الجنوب العربيالسلايدر الرئيسيتقارير

انهيار كارثي للعملة المحلية في الجنوب وصمت رئاسي وحكومي «مستغرب»

سمانيوز / تقرير

لقد أصبح حال المواطن الجنوبي في الوقت الراهن أشبه بحال الفقير التي رسمها الإمام الشافعي في هذه الأبيات.

يمشي الفقير وكل شيء ضده

والناس تغلق دونه أبوابها

وتراه مبغوضاً وليس بمذنب

ويرى العداوة ولا يرى أسبابها

حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة

خضعت لديه وحركت أذنابها

وإذا رأت يوماً فقيراً عابراً

نبحت عليه وكشرت أنيابها.

حالة إنسانية تستدعي تدخل إنساني سريع لإنقاذ المواطن الجنوبي من شبح المجاعة نتيجة الانهيار المتسارع للريال اليمني.

وفي المقابل أصم أسماعنا البنك المركزي بالعاصمة عدن بالبيانات والتعاميم وبالقرارات تلو القرارات الصادرة عنه والهنجمة والوعيد التي أتضح أنها مجرد جعجعة ولانرى طحينا.

قرارات حيرت المواطن الجنوبي الذي بات يتساءل هل هي لتعزيز قيمة الريال اليمني أو ضده؟ فكلما سمعنا أن البنك المركزي في عدن أصدر قرارا تبعه مباشرة انهيار للريال اليمني حتى وصل إلى أدنى مستوياته ليتجاوز عتبة الـ1890 ريالا للدولار الواحد ورافق ذلك موجة غير مسبوقة من الغلاء وارتفاع أسعار المواد الغذائية ما ينذر بقدوم كارثة اقتصادية معيشية وثورة جياع لاتحمد عقباها.

تتهاوى قيمة الريال اليمني في الجنوب باستمرار رغم استئناف البنك المركزي مزاداته لبيع النقد الأجنبي للبنوك التجارية بعد أسابيع من حصوله على دفعتين من الدعم الاقتصادي الذي أعلنته الحكومة السعودية للشرعية في العاصمة عدن.

ووسط سخط واحتقان شعبي تساءل مواطنون عن سر الصمت الحكومي والرئاسي أمام الانهيار الحاصل للريال اليمني في الجنوب، وعجزهما عن إيجاد حلول لإنقاذه. مؤكدين تدهور الأوضاع المعيشية بشكل كبير ، وأن الوضع أصبح مأساويا جدا وخطيرا أدى إلى بروز أزمة إنسانية قاتلة مكتملة الأركان تستدعي تدخلا إنسانيا سريعا.

الأسباب :

وعزا مختصون أسباب انهيار الريال اليمني إلى عدة أسباب أهمها :

الحرب المستمرة منذ العام 2015 وتبعاتها في توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية ، وتراجع الصادرات وتفاقم العجز المالي وارتفاع معدلات التضخم.

إلى جانب انقسام البلاد بين حكومة معترف بها دوليًا في عدن ، وجماعة الحوثيين في صنعاء، أدى إلى وجود بنكين مركزيين يصدران العملة، مما خلق فوضى نقدية وأضعف ثقة المواطن بالريال اليمني. وكذا طبع المزيد من العملة ، لجأت الحكومة اليمنية إلى طبع المزيد من العملة لتمويل نفقاتها، مما أدى إلى زيادة المعروض النقدي وتفاقم التضخم.

وكذا تراجع تحويلات المغتربين اليمنيين بشكلٍ كبير بسبب الحرب، مما أدى إلى نقص في العملات الأجنبية، وفقدان الدعم للاقتصاد المحلي.

بالإضافة إلى هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية في الجنوب أدّت إلى توقف تصدير النفط، وهو مصدر رئيسي للعملات الأجنبية للحكومة، إلى جانب تفشي الفساد المالي والإداري والأزمات المفتعلة.

مواطنون يتحدثون لسمانيوز :

وأكد لسمانيوز عدد من المواطنين المحليين بالعاصمة عدن أن انهيار الريال اليمني انعكس سلباً على جميع مناحي الحياة المعيشية، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي وتفاقم المشاكل الاقتصادية على كاهل ارباب الأسر ، ارتفعت أسعار جميع المواد الغذائية الأساسية والخضروات والفواكه والأسماك وغلاء جنوني في إيجارات المنازل والعقارات ، كما فقدت رواتب الموظفين قيمتها الشرائية وأن المجاعة أصبحت على الأبواب . لافتين إلى تأثر الجميع سلباً ، بما في ذلك التجار الكبار وأصحاب البقالات والأكشاك منيت تجارة البعض منهم بخسائر فادحة ، مطالبين المجلس الرئاسي والحكومة والبنك المركزي بالنظر إلى معيشة الناس من زاوية إنسانية ووضع حلول إسعافية توقف الانهيار الحاصل للريال اليمني وتعيده إلى سابق عهده.

فيما أشار محللون إلى أن الحاصل يأتي في سياق الضغوط السياسية القصوى ضد الجنوبيين، استخدم خلالها الريال اليمني كسلاح لتركيع الجنوبيين ولإجبار المجلس الانتقالي الجنوبي على تقديم تنازلات ، ولثنيه عن مشروع استعادة الدولة الجنوبية والقبول بالانخراط ضمن عملية سلام مستبعدة منه القضية الجنوبية، سلام ينتقص من الحق السيادي الجنوبي يجعل الجنوبيين خاضعين تحت هيمنة صنعاء .

تدويل الأزمة :

وبحسب شبكة الجزيرة الإعلامية نقلاً عن (رويترز)

قال الباحث المتخصص بالشؤون الاقتصادية والمصرفية وحيد الفودعي إن تجدد انهيار صرف العملة المحلية كان نتيجة عوامل محلية وإقليمية أهمها الحرب في البلاد ، وما خلّفته من كوارث اقتصادية.

وأضاف أن هجوم جماعة الحوثي على موانئ تصدير النفط نهاية عام 2022 كانت القشة التي قسمت ظهر البعير مع توقف تصدير حكومة عدن للنفط تماما، ما أفقدها أهم مورد في موازنتها والذي يتعدى نسبة 70%، بحسب تقديرات حكومية.

وحذر الفودعي من مزيد من الضغوط على الريال اليمني وتدهور قيمته أمام العملات الأجنبية إذا استمرت الأوضاع كما هي.

وبحسب (رويترز) قال أبو أحمد (50 عاما) الموظف الحكومي في عدن وهو يمسك بحفنة من أوراق النقد المحلية : هذه 50 ألف ريال كنت أشتري بها كيس سكر 10 كيلوغرامات، وكيس أرز بنفس الكمية وكرتون طماطم وحليب الأطفال وأشياء أخرى لافراد اسرتي. الآن هذا المبلغ لايكفي لشراء كيس أرز .

وأضاف : أولادنا جاعوا، جعنا، هبوط قيمة الريال قتلنا، وأصبحنا عاجزين عن توفير متطلبات الحياة الأساسية وانقطاع الكهرباء قتل أعصابنا وأرواحنا.

كما قال بسام علي عمر (40 عاما) وهو موظف حكومي أيضا : المواطن أصبح يعاني الأمرّين بين تردي الخدمات وانهيار العملة وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وتعليقا على ذلك قال أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن يوسف سعيد إن التراجع المتسارع في سعر صرف الريال اليمني يعود إلى عوامل كثيرة أهمها :

غياب أي روافد اقتصادية جديدة تساعد على حل الأوضاع.

استمرار الجمود السياسي بين الطرفين المتحاربين.

التوترات في البحر الأحمر.

ووفقا لمراكز اقتصادية، انخفض الريال اليمني بأكثر من 300% عما كان عليه قبل الحرب عندما كان سعر الصرف مستقرا عند نحو 214 ريالا أمام الدولار في 2014.

ويخشى مراقبون أن تواصل العملة اليمنية انهيارها وتبلغ ألفي ريال مقابل الدولار بحلول نهاية العام وهو ما ينذر بحدوث مجاعة تهدد الملايين .

ختامًا ..

لقد تفشى الفقر بشكل مرعب وأصبح الجنوب على أعتاب المجاعة، إلى جانب تدهور الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والكهرباء والمياه، بسبب نقص في الموارد المالية. وكما يقولون كثرة الضغط يولد انفجار. الصمت الحكومي والرئاسي غير مبرر وغير مقبول وفي حال العجز والفشل عن إيجاد حلول ومخارج عليهم إعلان ذلك صراحة أمام الشعب وتقديم استقالاتهم كونهم اصبحوا جزء من المشكلة.

إن تجاهل هذه القضية وإطالة أمدها يدفع صوب خروج الوضع عن السيطرة عاجلاً أو آجلاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى