تمكين المرأة الجنوبية ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة
سمانيوز/حوار/ حنان فضل
يسرني أن أقدم في هذا العدد لقاءً مميزاً مع الأستاذة إيمان اليافعي، خبيرة في مجالات التعليم والتطوير المجتمعي، ومتخصصة في دعم الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما في مجال اضطراب طيف التوحد، بالإضافة إلى ذلك فإنها تحمل رؤية قوية حول تمكين المرأة، خاصة في المجتمع الجنوبي.. من خلال هذا الحوار سنتعرف أكثر على تجربتها وآرائها في مجالي التوحد وتمكين المرأة.. وإليكم نص الحوار:
س/ ما هي أبرز التحديات التي واجهتيها خلال عملك مع الأفراد المصابين باضطراب طيف التوحد؟
لا، التنمر ليس من صفات المصابين بالتوحد. الأفراد المصابون بالتوحد قد يواجهون صعوبات في التواصل الاجتماعي وفهم المشاعر، مما قد يُفهم أحيانًا بشكل خاطئ. من ناحية المعايير، فإن التأخر في التطور اللغوي والاجتماعي، السلوكيات التكرارية، واهتمام محدود بنشاطات معينة، هي السمات التي يتم النظر فيها عند التشخيص. المهم أن نتذكر أن التشخيص يتم بناءً على تقييم شامل من مختصين.
ومن هنا، أود أن أوضح نقطة مهمة؛ اضطراب طيف التوحد ليس “مرض التوحد”، بل هو اختلاف في النمو العصبي يؤثر على طريقة التفاعل مع العالم، ويشمل نطاقاً واسعاً من القدرات والتحديات. لذا يتم تصنيفه كاضطراب طيفي ليعكس تنوع الحالات.
س/ هل يمكن تأهيل الأطفال الذين يظهرون سلوكيات تنمر؟
نعم، بالتأكيد يمكن تأهيلهم من خلال برامج تدريبية وتوجيهية تركز على تطوير مهارات التواصل والاحترام وفهم عواقب التصرفات المؤذية. يمكن أن تشمل هذه البرامج جلسات علاجية وورش عمل وبرامج تدريب على الذكاء العاطفي. أسباب السلوك المتنمر قد تكون نتيجة تجارب سلبية، نقص في الدعم العاطفي، أو نماذج سلوكية غير صحية في البيئة المحيطة. من المهم التعامل مع هذه السلوكيات بطريقة إيجابية وفعالة.
س/ ما هي البرامج والتقنيات المتاحة للتعامل مع اضطراب طيف التوحد؟
هناك العديد من البرامج المتخصصة، ومنها:
1. تحليل السلوك التطبيقي (ABA): يركز على تحسين المهارات والسلوكيات، من خلال تعزيز السلوكيات الإيجابية وتقليل السلوكيات غير المرغوبة.
2. برنامج صن رايز: يشجع على التفاعل الاجتماعي، ويعتمد على إشراك الأهل في العلاج وتعزيز البيئة الداعمة.
3. التدخل المبكر: يعتمد على تقنيات، مثل العلاج باللعب لتحسين التواصل والنمو المبكر.
كل هذه الأساليب فعالة، لكن نجاحها يعتمد بشكل كبير على الشخص المعالج ومدى تفاعله مع الطفل.
س/ من خلال تجربتك، هل ترين أن هناك حاجة لتمكين الأمهات بمهارات محددة لدعم أبنائهن بشكل أفضل؟
استنادًا إلى تجربتي في العمل مع الأسر، وخاصة الأمهات، لاحظت أن عدم تزويد الأم القريبة من الحالة بالمهارات الضرورية، مثل مهارات البحث العلمي والتواصل مع المختصين، يعد فجوة كان من الأجدر معالجتها منذ البداية. بحكم قرب الأم من الحالة، فإن تمكينها من هذه المهارات يعد أمرًا بالغ الأهمية. هذا النقص دفعني إلى توجيه اهتمامي نحو هذا المجال، حيث وجدت نفسي أقدم تدريبات شخصية للأمهات، مما يسهم في تعزيز قدراتهن ويزيد من دعمهن لأبنائهن بفعالية أكبر.
ومن هنا، قمت بتوسيع نطاق بحثي ليشمل مزيدًا من الأمهات والحالات المشابهة، ووجدت نتائج إيجابية ملموسة في عدد لا بأس به من الحالات. هذا التوسع أظهر بشكل واضح أن تمكين الأمهات بالمهارات اللازمة ليس فقط ضرورياً، بل يحقق تأثيراً حقيقياً في تحسين جودة حياة الأفراد الذين يتطلبون رعاية خاصة.
س/ نحن نعلم أن شغفك لا يقتصر فقط على العمل مع الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، بل يمتد أيضًا إلى تمكين المرأة، وخاصة في المجتمع الجنوبي.. كيف ترين دور المرأة الجنوبية في التنمية وصنع القرار؟
بالضبط، إلى جانب اهتمامي بعلاج اضطراب طيف التوحد والتعامل مع الأفراد، لدي اهتمام كبير بدور المرأة في المجتمع، خاصة في مجالات التنمية والتعليم. المرأة الجنوبية تلعب دورًا حيويًا في التنمية. تمكينها لا يسهم فقط في تحسين حياتها الشخصية، بل ينعكس على المجتمع ككل. من المهم إشراكها في عملية اتخاذ القرار لتعزيز التنمية المستدامة. التعليم والتدريب هما الركيزتان الأساسيتان لبناء قدرات المرأة وجعلها عنصرًا فعّالًا في المجتمع.
س/ ما هي الجوانب الأساسية التي تعتقدين أن المرأة الجنوبية بحاجة إلى تمكينها فيها؟
1. تمكين المرأة في المجتمع: أود التركيز على دور المرأة في اتخاذ القرارات الهامة، والمشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. تمكين المرأة ليس فقط مفتاحًا لتحقيق التنمية المستدامة، بل أيضًا لتحسين مستوى الحياة بشكل عام.
2. التعليم والتدريب: التعليم هو الأساس لتمكين المرأة، ومن المهم توفير فرص تدريب وتأهيل تساهم في بناء قدراتهن، وزيادة مشاركتهن الفعالة في سوق العمل والمجتمع.
3. التمكين القانوني: يجب أن نواصل تعزيز الحقوق القانونية للمرأة لضمان حمايتها من التمييز والعنف، وضمان المساواة في القوانين المتعلقة بالعمل والحياة الاجتماعية.
س/ كيف ترين مستقبل المرأة الجنوبية في ظل هذه المبادرات والجهود المبذولة؟
المرأة الجنوبية كعنصر فعّال في التنمية تتميز بحساسيتها وتفاعلها مع القضايا المجتمعية، وإشراكها في عملية اتخاذ القرار سيساهم بشكل كبير في تسريع عجلة التطور. قدرتها على التأثير الإيجابي في بيئتها يجعل تمكينها أولوية لا غنى عنها لتحقيق التنمية المستدامة.
تمكين الفتاة والمرأة من خلال التعليم الأكاديمي والتدريب المهني سيترك أثرًا عميقًا ليس فقط على حياتها الشخصية، بل على الجيل الناشئ أيضًا. كما قال الشاعر: “الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق”، وهذا يؤكد أن استثمارنا في تعليم المرأة هو استثمار في المستقبل.
وأخيرًا، حماية المرأة من جميع أشكال العنف أمر لا يقبل النقاش أو التأجيل. يجب أن تكون حقوق المرأة في الأمان والكرامة مصانة بشكل كامل، وأن تتوفر لها الحماية القانونية والاجتماعية اللازمة لضمان مشاركتها الفعالة في المجتمع دون أي تهديد.
إضاءة تقنية
التكنولوجيا الحديثة لها دور كبير في دعم وتمكين المرأة، سواء في مجال التعليم أو العمل أو حتى في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. من خلال التكنولوجيا، أصبح من السهل الوصول إلى المعلومات والدورات التدريبية، وكذلك التواصل مع المختصين عبر منصات مثل Zoom وSkype. التكنولوجيا توفر فرصًا للتعلم عن بُعد والعمل المرن، مما يمكن المرأة من الموازنة بين حياتها الشخصية والمهنية، كما أنها تساعد في تقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجهها في رعاية أفراد الأسرة، خاصة ذوي الاحتياجات الخاصة.
ختاماً.. كلمة أخيرة من إيمان اليافعي: لقد رأيت عن كثب كيف أن تمكين المرأة الجنوبية ليس فقط حقًا، بل ضرورة لخلق مجتمع قوي ومتماسك. فهي قادرة على التأثير بشكل غير مسبوق عندما تُمنح الفرص للمشاركة في التنمية وصنع القرار. من خلال توفير التعليم الأكاديمي والتدريب المهني، نُعدّ المرأة لتكون رائدة في كل مجال تدخل فيه، وهذا لا ينعكس فقط على حياتها الشخصية، بل ينعكس على الأجيال القادمة.
المرأة المتعلمة هي من تبني المجتمعات وتنقل القيم والمعرفة. وفيما يتعلق بحماية المرأة من العنف، فإن هذا أمر لا يقبل النقاش؛ فالمرأة التي تتمتع بالحماية والكرامة قادرة على العطاء والابتكار والمساهمة بشكل فعّال في بناء مستقبل أفضل للجميع. إن التزامنا بتمكين المرأة لا يتعلق فقط بتحقيق المساواة، بل بتحقيق تنمية مستدامة تمس الجميع.