الجنوب العربيالسلايدر الرئيسيتقاريرقضايا عامة

ملفات مفتوحة«3».. «خصخصة المؤسسات وتسريح الموظفين» أبرز ما تعرض له القطاع العام في الجنوب بعد حرب صيف 1994م

سمانيوز / تحقيق / محمود انيس

بعد نشر حلقتين من سلسلة حلقات ( ملفات مفتوحة) في الأسبوعين الماضيين وهما ملف التعليم والصحة والذي تناولنا فيهما كيف كان التدمير الممنهج بعد حرب صيف 1994م.

وفي هذا العدد قراءنا ومتابعينا الأعزاء يسعدنا أن نطرح الملف الثالث من سلسلة حلقات (ملفات مفتوحة)، ونستعرض في هذا العدد ملف القطاع العام في دولة الجنوب ، وما تعرض له من تدمير ممنهج من قبل نظام صنعاء وحلفائه بعد حرب صيف 1994م، ومدى تأثير ما حدت على الموظفين والمواطن بشكل عام.

فمن المعروف بأن الجنوب قد تعرض في عام 1994م لحرب بربرية قام بها نظام صنعاء وحلفاؤه الذين لم يكتفوا بذلك فقط، بل قاموا بشن حرب أخرى لا تختلف عن بربرية حرب صيف 1994م.

والحرب التي قام بها هذا النظام حين ذاك وحلفاؤه هي حرب قامت على تدمير مقومات الحياة والقطاعات الحيوية وكل ماهو جميل بالجنوب حينها ، وتهميش الكوادر الجنوبية وأبنائها وتسريحهم من أعمالهم مما تسبب في تدهور الحياة المعيشية لدى الشعب الجنوبي ممن كانوا يعملون في القطاع العام للدولة.

حيث أن الجنوب كان قائما على نظام اشتراكي أي كل المصانع والمؤسسات والشركات تخضع للدولة ، وأنه لا يحق لأحد العمل والتوظيف بها غير أبناء الدولة مقابل رواتب وحوافز وغيرها ، وحقوق تضمن حق الموظف وتضمن له استمرار صرف الراتب حتى وإن استكمل مدة خدمته فإنه يصرف له معاش.

فالجنوب كان يمتلك مايقارب من 63 مصنعا وشركة ومؤسسة حكومية يعمل بها آلآف الموظفين، كما أن هذه المصانع والشركات كانت ترفد خزانة الدولة بالملايين من العملة المحلية والصعبة أيضاً، وتساهم بشكل كبير في اقتصاد وميزانية دولة الجنوب، وكان المواطن الجنوبي يأكل ويستهلك من منتجات مصانعه ومزارعه وبأسعار معقولة تناسب دخل المواطن عكس ماكان قائما في اليمن التي كانت قائمة على النظام الرأسمالي وكان حق الموظف غالبا مايكون ضائعا دون حقوق أو غيرها عكس ماكان في الجنوب حينها، بالإضافة أن المواطن اليمني يعاني من ارتفاع المنتجات وغيرها ، والسبب بأن المصانع والشركات بالشمال معظمها تعود ملكيتها لتجار ومشائخ ومسؤولين بعيداً عن ملكية الدولة اليمنية.

وبعد انتهاء حرب صيف 1994م بدأ النظام وحلفاؤه بتنفيذ عدة سياسات قذرة استهدفت القطاع العام في الجنوب وعمدت إلى تدميره.

أول سياسة يمنية بحق الجنوب :

أول سياسات نظام صنعاء وحلفائه ضد الجنوب القيام بفرض قانون الخصخصة حينما قام بخصخصة المصانع والمؤسسات والشركات في الجنوب وبيعها بأثمان بخسة وقليلة، وبالرغم من بيعها فإن نظام صنعاء قام بشراء كل تلك المؤسسات ولم يقم بتشغيلها، بل قام بإيقافها وتسريح العاملين فيها واحتفظ بالأرض، ثم قام بعد سنوات بهدم المباني وبناء بدلا عنها أشياء أخرى، وجعلها محل استفادة وفيد وتجارة على حساب مؤسسات الجنوب وبيع ماتبقى منها.

وتأكيداً على ماقام به نظام صنعاء اليمني الاحتلالي، حصلنا على معلومات موثقة سبق نشرها، تفيد بقيام حكومة النظام وحلفائه على إصدار قرار رقم 44 لسنة 1997م والذي نص على تصفية وخصخصة أكثر من 22 منشأة صناعية في كل من العاصمة عدن وحضرموت وأبين تحت مبرر بأنها منشآت خاسرة.

حيث تم تشكيل لجنة فنية تتكون من عدد من المسؤولين بالإضافة للجنة أخرى إدارية للقيام بتنفيذ القرار، وصرف حينها لهذا اللجان مبلغ وقدره عشرون مليون ريال كانت تحت تصرفهم المطلق.

ولإنجاح ما خطط له النظام وحلفاؤه فيما يتعلق في خصخصة المنشآت الجنوبية، فقد شمل قرار الحكومة وقتها تنفيذ طريقتين لإتمام خطة الخصخصة.

الخطة الأولى :-

بيع الأصول والموجودات ثابتة ومتداولة لتلك المؤسسات أو المرافق وإعادة المباني والأراضي المقامة عليها تلك المؤسسات أو المرافق إلى ملاكها الأصليين بعد التأكد من الوثائق الرسمية المثبتة لملكيتها مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية التعويض العيني للملاك أو بنقل المنشأة إلى موقع ملائم آخر يخصص لإقامة المنشأة عليه.

والخطة التانية :- القيام على تحويل المؤسسات أو المنشآت الصناعية إلى شركة مختلطة من خلال إبرام عقد تأسيس الشركة مع القطاع الخاص”.

وهكذا نجح النظام وقتها وحلفاؤه في تنفيذ ما خططوا له من خلال قرار وخطة عمل الحكومة التابعة لهم، وكان المستفيد من ذلك شخصيات محسوبة على النظام وحلفائه ومقربة منهم.

إلى جانب ما حدث، فقد تشكل فريق فني بقرار حكومي مقره وزارة الصناعة في صنعاء برئاسة يحيى المتوكل الذي عين لاحقاً كوزير للصناعة ، والذي جرى تحويل جميع الوثائق والملفات إلى اللجنة الفنية المشكلة.

فاتخدت اللجنة الفنية أسلوب المحايلة وسلكت طريقا ملتوية لتنفيذ مخطط الخصخصة ولم تلتزم أو تلتفت لتوصيات اللجان الفرعية في عدن.

فعملت هذه اللجان على ان تجعل غالبية مصانع الجنوب أشبه بأطلال بغرض نهب أراضيها، وعلى سبيل المثال للمصانع التي حدث لها ذلك هو مصنع الألبان ومصنع صيرة للمشروبات ومصنع الأدوات الزراعية ومصنع الغزل والنسيج ومصنع البسكويت ومصنع الطماطم.

فما قام به النظام وحلفاؤه يكون قد نجح في تدمير جزء كبير من القطاع العام بالجنوب، دون مراعاة لمن كانوا يعملوا بتلك المنشآت فبعد تنفيذ قرار الحكومة قد توقف عمل الآف الموظفين وسرحوا من وظائفهم.

وبحسب ووفق الإحصائيات التي توصلت إليها اللجان الفرعية في عملها الميداني والمكتبي خلال تلك الفترة المشوؤمة ، فقد بلغ عدد العاملين والعاملات في المؤسسات التي تم خصخصتها وتصفيتها وإحلالها نحو ( 6000 ألف) عامل وعاملة فقط في قطاع الصناعة بالعاصمة عدن ، تم إقصاؤهم وتشريدهم وتوقيف رواتبهم أو تحويل البعض منهم إلى صندوق الخدمة الذي لم يكن له رصيد ، فقد ذهبت كل الأموال إلى جيوب المتنفذين المقربين من النظام وحلفائه.

النظام وحلفاؤه لم يتوقف عن خططه التدميرية في الجنوب هنا، بل أن مخططهم التدميري الخبيث قد طال أهم المؤسسات بالجنوب والتي كان بإمكان النظام أن يجعلها من أهم مؤسسة في الدولة التي يحكمونها وجعلها منافسة لكبرى المؤسسات العالمية والإقليمية، ولكن حقد نظام صنعاء اليمني وخبثهم قد أوصلهم إلى درجة لا توصف هدفها تدمير كل شيء هام وحيوي بالجنوب.

فقد تعرضت المؤسسة العامة للملح على يد النظام وحلفائه لأبشع عملية تدمير، وذلك من خلال تحويل هذه المؤسسة بأراضيها الواسعة وأحواضها التي تبلغ مساحتها بالهكترات والتي يسميها أبناء الجنوب بـ ( المملاح ) وتحويل ملكيتها إلى المؤسسة الاقتصادية العسكرية التابعة للنظام وحلفائه الذين استفادوا مع المتنفذين المقربين منهم من تدميرها.

حيث أن ما تعرضت له المنشآت الصناعية والحيوية في الجنوب من تدمير ممنهج عدواني بعد حرب صيف 1994م على يد النظام وحلفائه ومن معهم فهذا يدل على المخطط الخبيث الذي عملوا على تنفيذه بشكل دقيق ومدروس. فكل ماقام به نظام صنعاء اليمني قد انعكس على أبناء الجنوب من خلال تسريح الموظفين والعاملين في تلك المنشآت والمؤسسات، بالإضافة للمواطنين من أبناء الجنوب الذين كانوا هم من يستهلكون ما ينتج من مصانعهم، وليس هؤلاء فقط، إنما الاقتصاد العام تأثر نتيجة ماقام به نظام صنعاء الاحتلالي من تدمير المنشآت الجنوبية التي كانت تقوم بتصدير منتجاتها للخارج وبيعها بالعملة الصعبة.

والغريب بأن هناك من يستغرب لماذا الجنوب خرج يطالب بفك الارتباط وعودة الأمور إلى ماقبل الوحدة، للأسف نظام صنعاء وحلفاؤه قد عملوا مالم يعمله أحد بالجنوب والجنوبيين، حيث أن شعب الجنوب هو أكثر ممن كان يطالب بالوحدة عكس الشمال وشعبه، ولكن بعد ما حدث لهم طالبوا بفك الارتباط بسبب الظلم والتهميش والتنكيل الذي تعرضوا له بعد حرب صيف 1994م.

وقبل أن نختم الملف الثالث من سلسلة حلقات “ملفات مفتوحة” وفتح الملف الرابع في العدد القادم بعون لله سنذكر لكم أعزاءنا أبرز القرارات التي صدرت من الحكومات التابعة لنظام صنعاء وحلفائه وتسببت في تدمير القطاع العام بالجنوب بالإضافة للمنشآت التي طالها التدمير.

ومن أبرز القرارات التي صدرت لتنفيذ مخطط تدمير القطاع العام بالجنوب.

قرار رقم 8 لعام 1994م،

قرار رقم 150 لعام 1994م،،

قرار رقم 44 لعام 1997م،

وغيرها من القرارات الأخرى التي نصت على تدمير القطاع العام والمنشآت الحيوية بالجنوب.

ومن المنشآت الحيوية التي شملتها القرارات المذكروها أعلاه نسردها لكم على النحو التالي :-

مؤسسة الصناعات النسيجية ومصنع معجون الطماطم ومصنع الثورة للمنتجات الحديدية ومصنع الأدوات الزراعية والمعدنية والمؤسسة العامة للألبان ومؤسسة أوسان للبسكويت والحلويات، والمخبز الآلي بالمنصورة ومصنع الأحذية الجلدية والمخبز الشعبي وتعاونية المرأة للخياطة في عدن َوتعاونية الصناعات الجلدية (عدن)و مصنع الشهداء للملابس ومصنع الزيوت النباتية والمؤسسة الوطنية للمشروبات “صيرة”ومصنع الدباغة الوطني وموقع مصنع الصابون ومصنع الغزل والنسيج ،مصنع البسكويت، مصنع الألبان ، مصنع البطاريات السائلة، مصنع الجندي للبلاستيك ومصنع العطور، المخبز الشعبي، تعاونية الصناعات الجلدية، تعاونية المرأة للخياطة، مصنع الدباغة الوطني، مشروع مصنع الصابون، مصنع المعدن بالمعلا ، مصنع الطلاء والأملشن، مصنع المشروبات الغازية ، المؤسسة العامة للملح ، وهناك عدد من مصانع القطاع المختلط مثل ( مصنع الشباشب المطاطية، مصنع السجائر والكبريت وغيرها من المصانع”.

هذا بعض ما تعرض له القطاع العام بالجنوب بعد حرب صيف 1994م على يد النظام وحلفائه.

وبهذا نكون قد أكملنا الملف الثالث من سلسلة حلقات” ملفات

مفتوحة” وانتظرونا بالملف الرابع في العدد القادم بإذن الله تعالى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى