باكستان تعرض على أمريكا إنشاء ميناء جديد في بحر العرب

سمانيوز/متابعات
في خطوة جريئة تهدف إلى تعزيز موقعها الاستراتيجي وجذب الاستثمارات الأمريكية، عرضت باكستان على الولايات المتحدة الأمريكية خطة لبناء وإدارة ميناء جديد في مدينة باسني الساحلية على بحر العرب، يمكن أن يمنح واشنطن موطئ قدم في واحدة من أكثر المناطق الجيوسياسية حساسية.
وأفادت صحيفة “فاينانشال تايمز”، السبت 4 أكتوبر 2025، أن مستشاري القائد العسكري الباكستاني عاصم منير تواصلوا مع مسؤولين أمريكيين لطرح المشروع، الذي يشمل تطوير باسني، الواقعة على بُعد 160 كيلومترًا من الحدود الإيرانية و110 كيلومترات من ميناء جوادر الذي تديره الصين، كمركز لصيد الأسماك ومحطة رئيسية للوصول إلى المعادن الاستراتيجية في باكستان.
ميناء باسني.. بديل لمنافسة جوادر الصيني
تتضمن الخطة، التي قدّرت تكلفتها بنحو 1.2 مليار دولار، إنشاء خط سكة حديد جديد يربط الميناء بالمناطق الداخلية الغنية بالمعادن، مثل النحاس والأنتيمون المستخدم في البطاريات والمواد المثبطة للحريق والصواريخ. ويرى مؤيدو المشروع أنه سيسهم في موازنة النفوذ الصيني المتنامي في ميناء جوادر المجاور، الذي يمثل جزءًا أساسيًا من مبادرة “الحزام والطريق” الصينية.
أشار المخطط المقترح إلى أن قرب باسني من إيران وآسيا الوسطى يمنح الولايات المتحدة خيارات إضافية في التجارة والأمن، ويعزز حضورها البحري في بحر العرب، بما يتيح لواشنطن التوسع في المنطقة وموازنة النفوذ الصيني والإقليمي.
علاقات متشابكة بين باكستان وترامب
أُثير العرض الباكستاني قبل لقاء جمع القائد العسكري عاصم منير بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض الشهر الماضي، غير أن مسؤولًا كبيرًا في إدارة ترامب نفى مناقشة تفاصيل هذا المشروع خلال اللقاء.
ورغم ذلك، يصف دبلوماسيون أمريكيون وباكستانيون العلاقة بين منير وترامب بأنها “صداقة ناشئة”، إذ أشاد القائد العسكري الباكستاني بدور الرئيس الأمريكي بعدما نسب لنفسه الفضل في وقف إطلاق النار بين باكستان والهند في مايو الماضي، وهو ما شكرت إسلام آباد ترامب عليه علنًا ورشّحته بسببه لجائزة نوبل للسلام.
وقد تجلّى هذا التقارب في صور نشرها البيت الأبيض الشهر الماضي، أظهرت منير ورئيس الوزراء شهباز شريف وهما يقدمان لترامب صندوق عرض يحوي عينات معدنية من باكستان، في إشارة رمزية إلى الإمكانات الاقتصادية والتعدينية التي تسعى إسلام آباد لتوظيفها في تعزيز شراكتها مع واشنطن.
موازنة بين الصين وأمريكا والسعودية
يرى محللون أن باكستان تحاول عبر هذا المشروع حماية موقفها الدولي والحفاظ على توازن علاقاتها بين الصين، التي تعد أقرب شركائها العسكريين والاقتصاديين، والولايات المتحدة، إضافة إلى إيران والسعودية التي وقعت معها مؤخرًا اتفاقية أمنية.
وتعتبر الصين المزود الرئيسي لترسانة باكستان العسكرية ومصدرًا رئيسيًا للقروض والاستثمارات، كما أن أنظمة الأسلحة الصينية ساهمت في تعزيز قدرات الجيش الباكستاني في مواجهاته مع الهند. لكن المخاوف الأمريكية من أن يتحول ميناء جوادر إلى قاعدة بحرية صينية دفعت إسلام آباد إلى تقديم خيار بديل عبر ميناء باسني، يتيح إشراك واشنطن في مشاريع استراتيجية داخل البلاد.
وبينما تتزايد المنافسة بين القوى الكبرى في جنوب آسيا، يُنظر إلى عرض باكستان بإنشاء الميناء الجديد باعتباره محاولة ذكية لإعادة التوازن في علاقاتها الخارجية، في وقت تسعى فيه إسلام آباد إلى الإفلات من الاعتماد المفرط على الصين، وجذب الولايات المتحدة إلى الاستثمار في موقعها الجيوسياسي الفريد على بحر العرب.