أخبار عربية

قرار رفع الدولار الجمركي يفجّر أول خلاف بين العليمي وبن بريك

سمانيوز/خاص

برز إلى العلن أول تباين واضح بين رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد العليمي، ورئيس الوزراء الجديد، سالم بن بريك، بعد توجيهات أصدرها العليمي تقضي برفع سعر الدولار الجمركي إلى 1300 ريال، وهو ما واجهه رئيس الوزراء برفض صريح، وفق ما أفادت به مصادر مطّلعة على مجريات النقاش داخل دوائر صنع القرار.

وتشير المصادر إلى أن العليمي يسعى لاعتماد هذا القرار ضمن سلسلة إجراءات مالية تهدف، بحسب تفسير فريقه، إلى تعزيز الموارد العامة في ظل تراجع التمويل الخارجي وزيادة التزامات الحكومة. إلا أن رئيس الحكومة رأى في هذه الخطوة مجازفة اقتصادية غير مدروسة، خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تعانيها المحافظات المحررة.

بين الحاجة المالية والاعتبارات الاجتماعية

من منظور اقتصادي، يُعدّ رفع الدولار الجمركي أداة لزيادة الإيرادات من المنافذ الجمركية، إلا أن المعترضين على القرار، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء، يشيرون إلى أن مثل هذه الخطوة لا يمكن اتخاذها دون دراسة شاملة لتأثيراتها المباشرة على أسعار السلع الأساسية، وعلى القدرة الشرائية للمواطنين.

ويبدو أن موقف بن بريك يستند إلى قناعة بأن أية إصلاحات اقتصادية يجب أن تُبنى على أسس تراعي واقع السوق المحلي وتوجهات المصفوفة الاقتصادية المعتمدة، لا أن تُفرض كإجراءات منفصلة بمعزل عن بقية أدوات السياسة المالية.

جذور التوتر وملامح النمط المتكرر

مصادر حكومية اعتبرت هذا الخلاف امتدادًا لسلسلة توترات مشابهة شهدتها العلاقة بين العليمي ورئيس الوزراء الأسبق أحمد عوض بن مبارك، ما يشير إلى وجود نمط في التعامل مع الحكومة التنفيذية من موقع الوصاية، أكثر من كونه شراكة مبنية على توزيع واضح للصلاحيات.

ويرى مراقبون أن العليمي غالباً ما يتدخل في الملفات ذات الطابع التنفيذي، ما يربك عمل الحكومة ويخلق بيئة من التداخل في المهام والقرارات. وفي هذا السياق، يُفهم تمسّك بن بريك بموقفه كمحاولة لتثبيت استقلالية القرار الحكومي ضمن إطار مؤسسي لا يتيح لأي طرف تجاوز صلاحياته.

التأثيرات المتوقعة على أداء الحكومة

يأتي هذا الخلاف في توقيت دقيق، حيث لم تمضِ سوى فترة قصيرة على تولي الحكومة الجديدة مهامها، وسط تصاعد التحديات في ملفات الكهرباء، والأمن، والخدمات الأساسية، فضلاً عن تدهور مستمر في مؤشرات الثقة العامة بالمؤسسات. وفي حال استمر هذا التباين دون معالجة، قد يُقوّض فرص الحكومة في استعادة زمام المبادرة.

من جهة أخرى، فإن غياب التوافق داخل مؤسسات الدولة يبعث برسائل سلبية إلى الداخل والخارج، ويمنح خصوم الشرعية، وفي مقدمتهم جماعة الحوثي، فرصة لاستغلال التناقضات لصالح خطاباتهم الإعلامية.

الحاجة إلى مقاربة مختلفة

في ظل هذه التطورات، تبدو الحاجة ماسة لإعادة النظر في آلية اتخاذ القرار الاقتصادي داخل الدولة، بحيث تستند إلى الكفاءة وتكامل الأدوار، لا إلى الانفراد أو التوجيه السياسي من موقع غير مخوّل قانوناً باتخاذ قرارات مالية ذات أثر مباشر على حياة الناس.

ومع تكرار هذا النوع من الأزمات، تبرز تساؤلات ملحة حول مستقبل العلاقة بين مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وعن مدى جدية الالتزام بالمصفوفات الإصلاحية التي ظلت تُطرح في الخطاب الرسمي، دون أن تجد طريقها إلى التطبيق العملي.

ورغم محاولة الطرفين التزام الصمت إعلاميًا، إلا أن اتساع رقعة الخلاف داخل مؤسسات الدولة، يجعل من الضروري إرساء قواعد شفافة للتنسيق، تضمن أن لا تتحوّل المواقف الفردية إلى سياسة عامة تُحمّل تبعاتها المواطن أولاً وأخيرًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى