الجنوب العربيالسلايدر الرئيسيتقارير

حضرموت البداية وصاحبة القرار الأخير: من صراع الهوية إلى مشروع الجنوب الفيدرالي

صراع الهوية في حضرموت لا يُقصد به خلافًا داخليًا، بل هو توصيف لحالة من التحدي المستمر بين مشروعين متضادين: أحدهما يسعى لإبقاء حضرموت ضمن هويتها الجنوبية المتجذّرة تاريخيًا وشعبيًا، والآخر يحاول فرض هوية مستوردة تحت مسميات الأقلمة أو اليمننة، مدعومة بسياسات ما بعد الوحدة واحتلال 1994.

سمانيوز/رصد وتحرير: هشام صويلح

في ذكرى مرور تسع سنوات على تحرير ساحل حضرموت من براثن الاحتلال اليمني في 24 أبريل 2016، تعود حضرموت لتؤكد عبر الموقف الشعبي والسياسي أنها لم تكن يومًا هامشًا في مشروع الجنوب، بل كانت البداية، وستظل صاحبة القرار الأخير، كما عبّر عن ذلك بوضوح الدكتور أمين العلياني في مقالته الموسومة بـ”مليونية حضرموت: من ذكرى انتصار حضرميتها إلى تأكيد جنوب هويتها”، حيث رسم فيها ملامح الصراع الممتد على هوية حضرموت، وانتهى بتأكيد خيار الجنوب الفيدرالي كحاضنة سياسية وهوية جامعة.

قال العلياني إن “حضرموت اليوم تبرز كصرحٍ شامخ يحمل في ثناياه تاريخًا نضاليًا وحضاريًا لا يُنسى”، مشيرًا إلى أن حضرموت ليست مجرد جغرافيا يختزل في وادٍ أو ساحل، بل “وعاءٌ تاريخي ضمّ رجالًا صنعوا مجد الجنوب بهويته العربية قديمًا وحديثًا”، وهو ما يؤسس لفهمها كهوية سياسية لا يمكن تجزئتها أو فصلها عن مسار الجنوب.

ومن خلال قراءة تحليلية لمسار حضرموت، يؤكد العلياني أن “رحم الجغرافيا الحضرمية ولدت هويتها الجنوبية”، مذكّرًا أن حضرموت كانت شريكًا فاعلًا عند إعلان دولة الجنوب المستقلة في نوفمبر 1967، بشخصياتها وسلاطينها وأمرائها وعلمائها الذين آمنوا منذ البدايات بأن “الجنوب هو الهوية الجامعة”.

ورفضًا للروايات التي تحاول تسويق فكرة أن دخول السلطنات الحضرمية إلى الدولة الجنوبية تم تحت الإكراه أو التهديد، يوضح العلياني: “لم تدخل السلطنات الحضرمية في مشروع الدولة الجنوبية تحت تهديد السلاح أو الإكراه… بل دخلت بإرادة وطنية صافية، وانتماء لا تشوبه شائبة”، في تفنيد مباشر للسرديات التي يُراد لها تشويه جذور الهوية الجنوبية.

ويمضي العلياني إلى محطات أكثر تقدمًا في مسار الوعي الحضرمي، مستشهدًا بصمود حضرموت ضد ما وصفه بـ”أبشع احتلال عرفته الجنوب في صيف 1994″، وإلى انتفاضات 1997 التي اعتبرها “ليست مجرد احتجاجات رمزية، بل شرارةً أشعلت المقاومة ضد الاحتلال اليمني”، مؤكدًا أن “الجنوب هوية لا تموت ولا يقبل الاحتلال مرة أخرى وتحت أي مسميات كانت”.

وفي سياق التحولات السياسية التي طالت حضرموت، وصف العلياني الوحدة في 1990 بأنها “وحدة مغدورة”، مشيرًا إلى أن حضرموت ظلت حصنًا منيعًا للهوية الجنوبية، وأن مشروع اليمن لم يكن سوى “غطاءً لنهب الثروات وطمس الهوية”.

ويستشهد العلياني بشعارات المليونيات كدليل على وضوح الموقف الشعبي: “حضرموت جنوبية ولن تكون إلا جنوبية هوية وانتماء”، معتبرًا أن هذه المواقف تمثل صرخة في وجه “الاحتلال الذي يأتي بأشكال داعشية أو حتى مشاريع ناعمة مغلقة بتمزيق الهوية بمسميات الأقلمة واليمننة”.

ويصل العلياني إلى ذروة الطرح بالقول: “حضرموت تقولها بالعلن أن الجنوب الفيدرالي هو الخيار الوحيد الذي يحفظ هويتي ويمنحني خصوصيتي”، معتبرًا كل ما عداه “مجرد سرديات خيالية غايتها الاحتلال وإن تغيرت مسمياته”، ليؤكد مجددًا أن حضرموت لا تقبل المساومة ولن تكون إلا جزءًا أصيلًا من الجنوب، بهويتها وإرادة أبنائها.

وفي ختام موقفه، ومع الذكرى التاسعة لتحرير ساحل حضرموت، يعلن العلياني بوضوح: “حضرموت مع مشروع الجنوب الفيدرالي، وستظل محافظة على هويتها الجنوبية إلى الأبد، فمن جغرافيتها سيُبنى الجنوب الجديد، ومن إرادة أبنائها ستولد الدولة الفيدرالية المستقلة. لأن حضرموت كانت البداية، وستكون دائمًا صاحبة الكلمة الأخيرة.”

وبين الذاكرة التاريخية والصراع السياسي، يبقى موقف حضرموت – كما رسمه العلياني – هوية راسخة، ومسارًا لا يقبل الانحراف، وخط دفاع أول في وجه مشاريع التقسيم، مهما تغيرت أدواتها أو مسمياتها.

(انتهى)

على الهامش:
“صراع الهوية” في حضرموت يُقصد به مجمل المحاولات السياسية والإعلامية والتاريخية التي سعت – ولا تزال – إلى تشويه أو طمس هوية حضرموت الجنوبية، سواء من خلال:
– إعادة تأطير حضرموت ضمن مشروع “الهوية اليمنية” بالقوة أو بالدعاية، كما حدث بعد وحدة 1990 وما تلاها.
– فرض هوية مستوردة عبر مشاريع مثل “الأقلمة” أو “الفيدرالية اليمنية” التي يُنظر إليها كأدوات لتمييع الانتماء الجنوبي.
– استدعاء تاريخ مغلوط يوحي بأن حضرموت كانت كيانًا منفصلًا أو محايدًا تجاه مشروع الجنوب.
– الترويج لفكرة التبعية أو الاندماج القسري مع الجنوب في 1967، وهو ما فنّده العلياني بوضوح.

وعليه، فإن “صراع الهوية” يعني:
الصراع بين مشروعين
الأول: حضرموت جنوبية الأصل والانتماء والقرار،
والثاني: حضرموت كأداة أو هامش ضمن مشروع يمني قسري أو مشوه.

“مليونية حضرموت” من ذكرى انتصار حضرميتها إلى تأكيد جنوب هويتها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى