منطقة الخداد في #لحج.. سنوات عجاف بحثاً عن الماء ومشاريع فاشلة لم تنجح بإنهاء معاناة المواطنين.

سمانيوز / تحقيق _ خلدون البرحي
لمحة تاريخية..
منطقة الخداد مديرية تبن محافظة لحج، تاريخ إنساني كبير مازالت تحتضن بعض من شواهده حتى اليوم، باعتبارها خزان مياه إلى العاصمة عدن، أثناء التواجد البريطاني عبر القطار . واليوم ساكنيها يتجرعون صنوف المشاق للحصول على شربة ماء تروي عطشهم … منطقة الخداد في صفحات تاريخها حضيت بزيارة الرئيس الشهيد الانسان سالم ربيع علي (سالمين) في السبعينيات، وهي اول منطقة تدخلها خدمة التلفونات (الطار) وهي أول منطقة في شمال تبن تدخل إليها خدمة الكهرباء مطلع الثمانينات بتوجيهات وأشراف مباشر من الشهيد القائد علي عنتر وزير الدفاع في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية آنذاك، وفيها كانت مدرسة الشهيد شائف مسعد قبل تغييرها، المدرسة التي كانت قبلة علم لطلاب قرى مديرية تبن الشمالية ووافديها من طلاب وطالبات الحوطة بعد افتتاحها عام 1974م . تخرّج منها كوكبة من الكوادر في العديد من التخصصات العلمية منهم من تبوأ مناصب قيادية في الدولة.
رغم تلك المكانة التاريخية وذلك الدور الريادي التي اضطلعت به منطقة الخداد الا أن ساكنيها اليوم يعانون صنوف المشاق للحصول على احتياجاتهم من الماء، ذلك الموصوف في قوله تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حي).
معاناة المواطنين في منطقة الخداد بتُبن لحج..
تعاني منطقة الخداد بمديرية تبن في محافظة لحج من انقطاع المياه ما يقرب من 15 عام متواصلة،ما أفضى إلى واقع إنساني واجتماعي غاية في الصعوبة، انعكس آثاره على حياة ساكني المنطقة رغم المحاولات والجهود التي بُذلت، إلا أنها لم تنهي المشكلة أو اعادة المياه للمواطنين،
وحول الاهتمام بمعاناة المواطنين وتوصيل رسالتهم للجهات المختصة،قامت سمانيوز بمتابعة واقع مياه المنطقة وخرجت بتحقيق يوضح مرارة ومعاناة الأهالي..
لوحة بديعة…
دخلنا إلى قرية الخداد تلك القرية التي تبعد إلى الشمال من مدينة الحوطة عاصمة محافظة لحج بضعة كيلو مترات . قرية تبدو للناظر الفطن أنها لوحة بديعة مشبعة بلون الاخضرار الطبيعي الذي يحيطها من جهاتها الأربع .
ممتدة طولاً في أبنيتها المتواضعة بتواضع الإنسان فيها بين أحضان وادي تبن بفرعية الصغير والكبير شرقاً وغرباً.
وفي تلك المزارع الخضراء بمختلف اشجارها ونباتاتها يشد انتباهك أصوات مضخات مياه الآبار الارتوازية التي يملى ضجيجها الأجواء، ما يؤكد على وفرة المياه الجوفية في هذه القرية التي لم تفقد اخضرارها رغم تقلبات الزمن.
وعلى بعد مئات الامتار ينتصب خزان مياه وحوله يتجمع الكثير من الأطفال والشيوخ والشباب، التقطنا صورة لذلك المنظر ويبدو أن هذا المنظر أصبح اعتيادياً في حياة ساكنيها.
أمراً اعتياديا..
سألنا الأخ سند عبدالله أحمد منذ متى وأنتم تنقلون المياه من هذا الخزان ؟ فقال هذا الخزان يعتبر واحد من ثلاثة خزانات موجودة في هذه القرية، وقد وضعت هذه الخزانات بعد خروج مليشيات الحوثي من محافظة لحج كحلول مؤقتة تخفف من المعاناة التي كان يرزح تحت اثقالها المواطنين، حتى يتم إعادة مشروع المياه المتوقف منذ مايزيد عن 15 عام وإلى الآن مازال المشروع يمشي بطريقة سلحفائية حتى أصبح نقل الماء من هذه الخزانات أمراً اعتيادياً وفقدنا الأمل في عودة المياه إلى ما كانت عليه في السابق .
معاناة حقيقية…
وأضاف سند في هذه المنطقة معاناة تعيشها الأسر، لأن بعض الأسر لا يوجد لديها شباب أو رجال يستطيعون جلب الماء لها، ما يجبر النساء على الخروج من البيوت لإحضار الماء وهو ما يعطي وضع إنساني، صعب لتلك الأسر التي لا تجد في منازلها من يقوم بهذا العمل أو يتحمل مشقاته .
فتعاني النساء من نقل الماء مسافات بعيدة وحمل اثقال كبيرة من جالونات المياه (دبب) بعض الأسر تدفع بأطفالها نحو الخزانات لاحضار الماء، وهناك كبار السن يمارسون ذلك الدور.
المنطقة الوحيدة..
تعتبر منطقة الخداد هي الوحيدة من بين تجمع المناطق الشمالية من مدينة الحوطة التي يعاني ساكنيها مشاق توفير المياه، وهذا ما بدأ الاخ عهد محمد كلامه بالقول: هذا الواقع الذي نلمسه يحز في النفس عندما نكون نحن الوحيدون من بين كل القرى المجاورة، لا يصل الماء إلى منازلنا رغم أن الماء في كل مكان في المزارع وفي باطن الأرض التي تقع تحت أقدامنا وتحت مباني القرية الا أننا لم نتمكن حتى الآن من توصيله إلى منازلنا رغم المحاولات العديدة .
الماء وانعكاساته…
الملاحظ في التجمعات الباحثة عن الماء عند تلك الخزنات الكثير من صغار السن الذين كان من المفترض أن يكونوا على مقاعد الدرس داخل المدرسة التي لم تكن بعيدة عن منازل المنطقة .
لكن همّ المياه جعل بعض الطلاب يترك مقاعد الدرس للحصول على حصة أسرته من المياه.
حيث توجهنا إلى مدرسة 26سبتمبر والتقينا الأستاذ محمد سالم عوض مدير المدرسة وهناك سألناه عن تأثير الماء على واقع التعليم في القرية .
تاثير كبير..
يعد التعليم هو طريق الأجيال إلى المستقبل وهو حجر الزاوية في الوصول إلى الطموحات المنشودة، لكن إذا لم تتوفر احتياجات الاستقرار في المجتمعات ومنطقة الخداد واحدة من تلك المجتمعات، وهذا الوضع يعرض مستقبل الأجيال للخطر وويهدد حياتهم بواقع مظلم حسب قول الأستاذ محمد سالم .
مضيفاً، أن أزمة المياه التي تشهدها القرية منذ سنوات طويلة كان لها تأثير كبير في تسرب الطلاب من المدرسة .. مشيراً إلى أن الكثير من الطلاب يتأخرون عن الطابور الصباحي بسبب الماء، نتيجة انتظارهم في طوابير البحث عنه حتى يحين دورهم والبعض الآخر يأتي بعد مرور بعض الحصص الدراسية.
وهذا الوضع لن يساعد الطلاب على التحصيل المناسب للتعليم، وقد وصل حال بعض الطلاب إلى ترك التعليم نتيجة الهم الذي أصبحوا يحملوه من أجل توفير المياه لأسرهم .
ومن هنا نناشد المنظمات والجمعيات والسلطات المحلية بالمديرية والمحافظة إلى التدخل السريع في حل مشكلة المياه حتى لا تكون سبب في ضياع أولادنا.
مجلس التعاون..
اخفقت الكثير من الحلول الهادفة إلى إعادة مشروع مياه منطقة الخداد فكان تدخل الصندوق الاجتماعي هو الحل الأنسب لحلحلة تلك الاخفاقات بحسب ما سمعنا، ومع تدخله استبشر أبناء المنطقة بانفراجة سريعة لمشكلتهم التي طال انتظارها، وبحثنا عن مندوبي مجلس تعاون القرية حتى وصلنا إلى الاخ عبدالله بن عبدالله مندوب مجلس التعاون في المنطقة لمعرفة أين أنتهى مشروع المياه الذي طال انتظاره وأطال معاناة المواطنيين.
جهود المجلس
ويقول الأخ عبدالله بن عبدالله بعد تشكيل مجلس التعاون بانتخاب ديمقراطي وبإشراف من الصندوق الاجتماعي للتنمية والمجلس المحلي بمديرية تبن، أسندت مهمة متابعة إعادة المشروع على المجلس في ظل أوضاع صعبة جداً، لكن حاجتنا للمياه كمواطنين في هذه القرية وقبل أن نكون مسؤولين قبلنا ذلك التحدي باعتبارنا جزء من أبناء المنطقة وحاجتنا للماء لا تقتصر عن حاجة جميع المواطنين.
بدأنا خطواتنا الأولى بجمع الاشتراكات من المواطنين بحسب نظام التعامل مع الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي ينفذ برامجه بالمشاركة المجتمعية.
زتوفرت شبكة المياه وتم مدها من موقع البئر إلى نهاية المنطقة بدلاً عن الشبكة القديمة التي تعرضت للتلف نتيجة للاستحداثات التي قام بها الأهالي بحثاز عن الماء، ولأن مد الشبكة الجديدة كان بطريقة مستعجلة وبدون إشراف من المتخصصين، تعرضت هي الأخرى للكثير من الضرر، فبعد أول عملية ضخ ظهرت الكثير من الثقوب فيها وكلما قمنا بأصلاحها تظهر أخرى، فضلّ الوضع على ما هو عليه في عدم وصول الماء إلى منازل المواطنين .
الفرحة التي لم تكتمل…
أما المواطن عبدالله بن عبدالله يقول: إن الفرحة عمت أبناء القرية عندما وصل خبر إعادة اعتماد مشروع مياه القرية من قبل المجلس المحلي بمديرية تبن الذي تعثر بسبب نشوب الحرب .
لكن تلك فرحة لم تكتمل، بعد تنفيذ الخطوات الأولى من المشروع المتمثل في بناء خزان المنطقة والذي تم استكماله بشكله النهائي،و ظلت المشكلة قائمة في توصيل المياه إلى المنازل بسب الشبكة، ورغم محاولات إصلاحها إلا أن تلك المحاولات دائماً تنتهي بالفشل.
عودة الأمل..
وأضاف مندوب مجلس تعاون القرية إن المشاكل التي افرزتها شبكة المياه الجديدة وخروجها عن العمل دعانا وبعض الشخصيات الاجتماعية للتواصل مع السلطة المحلية بمديرية تبن ممثلة بالأخ محسن جعفر السقاف مدير المديرية لإيجاد حلول سريعة لهذه الشبكة خاصة، وأن معاناة المواطنين تزداد مع كثرة انقطاعات الكهرباء التي تصل أحياناً لأيام طويلة يصل تأثيرها إلى نضوب الخزانات الإسعافية، ما يجعل المواطن يتحمل أعباء إحضار الماء من آبار المزارع والتي تكون اغلبها مغلقة أمامهم.
وقد وجدنا تجاوباً كبيراً من قبل مدير عام المديرية في إيجاد حلول سريعة، ولكن إلى الآن لم تطبق تلك الحلول على أرض الواقع ..
دعوة استغاثة..
المواطن عبدالله بن عبدالله طالب المنظمات والجمعيات ورجال البر والخير إلى التدخل في مد يد العون للمساعدة في حل مشكلة المياه التي يعاني منها موطني هذه المنطقة حتى يتمكن المواطنين من الحصول على حقهم من المياه أسوة بباقي مواطني محافظة لحج .
وبحل هذا الاشكالية ستحل الكثير من الاشكالات الاجتماعية في المنطقة وأبرزها تسرب الطلاب من التعليم والتي تعد من أكبر المشاكل الاجتماعية الناتجة عن فشل حلول مشروع المياه .
في مكتب المديرية..
معاناة حقيقية في الجوانب الإنسانية والاجتماعية لمسناها ممن التقيناهم في منطقة الخداد لمشروع ينتظره الجميع بفارق الصبر، حملنا تلك المعاناة إلى السلطة المحلية بمديرية تبن في محافظة لحج وذهبنا إلى مقرها في منطقة صبر وهناك التقينا الأخ محسن جعفر السقاف مدير عام مديرية تبن وطرحنا على طاولته معاناة وهموم موطني المنطقة الذي أردف قائلاً:
نحن ندرك الأوضاع الصعبة التي يعيشها أبناء منطقة الخداد نتيجة انقطاع المياه عن المنازل منذ سنوات طويلة بسب إنتهاء المشروع القديم الذي كان يضخ المياه من منطقة الوادي الاعظم بين زائدة والشقعة . ونتيجة لهذه المشكلة قام المجلس المحلي بالمديرية بإيجاد حلول تهدف إلى إعادة المياه إلى المنطقة. وتعددت الحلول في الفترة الماضية وسرد تفاصيلها يطول بسبب المراحل المختلفة التي مر بها المشروع حتى أعيد بمناقصة مع عدد من المشاريع في العديد من مناطق مديرية تبن .
وبدأ العمل في المشروع لكن الحرب الذي شنتها مليشيات الحوثي مطلع عام 2015م أدت إلى توقف هذا المشروع . وبعد تحرير المحافظة واستتباب الأمن والاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها قام المجلس المحلي بالمديرية باعتماد هذا المشروع المتعثر وقد انتهى العمل في مشروع الخزان بمختلف متطلباته .
المناقصة الجديدة..
وأشار السقاف إلى أن البئر القريبة من الخزان ماءها قليل لذا يحتاج الخزان إلى بئر أخرى تعزز البئر الأولى بالماء حتى تكون هناك وفرة بالمياه تكفي للجميع ونتيجة لذلك أعلنا مناقصة لمشروع مد شبكة مياه من البئر الثانية إلى الخزان، وقد تم استكمال المشروع الذي سينهي مشكلة قلت الماء في البئر الأولى، أما فيما يخص الشبكة الداخلية إلى المنطقة فهي تحتاج إلى مناقصة جديدة واعتماد جديد وسنبحث لها عن طريقة .
المشكلة القائمة..
تجهيزات مكتملة فيما يتعلق بالآبار ومد شبكاتها إلى الخزان الذي انتهى المقاول من تجهيزه بشكله النهائي، وحتى بعد مد الشبكة إلى داخل حوري المنطقة الا أنها توقفت أمام منازلهم ولم تمد إلى داخلها والأسباب بحسب المواطنين أن إدارة المياه اشترطت حصول المواطنين على عدادات، إلا أن الإدارة لم توفر العدادات ولم تسمح للمواطنين بإدخال شبكات المياه إلى منازلهم حتى وصول العدادات، ما جعل المشكلة قائمة حتى اليوم، ولسان حال المواطن يردد ( لنه عشقني وتم ولأنه كفاني بلاه).