أخبار عربيةالسلايدر الرئيسي

روايات مزيفة وأسلحة محرّمة .. كيف يُضلّل الجيش السوداني العالم؟

يواجه الجيش السوداني اتهامات بارتكاب جرائم حرب واسعة، ويعتمد استراتيجية إعلامية مضلّلة لتأخير المحاسبة الدولية وتوسيع الكارثة الإنسانية.

سمانيوز/تقرير/غرفة الأخبار

يردّ الجيش السوداني على الدعوات الدولية لمحاسبة قياداته على الانتهاكات الممنهجة في البلاد، باستراتيجية مزدوجة تعتمد على تضليل الإعلام وتصدير روايات زائفة تهدف في جوهرها إلى إطالة أمد الصراع وتخفيف الضغط الدولي.

ويؤكد خبراء في الشأن السوداني أن الجيش يسعى بشكل ممنهج إلى صرف الأنظار عن الفظائع الحقوقية والإنسانية التي تُرتكب بحق المدنيين في مختلف أنحاء البلاد، عبر حملات دعائية مركّزة تروّج لروايات بديلة لا تعكس حقيقة ما يجري على الأرض.

ووفقًا لمراقبين، يستخدم الجيش السوداني منابر دولية وإعلامية لتسويق أزمات فرعية ومزاعم عن “مؤامرات خارجية”، في محاولة لطمس التقارير الأممية التي تؤكد ارتكابه لأكثر من 80% من الانتهاكات في مناطق النزاع، وفق بيانات الأمم المتحدة.

جرائم موثقة وأدلة صادمة

وثّقت تقارير أممية، استندت إلى شهادات ومقاطع مصورة، ارتكاب الجيش انتهاكات جسيمة ضد المدنيين، من بينها استخدام أسلحة محرّمة دوليًا، وتنفيذ إعدامات ميدانية بعد السيطرة على مناطق في الخرطوم في مارس الماضي.

وأعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن “صدمته العميقة” إزاء ما وصفه بـ”تقارير موثوقة” عن عمليات إعدام خارج نطاق القانون، نُفذت بحق مدنيين بزعم تعاونهم مع قوات الدعم السريع.

وأكّدت مجموعة “محامو الطوارئ” السودانية المستقلة هذه الانتهاكات، كاشفة عن تسجيلات مصورة تُظهر جنودًا بالزي العسكري وهم ينفذون إعدامات ميدانية ضد مدنيين، مع تبريرات بأنهم “يُعاقبون أنصار الدعم السريع”.

الأسلحة الكيميائية في المعركة

في انتهاك خطير، كشفت المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في دارفور عن اشتباه قوي في استخدام الجيش أسلحة كيميائية خلال غارات جوية على مناطق سكنية مكتظة، وهو ما أكدته أيضًا تقارير نقلتها صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أمريكيين، مشيرين إلى وقوع الهجمات مرتين على الأقل.

هذا التطور دفع الاتحاد الأوروبي إلى توسيع حظر الأسلحة ليشمل السودان بأكمله، دون أن يترجم ذلك إلى إجراءات عملية رادعة حتى الآن.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي: “الجيش السوداني حوّل المدنيين إلى أهداف.. والوثائق التي بحوزتنا ستكون أساسًا لمحاكمات تاريخية”.

المجاعة كسلاح

تتزايد المؤشرات على استخدام الجيش للمجاعة كسلاح حرب، إذ يواجه أكثر من 30 مليون سوداني خطر المجاعة، بينما تُمنع المساعدات من الوصول إلى مناطق النزاع، في سياسة اعتبرتها وزارة الخزانة الأمريكية “حرمانًا متعمدًا وممنهجًا”، ما دفع واشنطن إلى فرض عقوبات على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.

محاولات لتبييض الجرائم

وفي محاولة لتغيير صورة الجيش أمام المجتمع الدولي، يسعى قادته لطرح رواية عن “أجندات خارجية” و”تدخلات أجنبية”، مع التلويح بتحريك قضايا أمام المحكمة الدولية. ويرى الخبراء أن هذا النهج ليس إلا مناورة لامتصاص موجة الغضب الدولي، خاصة بعد الكشف عن صفقات سرية مع دول كإيران وروسيا والصين، مقابل تسهيلات عسكرية بعد الحرب.

وكشف موقع “إيران إنترناشيونال” عن شحنات أسلحة إيرانية وصلت للسودان في مارس الماضي، ما يعزز المخاوف من تعقيد النزاع وتحويل البلاد إلى ساحة لصراع نفوذ دولي.

عرقلة المساعدات رغم الدعم

ورغم ما قدمته الإمارات من مساعدات إنسانية تتجاوز 3.5 مليار دولار، من ضمنها دعم مشافٍ ومشاريع زراعية، إلا أن تقارير دولية أكدت أن الجيش يعرقل توزيعها في مناطق معارضة، ما فاقم المجاعة والتشريد.

وحذّرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” من أن استمرار هذه الانتهاكات قد يُحوّل السودان إلى “أسوأ أزمة جوع في العالم”، في وقت بات فيه أكثر من 12 مليون سوداني مشرّدين، وسط قصف عشوائي متواصل على الأحياء السكنية.

خاتمة

في ظل هذه الحقائق الموثقة دوليًا، تستمر معاناة المدنيين بين فكي الحرب والمجاعة، فيما يواصل الجيش السوداني التلاعب بالروايات والتضليل الإعلامي لتفادي المحاسبة، بينما تتزايد الدعوات الدولية لمحاكمات جنائية حقيقية تنهي الإفلات من العقاب وتضع حدًا لأحد أكثر النزاعات دموية في العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى