رعاية أسر شهدائنا والاهتمام بجرحانا تصنع انتصاراتنا
كتب:
أحمد عقيل باراس
سقوط النظام السوري لا يعود لقوة المعارضة ولا لتوافق الدول الكبرى حوله، وإنما يعود أولاً لتخلي النظام عن جنوده بتركهم بلا مرتبات وبدون أن يرعى أسر شهدائه ويعمل على علاج جرحاه. وفي نهاية المطاف، وبرغم ما يمتلكه من جيش ضخم، لم يجد من يدافع عنه، إذ لم يعد هناك من جنوده من هو مستعد للتضحية من أجله.
لذا نعيد ونكرر أن رعاية أسر شهدائنا والاهتمام بجرحانا هي من تصنع انتصاراتنا. وقبل أن تكون أولوية بالنسبة لنا، هي مسؤولية أخلاقية تقع علينا جميعًا تجاه هذه الشريحة التي لولا تضحياتها لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه حاليًا. فبدمائهم الطاهرة التي يسفكونها كل يوم هنا وهناك يتحصن بها الجنوب، وتمثل سياجًا منيعًا حوله.
إننا ندعو إلى إيلاء مزيد من الاهتمام والرعاية بأسر شهدائنا وجرحانا، والالتفات إلى معاناتهم والاستماع إلى آهاتهم. فما يحصل لهم من نكران وجحود أمر معيب بحق الجميع، والمعيب أكثر استمرار هذه المعاناة واستمرار بحث أسر بعض الشهداء عن مرتبات أبنائهم، واستمرار بحث الجرحى عمن يعالجهم أو يجود عليهم بثمن أدويتهم التي لا يقوون على شرائها. والمعيب أكثر وأكثر أننا وبرغم تلك المعاناة التي يلاقيها أسر هؤلاء ومعهم جرحانا، والتي وصلت حد التسول، لم نتوقف مطلقًا عن استثمارهم تحت الأرض وفوق الأرض في تحقيق مكاسب. فباسم الشهداء نُهبت أراضٍ، وباسم الشهداء وُزعت مساكن، وباسم الشهداء احتُلت منازل، وشهداؤنا وأسرهم من كل ذلك براء.
كم هو مؤلم عندما نرى أسرة شهيد تقاوم أعباء الحياة وحيدة لا تجد من يساعدها، وعندما نرى جريحًا لا يجد من يقوم بعلاجه. ولكم أدمتنا مناشدة الجريح أكرم عبدالله الذي عرض كليته للبيع ليعالج بثمنها ما نتج عن إصابته التي تعرض لها في معركة الدفاع عن الجنوب، وليس عن أرضية أو مزرعة. ولكم أشعرتنا بعجزنا وبقسوة قلوبنا. ما يجعلنا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحتاج لمراجعة شاملة وحقيقية لمستوى ما نقدمه لهؤلاء. فمن لم يهتم بأسر شهدائه ولا يلتفت لجرحاه لا ينتصر، وإن انتصر لا يكون نصره كاملاً.
انتصرنا في السابق عندما وضعنا هؤلاء في مقدمة أولوياتنا، وعلى وجه الخصوص عندما كان هذا الملف يتولاه الشيخ هاني بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، قبل تأسيس المجلس وبعد تأسيسه. فكانت تلك الفترة بمثابة العصر الذهبي لهؤلاء. فلم يحدث حينها مطلقًا أن وجدنا أسرة شهيد تبحث عن راتب عائلها، ولا رأينا أو قرأنا مناشدة لجريح يطالب بعلاجه أو بثمن أدوية علاجاته. ما يدفعنا للقول إن الجنوب اليوم بحاجة لجهود الشيخ هاني ولجهود كل أبنائه وقادته المخلصين. فلن ينتصر الجنوب إلا بجميع أبنائه وبجهود جميع قادته.