي التحقت بالدراسة الجامعية تخصص IT”.
وعن تأثير جانب البرمجة على موهبة الرسم لديها، أفادت مرح بأن “أي رسم يتعلق بالتصميم والرسم الإلكتروني أستخدم اللابتوب وشبكة الإنترنت في إنجازها، أما إذا كان الفن التشكيلي فإنني أرسم بالفرشة والألوان”.. مستدركة بالقول: “لكن هذا لا يمنع من تأثير البرمجة وتسخيرها في خدمة موهبتي، فهناك العديد من التطبيقات قمت بتحميلها مثل تطبيق بلاندر الذي من الممكن الاستعانة به لتصميم الرسومات الثري دي والخلفيات، وهذا التطبيق حملته من أجل أتعلم البرمجة عليه أكثر، ويوجد تطبيق آخر يسمى انريل انجن وهو محرك عبارة عن مجموعة تطبيقات مجانية نستخدمها في تعلم لغات البرمجة في تصميم الألعاب”..
تتابع مرح قائلة: “فالتحاقي بتخصص البرمجة كان لتطويعه لخدمة موهبتي في الرسم وكتابة القصص وغيرها من المواهب والهوايات، ودراستي عبارة عن دراسة مجموعة من اللغات البرمجية مثل ++c ولغة جافا التي كلما أتقنتيها استطعتي استخدام البرامج المعقدة، وبالتالي حصلتي على مزيد من النتائج الاحترافية في التصميمات، وهذا سيساعدك في جذب أرباب العمل إليك”..
مشيرة “فهدفي من دراسة البرمجة هو تصميم ألعاب خاصة تراعي معتقداتنا الإسلامية وقيمنا العربية، فعادة ما نلاحظ ألعاب الغرب تحتوي معتقدات وأفكاراً بعيدة عن قيمنا الإسلامية والعربية، الأمر الذي يشكل مخاطر كبيرة على الأطفال والنشء، لذا أطمح لاقتناء استديو خاص بي برفقة فريق، لتصميم العديد من الألعاب الهادفة لغرس القيم والأخلاق العربية والإسلامية في النشء”.
وعن تأثرها بالفن التشكيلي، أعربت مرح عن إعجابها بالفنان الإيطالي ليرنادو دافنشي، الذي يعرف بلوحاته الزيتية.. مضيفة: “وأنا أرسم كما ذكرت سابقاً لوحات زيتية ولوحات اكلريك رقمي، ولوحات فحم خشبي، لذا كان دافنشي الأقرب لي من الفنانين التشكليين، كما تأثرت أيضاً بالفنان فان جوخ ورسمت إحدى لوحاته المشهورة (استارت نايت)”.
مبدية إعجابها بلوحات فان جوخ قائلة: “أكثر ما يميز رسوماته هو أسلوبه في الرسم، حيث يكدس الألوان فوق بعضها لينقل لنا شعوراً غامضاً، وكما نعرف فإن فان جوخ عانى مرضاً عقلياً، لذلك أكثر ما يستهويني في لوحاته هي المشاعر الغامضة التي يريد أن ينقلها للمتذوق، بعكس لوحات دافنشي المليئة بالرموز لتوجيه رسالة معينة”.
مردفة: “أما الرسم الإلكتروني فلا يوجد رسام مميز تستهويني لوحاته، الجميع يرسم مع استخدام التكنولوجيا.
وعن مواهبها وهواياتها الأخرى كشفت مرح عن العديد من الهوايات بقولها: “لدي شغف كبير في التعرف على المزيد من المجالات، وعندما ينتهي شغفي أتوقف”.. مضيفة: “فإلى جانب الرسم ابتاع لي والدي بيانو وكنت أعزف عليه، واهتممت بإجادة العزف عليه إلى أن انتهى شغفي فيه، ثم في سنوات عمري السابقة احترفت لعبة الشطرنج إلى درجة أني تفوقت على أستاذي لمادة الرياضيات وتحصلت على تصنيف يصل إلى ١٦٠٠ في أحد المواقع على شبكة الانترنت المتخصصة بالشطرنج. إلى جانب إجادتي لعبة السودكو، واحترفت فيها أيضاً إلى أن تركتها كذلك، هي فقط هوايات ولا ترقى إلى مواهب توازي الرسم لدي”.
وعن طموحاتها في عالم الفن التشكيلي أماطت مرح اللثام عن تحضيرها لعدد من اللوحات المميزة لافتتاح معرض للوحاتها المختلفة في القريب العاجل. وتمنت بأن يكون لديها عدد من اللوحات المميزة لعرضها في معرضها الخاص.
واختتمت مرح الحديث بكلمة وجهتها للفتيات قائلة: “هناك الكثير من الناس يعتقدون أن الهواية ستنتهي عندما تدخلين في مرحلة هامة في حياة الفتاة، كالتحاقها بالدراسة الجامعية أو الزواج والإنجاب، وهذا الاعتقاد ليس صحيحاً.. لذا أنصح الفتيات ألا تؤثر ضغوطات الحياة على استمراركن في مواهبكن وهواياتكن، وعليكن بالسعي لتحقيق أحلامكن”.