تقاريرصحيفة شقائق

مابين التمييز والإقصاء.. النساء المهمشات يولدن مشاريعهن من رحم المعاناة

سمانيوز/ ا ستطلاع/خديجة الكاف

 
• قصص نساء مهمشات تقتحمن مهنة الرجال لإعالة أسرهن. 

النساء المهمشات في الجمهورية العربية اليمنية والجنوب يسرن في طريق يشقونه بأيديهن لا بيد غيرهن ، ويخترقن كل الصعوبات والمعوقات والتحديات  وكثير منهن يقتحمن  مهنة الرجال المتعبة، مهنة البناء وحمل الأثقال وقطع الأخشاب والأشجار وغيرها من المهن.

تعاني فئة مجتمعية من المهمشات ، وهي أدنى طبقة اجتماعية من حيث المكانة، وقد واجهت قرونا من التمييز والاستغلال والفقر، وقد عرفت بأسم (الأخدام) كتمييز سلبي ، لا توجد إحصائيات رسمية عن حجم هذه الفئة، لكن الأمم المتحدة أفادت أن هناك حوالي 3.5 مليون مهمش في اليمن والجنوب. 

وحدّ التمييز الاجتماعي ضد المهمشات من وصولهن إلى التعليم والرعاية الصحية والإسكان والعمل المجدي، حيث أن مشاكل هذه الفئة رسخت فقرها الشديد، وكيف أدى التمييز ضد المهمشات إلى تقييد وصولهم إلى الدعم للمشاريع الصغيرة. 

ومن أجل تسليط الضوء على ما يقمن به من مشاريع صغيرة دون حصولهن لأدنى دعم من الجهات المعنية بقضايا النساء كالمنظمات الدولية والمحلية قمنا بإجراء استطلاع صحفي لصحيفة شقائق الورقية. 

تقول ريمة عبدالله صالح منقشة الحناء وهي واحدة من تلك النساء الكادحات التي غيرت حياتها الأوضاع التي تسير بها البلاد وجعلت منها مربية بيت وعاملة وأم وأب لتبحث بين أرجاء حواسها وكل أوقاتها عن لقمة عيش تطعم بها أطفالها وحياة بسيطة لها ، حيث تعيش في العاصمة عدن بإحدى ضواحي مديرية الشيخ عثمان منطقة المحاريق والتي باتت المرأة تسطر صفحات لامعة ومجهدة في آن واحد.

وتلك المهمشة الأربعينية “ريمة ” شقت طريقها للخروج عن التهميش لكي تقضي على الفقر الذي تعاني منه وتعمل بيدها لجلب رزقها وأسرتها بكل جهد ومتاعب وهمة كبيرة.

وتضيف ريمة إنها تعمل في حرفة نقش الحناء وعمرها 11 سنة وتزوجت وهي مستمرة على نفس الحرفة، حين سقط زوجها وأصيب بالذبحة وتوقف عن العمل ومن حينها هي ربة البيت والعمل وهي جالب الرزق وطاهية طعام أطفالها الخمسة وزوجها دون كلل ولا ملل ولا تحجج.

وتواصل ريمة، أقوم بالنقش في منطقة الشيخ عثمان بأسعار تناسب دخلها وتحسن من دخلها ولكن بعد أن نقلت بيتي إلى منطقة المحاريق قل دخلي ولم استطع مواجهة الغلاء المعيشي فإن الكيس الكبير للحناء أصبح سعره (8000) ريال يمني ومادة الميسون والليمون مواد تخلط بالحناء لكي تبرز باليدين بالشكل المطلوب فهي لانستطيع توفير تلك المواد هذه لكي نعمل بحرفة نقش الحناء. مطالبة من الجهات وخاصة المنظمات الدولية توفر لها المواد. 

وتتابع، لدي خمسة أطفال أكبرهم 16 سنة يعمل على دراجة نارية وفي ظل ارتفاع البترول وأزمة البترول توقف عن العمل وبسبب الفقر والمعاناة أخرجت اولادي وابنتي من الصف السابع من المدارس نتيجة للظروف الصعبة .

مشيرة إلى أنها ذهبت إلى إحدى المدارس في منطقة المحاريق وقدمت لأبنها الصغير لكي يدرس فيها ولكن لاقت صعوبة، حيث إن العدد أكتمل ولكن حاولت ولم ايأس وتحدثت مع إدارة المدرسة بأن تقوم بتدريس الأطفال التربية البدنية ولكن دخلت كمدرسة لمادة الاجتماعيات فالإرادة فوق كل شيء الإنسان هو من يصنع نفسه .

 

وأما أسماء رشاد وهي أرملة لديها ستة أطفال تقول: إنها بدأت عملها في صناعة صنادل الصوف (وما أدراك ما صناعة صنادل الصوف، فهي (مصنوعة من قاع صنادل قديمة وتخيط عليها بالصوف لكي تبدو جميلة في اللبس )، لتقوم بصناعتها بيدها الشاحبة وتحيكها بفن ودقة عالية لتبيعها بأسعار بسيط تكفي حاجتها لحد قولها بالسعر الف ريال أو ثمانمائة ريال. 

وتضيف قائلة : حيث أقوم بجمع القوارير والتواير والصنادل القديمة المرمية في القمامة أو من جوار منطقتها، وبعض الأحيان أعمل بحمل الأثقال كقشرة البناء وحمل قطع البردين .

وتواصل أسماء، تعرضت لحادثة أثناء تجولي في جمع القوارير أنا وأبني، حيث قام رجل بضرب أبنها دون أي سبب، وأنها قامت بمنعه ولكنه هم بضربها .

وتروي لنا نجيبة خلوف حسن قصتها في منطقة المحاريق وتقول أنها  تعيش منذ نعومة اظافرها وتربت وترعت فيها.

حيث إن المنطقة تعاني من قلة الخدمات وقلة النظافة وانتشار الأمراض وفي ظل هذه الأوضاع وأنا أعمل في كثير من الأعمال اليدوية التي تساعدني في تحسين معيشتي، وعملت كوافير ولكني لم استطيع الاستمرار بسبب الامكانيات المحدودة والدخل البسيط الذي لا يكفي متطلبات أسرتي ومن ثم عملت بصناعة البخور بعد تدريبي وتعليمي طريقة صناعة البخور وصرت أعلّم الفتيات في منطقة المحاريق حول كيفية صناعة البخور ، فالأسرة أنا من أعيلها فزوجي لديه إعاقة حركية (مشلول) ومعي بنتان وولدين وأنا من تربيتهم، فولدي الكبير تزوج وانجب وأبنها الآخر على وشك الزواج واستمريت بتعليم بناتي في سنة أولى جامعة والأخرى سنة ثالثة ثانوي .

وتقول ثريا عبده أحمد  انها تعمل خياطة في منطقة المحاريق ولديها أربع بنات واثنين أولاد وزوجها مريض،حيث تقوم ثريا بمهنة خياطة الجلبيات وسراويل الأطفال وغيرها وقد عملت مع المعاقين وقمت بالخياطة لهم وحاولت تحسين دخلي بالتوسع بالخياطة لغير أبناء المنطقة .

وتقول انتصار عبده عبدالله ناشطة مجتمعية في منطقة المحاريق أنها عملت في التوعية في الصحة الإنجابية وغيرها ،فهي رئيسة قطاع السكان في جمعية الفخار وتعمل على توفير كراسي متحركة للمعاقين في المنطقة . 

وتقول أماني محمد صالح القدسي رئيسة جمعية المحاريق الاجتماعية التنموية قامت بجمع الطلاب المتسربين والطالبات المتسربات من المدارس وتدريسهم أصحاب الصفوف الابتدائية من صف (5،6،7).وكذلك اقوم بجمع المتسولات وأعمل على تدريبهم على الكوافير والخياطة والحياكة الصوف ونقش الحناء وصناعة البخور.

وتشير إلى أنها عملت على إقامة جلسات توعوية كثيرة خاصة في الزواج المبكر والنظافة والعنف وانواعه وغيرها ، فقد حدث ذات مرة إن قام أب بمنطقة المحاريق بتزويج ابنته الصغيرة التي تبلغ من العمر (12) سنة من شاب عمره )28)سنة وهي طفلة صغيرة مازالت تلعب مع الأطفال امثالها وعندما جلست مع الأم والأب ما سبب تزويج الطفلة قالت الأم لا نستطيع تحمل مسؤوليتها ورعايتها، فقلت لها سوف أتحمل مسؤولية اطعامها وانتي كذلك وسوف الحقها بالمدرسة ، لكون امر الزواج بطفلة جريمة بحقها ولهذا بفضل الله تم إنقاذ الفتاة وإيقاف زواجها .

وحكت لي أماني قائلة : أثناء عودتي إلى المحاريق وجدت طفل يقوم بالتسول والشحت بطريقة ملفتة للنظر يعمل على تقبيل أيادي النساء ويقوم الشباب بضربه والتحرش به وشتمه فتحدثت إليه وحكي لي إن أمه وأبوه متوفيين وقلت له سوف أوفر لك طعام والمكان المناسب فوافق الطفل فأخذته معي بالباص وقد رأني أحدهم فأخبر الشرطة عني فجاءت واخذتني بتهمة اختطافه ولكن وضحت للشرطة بدوافعي هو إني أردت مساعدة الطفل والحاقه بمركز الايتام بالبريقة، ولكن للأسف الطفل كذب علي فقد ساومني الأب بأن أدفع له 2500ريال في الصباح والمساء ،كما حكت لي عن بعض المشاغبين والمتحرشين، وقامت الشرطة بالقبض عليهم بسبب تحرشهم بالنساء .

وتقول أماني إن من أهداف الجمعية تلبية احتياجات النساء من جميع الأشياء الخاصة والعامة وتوعية النساء في اليوم الواحد وليس بالأسبوع أو الشهر فالتوعية لهن مهمة جداً في كافة المواضيع وحاليا علينا تمكينهن في المشاريع الصغيرة نظرا لظروفهن المعيشية الصعبة من خلال توفير الدعم اللازم لهن بمبالغ مالية لتحسين مشاريعهن .

وتشير إلى إن منطقة المحاريق لا توجد فيها حمامات في كثير من البيوت في المنطقة فالأسر يلقون بمخلفات قضاء الحاجة في الطرقات وأمام بيوتهم مما يؤذي إلى انتشار الأمراض والأوبئة ، ولا توجد لديهم الأغطية الدافئة للوقاية من شدة البرد، فتلك متطلبات بسيطة ولكنها غير متوفرة لدى أفراد وساكني منطقة المحاريق .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى