«مصفاة عدن» صرح اقتصادي عملاق، متى تعود عجلة دورانه ..؟
سمانيوز / استطلاع / حنان فضل
تعتبر المصفاة نواة الاقتصاد في العاصمة عدن خاصة والجنوب عامة،بل العمود الفقري للاقتصاد ورافداً قومياً ومهماً،ولكن بسبب الظروف التي تمر بها البلاد سياسية وغيرها جعل المصفاة متوقفة وتعتبر المصافي داعماً أساسياً للحركة الاقتصادية والتقدم والازدهار منذ بداية نشأتها ولكن بسبب عبث الفاسدين فيها وإخماد شعلتها التي بمثابة رمز الاقتصاد الجنوبي المتميز والتنمية الاقتصادية التي أنعشت وضع العاصمة عدن والجنوب بشكل عام سابقاً فأصبحت الآن المصافي شبه متوقفة ومهملة بسبب مآرب خفية لا أحد يعلم ما هي ؟
ولكن الآراء التي أجريناها على بعض النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية ستوضح أكثر مدى لأهمية المصفاة ولماذا أصبحت هكذا :
المصافي معقدة سياسياً :
يقول أبو عبدالله التميمي : موضوع المصافي معقد سياسياً أكثر منه اقتصادياً يجب أن تكون هذه الحقيقة نصب أعيننا عندما تكون مصافي عدن جلّ اهتمامنا،فعندما أنشأت بريطانيا المصافي واعتقد في بداية الخمسينات من 1952م حتى 1954م كانت تهدف إلى تلبية حاجة السوق المحلية والتصدير إلى شرق افريقيا ولم تنطفىء شعلة المصافي منذ إنشائها إلا بعد 1994م ضمن السياسة الممنهجة التي اتبعها الاحتلال الزيدي في تدمير المنظومة الاقتصادية للجنوب وتحولت من مصافي إلى خزانات وقود وإلى يومنا هذا.
ويضيف : وعندما كان رئيساً للوزراء تم إعادة تشغيل المصافي وذلك بشراء بترول المسيلة بنفس الأسعار العالمية وتكريره في مصافي عدن بهدف تلبية السوق المحلية إضافة إلى احتياجات مؤسسة الكهرباء رفض رفضاً قاطعاً ومات المشروع في مهده ، وعندما تحركت الأصوات في الآونة الأخيرة بإعادة تشغيل المصافي تحركت قوى أخرى خارجية لها مصالحها في أن تبقى المصافي في وضعها الحالي لأن أي مشاريع تهدف إلى إعادة بناء المنظومة الاقتصادية للجنوب سيشجع الانفصاليين على الاستقلال عن الدعم الخارجي،وكما أن الاستراتيجية البريطانية في المنطقة والتي كانت مصافي عدن أحد أركانها تعتبر خطاً أحمر فبريطانيا ستعود إلى المنطقة شئنا أم أبينا والكل يعلم مشروع بريطانيا في عدن والمسمى مشروع عدن الكبرى (Great Aden)، ولهذا أرى أن موضوع إعادة تشغيل المصافي يرتبط بتعقيدات يصعب على وجهة نظر واحدة أن تتخذ قراراً حولها وستظل الأوضاع كما هي إلى أن يأتي الله أمراً كان مفعولاً.
صراع متعمد لتدمير مصافي عدن :
فيما يقول الدكتور جواد حسن حسين مكاوي :
الجنوب العربي وشعب الجنوب يمران بمرحلة شديدة الاختناق والخطورة والتعقيد، ناضل شعب الجنوب العربي من أجل كرامته وإنسانيته واستقلال دولة القانون والمؤسسات الحكومية وجيشها الجبار الذي لا يشق له غبار، ولكن تكالبت عليه الكلاب المسعورة من الداخل والخارج، فكلما حققت قيادته خطوات إيجابية قوية نحو تحقيق هدف حلم شعب الجنوب العربي الأبي ،ثارت الكلاب المسعورة من كل جانب ومزّقت كل إنجاز تحقق على حساب تاريخ شعب الجنوب ودماء شهدائه وازداد كلابهم قسوة بحربهم السياسي لينتقل إلى حروب في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية والصحية والتعليمية والبيئية وغيرها من المجالات ، ومن ضمن الحروب تدمير أكبر صرح حضاري اقتصادي تاريخي وهو مصافي عدن التي أنشئ في عام ١٩٥٤م ورغم كل الظروف المحيطة بها ومعاناة موظفيها المتميزين (الذين كانوا، منهم من توفاه الله تعالى ومنهم من أصبح مريضا لا يقوى على الحركة ومنهم يأس) فتوقفت المصفاة بعد عمل جبار في عام ٢٠١٥ بعد فترة (٦١) عاماً، فبدأت الحرب بنهب كافة المخزون الضخم من النفط ومشتقاته وبعده يحضر إعلان حكومة بن دغر عام ٢٠١٦ لبيع سفن تابعة للمصافي بأسعار مخفضة جداً والعذر الذي علق على شماعته هو من أجل صيانة المصافي والحقيقة غير هذا، وبعد ذلك قامت الكلاب المسعورة بتأجير خزانات النفط لتجار النفط أنفسهم وحتى يكمل خط التدمير تم تغيير الإدارة العامة للمصافي إلى إدارة الحبايب حتي تسهل عملية التدمير قانونياً، وبدأت الكوارث تتوالى عليها، فتم إحراق خزانات الطاقة وتدمير المعدات الثقيلة والأجهزة الحساسة ونهب الممتلكات والأراضي الخاصة بها، فتم تجميد نشاط ميناء الزيت وتحويله إلى ميناء عسكري للقوات السعودية والإماراتية وعليه تم نهب أنابيب النفط والغاز التابعة للمصافي ومن ثم بيعه إلى المصافي نفسه بملايين الدولارات، وامتدت الأيادي التدميرية إلى مساكب النفط التابعة للمنشأة النفطية العملاقة التي تعتبر الأولى في المنطقة العربية والخليج العربي.
يذكر مكاوي : وفي آخر مسلسل التخريب المتعمّد والمقصود واستهداف المصافي هو قرار استيراد النفط ومشتقاته لتعطيل المصفاة وإصابتها بالشلل التام، فأي محاولة لتشغيل المصفاة يعني ضرب تجار النفط بمقتل لذا يتم تخريب أي مظاهر تشغيل المصافي وإعادتها إلى الحياة وبالتالي سد باب الحاجة لصرف مليارات الدولارات التي تصب في جيوب التجار وأصحاب المصالح المشتركة،مصادر عمالية كشفت عن دخل شهري من إيجار الخزن يتراوح ما (٥-٧) مليون دولار أي ما يعادل (٦ مليار و٣٠٠ مليون ريال يمني) وهو ما يعادل (٧٥ مليار و٦٠٠ مليون ريال يمني) في العام ، هذا من خلاف إيجار ميناء الزيت والتاجات والبواخر المتواجدة في الخارج.
ويضيف : وما خفي كان أعظم والمصدر نفسه يقول إن إعادة تشغيل المصافي وعودتها لتكرار النفط الخام وإنتاج المشتقات النفطية والغاز سوف يتم حلحلة ومعالجة كافة الأزمات المفتعلة والمقصودة من أزمة بترول وديزل وغاز الطهي المنزلي وكهرباء ورواتب العمال.
ويواصل : وتخفيضات مريحة في السلع الغذائية والطبية والخدماتية واستقرار قيمة العملة المحلية أمام العملة الأجنبية، ولكن بسبب ذلك التدمير الشامل المتعمد يتم تغيير مسار سفن النفط إلى ميناء المخا وميناء الحديدة بدلاً عن ميناء الزيت في العاصمة عدن وخسارة ملايين الدولارات.
ويؤكد : أن تدمير مصافي عدن له آثار خطيرة على الحياة المعيشية والمجتمعية للمواطن في كل مجالات الحياة بل تزيده فقراً وتعاسة ونكداً وصراعاً دائماً مع الأزمات المفتعلة والمقصودة لضرب ظهر الجنوب العربي وشعب الجنوب حتى لا يفكر بالتحرير ولا بالاستقلالية من براثن العدو، بل يشكك حتى في قيادته الحكيمة ويطالب بعودة أيام الرخاء ( لعفاش) أو (الحوثة) لأنه يسمع عن استقرار صنعاء وغيرها من المناطق تحت سيطرتهم، وهذا ما يسمع عنه أصوات فوق الطاولة فقط .
ويختتم قائلاً : يجب إعادة النظر في معالجة مواضيع مصافي عدن مهما كانت الظروف المحيطة بها والتكلفة وعلى قيادة الانتقالي الجنوبي التركيز على هذا الموضوع لأنه لا يوجد في الساحة الآن من هو مهتم بالجنوب ولا شعب الجنوب غير قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي.
خلق صعوبات كبيرة :
بينما يشير الأستاذ علي محمد البكري رئيس لجنة الخدمات بالجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي قائلا ً:
إن إفراغ شركة المصافي من مهمتها الأساسية في تكرير النفط واستيراده وبقائه على هذا الحال قد خلق صعوبات كبيرة لها تأثيرها البالغ على حياة الناس ومعيشتهم وخدماتهم وذلك من خلال عدم استقرار التموين بالوقود وانقطاعه من فترة إلى أخرى مما يتسبب ذلك إلى :
عدم استقرار قيمة الوقود وارتفاعها بين فترة وأخرى وما ينتج عن ذلك في عرقلة حركة تنقل الناس وتعطيل أعمالهم والإضرار بمصالحهم وكذا ارتفاع قيمة المواصلات وأجور وسائل النقل الذي يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد بشكل عام وهذا له بالغ الضرر على مستوى معيشة الناس وإفقارهم.
توقف خدمات الكهرباء والمياه لغياب الوقود وتأثير ذلك على غيرها من الخدمات الضرورية للناس في شتى جوانب الحياة.
أرهقت شعب الجنوب :
ومن جانبه يعبر الكاتب والنقابي التربوي جمال مسعود علي،عن رأيه :
لأسباب غير معروفة يبدو وكأنها تنتظر الحل النهائي للأزمة اليمنية حينها وبعد التسوية السياسية المطلوب تنفيذ أجندتها من المتوقع أن يتم البث في كل القضايا المعلقة التي أرهقت شعب الجنوب الوفي الذي ساهم بصدق وإخلاص إلى جانب التحالف في التصدي للحوثيين وخفافيش الظلام القاعدة وداعش لكن الجزاء لم يكن وافياً للجنوبيين من قبل التحالف ولم يساعدهم في تحسين أوضاعهم الاقتصادية وتشغيل المصافي.
على قدر العزم والهمة العالية عند عمال المصافي وتفانيهم في عملهم واستعدادهم لبذل كل مايستطيعون فعله لتشغيل المصافي إلا أنهم يجدون أصابع خفية تعيق عملهم وتمنع أي إنجاز في طريق تشغيل المصافي
من وجهة نظري لا أجد حلاً في تشغيل المصافي إلا في حدة القول والفعل أمام الأصابع الخفية والتصرف بجرأة وحزم من طرف واحد وفرض الأمر الواقع وإجبار تلك القوى الخفية المعيقة لتشغيل المصافي أن ترضخ للإرادة الشعبية الجنوبية وتستسلم وتجبر على ترك قضية تشغيل مصافي عدن للإدارة الجنوبية بحرية تامة ولن يكون غير ذلك فالسنوات الطويلة قد انقضت ولا أحد يعلم من ولماذا يتم فرض تعطيل أعمال تشغيل المصفاة ولصالح من.
وتضيف الدكتورة سلوى بريك :
المصافي هي نواة عدن الاقتصادية وهي منشأة الأجداد لنا وتاريخنا العريق بين الشرق الأوسط وإذا تم إعادة تشغيل المصافي سوف يعيش الجنوب وضعاً جيداً دون أزمات،ولكن هناك سياسة التخريب وتدمير وتوقيف لاقتصاد الجنوب ونهب وسلب خيراته وثرواته وهذا الواقع مع الأسف الشديد.
ممارسة سياسة التخريب :
وتقول الأستاذة آمال فريد عبده حسن عضو الدائرة الاقتصادية للأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي :
حينما نتكلم عن مصافي عدن وما آلت إليه من التدمير الممنهج طيلة فترة منظومة عفاش وما تلتها من منظومات الشرعية اليمنية إنما يدل دلال واضحة أن جميع قوى الشمال ومنظوماتها الحاكمة دُمرت المصفاة وكل منشأه صناعية او تجارية كان يستفيد منها شعبنا وجعلوا منها فقط أطلالاً للذكريات، اليوم ما يُمارس في المصفاة وهو سياسة خارج عن إطار إدارتها الحالية ومن يستمع إلى ما يحصل لها من محاربة أسطولها النقلي الخاص بنقل المشتقات النفطية شئ معيب في حق الحكومة التي يرأسها د . معين عبدالملك وكذلك التحالف العربي له يد في ذلك في سكوته بتدمير المصافي من قبل جهابذة الفساد في الحكومة وغيرهم من بعض الفاسدين المتواجدين في المصافي .
إعادة المصافي إلى وضعها الصحيح يحتاج قراراً رئاسياً قوياً يدعم كل الإصلاحات المقدمة من إدارة الدراسة في المؤسسة وإيجاد معالجات حقيقية بعيداً عن الحروب السياسية وكذلك يجب على التحالف أن يقوم بدوره الأخلاقي والقانوني في انتشال الفساد في أهم مؤسسة اقتصادية في البلد اما إذا ظل السكوت كما هو عليه من قبل التحالف يجب تحميل التحالف هذا التردّي والانهيار وكذلك حكومة معين الذي ليس معين إنما مخرب لكل شي؛في الأخير يجمع أن تكون هناك صحوة مجتمعية لمعاقبة الفاسدين في محاكم شعبية دام ومازلنا نعيش في هامش الدولة.
أهمية اقتصادية قصوى :
ويواصل الدكتور ناصر الماس،كاتب صحفي :
تشكّل مصافي عدن أهمية اقتصادية قصوى للبلد، إذ تساهم بشكل واضح في رفد الخزينة الوطنية بالعملات الصعبة، علاوة عن توفير حاجة السوق المحلية من المشتقات النفطية، بأسعار مناسبة وبنوعيات جيدة، دون الحاجة للاستيراد من الخارج مع كلفته، حيث تظل الحاجة ماسة لتفعيل عمل هذه المؤسسة الحيوية، وتمكينها من مهامها، إلا أن هناك تبدو عوائق تحول دون تشغيلها، وأكثرها يتعلق بطبيعة الصراع بين القوى المختلفة على الساحة، وبالأخص تلك القوى المناوئة للمشروع الجنوبي، والتي باتت مسألة استقرار محافظات الجنوب تؤرقها، فضلاً عن تنشيط مؤسساتها وتمكينها من الاستفادة من إمكاناتها المتاحة.
هناك حرب غير معلنة تُشن على أبناء الجنوب، من تلك القوى المعروفة في مسعىً لإعاقة المشروع الجنوبي التحرري، بتدمير المؤسسات، وإشغال المواطن بحرب الخدمات، وفتح أكثر من جبهة مواجهة.
وتعبر عن رأيها الأستاذة روزا فضل علي ،سكرتير لجنة المناقصات :
طموحاتنا كبيرة ولن نحيد عنها في إعادة مجدها وإشعال شعلتها لتنير سماء عدن الجميلة،وبالرغم من الأيدي الخفية التي تسعى لإعادة تشغيل المصفاة من جديد سواء من إدارة المصفاة أو رئاسة الدوله نحتاج مساعدة حقيقية وجادة وملموسة لاستكمال عملية التحديث ، ونتمنى في الأيام القادمة وفي بداية هذه السنه أن تكون هنالك بداية خير لكل القائمين لإعادة المصفاة إلى وضعها الطبيعي .