الجنوب العربي

القرارات الأخيرة للرئيس الزُبيدي تعيد هيكلة المجلس الانتقالي وتكشف رسائل متعددة

سمانيوز/خاص

مثّلت القرارات التي أصدرها الرئيس عيدروس الزبيدي، يوم أمس، نقطة تحول لافتة في مسار المجلس الانتقالي الجنوبي، من حيث الشخصيات التي جرى الدفع بها إلى مواقع قيادية، ومن حيث الرسائل السياسية والتنظيمية التي تبعث بها هذه التغييرات في توقيت بالغ الحساسية.

ورأى الكاتب الصحفي علي محمد سيقلي أن التغييرات الواسعة في الأمانة العامة تعكس اعترافًا ضمنيًا من قيادة المجلس بضرورة تطوير الأداء المؤسسي، مؤكداً أن المجلس، بعد سنوات من التأسيس والاشتباك السياسي والعسكري، يحتاج إلى نفس جديد وهيكل أكثر مرونة وفعالية.

وأشار إلى أن توزيع المهام على هيئات متخصصة، تشمل التخطيط والتنظيم والإعلام والشؤون القانونية، يُفهم منه وجود رغبة واضحة في تحويل الأمانة العامة إلى ماكينة عمل حقيقية، بدلاً من بقائها مجرد واجهة بيروقراطية.

وفي قراءته لبنية السلطة داخل المجلس، اعتبر سيقلي أن القرارات ليست إدارية بحتة، بل تشكل إعادة توزيع دقيقة لموازين القوى الداخلية، وهو ما يتجلى في تعيين عبدالرحمن الصبيحي أمينًا عامًا، في خطوة قال إنها “تفتح الباب أمام جيل جديد من القيادات ذات الخلفية التنظيمية.” كما لفت إلى أن إسناد مواقع نواب ومساعدين لشخصيات محسوبة على أكثر من تيار يوحي بمحاولة امتصاص التوترات الداخلية وإشراك مختلف المكونات في القرار.

وفيما يتعلق بإدخال الدكتور ناصر الخُبجي إلى هيئة رئاسة المجلس، اعتبر سيقلي الخطوة ذات بُعد سياسي واضح، نظراً لما يتمتع به الخُبجي من خبرة تفاوضية وسياسية طويلة. وأوضح أن وجوده في هذا الموقع يعني تعزيز الملف السياسي للانتقالي، خصوصًا في ظل استحقاقات مرتقبة تتعلق بالمفاوضات وإعادة ترتيب العلاقة مع القوى الإقليمية والدولية.

وأضاف أن الجنوب يقف حاليًا أمام مرحلة مفصلية، تتسم داخليًا بضغط شعبي متزايد لتحسين الخدمات وتثبيت الأمن، وخارجيًا بملفات تفاوضية معقدة حول مستقبل الحل السياسي. وقال إن القرارات الأخيرة تسعى لإظهار المجلس بمظهر الكيان القادر على إعادة إنتاج نفسه، واستيعاب قيادات جديدة، وتجاوز حالة الجمود المؤسسي التي طالما وُجّهت له الانتقادات بشأنها.

وفي تقييمه لمدى نجاح هذه التعيينات، شدد سيقلي على أن الاختبار الحقيقي لن يكون عبر بيانات الإشهار أو التصريحات السياسية، بل بمدى قدرة القيادة الجديدة على تفعيل الهيئات فعليًا، وإدارة التباينات الداخلية بروح مؤسسية، وتحقيق إنجازات ملموسة يلمسها المواطن الجنوبي الذي سئم من الشعارات ويريد خدمات وأمنًا واقتصادًا.

وختم الكاتب بالقول إن القرارات تمثل محاولة لإعادة هندسة البيت القيادي للمجلس الانتقالي بما يتلاءم مع تحديات المرحلة، وتحمل رسالة مفادها أن المجلس يتغير من الداخل ليبقى فاعلًا قويًا على الطاولة السياسية. لكنه في الوقت نفسه حذر من أن هذه التعيينات تفتح الباب على امتحان صعب، فإما أن تتحول الأسماء الجديدة إلى فعل سياسي وتنظيمي حقيقي، أو تبقى مجرد حركة شكلية على الورق، والأيام القادمة وحدها كفيلة بإثبات ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى