في استطلاع رأي أجرته «سمانيوز».. جنوبيون: كهرباء العاصمة عدن أُفرِغت من مضمونها الخدمي الإنساني وباتت أداة (لي ذراع) و (عقاب جماعي مستدام)

سمانيوز / استطلاع
منذ منتصف أكتوبر 2025م، وصلت ساعات الانطفاء إلى 20 ساعة يومياً. كهرباء العاصمة عدن أكبر تحدٍّ يواجه حكومة الأستاذ سالم بن بريك، بؤرة أزمات مستوطنة مؤجلة تتجدد عند الحاجة في ظل غياب الحلول المستدامة.
ثقب أسود يستنزف ملايين الدولارات شهرياً، ملف مثقل بالفساد المالي، بحسب تقارير. قد يجعل نجاح مصفوفة الإصلاحات الاقتصادية والنقدية التي تتبناها الحكومة ومركزي عدن على المحك، طالما أصبحت (كهرباء مدينة عدن) أداة قمع سياسي لا أخلاقي ضد الحكومة، وفي ظل تقاطع الإرادة الشعبية الجنوبية مع المصالح والتوجهات السياسية الإقليمية يمنية دولية، لطالما تم ربطها (كهرباء عدن) بالتسويات السياسية. فأصبح القمع ضد الجنوبيين، خصوصاً سكان العاصمة عدن، مزدوجاً: 1- قمع الارادة الشعبية، 2 – فرض إرادة سياسية على شعب الجنوب، عبر تمرير تسويات سياسية غير سوية، تتعارض مع طموحه وتطلعاته في نيل الاستقلال الثاني.
باتت – وفق متحدثين جنوبيين لـ«سمانيوز» ضمن استطلاع أجرته الصحيفة – سلاحاً مزدوجاً: 1- أداة (لي ذراع) لاستفزاز وابتزاز وترويض الحكومات اليمنية المتعاقبة، وإجبارها على الإنصات والانصياع للإملاءات، 2- عقاب جماعي مستدام ضد شعب الجنوب، لثنيه عن مشروعه التحرري وتأليبه ضد المجلس الانتقالي الجنوبي..
وللاطلاع على المزيد من المعلومات والتفاصيل الأدق، طرحت «سمانيوز» التساؤلات أدناه على عدد من الجنوبيين:
(كهرباء العاصمة عدن: أعطاب وتوقف متكرر في أوقات حرجة وانتقائية متزامنة.. هل كل مرة (العطب) خارج عن الإرادة؟ أم تقف خلفه إرادة؟).
وخرجت بالحصيلة أدناه:
أزمة حادة ووعود حكومية لا تُنفذ:
القيادي بانتقالي العاصمة عدن الأستاذ علي الجوهري قال: تعيش العاصمة عدن أزمة كهرباء حادة، مع انقطاعات لساعات طويلة ومتكررة، وسط وعود حكومية لا تُنفذ.
واستهجن قائلاً: المواطنون يكابدون معاناة يومية، ومعه تتكشف يوماً بعد يوم خيوط الفساد المتغلغل في القطاع الحيوي، الذي يسيطر عليه لوبي قوي بلا رقيب.
واستذكر الأستاذ الجوهري حديثاً أدلى به رئيس مجلس الوزراء السابق أحمد عوض بن مبارك، قائلاً: شدد بن مبارك على أن أزمة الكهرباء ليست مجرد أعطال فنية ونقص بالوقود، بل نتيجة فساد إداري ومالي ممنهج.
وتابع قائلاً: هناك لوبي متكامل يدير الفساد، مستغلاً ضعف الرقابة، ويبرر توقف المحطات بأعذار واهية مثل نفاد الوقود أو الأعطال الطارئة. المواطن هو الخاسر الأكبر.
وأضاف: مختصون في الطاقة يشيرون إلى وجود تفاوت واضح بين الوقود المخصص وساعات التشغيل الفعلية، ما يطرح تساؤلات حول مصير الموارد. استمرار إيقاف المحطات يبدو كوسيلة ضغط لضمان بقاء الوضع على ما هو عليه، لمصلحة شبكات نافذة داخل الوزارة.
وختم الأستاذ الجوهري حديثه متسائلاً: في ظل تصاعد ساعات الانقطاع وتفاقم معاناة الناس، يبقى السؤال الصريح: هل يملك أحد الجرأة لمواجهة لوبي الفساد الذي يطفئ عدن كل يوم ولساعات طويلة؟
العطب خارج عن إرادة الموظفين وتقف خلفه إرادة سياسية خبيثة:
الأستاذ حيدرة عبد الله، مدير ثانوية عامة، قال: لاشك أن العطب خارج عن إرادة موظفي الكهرباء، وفي ذات الوقت تقف خلفه إرادة سياسية خبيثة تتجاوز حدود العطب التقليدي، عملية تعذيب و(عقاب جماعي)، تستخدم الظلام والحر والعطش كأدوات قمعية لتحقيق أغراض سياسية دنيئة، بهدف كسر إرادة الإنسان الجنوبي وإذلاله لإجبار قيادته السياسية في المجلس الانتقالي الجنوبي على تقديم تنازلات. ومن جهة أخرى (لي ذراع الحكومة) لإجبارها على الانصياع للإملاءات،
واستهجن حيدرة قائلاً: جريمة ليست بعيدة عن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، تستوجب وقفة وإجراءات صارمة من قبل المجتمع الدولي لوقف هذا العبث، فنحن جزء من المجتمع الإنساني.
وإنه من المعيب أن يترك أكثر من مليون نسمة، أكثرهم أطفال ونساء وشيوخ بمدينة عدن وحدها، يواجهون الموت وعدم القدرة على أخذ القسط ما دون الكافي من النوم في المساء، في ظل الأجواء الحارة والرطوبة العالية والفقر وغلاء المعيشة. ناهيك عن تعذيب ذوي الأمراض المزمنة كضغط الدم والسكري والقلب والجلطات وغيرها، وكذا توقف بعض الأجهزة الحيوية بالمستشفيات، وتلف الأدوية واللقاحات في الثلاجات، وكذا تلف المواد التي تحتاج إلى تجميد داخل الثلاجات، ما يعرض التجار وأصحاب البقالات إلى خسائر اقتصادية كبيرة، إلى جانب تعطيل العمل في الإدارات والمؤسسات والورش الحكومية والخاصة. شلل يضرب أغلب سبل الحياة، يجد الإنسان نفسه معطل ذليل كئيب. وضع كارثي لا يطاق.
وأكد الأستاذ حيدرة، في ختام حديثه، أن حياة المواطن الجنوبي في أيدٍ غير أمينة، بل خبيثة فاسدة، تساومه بلقمة العيش والخدمات مقابل سلب كرامته وسرقة طموحه وأحلامه، وقمع إرادته لتمرير ما يريدون.
أزمة تتجدد تلقائياً في ظل غياب الحلول المستدامة:
الدكتور علي صالح عمر سودان أدلى بدلوه قائلاً: ساعات الانطفاء وصلت إلى 20 ساعة يومياً. واقع مؤلم غير مقبول، وستترتب عليه تبعات كارثية.
وأشار د. سودان إلى أن الفئات الفقيرة المطحونة، التي تمثل قرابة 80% من سكان العاصمة عدن، هي من تدفع الثمن في ظل الأجواء الحارة والرطوبة العالية، وانعدام المتنفسات والبدائل للتخفيف من وطأتها على الاطفال وكبار السن والمرضى. وتتضاعف التكاليف على كاهل أرباب الأسر الذين يقاسون معاناة أخرى إضافية، تتمثل في توقف الرواتب قرابة 4 أشهر، وغلاء المعيشة، وتراكم الديون.
وأكد الدكتور علي سودان أن أزمة كهرباء العاصمة عدن ستتكرر وتتجدد تلقائياً، في ظل غياب الحلول المستدامة، مخلفة أوضاعاً مأساوية في كل بيت وبجميع القطاعات الحكومية والخاصة، وصولاً إلى فقدان المواطن الثقة في المسؤولين، واتساع الهوة بين الحاكم والمحكومين. الوضع كارثي، تعذيب جماعي دون سبب يذكر أو ذنب يرتكب.
وختم الدكتور سودان حديثه بمطالبة الجهات المختصة بسرعة تدارك الموقف، ووضع حلول مستدامة لا ترقيعية موقتة.
ملف سياسي بامتياز:
وكان الدكتور محسن قائد القادري مسك ختام استطلاعنا، قائلاً: كهرباء العاصمة عدن ملف شائك، وأعتبره (سياسي بامتياز)، تحول من خدمي إنساني إلى سلاح لتعذيب أبناء عدن، من قبل شرعية رشاد العليمي وأعوانه من بقايا الاحتلال اليمني للجنوب.
وأشار الدكتور القادري إلى أن الشرعية اليمنية تتعمد اختيار التواقيت الحرجة، أو الانتقائية المزمنة، لافتعال أزمة في كهرباء العاصمة عدن تزامناً مع أية نجاحات سياسية أو تقدم ملموس يحققه المجلس الانتقالي الجنوبي، باتجاه استعادة دولة الجنوب.
خطوات الانتقالي تثير حفيظة الشرعية اليمنية التي تلجأ إلى تعذيب أبناء العاصمة عدن، سواءً بقطع التيار الكهربائي من خلال دعم التقطعات لقواطر نقل النفط الخام لمحطة الرئيس بترومسيلة، أو من خلال عرقلة وتأخير الوقود والمازوت لبقية المحطات في العاصمة الجنوبية عدن، أو توقيف مرتبات الموظفين، وارتفاع الأسعار، وتجويع وتعذيب أبناء الجنوب.
واستهجن الدكتور القادري قائلاً: لوبي الشرعية اليمنية يمارس هذه الأساليب القذرة، لتهييج وشحن الشارع الجنوبي ضد المجلس الانتقالي الجنوبي ولتقليص حاضنته الشعبية، بهدف إزاحته عن المشهد السياسي برمته، ولكن المخطط مكشوف فاشل.
وختم القادري حديثه مطالباً المجلس الانتقالي الجنوبي بإيجاد حلول استراتيجية مستدامة، بالبحث عن مصادر تمويل للطاقة البديلة، وتوسيع قدرة إنتاج محطة الطاقة الشمسية المدعومة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وإنتاج الطاقة الكهربائية عبر الرياح، وتشغيل مصافي عدن بكل طاقتها الإنتاجية، والعمل مع الشركاء والحلفاء الإقليميين والدوليين للضغط على مليشيا الحوثي الإرهابية، للتوقف عن استهداف موانئ تصدير النفط الجنوبي وإعادة تصديره في أسرع وقت، للاستفادة من عائداته المالية الكبيرة، بالإضافة إلى الاستفادة من مصادر الطاقة البديلة.
