في ظل تفاقم الأزمات الخدمية والمعيشية وغياب الحلول الملموسة.. على ماذا تراهن الحكومة والرئاسي لإسكات الشارع في الجنوب ؟

سمانيوز / استطلاع
بدلاً من حشد الجهود، داخلياً وخارجياً، لإيجاد حلول ترفع عن كاهل شعب الجنوب، وعموم المناطق المحررة، الأزمات الخدمية والمعيشية، أقلها توفير كهرباء مقبولة للعاصمة عدن، ورواتب الموظفين المدنيين والعسكريين، في حدها الذي يبقي الناس على قيد الحياة، يصر الدكتور رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، على رفع سعر الدولار الجمركي، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع جنوبي في أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية، ويفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين.
رفع الدولار الجمركي، مع الإبقاء على رواتب الموظفين ثابتة ما بين 100 إلى 150 ريالاً سعودياً، ولا تصرف شهرياً بل متوقفة منذ أربعة أشهر، دفعت بعض الأسر للجوء إلى براميل الزبالة، وضع مؤلم جداً. مقابل ذلك، تصرف رواتب المسؤولين بالدولار شهرياً، أقلها ألفين دولار.
«سمانيوز» التقت عدداً من الجنوبيين، وطرحت عليهم التساؤل الآتي: في ظل تفاقم الأزمات الخدمية والمعيشية وغياب الحلول الملموسة.. على ماذا تراهن الحكومة والرئاسي لإسكات الشارع ومنع خروج الأوضاع عن السيطرة؟.. وخرجت بالحصيلة الآتية:
الجنوب.. بين صبر الناس وغياب الحلول:
الأستاذ سالم أحمد المرشدي، عضو مجلس المستشارين الجنوبي – محافظة حضرموت، يرى أن الوضع في الجنوب يتمحور بين صبر الناس وغياب الحلول. مضيفاً: في الوقت الذي يعيش فيه المواطن الجنوبي أزمات خانقة ومعاناة متواصلة، تتراكم الأسئلة في الشارع: إلى متى سيبقى الوضع على هذا الحال؟!
رواتب متأخرة لأشهر، كهرباء منقطعة، غلاء فاحش ينهك الأسر، وانعدام شبه كامل للخدمات الأساسية. وبين هذا وذاك، تزداد شكاوى الناس من الفساد والإهمال وغياب المعالجات الجادة.
وأردف قائلاً: لقد أصبح المواطن الجنوبي اليوم يشعر بأنه يواجه مصيره وحده، بينما تغيب الخطط الواضحة، وتكثر التصريحات والوعود التي لا تُترجم إلى أفعال. الناس لم تعد تصدّق الاجتماعات والبيانات، ولا الصور التذكارية في الفنادق، لأن الواقع وحده هو الذي يتحدث، والواقع مؤلم.
واستدرك المرشدي قائلاً: الجميع يدرك أن الجنوب ليس ساحة تجارب، ولا يمكن الرهان على صبر الناس إلى ما لا نهاية. الصبر فضيلة، نعم، لكنه ليس ضعفاً. فالمواطن الذي صبر كثيراً، يطالب اليوم بأبسط حقوقه: راتب منتظم، كهرباء مستقرة، خدمات تحفظ كرامته، ومؤسسات خالية من الفساد.
وتابع بالقول: إن من يتجاهل وجع الناس اليوم، إنما يغامر باستقرار الغد. لأن الأزمات حين تتراكم دون حلول، تتحول إلى غضب شعبي لا يمكن احتواؤه بالبيانات ولا بالوعود. والتاريخ القريب شاهد على أن هذا الجنوب لم يأتِ من فراغ، بل من نضال طويل، قدّم فيه أبناؤه التضحيات الكبيرة منذ انطلاق الحراك الجنوبي في 7 يوليو 2007م، وما زالوا على العهد متمسكين بحقهم في حياة كريمة وموقف واضح تجاه مستقبلهم، وهو استعادة الدولة الجنوبية.
الرسالة اليوم واضحة، الجنوب لا يطلب المستحيل، بل يطالب بالإنصاف والكرامة والعدالة. الرهان الحقيقي يجب أن يكون على كفاءة القيادة وقدرتها على تحقيق الإصلاح، لا على صبر الناس ومعاناتهم.
وختم المرشدي حديثه قائلاً: آن الأوان لقرارات جريئة وشجاعة تُعيد الثقة، وتترجم الأقوال إلى أفعال. لأن الشارع الجنوبي لن يرضى أن يبقى رهينة للأزمات، ولا متفرجاً على تدهور حياته اليومية.
حسابات المسؤولين الخاصة استنزفت الخزينة ولا رهان غير زوال الفساد:
القيادي بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الأستاذ عوض علي صائل، أشار إلى أن حسابات المسؤولين الخاصة استنزفت الخزينة، وأن لا رهان واضح نعول عليه غير زوال الفساد ورموزه في الشرعية اليمنية.
وتابع قائلاً: إن الأوضاع المعيشية والاقتصادية في بلادنا غير مقبولة إطلاقاً (إفقار وتجويع)، تجاوزت كل الحدود، وتسير الأمور نحو الأسوأ دون وجود أي بصيص أمل في حدوث انفراجة عن قريب.
واستهجن صائل قائلاً: الحكومة الشرعية والرئاسي هما من أوصل البلاد إلى هذا الوضع الكارثي، عن طريق استنزاف موارد الدولة وتحويلها إلى حساباتهم الخاصة، خصوصًا الأطراف اليمنية كونها تؤيد الحوثي بحجة إصراره على استمرار وحدة اليمن، وتسعى لإعادة الجنوب إلى باب اليمن. لا يعنيهم ما يحدث في الجنوب، ولن يجهدوا أنفسهم لإيجاد حلول، بل يسعون إلى تركيع شعب الجنوب عبر حروب الخدمات والمعيشة.
وبيّن صائل أن الفساد المغروس في مفاصل الدولة الجنوبية، الموروث عن تركة عفاش وأذياله، عامل مساعد في نجاح الحروب التي تشن ضد الجنوب، إلى جانب حرف البوصلة من الحرب العسكرية على الحوثي إلى تقاسم كعكة الجنوب، وإقامة دولة يمنية أخرى في الجنوب. فأصبح الوضع في الجنوب نموذجاً سيئاً سار في صالح الحوثي، وهذا ما تسعى إلى تحقيقه القيادات المنتمية لمحافظات شمال اليمن، المحسوبين على الشرعية اليمنية.
وأكد صائل، في ختام حديثة، أن لا حلول في ظل هذه الشراكة غير المفهومة في الحكومة والرئاسي، فيما تكمن الحلول في استبعاد القيادات اليمنية عن مواقع صناعة القرار، وعن المواقع السيادية، وتفويض الجنوبيين للقيام بإدارة شؤون الجنوب، فأهل مكة أدرى بشعابها.
رفع الدولار الجمركي لتأجيج الوضع بدلاً من رفع المعاناة:
القيادي بانتقالي محافظة أبين، الأستاذ حيدرة عبد الله، أشار إلى أن تأجيج الوضع هو سيد الموقف، والدليل إصرار الدكتور رشاد العليمي على رفع تعرفة الدولار الجمركي، دون مراعاة التبعات الكارثية لهذا القرار، بدلاً من رفع المعاناة عن كاهل الشعب، يعني مضاعفة الأزمات.
وتابع قائلاً: لا حلول منطقية تتوافق مع الواقع المتضارب سياسياً في الجنوب، في ظل شراكة متنافرة. فالقيادات اليمنية المحسوبة على الرئاسي والحكومة، يمارسون سياسات لتأجيج وتأزيم الوضع، للحفاظ على الوحدة اليمنية ولمنع انفصال الجنوب. فيما تسعى قيادات الجنوب المحسوبة على الرئاسي والحكومة إلى طرد الشماليين، وفك ارتباط الجنوب عن اليمن.
وأردف الأستاذ حيدرة متسائلاً: كيف للسفينة أن تسير، وأن تتحسن الأوضاع في ظل هكذا وضع سياسي متضاد؟! لافتاً إلى أن لا رهان ناجح لدى الشرعية والرئاسي الفاشلين أصلاً، لا سيما وفشلهم انعكس سلباً على جميع الأوضاع، بما فيها الخدمية والمعيشية الاقتصادية..
وجدد حيدرة، في ختام حديثه، التأكيد على أن لا حلول متوفرة، ولن تتوفر أي حلول حقيقية مستدامة إلا بتسليم الجنوب إلى أبنائه ليديرون شؤونهم بأنفسهم، كما يدير الحوثي الشأن اليمني في صنعاء. وعلى المجلس الانتقالي الجنوبي التحرك في هذا الاتجاه لإنقاذ شعب الجنوب.
يراهنون على الوديعة وعلى الدولار الجمركي وبن بريك:
وكان الناشط السياسي الدكتور محسن قائد القادري مسك ختام استطلاعنا، قائلاً: باختصار، يراهنون على الوديعة السعودية التي ستدخل البنك هذا الأسبوع، بالإضافة إلى عائدات رفع قيمة الدولار الجمركي، وعلى جهود رئيس الحكومة سالم بن بريك، الذي حصل على تفويض المجلس الرئاسي وصلاحيات كاملة، ليس حباً في الشعب وإنما كي يحملوه مسؤولية تدهور الأوضاع. حسب تعبيره.
وأكد الدكتور القادري على أن لا خوف على الجنوب في ظل وجود هذه الهامات، بعد الله، في مجلس القيادة الرئاسي (الزبيدي وأبو زرعة والبحسني)، قائلاً: هؤلاء فقط الذين يخافون على شعب الجنوب، وحريصون على عدم انزلاق الأوضاع أو خروجها عن السيطرة. مشيراً – في ختام تصريحه – إلى أن القيادات اليمنية، يتقدمهم الدكتور رشاد العليمي، تدفع بالأمور نحو التأزيم، وهم سبب إيصال البلد إلى هذا الوضع المأساوي.
