تقارير

فرنسا تستأثر بالثروة وتترك شعوب إفريقيا تعاني الفقر والجوع

سمانيوز/تقرير / محمد مرشد عقابي

توقع الكثير من الخبراء أن تنعم فرنسا بالطاقة بفضل أسطولها النووي على الرغم من أكبر أزمة طاقة شهدتها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، حتى أن دولاً أوروبية أخرى كانت تعول عليها لتأمين جزء من الطاقة لديها إلا أن 26 مفاعلاً نووياً من أصل 56 غير مشغل بسبب تآكل الأنابيب والإضرابات العمالية، أدت إلى فشل التوقعات.

واقترحت، حكومة ماكرون الإسراع بتقنين المهاجرين غير الشرعيين للعمل في الظروف التي استقال بسببها الفرنسيون أو أضربوا إثرها، والعمال المهاجرون هم في الغالب من المستعمرات الإفريقية السابقة لفرنسا، وهي نفسها المستعمرات التي ينهب منها الفرنسيون اليورانيوم لإضاءة بيوتهم وشوارعهم.

وبحسب تقارير، فان أعلى حصة في العالم من قدرة توليد الكهرباء الوطنية كانت حرب أكتوبر عام 1973 سبباً في ذهاب فرنسا إلى خيار إنشاء محطات الوقود النووي لإنتاج الطاقة، عندما اتخذت منظمة أوبك حينها قراراً بحظر تصدير النفط للدول الغربية دعماً لمصر وسوريا، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار لأرقام قياسية، فقررت فرنسا تفعيل مصدر يضمن لها أمن الطاقة فبدأت بتشغيل مفاعلات نووية بواقع 6 مفاعلات تدخل إلى الخدمة في السنة الواحدة، حتى أصبح لديها اليوم 56 مفاعلاً بإمكانه أن يغطي 70% من قدرة توليد الكهرباء الوطنية وهي أعلى حصة في العالم وأكثر من ثلاثة أضعاف الرقم في الولايات المتحدة إلى العام 1988، وكان لدى الفرنسيين 61 ألف و 790 طن من الاحتياطات المؤكدة من اليورانيوم تم استغلالها بقوة منذ أوائل الثمانينيات، ولكن كان لديهم عدة مشاكل تمنعهم من الاستمرار.

وطبقاً للتقارير، فقد كان حجم الاحتياطات قليلاً بالنسبة لاحتياجات المفاعلات، وفي أوائل الثمانينيات كان يغطي حوالي 80% من احتياجات المفاعلات وفي بداية التسعينات لم يعد كافياً، فيما كانت تكلفة استخراج اليورانيوم من فرنسا مكلفة جداً بالنسبة لليد العاملة، وبالنسبة للبيئة وحتى صحة السكان فقد بلغت تكلفة الكيلو الواحد 130$، وأصبح ثمة معارضة لمشاريع استخراج اليورانيوم بسبب مخاطر استخراجها على العاملين وأضرارها البيئية، فقرر الفرنسيون اقفال المناجم على أراضيهم والبحث عن أراضي أخرى لدى الدول الفقيرة التي لا يهم فيها معايير الصحة والبيئة وحقوق الإنسان إنها المستعمرات الإفريقية وهي الكاميرون والكونغو والغابون ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال وزائير وزامبيا، حيث شاركت الشركات الفرنسية في مشاريع استكشاف واستخراج اليورانيوم منها منذ العام 1956، إلا أن الدولة التي ركز معها الفرنسيون هي النيجر التي كانت تحت الاحتلال الفرنسي حتى عام 1960، وكانت هيئة الطاقة الذرية والبديلة في فرنسا ومركز البحوث الجيولوجية والتعدين الفرنسي قد وجدوا فيها رواسب كبيرة من اليورانيوم وذلك قبل عام واحد من انسحابها عام 1959م.

وقامت فرنسا بنهب ثروات النيجر، وكانت النيجر تحلم ان احتياطاتها من المعدن الاستراتيجي الذي يبحث عنه كل العالم سيساعدها في تحقيق مكاسب مادية تمكنها من التنمية الاقتصادية خاصة بعد عمليات النهب الاستعماري واستغلال الثروات واستعباد الشعب الذي عانى منه النيجريون خلال الاحتلال الفرنسي، إلا أن فرنسا وعلى الرغم من خروجها من هذا البلد كان لديها نفوذ سياسي واقتصادي وعسكري قوي على النيجر، مكنها من الاستمرار في امتصاص ثروات هذا الشعب بموجب اتفاقيات تم توقيعها بين فرنسا وحكومة النيجر سنة 1961 و 1986، واتفاق ثالث تم توقيعه عام 2001م، وكل هذه الاتفاقيات جرت بشروط أقل ما يمكن أن توصف به هو أنها مخزية لدولة تدعي التحضر مثل فرنسا وظالمة لدولة لا تملك ما تطعم به شعبها على الرغم من ثرواتها الهائلة.

وأخذت الشركات الفرنسية كل أنواع الإعفاءات الممكنة من الرسوم الجمركية ورسوم التصدير والإعفاء من ضرائب القيمة المضافة على المواد والمعدات والآلات وقطع الغيار، والإعفاء من ضرائب الوقود بالإضافة إلى إعفاء 20% من دخل الشركات الفرنسية العاملة في قطاع اليورانيوم من ضريبة الشركات، وبالإضافة إلى الشركات العاملة في القطاع كانت فرنسا ممثلة بشركة AREVA تشتري اليورانيوم من النيجر بأسعار زهيدة جداً مقارنة بالأسعار العالمية وتحصل منها على ضريبة زهيدة جداً قيمتها 5.5 % تأخذها من أرباح الشركة الفرنسية.

وحصل انقلاب على رئيس النيجر بسبب مطالبته برفع الضريبة على الرغم من الظلم الواضح والسرقة العلنية، وعقب ارتفاع أسعار اليورانيوم كمعدن استراتيجي بعدما حظرت أوبك النفط عن الدول الغربية عام 1973، تشجع رئيس النيجر “هماني ديوري” لمطالبة الفرنسيين الذين كانوا يحتكرون اليورانيوم النيجري لتزويد السعر، ولم يعجب ذلك الفرنسيين، وقبل موعد جلسة المفاوضات بيومين في 15 نيسان “أبريل” 1974، حصل انقلاب على ديوري واستولى على السلطة شخص مقرب من الفرنسيين، ومنذ تلك اللحظة يستمر الفرنسيون بوضع يدهم على اليورانيوم في النيجر الذي كان مسؤولاً عن إضاءة ثلث الأنوار في فرنسا، وفي نفس الوقت الذي تعد فيه النيجر واحدة من أفقر دول العالم.

وتكسب النيجر، من تصدير البصل أكثر من اليورانيوم عام 2005م، وأقرت النيجر قانون ينظم أنشطة التعدين، بما في ذلك اليورانيوم بموجب هذا القانون تم رفع الضريبة المفروضة من 5.5% من اليورانيوم إلى 12%، إلا أن ذلك لم يؤثر في الفرنسيين بشيء، إذ قاموا خلال اتفاق 2001، والذي دخل حيز التنفيذ عام 2004 من خلال شركة AREVA لمدة 10 سنوات، بوضع بند يمنع حكومة النيجر من إلزامهم بأي قانون يصدر بعد الاتفاقية، وعلى هذا الأساس لن يطال هذا القانون الفرنسيين حتى عام 2014، وقبل موعد انتهاء الاتفاقية بفترة بدأت النيجر وشركة أريفا مفاوضات للاتفاق على بنود تعاقد جديدة، تمكنت من خلالها النيجر فرض ضريبة 12%، خاصة أن فرنسا تدفع 13% لكندا و 15.5% لكازخستان.

وفي ديسمبر 2013، توقفت شركة أريفا بشكل مفاجئ عن العمل في المناجم، إذ قررت استخدام ثقلها الاقتصادي في الضغط على حكومة النيجر من خلال البقاء على النيجريين من دون عمل، إلا أن النيجر تمسكت بموقفها وانتهى الأمر بالموافقة الفرنسية على الشروط التي كان من المفترض أن تزيد إيرادات النيجر من قطاع اليورانيوم بعدما ارتفعت نسبة الضريبة، إلا أن الإيرادات قلت على الرغم من عدم تغير نسبة الإنتاج، وفي هذا السياق قال السفير الصيني للنيجريين، “لو أنتم خلال الأربعين عاماً الماضية كسبتم من تصدير البصل أكثر من اليورانيوم فهناك ثمة خطأ”.

ويرى مراقبون، بان أموال النيجريين وثرواتهم التي تمنح لهم على شكل مساعدات تجسد على الواقع أن فرنسا لم تر النيجر يوماً إلا دولة مستغفلة ومستضعفة، ولم تستوعب أن النيجر هي دولة قائمة ويجب التعامل معها باحترام تماماً كما تتعامل مع كندا وكازخستان، حيث كانت ضريبة الـ 12% تحسب على أساس أرباح الشركة الفرنسية ومن الطبيعي أن الأرباح الخاصة بالشركة يحددها سعر بيع اليورانيوم، إذ قام الفرنسيون بتخفيض سعر البيع في دفاترهم من أكثر من 110 دولار إلى أقل من 79$ للكيلو الواحد، وبهذا الشكل قلت الأرباح على الورق وقلت الأموال التي تدفع للنيجر، لذلك لم تتمكن النيجر من فعل شيء خاصة وأن فرنسا تملك نفوذاً قوياً عليها وهي عملة CFA FRANCE التي تصدرها الخزانة الفرنسية لأكثر من 15 دولة أفريقية، وفي كانون أول “نوفمبر” الماضي، أقرت الحكومة الفرنسية مساعدات للنيجر بقيمة 15 مليون يورو، وهي من أموال النيجريين المسروقة وثرواتهم المنهوبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى