لبنان وإسرائيل.. تفاوض بالنار وتأجيل زيارة هوكشتاين
سمانيوز/وكالات
بالتوازي مع تصعيد عسكري على الأرض، أُشيعت أجواء إيجابية في لبنان بشأن مقترح لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت السفيرة الأمريكية في بيروت قد سلّمته لرئيس مجلس النواب نبيه بري، لكن تأجيل المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين زيارته التي كانت مرتقبة اليوم إلى بيروت، وربطها بالرد اللبناني لضمان عدم فشل الزيارة، أعاد الوضع إلى ما هو عليه باستمرار التفاوض بالنار، فيما تقدمت وزارة الخارجية اللبنانية، أمس، بشكوى جديدة لمجلس الأمن ضد إسرائيل لاستهدافها مركزاً للجيش اللبناني في بلدة الماري جنوب البلاد.
وأفاد موقع «أكسيوس» أن هوكشتاين أبلغ نبيه بري بتأجيل زيارته إلى بيروت إلى حين توضيح موقف لبنان من اتفاق التسوية، بحسب ما أفاد مسؤولون أمريكيون. وكان من المتوقع أن يسافر هوكشتاين إلى بيروت اليوم الثلاثاء، قبل أن يتوجه إلى إسرائيل غداً الأربعاء، في إطار الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ووفقاً لـ«أكسيوس»، أشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن «الكرة في ملعب الجانب اللبناني، ونريد إجابات من لبنان، وهوكشتاين سيزور بيروت قريباً إذا لقي رد لبناني إيجابي».
وقال مصدر إن الجانب اللبناني لديه ملاحظات على بند في المسودة الأمريكية يتعلق بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس. وأشار المصدر إلى أن هذا البند غامض، ويحتاج إلى إعادة صياغة وربطه بالقرار 1701. وأضاف المصدر أن الجانب اللبناني لن يقبل بأي بند في مسودة وقف إطلاق النار يتطلب تغييراً في القرار 1701.
وكانت مصادر حكومية قالت في وقت سابق إن «حزب الله» سلم ملاحظاته على المسودة الأمريكية إلى رئيس مجلس النواب اللبناني. كما أضافت أن «حزب الله» يتعامل بانفتاح مع مسودة وقف إطلاق النار.
من جهته، قال مصدر رسمي إن لبنان منفتح على مضمون المسودة المقترحة، ويتعامل معها بإيجابية ويسعى لوضع اللمسات الأخيرة عليها، مشيراً إلى أن المقترح يهدف إلى بناء خطة تنفيذية لوقف إطلاق النار.
القرار 1701
وأكد المصدر أن لبنان يتعامل مع مسودة المقترح الأمريكي انطلاقاً من مرجعية القرار 1701، ولا يمانع تعزيز عمل اللجنة الثلاثية المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار وتطبيق هذا القرار، شرط أن يسبقه انسحاب إسرائيلي وانتشار الجيش اللبناني.
وأضاف المصدر أنه ستتم مناقشة الملاحظات على المسودة مع هوكشتاين عند وصوله إلى بيروت.
وأكّد نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، أن «المبعوث الأمريكي لا يسعى إلى زيارة فاشلة إلى لبنان، بل يهدف إلى المجيء بهدف إبرام تسوية»، مشيراً إلى أنه «حتى الساعات الماضية لم يتم تحديد أي موعد رسمي لزيارة هوكشتاين إلى بيروت».
وأوضح في حديث إلى قناة «CNN»، أنه «لا أحد يريد الحرب»، مضيفاً أن الحل الأفضل هو تسوية الأمور دبلوماسياً. وشدد على أن «لبنان يسعى إلى نجاح المفاوضات الدبلوماسية»، مشدداً على «أهمية تطبيق القرار 1701 بشكل كامل، وليس كما جرى تطبيقه في العام 2006، حيث لم يتم تنفيذه بشكل تام من قبل الطرفين».
وسبق أن كشفت مصادر فرنسية مطلعة أنّ ما يجري حالياً هو البحث في تقليص التصعيد ووقف النار بين إسرائيل و«حزب الله»، والموضوع الأساسي الآن هو معرفة حقيقة ما يدور في ذهن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بالنسبة إلى حربه في لبنان واحتمال انسحابه. فالاقتراح الأمريكي يسعى لوقف النار حالياً وبعد ذلك التفاوض لتنفيذ القرار 1701، وينبغي أولاً معالجة وقف الحرب وإقناع إسرائيل بالانسحاب والاتفاق على من يضمن سحب «حزب الله» سلاحه من جنوب الليطاني.
الرد اللبناني
إلى ذلك، أوضحت مصادر مطلعة لـ«الحرة»، أمس، أن رد لبنان على مسودة مقترح وقف إطلاق النار التي تسلمها بري، من السفيرة الأمريكية ليزا جونسون، «تضمن الموافقة على معظم البنود، مع إبداء ملاحظات وتعديلات على تشكيل لجنة المراقبة».
وأشارت المصادر إلى أن لبنان «طالب بأن تقتصر تلك اللجنة على مشاركة أمريكية فرنسية، على غرار ما حدث في تفاهم وقف إطلاق النار الذي جرى إبرامه عام 1996»، الذي أنهى الحرب على لبنان.
وبموجب ذلك التفاهم، اتفق الجانبان على إنهاء الهجمات عبر الحدود على أهداف مدنية، والامتناع عن استخدام القرى المدنية لشن هجمات. كما جرى وقتها تعيين لجنة الرصد لتنفيذ تفاهمات الاتفاق، المؤلفة من ممثلين من الولايات المتحدة وفرنسا وسوريا وإسرائيل ولبنان. لكن في المقابل جاء تصريح وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم، أمس، ليضفي بعض التفاؤل. فقد أعلن بعد لقائه بري أن الأخير سيبلغ هوكشتاين موقف لبنان «الإيجابي».
وقالت «القناة 12» الإسرائيلية نقلاً عن مصادر سياسية قولها إن «تل أبيب تتوقع تقدماً ملموساً في محادثات وقف إطلاق النار مع لبنان، خلال الأسبوع المقبل».
تفاصيل
من جانبها، كشفت قناة «كان» الإسرائيلية عن بعض تفاصيل مسودة اتفاق التسوية بين لبنان وإسرائيل، وأشارت إلى أن المقترح يقضي بوضع 5 آلاف جندي لبناني بالمناطق الجنوبية، كما يقضي بتعهد من إسرائيل بعدم مهاجمة لبنان، وإعادة ترسيم الحدود البرية.
ويتضمن المقترح، حسب هيئة البث، التزام «حزب الله» وإسرائيل بقرار مجلس الأمن 1701، وانتشار الجيش اللبناني بوصفه قوة مسلحة وحيدة في جنوب لبنان، بجانب قوات اليونيفيل.
تصعيد كبير
ميدانياً، وصل التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد لبنان إلى مستوى «غير مسبوق»، مع اتساع دائرة الاستهدافات التي تطال الضاحية الجنوبية لبيروت، حتى وصلت إلى حدود منطقة مار مخايل وعين الرمانة، شمال شرق بيروت، حيث تضررت كنيسة «سيدة النجاة» جراء الغارات على مبان سكنية عند تقاطع مار مخايل.
ونفذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارتين متتاليتين استهدفتا حي الميدان في مدينة النبطية ومحيط الجبانة، فيما استهدفت غارة إسرائيلية بلدة الخرايب.
وقصفت المدفعية الإسرائيلية بلدة شمع وأطراف زبقين وعين الزرقاء بين علما الشعب وطير حرفا بعدد من القذائف الفوسفورية.
وشن الطيران الحربي غارة استهدفت حي البيدر في بلدة جويا، أدت إلى وقوع إصابات.
بينما استخدم الجيش الإسرائيلي القنابل العنقودية، حيث قصف مجرى نهر الليطاني وخراج بلدة بلاط بهذه القنابل المحرمة دولياً.
من جهته، قصف «حزب الله» بالصواريخ تل أبيب وحيفا، ومستوطنات في الشمال. وأعلنت إسرائيل أنها رصدت إطلاق أكثر من 130 صاروخاً، من لبنان.
وقدمت وزارة الخارجية اللبنانية، أمس، شكوى جديدة لمجلس الأمن ضد إسرائيل لاستهدافها مركزاً للجيش اللبناني في بلدة الماري جنوب البلاد. وأدى القصف إلى مقتل جنديين؛ ليرتفع بذلك عدد القتلى في صفوف الجيش إلى 36 عنصراً منذ 8 أكتوبر 2023.