آراء جنوبية
الجنوب لن يأتي بالخطابة بل بمشروع سياسي يتضمن المصالحة الوطنية ..
كانت وجهتنا دوما ( الإعلام والعمل الحقوقي و الإجتماعي التوعوي )..السلاح الذي يصيب و لا يخيب ،ويحقق نجاحات على اوسع نطاق .بشكل. سلمي و حضاري … اخبار ،تقارير رصد الإنتهاكات ،كتابات ،ندوات وورش عمل تتناول اهم القضايا وتكشف كل ما يجري ،ليسهم بنشر الوعي المجتمعي وابعاد القضية الجنوبية والتعريف بها ، وتعرية الظواهر الدخيلة على مجتمعنا ومواجهتها كالتطرف والفقر وزواج الصغيرات و تحريم تعليم الفتاة..والخ ،وكان من اهم مهامنا وآلياتنا التواصل مع مختلف اطياف المجتمع المدني والسفارات والهيئات الدبلوماسية والحقوقية في عدن و صنعاء والخارج..كنا نقوم بما نقوم به بمختلف إنتماءاتنا وتوجهاتنا السياسية والحزبية والمدنية …
وكان اقسى ما نواجهه هو الموروث الفكري الإقصائي.. ..الذي يتجلى بإقصاء الرأي الاخر ،ويعطل دور المرأة وخروجها للمشاركة المجتمعية ويقلل من مكانتها في دوائر صنع القرار ،الدور الذي طالما لعبته بالسابق -قبل وحدة الضم- ،فيأتي هذا الموروث ليقف حجر عثرة امامها و أمام دور الشباب ويعيق العمل السياسي ،ويساعد على بروز الانا المفرطة ،والمتاجرة بالقضية و المساومة بها نظير استحقاق ما قدمه ..وغيرها من السلوكيات المخالفة للثقافة الاصيلة لمفهوم الوطنية والقيم الانسانية الذي جبلنا عليه سابقا ثم انهار ..واقعا تعيسا حينما يكون عليك مواجهة عدو يتربص بقضيتك،، وهناك واقعا اخرا يتشكل ملئ بالمعيقات الفكرية والثقافية يتربص بك و يؤخر قضيتك…
لم نعتلي يوما منصة ولم نلقي كلمة .. ولم نسعي يوما ونتقمص دور الزعامة !!..منذ انخراطنا بالحراك السلمي وثورته..كانت مواقفنا تحتم علينا المشاركة والحضور ودعم الجمع الجنوبي حيثما يكون والاستماع لما يريده الناس منه ،وكنا نستمع للخطابات والبيانات والشعارات الحماسية ونراقب بقلق ذوات تسابق المايكرفونات الذين لم يستوعبوا اهمية الزمن واهمية ايجاد الالة الجامعة !! الزمن الذي كان يهرب منا ويفقدنا المزيد من الارواح ويعظم معانات الناس ،نتيجة عدم التوافق والالتفاف حول حامل ينظم ويوحد صفوفنا ، نتجاوز فيه التفاصيل التي نختلف حولها ،
كنا ندرك ان مهما قدمنا رغم أهميته لا يرتقي الى ما يقدمه الشهداء و الجرحى والمعتقلين على ذمة الحراك وقضيته وثورته ، ولا نجرؤ بالمقارنة مع حبة عرق على جبين من يسافر ويقطع المسافات الطويلة حافيا جائعا ، لحضور مهرجانات الحراك ولا يحمل بجيبه قيمة دبة ماء ..كان زاده الوحيد هو الامل بغد افضل يستعيد وطنه ليعيش فيه بامان ،و يتخلص من الوجع اليومي المتواصل..فقر مرض موت سجن تشرد جوع ..
و لهذا فقط لازالت الناس حاملة رمقها الآخير يحذوها الامل للخروج من ازماتها وواقعها التعيس بمشروع سياسي حقيقي يرسم سياساته وبرامجه وآلياته على ارض الواقع ..،يمد جسور المصالحة الوطنية لحقن النفوس ووقف نزيف الصراعات ،وإستيعاب اهمية المرحلة ،واهمية ان يرانا العالم ويقبلنا بشكل محترم.. بعيدا عن التطرف والعصبية ،لكي يؤتمنا على أمنه وإستقراره ومصالحه…
هذا المشروع السياسي الذي يحمل مضمون “الجنوب وطن للجميع ” هو ما ننتظره من المجلس الانتقالي الذي خرجنا لتفويضه وتأئيده..ممثلا شرعيا لقضيتنتا وحياتنا وواقعنا.. والذي لن يأتي بالخطابة والشعارات الحماسية بل بمشروع يتضمن ويترجم المصالحة الوطنية وأسس الشراكة المجتمعية والدولية على الواقع.
وهذه انا افراح قاسم.. وبلسان بعض من كان معي ومازال ينتظر الجنوب …ويعتبره وطنا للجميع ..لا إستحقاقا أو كعكة يتم تقاسمها …فيجرح ايدينا حد السكينة..
افراح قاسم