اقتصادالجنوب العربيالسلايدر الرئيسيتقارير

عدن تتحمل تبعات إفلاس بنوك صنعاء؟ .. قرار نقل “ضمان الودائع” يثير مخاوف من “فخ مصرفي” لصالح الحوثيين

سمانيوز/تقرير/هشام صويلح

عدن تتسلم عبء الإفلاس المصرفي: خطوة إدارية أم انتحار اقتصادي؟

في خطوة مصرفية ذات أبعاد سياسية واقتصادية، أصدر محافظ البنك المركزي اليمني في عدن، أحمد أحمد غالب المعبقي، قرارًا يقضي بنقل المركز الرئيسي لمؤسسة ضمان الودائع المصرفية من صنعاء إلى العاصمة عدن، وهو إجراء ظاهريًا يُفهم في سياق استكمال تفكيك البنية المالية عن سلطة الحوثيين، لكنه يفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات حادة حول العواقب المحتملة على الاقتصاد المحلي في المناطق المحررة.

القرار، الذي أتى بعد تسع سنوات من نقل إدارة البنك المركزي إلى عدن دون أن تصاحبه خطوات فعلية لنقل المقرات المالية السيادية، يعيد إلى الواجهة الإشكالية الكبرى التي طالما رافقت أداء البنك المركزي: اللا مركزية الفعلية في الإدارة المالية، مقابل استمرار ترك “الجسم المصرفي” الأساسي — البنوك التجارية — تحت هيمنة الحوثيين في صنعاء، ما جعل هذه البنوك لاحقًا عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها للمودعين، وفقًا لتحليل المحلل السياسي الجنوبي، المهندس مسعود أحمد زين.

ضمان الإفلاس لا ضمان الاستقرار

بحسب زين، فإن المؤسسة المنقولة — “ضمان الودائع المصرفية” — لا تعد كيانًا رمزيًا، بل هي المسؤولة قانونيًا عن تعويض المودعين في حالة إفلاس البنوك، ما يثير الخشية من أن عدن قد تصبح قانونيًا وعمليًا مسؤولة عن سداد الودائع التي تبخرت من بنوك صنعاء، والتي تقدر — وفق إحصائيات سابقة — بترليونات الريالات.

هذا السيناريو المفترض لا يبدو بعيدًا عن الواقع، في ظل غياب شفافية مالية في صنعاء، وانعدام أي مؤشرات لمحاسبة مالية للبنوك العاملة هناك، بل وتحول كثير منها إلى أدوات مالية بيد سلطة المليشيات. ومن هذا المنطلق، يتساءل المحلل الجنوبي زين:
“هل ما يحدث هو تعزيز للموقف المالي في المناطق المحررة، أم مجرد هدية مجانية للحوثيين تبرئهم من مسؤولية الإفلاس وتحمّلها لعدن؟”

عدن تدفع الثمن مرتين؟

في حال تم تفعيل دور مؤسسة ضمان الودائع من عدن دون إطار قانوني صارم، ستكون السلطة الشرعية قد وقعت — بحسب محللين — في فخ مالي مزدوج: فهي من جهة ستعالج عجزًا ماليًا نشأ في مؤسسات تحت سلطة الحوثيين، ومن جهة أخرى ستفاقم الأزمة الاقتصادية في مناطقها، عبر تحميل البنك المركزي في عدن التزامات غير قابلة للتنفيذ، خاصة في ظل محدودية الموارد، وتعثر القطاع المصرفي الرسمي في المناطق المحررة.

ويتخوف مراقبون جنوبيون من أن القرار قد يمثل سابقة خطيرة في سحب ما تبقى من غطاء اقتصادي وشرعي لمؤسسات الدولة في عدن، وتحويلها إلى مجرد أدوات تصفية مالية دون أي مكاسب سياسية أو اقتصادية ملموسة.

قرار ينذر بالخطر وتواطؤ لا يمكن تجاهله

ومع غياب أي إجراءات مصاحبة تضبط القرار وتحد من تبعاته، يبرز وجه آخر أكثر خطورة.
الخطورة في قرار نقل مؤسسة ضمان الودائع لا تكمن في تبعاته المالية فقط، بل في ما يكشفه من تواطؤ محتمل لصالح الحوثيين، عبر تحميل عدن مسؤولية تعويض ودائع انهارت في بنوك خارجة عن سلطتها. دون ضوابط قانونية أو شفافية، يبدو القرار وكأنه غطاء إداري لتبرئة الحوثيين من الإفلاس، وإغراق البنك المركزي في عدن بالتزامات كارثية لا يملك أدوات تنفيذها.

من المسؤول؟ وأين الشفافية؟

القرار لم يصاحبه حتى اللحظة أي توضيحات رسمية من البنك المركزي في عدن بشأن آلية عمل المؤسسة بعد النقل، ولا حول طبيعة الالتزامات المتوقعة، ولا حتى خطة التمويل، وهو ما يفتح الباب أمام مطالبات متزايدة بشفافية كاملة ومحاسبة واضحة، لضمان أن لا تتحول عدن إلى مظلة لحماية فساد مصرفي صنعاء أو بوابة جديدة لتحميلها مسؤولية إفلاس ليس من صنع يدها.

خاتمة

إن نقل مقر مؤسسة ضمان الودائع إلى عدن في هذا التوقيت، دون معالجة أوضاع البنوك الخاضعة للحوثيين في صنعاء، يُنذر بكارثة اقتصادية ويفتح الباب لتدخّل تلك الجماعة عبر أدواتها المالية القديمة والجديدة. فهذا القرار لا يُقرأ بمعزل عن محاولات الحوثيين اختراق المنظومة المصرفية في عدن، وإغراقها بإرث الإفلاس من صنعاء، بتواطؤ بعض الأطراف في الشرعية أو تجاهلهم المتعمد، ما يجعل الخطر محدقًا بالسيادة المالية للمناطق المحررة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى