الجنوب العربيالسلايدر الرئيسيتقاريرقضايا عامة

الحلقة الثانية من سلسلة حلقات «ملفات مفتوحة».. «كوارث حرب العام 1994» تدمير ممنهج للقطاع الصحي في الجنوب

سمانيوز / ملفات / محمود أنيس

تحدثنا في العدد الصادر الخميس الماضي بشكل مختصر حول موضوع سلسلة حلقات “ملفات مفتوحة”. وقمنا بنشر أول حلقة من حلقات “ملفات مفتوحة” والتي كانت بعنوان “حرب العام1994م وما قام به نظام صنعاء وحلفائه من تدمير ممنهج للتعليم في الجنوب.

ومثلما وعدناكم قراءنا الأعزاء ها نحن في هذا العدد سنتناول الحلقة الثانية من سلسلة حلقات” ملفات مفتوحة”

والتي تحمل عنوان ” حرب 1994م وما ترتب على إثرها من تدمير ممنهج لقطاع الصحة في الجنوب”.

وقبل فتح الملف من الحلقة الثانية من سلسلة حلقات “ملفات مفتوحة” ، فإننا نعلم جميعنا ما حدث في الجنوب من تدمير وتهميش عقب حرب 1994م وما لحق من ضرر للمواطن الجنوبي من ضرر نفسي ومعنوي واقتصادي ، وغيرها من الأضرار التي لايزال يعاني منها الجنوبيون منذ حرب صيف 1994م حتى يومنا هذا.

واليوم قراءنا ومتابعينا الأعزاء نفتح معكم الملف الثاني من سلسلة حلقات “ملفات مفتوحة”.

قطاع الصحة :

قبل قيام الوحدة المشؤومة بين دولة الجنوب واليمن كانت هناك فروقات واختلافات عديدة وكبرى بين الدولتين حين ذاك.

ومن المفارقات والاختلافات القائمة بين الدولتين حينها على سبيل المثال بأن دولة الجنوب كانت تعمل على النهوض بالبنية التحتية والتنمية وتأهيل أبناء الجنوب، كما أنها كانت حريصة على المواطن وتسعى على توفير كل مقومات الحياة والاحتياجات التي يحتاجها بشكل جيد في مختلف المجالات، عكس ماكان في دولة الشمال اليمني التي كانت مستوى البنية التحتية فيها شبه معدومة بالإضافة أن المواطن الشمالي كان يعيش حياة صعبة ، وذلك بسبب تقاعس الدولة عن مهامها وواجبها تجاه مواطنيها الذين كانوا يعانون من أشياء عدة.

ويعتبر قطاع الصحة والوضع الصحي من الفوارق الرئيسية بين الدولتين حين ذاك.

ولقد كانت دولة الجنوب حريصة على تأهيل وتطوير القطاع الصحي وتعمل على تسخير كل الإمكانيات المتاحة لديها، كما عملت على الاستعانة بالدول الصديقة بأن تساعدها في دعم قطاع الصحة.

وكانت دولة الجنوب تحرص على تعليم وتأهيل الأطباء والطواقم الطبية ، وذلك للقيام بواجبهم تجاه المرضى بشكل جيد، كما عملت الدولة على إرسال الأطباء للدراسة في الخارج، ومن جانب آخر بأن دولة الجنوب قد استقبلت البعثاث الطبية في المستشفيات والمرافق الصحية لمعالجة المرضى وإجراء العمليات لهم ، وهذا لم يكن في المستشفيات المتواجدة بالمدن فقط، إنما كان هناك بعثات طبية أجنبية في الأرياف والقرى.

كما أن الدولة في الجنوب كانت تقوم بإرسال بعض المرضى أصحاب الأمراض المستعصية للعلاج إلى الخارج وذلك على نفقة الدولة.

ويذكر بأنه في عام 1985م قد أصبحت دولة الجنوب خالية من مرض شلل الأطفال والكساح والسعال الديكي ، وذلك بشهادة جامعة الدول العربية وغيرها من الأمراض، عكس ماكان في دولة الشمال اليمني الذي كانت تنتشر بها الأمراض والأوبئة.

ولكن بعد إعلان الوحدة بين الدولتين والذي ترتب على إثرها اندلاع حرب 1994م تغيير كل ذلك، وشهد قطاع الصحة تدميرا ممنهجا مثلما حصل في مختلف قطاعات دولة الجنوب.

فبعد حرب 1994م تعرض القطاع الصحي في الجنوب لعملية تدمير واسعة ، ومع تدمير الصحة بالجنوب فقد قام النظام وحلفاؤه في بناء وإصلاح وتأهيل القطاع الصحي في الشمال على حساب تدميرها بالجنوب.

فبعد حرب صيف 1994م عمل نظام صنعاء وحلفائه على تدمير المرافق الصحية من خلال عدم القيام بإجراء الترميمات والصيانة الدورية لها مما جعل معظم المرافق الصحية تشهد تدهورا كبيرا ، وعلى سبيل المثال ما تعرضت له أكبر المشافي في الجنوب وهي مستشفى الجمهورية في عدن، بالإضافة لمستشفى باصهيب العسكري وعبود، وغيرها من المستشفيات الحكومية في محافظات الجنوب، وبالمقابل فقد عمل النظام وحلفاؤه على إنشاء المستشفيات الكبرى في صنعاء وتعز.

إلى جانب ذلك فقد تعرضت الكوادر الطبية بالجنوب للتهميش والإقصاء ومنهم من تم نقلهم إلى مستشفيات الشمال اليمني ، وبذلك أصبحت المشافي بالجنوب تفتقر للأطباء الأكفاء.

كما كان لمستشفيات اليمن نصيب الأسد من البعثاث الطبية القادمة من الخارج، وكذلك الدعم الذي يقدم من الدول والمنظمات فإنه كان للشمال النصيب الأكبر، وهذا ما جعل الشلل يصيب المستشفيات بالجنوب.

وعمل النظام وحلفاؤه حينها على إنشاء عدد من المجمعات الصحية في عدن وبعض محافظات الجنوب إلا أن ذلك لم يعد بالفائدة التي كانت متوقعة، والسبب بأن هذه المجمعات لم تتلق الدعم المطلوب حتى أن ميزانيتها التشغيلية تكاد لا تذكر، وأصبح تواجدها يقتصر بشكل كبير على إعطاء الحقن وتركيب المحاليل للمرضى فقط،والذي كان من المفترض أن تكون هذه المجمعات بمثابة مستشفيات صغيرة تخدم المواطن ولكن ما حدث كان عكس ذلك تماما.

ويذكر بأنه خلال حرب 1994م جرى افتتاح أحد أكبر المستشفيات في العاصمة عدن والمعرفة بمستشفى عدن العام بصفة غير رسمية، إلى أن الاحتلال اليمني أستمر في نشاطه حتى بعد انتهاء الحرب، وفي حال تلقى المستشفى الدعم اللازم والمطلوب ، فإنه كان سيصبح صرحا طبيا هاما، وبالرغم من العراقيل والصعوبات وضعف الإمكانيات إلا أنه استمر في نشاطه ، ولكن النظام وحلفاءه لم يكثفوا بأن يعملوا على إهمال المستشفى بل تعمدوا على تركه دون صيانة والتي من المفترض أن تحدث للمستشفى بشكل روتيني، ومن جانب آخر جرى توزيع الكوادر الطبية على المستوصفات والمجمعات الصحية وترك المستشفى دون اختصاصيين

وحسب ما توصلنا له بأنه في عام 2004م وحتى 2007م فقد ساءت حالة المستشفى أكثر مما كانت عليه حتى أنه أغلق أبوابه في وجه المرضى والمستفيدين في عام 2007م.

وبعد إغلاق مستشفى عدن والإهمال الذي تعرض له مستشفى الجمهورية والمرافق الصحية الأخرى بالجنوب بدأت عملية استثمار النظام وحلفائه بالقطاع الصحي.

فبعد أن كان العلاج مجانيا في الجنوب، إلا أن ذلك تغير بعد أن بدأت المستشفيات الخاصة والاستثمارية بالظهور، وشهد الجنوب وعدن خاصة افتتاح عدد كبير من المستشفيات الخاصة وفروع لمستشفيات مركزها الرئيسي في صنعاء ومعظمها تعود ملكيتها لمسؤولين وقيادات لحلفاء النظام، والتي كانت تكلفة العلاج بهذه المستشفيات الخاصة عاليا جدا تفوق مقدرة المواطن بالجنوب.

ومع انتشار المستشفيات الخاصة استمر الوضع الصحي بالجنوب بالتدهور وذلك بسبب أن معظم تلك المستشفيات كانت قائمة على المتاجرة بأمراض ومعاناة المرضى.

وكل ذلك حدث بعد حرب صيف 1994م وإلى كل ما شهده القطاع الصحي بالجنوب، إلا أن هناك أشياء أخرى حصلت لشعب الجنوب بسبب انهيار القطاع الصحي والتدمير الممنهج الذي تعرض له.

حيث أن هناك أمراضا وأوبئة بدأت بالظهور في مدن الجنوب وإصابات لحقت بالمواطنين مع العلم أن الجنوب قد تخلص من تلك الأمراض منذ سنوات.

إلى جانب كل ما تحدثنا به عن ماتعرض له القطاع الصحي بالجنوب إلا أن هناك أشياء أخرى أيضا.

ومع كل ما تحدثنا به وذكرناه من تدمير للقطاع الصحي بالجنوب، إلا أن التدهور الصحي طال المواطنين، فبعد أن كان المريض بالجنوب يتلقى الرعاية الصحية الكاملة وعلى أحسن ما يكون، فقد أصبح يعاني من الحصول على الأدوية الذي يحتاجها بشكل مجاني مثلما كان ، وذلك بسبب أنه وبعد 1994م ألغى النظام وحلفاؤه بشكل غير معلن أحقية المريض من العلاج المجاني مثلما كان، بل أصبح أصحاب الأمراض المستعصية لا يستطيعون شراء العلاج أو السفر إلى الخارج مثلما كان إبان دولة الجنوب بسبب عدم تكفل الدولة بذلك، وفي حال تكلفت الدولة بعلاج عدد من الحالات ، فإن ذلك يحدث لخمس حالات من بين مئة حالة تقدمت بطلب العلاج على نفقة الدولة وآخرين تقوم بالتكفل في علاجهم في مستشفيات صنعاء برغم أن اللجان المختصة للوزارة تعلم ضرورة سفر المرضى للخارج، عكس ماكان يحدث في دولة الجنوب التي كانت تقوم بالتكفل في علاج المرضى أصحاب الأمراض المستعصية إلى الخارج مع مرافق له، بالإضافة لتكفل الدولة بعودة المريض إن تطلب الأمر.

مع كل ذلك وصول قيمة العلاج لأسعار خيالية بعد أن كانت مجانية، إلى أن أصبح سعر الأدوية خيالية واحتكارها على شركات تتبع تاجر تربطهم علاقة مع مسؤولين بالنظام أو مع حلفائه ، ولهذا لم تكن هناك رقابة على أسعار الأدوية.

فقد عمل النظام وحلفاؤه على تهميش الأطباء الأكفاء والطواقم الطبية ، وجرى حرمانهم من كثير من المستحقات التي كانوا يستحقون الحصول عليها، إلى جانب حرمانهم من المشاركة الخارجية للتطوير من أنفسهم لكي يعودوا لخدمة المرضى، ومن جانب بأن أجور الأطباء والطواقم الطبية كانت متدنية، ونفس الشيء بأن الميزانيات التشغيلية للمستشفيات والمرافق الصحية بالجنوب كانت بسيطة تكاد لا تذكر. وبهذا الأمر ترك الأطباء والطواقم الطبية العمل، وانتقلوا إلى المستشفيات الأخرى لتحسين أحوالهم وأوضاعهم المالية، والسبب أن ما يحصلوا عليه من أجر من عملهم لدى الدولة لا يكفي ولا يغطي احتياجاتهم واحتياجات اسرهم.

ختاماً ..

لم يكتفي نظام صنعاء اليمني وحلفائه بكل ما قاموا به من تدمير ممنهج لقطاع الصحة بل عملوا على تهميش الأطباء الأكفاء والكوادر الطبية ذات الخبرة والكفاءة. حيث أن التدمير الممنهج لقطاع الصحة يأتي في إطار عملية التدمير الممنهج الذي سار عليه النظام وحلفاؤه ، وذلك من خلال تدمير كل القطاعات الخدمياتية في الجنوب وتهميش كوادرها الأكفاء من شعبها، والقضاء على أي مقومات ممكن أن يعتمد عليها أبناء الجنوب، بل أراد نظام صنعاء اليمني أن يبق الجنوب خاضعاً له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى