صاروخ حوثي يغتال المدنيين في سوق مسيك: تحليل لـ”سمانيوز” حول دوافع الاستهداف ورسائل التحريض ضد واشنطن

سمانيوز/خاص
– ما الذي يدفع مليشيا الحوثي إلى قصف حي شعبي في صنعاء؟
– ولماذا تسقط صواريخها على أسواق مكتظة بالمدنيين؟
– هل كان ذلك عن طريق الخطأ، أم ضمن تكتيك متكرر لتأليب الشارع؟
– كيف تبرر الجماعة سقوط صاروخ من منصاتها على سوق حي مسيك؟
– ولماذا تتكرر مثل هذه “الحوادث” كلما اشتد الضغط العسكري على مواقعها؟
– وهل ما حدث في مسيك يختلف عن حوادث سابقة جرى توثيقها بالبراهين؟
تقرير:
هشام صويلح
تفاصيل الحدث وتحليل السياق:
في واحدة من أبشع الجرائم التي تُضاف إلى سجل مليشيا الحوثي بحق المدنيين، استهدف صاروخ أُطلق من موقع حوثي في مديرية بني حشيش، شرق صنعاء، سوق فروه الشعبي الواقع في حي مسيك، مديرية شعوب، مما أسفر عن مجزرة مروعة في صفوف المدنيين.
ووفقًا لمصادر يمنية، فإن الصاروخ ينتمي لمنظومة دفاع جوي تابعة للمليشيات، وتم إطلاقه إما عن طريق الخطأ، أو فشل في إصابة هدفه، أو – وهو الأرجح – تم توجيهه عمدًا نحو تجمع مدني مزدحم بهدف تحريض الشارع ضد ضربات الطيران الأمريكي التي تستهدف مخازن الحوثيين ومواقعهم العسكرية.
المجزرة لم تمر مرور الكرام؛ فقد تداول ناشطون على منصات التواصل مقاطع مصوّرة توثّق لحظة سقوط الصاروخ وسط ذهول شعبي، وحالة من الفزع العام، كما أظهرت اللقطات حجم الدمار وعددًا من الضحايا الذين سقطوا في موقع الحادث، ما أكد بشاعة الاستهداف، سواء كان متعمداً أم نتيجة إهمال مدروس.
سياق متكرر ومحاولات للتضليل:
لم يكن هذا القصف حادثًا معزولًا؛ ففي ذات التوقيت تقريبًا، سقطت طائرة مسيّرة في قرية الزعلاء بمديرية جبل المحويت، دون أن تسفر عن ضحايا، لكنها أعادت للأذهان تساؤلات عن تكرار “السقوط العرضي” لمعدات حوثية في مناطق مأهولة بالسكان. وقد وثق ناشطون بقايا الطائرة التي كانت تحمل رقمًا يدويًا (219)، ما يعزز فرضية استخدامها من قبل الحوثيين ضمن ترسانة عشوائية توجه داخل المدن.
يرى مراقبون أن المليشيا تستثمر مثل هذه الحوادث لصالح روايتها الإعلامية، إذ تسعى إلى تصوير الكوارث على أنها ناتجة عن عدوان خارجي، في حين أن المعطيات الميدانية – كمنشأ الإطلاق، ونوع السلاح المستخدم – تشير إلى مسؤوليتها الكاملة.
دلالات وتقديرات:
تُجمع التحليلات على أن الحوثيين باتوا يلجؤون لمثل هذه الأساليب لعدة أسباب:
1. تكتيك الهروب من الضغوط العسكرية:
سقوط الصاروخ داخل السوق الشعبي بعد أيامٍ قليلة من غارات أمريكية على مخازن الحوثيين يشير إلى سعي الجماعة إلى صرف أنظار الرأي العام عن خسائرها الميدانية، عبر افتعال أزمة إنسانية تتحول إلى مادةٍ إعلامية ضاغطة على واشنطن.
2. حرب نفسية ممنهجة:
تواتر «حوادث السقوط العرضي» يزيد من حالة الذعر لدى السكان، ويغذي الإحساس بانعدام الأمان. هذه الحالة النفسية تلعب دوراً في شلل الحياة اليومية، وتهدف إلى كسر عزيمة السكان ودفعهم لمقاومة أي دعم خارجي لقتال الحوثي.
3. تضليل إعلامي لاستقطاب التعاطف:
برغم أن بيانات المليشيا لا تذكر مسؤوليتها الصريحة عن الإطلاق، فإن استبعادها المتكرر يندرج تحت بند «التضليل الاستباقي»: التصريح بغياب الخسائر في قرية المحويت، ثم تداول صور لحطام الطائرة المسيرة، كلها خطوات لبناء سردية مفادها «نحن الضحية».
4. انتكاسة شرعية دولية:
هذه الممارسات تحول الانتباه من انتهاكات الجماعة ضد خصومها إلى اتهام المجتمع الدولي بـ«الصمت على معاناة المدنيين»، ما قد يستخدمه الحوثي لاحقاً في المحافل الحقوقية لتعويض خسائره الدبلوماسية.
5. ضياع عامل الردع:
إذا اعتمَد الحوثيون سيناريو «السقوط العرضي» كجزء من خطتهم، فإن ذلك يضعف من رادع السلاح الجوي الأمريكي تجاههم، ويشجعهم على مزيد من المحاولات لإخراج الطيران الأمريكي عن مساره القانوني والأخلاقي.
الحوثي عدو الداخل أولًا
ما جرى في شعوب لا يمكن فصله عن العقلية التي تحكم سلوك الحوثي: عقلية لا ترى في المدنيين سوى أدوات حرب، ولا ترى في الخسائر البشرية سوى فرص دعاية. وحين تسقط الصواريخ من منصات الجماعة على أسواقها وسكانها، فإن اللوم لا يجب أن يتجه إلى الخارج، بل إلى تلك اليد التي أطلقت القذيفة، وحددت إحداثياتها، ولم تتورع عن حصد الأرواح لأجل صناعة رواية كاذبة.
فالعدو هنا ليس خارج الحدود، بل متجذر في سلطة أمر واقع تعبث بأمن المجتمع وتستخدم دمه لصناعة خطاب دعائي فارغ. ومثل هذه الحوادث هي رسائل واضحة: أن الحوثي، بسلاحه وخطابه، خطر على كل من يقطن تحت سيطرته