الوالي يحذر: الجنوب ينهار تحت صراع الشراكة والتجويع ويؤكد: حكومة جنوبية خالصة هي الحل العادل قبل فوات الأوان

سمانيوز/العاصمة عدن/ خاص
في رسالة نارية حملت تحذيرات قاسية وتوصيفًا دقيقًا للأزمة، رسم وزير الخدمة المدنية، الأستاذ الدكتور عبد الناصر الوالي، صورة قاتمة للوضع القائم في العاصمة عدن ومحافظات الجنوب، مؤكدًا أن الشعب يواجه حالة تجويع وإذلال ممنهجة، وسط صراع سياسي على إدارة الجنوب، حوّله إلى رهينة حتى يتم التوصل إلى تسوية في صنعاء.
الوالي، الذي نشر كلمته بمناسبة خروج مظاهرات نسوية حاشدة في عدن يوم أمس السبت 10 مايو 2025، استعرض فيها سلسلة من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تضرب الجنوب منذ سنوات، مجددًا طرح رؤية سياسية تعتبر “الحل الوحيد العادل والممكن” يتمثل في “حكومة جنوبية خالصة” تدير شؤون المحافظات الجنوبية بعاصمة في عدن، تقابلها حكومة شمالية في مأرب أو تعز، ضمن تحالف استراتيجي يضمن مواجهة المشروع الحوثي حتى إسقاطه.
وضع كارثي لم يشهد له التاريخ مثيل
افتتح الوالي كلمته بالتأكيد على أن الجنوب يعيش مرحلة “عصيبة ومعقدة لم يشهد لها التاريخ مثيل”، مستعرضًا حراك المعلمين وأساتذة الجامعات الذين خرجوا في إضرابات واحتجاجات دون أن تحظى مطالبهم بأي استجابة. قال بوضوح:
> “هُزم وخُذل المربي والمعلم… ولا حل. هُزم الأساتذة والعلماء… ولا حل.”
ليست هذه سوى مؤشرات على انهيار أكبر، بحسب الوالي، الذي أشار إلى سياسة ممنهجة لتعطيل الموارد الجنوبية، تبدأ بـ”منع تصدير النفط”، وتمر بـ”حصار الميناء”، و”إطفاء شعلة المصافي”، ولا تنتهي عند “وقف ميناء بلحاف”، ما أدى لانهيار العملة وارتفاع جنوني في أسعار الغذاء.
في هذا السياق، أورد صورة واقعية من حياة المواطنين قائلاً:
> “في عدن غذاؤنا بسيط: قليل من الفاصوليا أو البيض، قطعة سمك أو دجاج وقليل من الخبز أو الأرز… ومع هذا أصبح الحصول على واحد منها فقط أمر فيه مشقة ولربما تهدر من أجله الكرامة ويهان الرجل وتذل المرأة… ونحن لا نقبل أن نُهان أو نُذل.”
من التحرير إلى الإهمال… ولا حل
استعرض الوالي المحطات التاريخية التي مر بها الجنوب، متوقفًا عند عامي 1994 و2015 كمفاصل أساسية، حين خرج الشعب بمختلف فئاته في ساحات الاحتجاج والمقاومة الشعبية، وصولًا إلى حرب التحرير ضد الحوثيين.
> “في 2015 خرج شعب الجنوب عن بكرة أبيه… وانتصرنا بفضل الله ودعم التحالف وعدالة قضيتنا.”
لكن ما بعد النصر لم يكن أفضل حالًا، كما أشار الوالي، إذ قال:
> “ذهب الشهداء، ولا زال الجرحى واليتامى والثكالى والارامل يُهانون بعد عشر سنوات من النصر… ولا حل.”
صراع الشراكة… وتكلفة الانتظار
يرى الوالي أن أصل المشكلة يكمن في “صراع محموم على الشراكة في إدارة الجنوب”، صراع لا يهدف لحل بل لـ”إبقاء الجنوب رهينة حتى العودة إلى صنعاء”، مشيرًا إلى أن هذا الصراع تجاوز القيم والأخلاق، واستخدم أدوات القهر والتجويع والإذلال، وأدى إلى إنهاك الجنوب داخليًا واستنزافه على الحدود.
كما حمّل بعض الحلفاء المسؤولية عن تحويل البنادق نحو الجنوب بدلاً من الحوثيين، قائلاً:
> “هناك من الحلفاء من أدار ظهره نحو الحوثي، ووجه بندقيته وإعلامه وعدته وعتاده إلى نحور الشركاء الجنوبيين.”
الحل: حكومتان وتحالف استراتيجي
في خضم هذا الواقع، جدد الوالي طرح حل سياسي قائم على تشكيل حكومتين:
حكومة جنوبية خالصة تدير المحافظات الجنوبية من العاصمة عدن.
حكومة شمالية مقرها مأرب أو تعز، تدير مناطق الشمال.
تحالف استراتيجي بين الحكومتين، بمباركة إقليمية ودولية، حتى إسقاط المشروع الحوثي سلماً أو حرباً.
وأضاف:
> “ربما هذا الأمر اليوم ممكن ومتاح، وهو حل مقبول وعادل… وقد يصير غير متاح وغير مقبول منا غداً.”
غضب نسائي في عدن
توقف الوالي طويلًا عند مظاهرات النساء، واصفًا إياها بأنها تعبير مشروع عن الغضب، مشيرًا إلى أن بعض النساء حملن المجلس الانتقالي الجنوبي المسؤولية، وهذا “حق لهن”، على حد تعبيره.
قال الوالي:
> “الانتقالي مسؤول عن هذا الشعب، ولن يتخلى عن مسؤوليته بأي حال من الأحوال، (إن شدوا أرخينا، وإن أرخوا شدينا، ولكن إلى حين)، رغم معرفتنا بان منهن من ينطبق عليهن( كلمة حق اريد بها باطل) وكان هدفهن ومن وجههن وحرضهن هو ضد الجنوب ولكن سنقف مع المحقات ونتصدى للباطل وقد تصدت له حرائر الجنوب.”
وفي نبرة عاطفية لافتة، قال:
“اليوم خرجت النساء لأنهن السلام، وهن الصبر، فلا تنتظروا خروج الرجال… فإذا خرجنا فلا صبر ولا سلام.”
بين العمل السياسي والعمل الوطني
اختتم الوالي كلمته بتمييز دقيق بين مسارين:
العمل السياسي، الذي وصفه بأنه “فن الممكن”.
والعمل الوطني، الذي قال عنه: “هو فن المستحيل”.
ودعا في ختام كلمته أن يتغلب صوت العقل والحكمة، مؤكدًا أن ما يجري اليوم لم يعد خافيًا على أحد:
> “اللعب أصبح على المكشوف.”
تحليل ختامي:
ما قاله الدكتور الوالي ليس مجرد خطاب احتجاجي عابر، بل وثيقة سياسية تحليلية تكشف عن عمق الأزمة وتطرح رؤية واضحة للحل، تحمل في مضمونها نبرة تحذير من قادم أسوأ في حال استمر الصراع الداخلي على حساب الجنوب ومواطنيه. ومهما تنوعت المواقف، فإن وضوح الخطاب وجرأته في تحميل الجميع المسؤولية – حلفاء وخصومًا – يجعل من هذا التصريح محطة فارقة في تقييم الوضع الجنوبي اليوم.