استطلاعات

أعجوبة معمارية في حضرموت.. « حيد الجزيل ».. كيف بنى الأجداد قرية معلقة بين السماء والأرض؟

سمانيوز/استطلاع/ صبري باداكي

تزخر مديرية دوعن بحضرموت بالعديد من المعالم والمناطق التاريخية والثقافية والأثرية، التي تعكس عراقة الحضارة الإسلامية والتصميم المعماري الفريد.
من هذه المعالم تبرز قرية حيد الجزيل، التي تُسمى بـ(القرية المعلقة) لوقوعها على قمة جبل مرتفع، كواحدة من القرى التي تحتفظ بتراثٍ معماريٍ متميز، يجسد روعة البناء الطيني وبراعة الهندسة التقليدية المتكيفة مع البيئة الصحراوية، ورغم قلة الأدوات المساعدة، إلا أن أهل القرية عكفوا على ترك بصمة أثرية خالدة من خلال بناء هذه القرية.

ويتميز هذا المعلم الأثري بتصميمه الذي يمزج بين الوظيفة الدفاعية والجمالية، حيث شُيّدت المنازل والمساجد والأسوار من المواد المحلية كالطين والحجر، مما يعطيها طابعًا أصيلًا يتناغم مع طبيعة المنطقة. وتحمل هذه القرية بين جنباتها قصصًا تاريخية وعادات اجتماعية توارثتها الأجيال، ما يجعلها وجهةً للباحثين عن التراث الإنساني الأصيل.

معلومات:

“قرية حيد الجزيل” الواقعة على صخرة عملاقة بوادي دوعن الأيسر، كلمة (الحيد) تعني الجبل، و(الجزيل) تعني الكبير أو العظيم. ويعود تاريخ هذه القرية إلى 500 عام، ويبلغ ارتفاعها 350 قدمًا، وكانت تسكنها قديمًا أكثر من 7 آلاف نسمة موزعين على 45 منزلاً، كل منزل يضم ما بين 6 إلى 7 أسر. وأول من سكن القرية هم أسر آل العمودي، ومن أبرز شخصياتهم الشيخ أبوبكر بن عثمان بن عمر مول خضم بن سعيد بن عيسى العمودي، قبل نحو خمسة قرون، والذي تنسب إليه القرية، ولا يمكن الصعود إلى القرية إلا من خلال منفذ واحد عبارة عن درج منحوت ومبني بالحصى بطريقة عجيبة، تمكن السكان من الصعود والنزول بسهولة، ويوجد باب عند المدخل لا يسمح لأحد بالدخول إلا بعد الاستئذان من أهل القرية الذين يفتحونه للزوار.

ويُقال إن الهدف من بناء القرية في هذا الموقع المرتفع هو تجنب خطر السيول، حيث يمر أسفلها وادي دوعن الأيسر (ليسر) بفرعيه: (وادي مراه) و(وادي عقرون)، وحاليًا لم يعد يسكن القرية سوى أسرة واحدة من آل موسى آل العمودي، بعد أن كانت عامرة بالسكان.

الاهتمام.. مطلب أساسي:

المعالم الأثرية تُضفي رونقًا خاصًا على المديرية والمحافظة، وتجذب الزوار والباحثين عن التراث التاريخي الفريد. لذا، فإن الاهتمام بها وإعادة ترميمها ضرورة ملحة لحمايتها من الإهمال والاندثار.

أهل القرية عازمون على الحفاظ على هذا الإرث، وقد قاموا بعدة عمليات ترميم قديمًا بجهودهم الذاتية في السابق، وكان عدد سكان القرية يقارب 6-7 آلاف نسمة، موزعين على منازلها القديمة التي لا تزال قائمة، وإن كانت تعاني من التصدعات الجزئية.

آراء:

عبّر العديد عن إعجابهم بهذا المعلم الأثري المتميز، قائلين: (قرية حيد الجزيل)، أو (القرية المعلقة)، ليست مجرد معلم أثري، بل هي تراث حي لمحافظة حضرموت. إنها واجهة تستحق الزيارة للباحثين عن التاريخ والثقافة. عمرها الذي يناهز 500 عام يجعلها شاهدًا على إبداع الأجداد، وما زالت منازلها صامدة رغم التحديات.
مناشدين المهتمين بالآثار والتراث والسلطات المحلية بالمديرية والمحافظة، ضرورة الاهتمام بهذه المعالم الأثرية، من خلال الترميم والصيانة، لتبقى وجهة سياحية وتراثية تليق بتاريخها العريق. وقرية حيد الجزيل تمثل قيمة تاريخية نادرة، ويجب الحفاظ عليها قبل أن تتحول إلى مجرد ذكرى.

ختاماً..
يظل المعلم الأثري في قرية حيد الجزيل شاهدًا حيًا على إبداع الأجداد، وصرحًا ثقافيًا يستحق الحفظ والدراسة كجزءٍ أصيل من هوية البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى