استطلاعاتالجنوب العربيالسلايدر الرئيسي

هل تنجح حكومة بن بريك في إعداد موازنة العام 2026؟ .. جنوبيون: دولة بلا ميزانية أشبه بالمال السائب ..!

سمانيوز / استطلاع/خاص

يلزم الدستور اليمني الحكومة اليمنية بضرورة الانتهاء من مشروع إعداد الموازنة العامة للدولة، قبل شهرين على الأقل من دخول السنة المالية الجديدة، ثم عرضها على مجلس النواب لمناقشتها والمصادقة عليها.
ولكن نتيجة لظروف الحرب، وخروج الأوعية المالية في أغلب المحافظات عن سيطرة البنك المركزي، واستغلال بعض المسؤولين الفاسدين حالة الانفلات المالي للاتجار الشخصي، وتحويل العملة النقدية الوطنية، الريال اليمني، من (عملة سيادية) إلى مجرد سلعة، فقد أدى ذلك إلى اطالة فترة إعداد الموازنة لسنوات عجاف.
لا تزال الحكومة اليمنية تواجه صعوبات في لملمة شتات الموارد المالية، نظرًا لامتناع بعض الجهات عن التوريد إلى مركزي عدن، وذهاب إيرادات بعض الأسواق ونقاط التحصيل إلى جيوب خاصة، وتوقف صادرات النفط والغاز.

يوم 28 يوليو 2025م، أصدر رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك، قراراً بتشكيل اللجنة العليا للموازنات العامة للدولة للسنة المالية 2026م.
وقضى قرار دولة رئيس الوزراء، رقم 10 لسنة 2025، بتشكيل اللجنة العليا للموازنات العامة (لجنة الاقتصاد الكلي) للسنة المالية 2026، وذلك لدراسة ومناقشة وإقرار الإطار العام للموازنات العامة، وكذا السقوف التأشيرية المتوقعة على مستوى وحدات السلطتين المركزية والمحلية، في ضوء تقييمها للمؤشرات الأساسية للاقتصاد الكلي (الناتج المحلي الإجمالي، ميزان المدفوعات، العرض النقدي) والتوقعات المتعلقة بها للسنة المالية 2026، وفي ضوء السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية للدولة.
وحدد القرار أسماء رئيس وأعضاء اللجنة، ومهامها واختصاصاتها وصلاحياتها، والمحددات الأساسية التي يجب مراعاتها في إعداد الموازنات العامة للعام المالي 2026م.
وتم اذاعة ونشر نص القرار المطول بجميع وسائل الاعلام.

«سمانيوز» التقت عدداً من الجنوبيين وطرحت عليهم هذا السؤال: هل تنجح حكومة بن بريك في إعداد وإقرار موازنة العام القادم 2026م؟.. وخرجت بالاستطلاع الآتي:

الحكومة التي بلا موازنة فاسدة:

القيادي بانتقالي العاصمة عدن الأستاذ هشام الجاروني قال: في البداية نريد أن نقول إن أي حكومة يجب أن تكون لها ميزانية معلنة للتقييم والمحاسبة والتقدير، لا يمكن أن يكون هناك برنامج لأي حكومة بدون ميزانية معلنة، غير ذلك يعد عملية نصب مكتملة الأركان

وتابع قائلاً: الضرورة هنا تستدعي أن تقوم الحكومة بإعداد ميزانية لها، حتى تستطيع أن تراقب ميزان مصروفاتها وإيراداتها المتوقعة، وما هو العجز وما هو الفائض لديها وفق تلك الميزانية.
واستهجن الجاروني قائلاً: للأسف، الحكومات السابقة كانت تستند في عملها على الفوضى والارتجال المقرونين بالفساد. ببساطة كانت حكومات نهب مقنن عاثت في الأرض فساداً، لذلك كان قرار الأخ رئيس الوزراء في محله والذي قضى بضرورة إعداد موازنة، على غير العادة، وهو ما سيثير حفيظة الكثيرين ضده لأنه سيقنن الصرف، ويتمكن من معرفة المقصرين ومكامن الخلل، وهي كثيرة للأسف.

ويرى الأستاذ الجاروني أن إقرار موازنة العام القادم ممكنة لو توفرت الإرادة. “وأظن – وبعض الظن ليس إثمًا – بأن الأخ رئيس الوزراء يمتلك من الإرادة الكثير، ولكن المفسدين أكثر، وعلينا جميعاً الاصطفاف خلفه ودعمه”.
وأضاف: ما حدث خلال الشهرين الماضيين كان أكبر من أحلامنا وفاق كل التوقعات، لذلك كلنا خلف الأخ رئيس الوزراء في إصلاحاته، وأولها أن تكون هناك ميزانية بموجبها نحاسب الحكومة ونعرف أين يذهب المال العام.
وفي ختام حديثه، أشار الجاروني إلى أنه لا توجد حكومة في العالم تعمل بدون موازنة إلا حكوماتنا السابقة، لأنها ببساطة كانت فاسدة.

دولة بلا ميزانية أشبه بالمال السائب:

ويرى الأستاذ حيدرة عبد الله، مدير ثانوية وقيادي بانتقالي محافظة أبين، أن الدولة بلا ميزانية أشبه بالمال السائب الذي يعلم السرقة، في ظل وجود سرق متمرسين، خريجي مدرسة عفاش وجامعة الدحبشة اليمنية.
وأضاف: الوضع المالي في الجنوب غير مقبول، حالة فوضى ومتاجرة باقتصاد البلد لصالح مسؤولين ومحلات صرافة وتجار فاسدين، أوصلوا الشعب إلى حافة المجاعة. وللأسف، كانت الشرعية اليمنية مظلة تشرعن ذلك الفساد، يقابله سكوت الدول المكلفة بملف الأزمة اليمنية.

وتابع الأستاذ حيدرة قائلاً: الميزانية هي أساس الحوكمة الاقتصادية، تضبط من خلالها الحكومة الإيرادات وأوجه النفقات، التي يأتي من ضمنها رواتب موظفي الدولة بشكل معلن وشفاف، وقلما توجد مشاكل أو اختلالات.
وأردف قائلاً: كما تواجه الحكومة تحديات جانبية أخرى أهمها (كشف الإعاشة).. هل سيتم إدراجه ضمن موازنة الدولة وبالعملة الأجنبية؟ هذا مستحيل، فهو مخالف لقانون ودستور البلد، وأيضاً في حال استمراره فإن ذلك يعد أيضاً مخالفة دستورية وقانونية كبيرة، لأن جميع الموظفين سيطالبون بإدراجهم في كشف إعاشة مماثل، لا أحد أفضل من أحد..

وختم الأستاذ حيدرة حديثه بمطالبة الجهات القانونية برفع مذكرة للنائب العام، وأخرى دعوى قضائية ضد (كشف الإعاشة)، مشيراً إلى أن الكشف قسم الموظفين إلى قسمين: زنابيل وقناديل.

الموازنة أساس الاقتصاد وأداة بناء المؤسسات:

القيادي بانتقالي العاصمة عدن الأستاذ علي الجوهري قال: الميزانية العامة للدولة ليست لعبة بيد الفاسدين، بل هي أساس الاقتصاد وأداة بناء المؤسسات. ولكن منذ العام 2014 تحولت إلى فوضى مالية مقصودة، لم تُعتمد ميزانية حقيقية، بل مجرد خطط إنفاق هزيلة لم تتجاوز 20%، استأثرت بها قلة من المنتفعين عبر صناديق إنمائية ومرافق محدودة، بينما تُركت الدولة منهوبة والناس يواجهون الجوع والانهيار.

وتابع الجوهري قائلاً: لقد صنع الفاسدون من المال العام غنيمة خاصة، بعثروا الإيرادات، وفتحوا الأبواب أمام البنوك والمصارف لتلقي موارد الدولة خارج البنك المركزي، حتى صار الاقتصاد بلا مرجعية، والعملة فريسة للانهيار.
ويرى الأستاذ الجوهري أن الحكومة بدأت تخطو خطوات تصحيحية حقيقية لتثبيت سعر العملة، وتوحيد الإيرادات، وإجبار الجميع على توريدها إلى البنك المركزي، ومنع أي مصرف أو بنك من التعامل خارج هذه المنظومة.. مشيراً إلى أن ذلك بمثابة معركة لكسر ظهور الفوضويين واللصوص الفاسدين، الذين اعتاشوا على نهب موارد الوطن.

وجدد الجوهري، في ختام حديثه، على التاكيد أن هذه الإجراءات ليست ترفاً، بل حرب اقتصادية ضد الفساد، ورسالة واضحة مفادها أن لا عودة للفوضى ولا مكان للعبث بعد اليوم.

رئيس الوزراء أمام معضلة حقيقية:

الأستاذ محمد السعدي أبو عادل، عضو مجلس المستشارين الجنوبيين بالمجلس الانتقالي الجنوبي، وبه نختم الاستطلاع، قال: تواجه حكومة دولة رئيس الوزراء سالم بن بريك، في إعداد موازنة العام القادم 2026م، معضلة حقيقية، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة، وتحت ضغوط الخزانة الأمريكية على البنوك.

وتابع قائلاً: في الحقيقة، لا تزال الأزمة الاقتصادية قائمة، ولا يعني تحسن سعر العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وما ترتب على ذلك من انخفاض نسبي في أسعار المواد الغذائية، أن ذلك ناتجاً عن حلول اقتصادية جذرية، بل إن هذا الانخفاض لم يكن نتيجة لعوائد من النفط أو صادرات بالعملة الصعبة تكفل استقرار العملة، ولا حتى أدى إلى مركزة الإيرادات من المؤسسات الإيرادية للدولة، أو التشغيل الجزئي لمصافي عدن بالطاقة الحالية.

كل هذه الإجراءات ليست سوى حلول جزئية لا تُذكر، في ظل استمرار منظومة الفساد التي تنخر في مؤسسات الدولة من جهة، وصرف المبالغ الطائلة على رواتب المغتربين والإعانات بالعملة الصعبة التي تُحوّل إلى الخارج من جهة أخرى.
علاوة على استنزاف احتياطيات البنك المركزي من قبل بعض المحافظات الشمالية كـ(مأرب وتعز)، اللتين لا توردان إيراداتهما إلى البنك المركزي، بل أصبحتا تشكلان عبئاً إضافياً عليه.

وتأكيداً على استمرار الأزمة، فإن البنك المركزي عاجز حتى الآن عن صرف مرتبات منتسبي القوات المسلحة والأمن منذ ثلاثة أشهر. لذلك، ستواجه الحكومة معضلة حقيقية في إعداد موازنة عام 2026م للأسباب المذكورة آنفاً، إلا إذا حدث تدخل خارجي يتمثل في منحة مالية كبيرة تغطي العجز الاقتصادي الكلي في البنك المركزي، وتغطي الموازنة العامة للدولة لعام 2026م.
وحتى إن تحقق ذلك، فستظل هذه الحلول مؤقتة وغير مستدامة، حد توقعات الأستاذ السعدي.. منوهاً إلى أنه يتوجب على الدولة، بجميع أجهزتها ومؤسساتها، أن تدرج في خططها حلولاً جذرية محلية بديلة، وألا تعتمد كلياً على المساعدات الخارجية. وتتمثل هذه الحلول – بحسب السعدي – في:
– استئناف إنتاج النفط وتصديره.
– تشغيل مصافي عدن بالكامل.
– مركزة الإيرادات في البنك المركزي.
– مكافحة الفساد بكل أشكاله.
– وقف صرف (كشف الإعاشة) للمغتربين والإعانات بالعملة الصعبة.
– تحصيل الإيرادات من جميع المحافظات وإيداعها في البنك المركزي، بما في ذلك المحافظات التي ترتبط ميزانياتها ورواتب موظفيها به.

وختم قائلاً: من خلال تنفيذ هذه الإجراءات، يمكن للاقتصاد أن يتعافى تدريجياً، ولو بالحد الأدنى المقبول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى