تقارير

الصحفيات العربيات الأكثر انتهاكاً والأكثر تقييداً

سمانيوز/شقائق /تقرير / نوال باقطيان

تعد مهنة الصحافة من أبرز المهن التي تتخللها العديد من الصعوبات والقيود والمخاطر، ولاسيما وهي توصف بمهنة المتاعب، ونظراً لما تشكله هذه المهنة من تهديدات على السلطات ذات الطابع الشمولي، عادة ما يتعرض الصحفي لانتهاكات جسيمة قد ترقى إلى التصفية الجسدية بحق الصحفيين الذكور، ولا تستثني هذه الممارسات – سواء في العالم أو الوطن العربي – الصحفيات الأناث، لتترافق مع ممارسات التمييز ضد المرأة لتنتهك حريتها وتمارس عليها شتى الانتهاكات والعنف القائم على أساس الجنس.

وعلى الرغم من إبرام الاتفاقيات وتوقيع أغلبية بلدان العالم – بما فيهم البلدان العربية – على هذه الاتفاقات مازالت هذه القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص حبراً على ورق، وبأحسن حال حينما تتمتع الصحفيات بهامش من الحرية هش، سرعان ما تتلاشى هذه الحرية في المجتمعات التي تعاني من الحروب والصراعات أو يسيطر عليها الطابع القبلي.

انتهاكات ضد الصحفيات :

وتعاني الصحفيات في الوطن العربي من صعوبات عدة، ابتداءً من سبر غمار ميدان الصحافة، سواء بالحصول على المعلومة أو عدم الحصول على فرص العمل برمته، وعدم الحصول على التقدير المساوي لتقدير الصحفي الرجل في أحسن الأحوال.

فبينما تواجه الصحفيات في المجتمعات العربية شتى الصعوبات المهنية، يضع المجتمع شتى القيود النابعة من التمييز ضدها، وذلك بتقنين تحركاتها في ميدان الصحافة أو رفض أغلبية العائلات امتهان فتياتهم لمهنة الصحافة، وقد تطال الصحفيات في المجتمعات الأكثر تشدداً حملات تشهير تنال من سمعتهن ويوصمن بوصمة عار نتيجة التحاقهن بمهنة الصحافة.

وتعد الانتهاكات التي تطال الصحفيات في البلدان التي تشوبها الصراعات والحروب أكثر ضراوة، قد يصل إلى التصفية الجسدية والاعتداء الجنسي.
ولا نستتنى الصحفيات الأجنبيات من الانتهاكات بأنواعها، على الرغم من تمتع هذه البلدان بهامش من الديموقراطية والحرية.

فحسب تقرير أعدته منظمة مراسلون بلا حدود عام ٢٠٢٠م، جمعت بيانات من صحفيات في ١١٢ دولة، تبين إن بواقع ٨٤% من الإجابات أكدت أن التحرش الجنسي يؤثر على الصحفيات، وأن أشكال العنف المختلفة مصدرها المديرون التنفيذيون، حسب تقدير ٥١% من المشاركات في الاستطلاع. بينما رأت أخريات أن مصدرها زملاء المهنة بنسبة ٤٦% أو كيانات ذات سلطة ٥٠%، أطراف مجهولة ٤٤%، أو أطراف أجريت معهم مقابلات ٣٥%. كما وجد التقرير بأن الصحفيات المتخصصات في مجالات حقوق المرأة والرياضة والسياسة من بين الأكثر عرضة للعنف، وأن عدد الصحفيات المحتجزات ارتفع بما لا يقل عن ٣٥% عام ٢٠٢٠ مقارنة بعام ٢٠١٩م.

الصحفيات في مناطق الصراعات :

وتستفرد الصحفيات العربيات في البلدان الأكثر صراعاً بالمزيد من الانتهاكات، أبرزها تونس وسوريا والعراق واليمن وفلسطين.
ففي اليمن تواجه الصحفيات شتى أنواع الانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثي، سواء بالملاحقة أو الإخفاء القسري والاعتقالات، وفي هذه الحالة تتناصف الصحفيات هذه الانتهاكات مع زملائهم الذكور. بينما تتمايز الصحفيات اليمنيات بتحديات وقيود مجتمعية تحد من حرية تحركها، فضلاً عن عزوف العائلات عن الحاق فتياتهم بمهنة الصحافة، حيث يبلغ عدد الصحفيات ١٧٠ فقط من إجمالي ١٥٠٠ صحفي حسب أعداد المنتميات لنقابة الصحافة اليمنية.

كما تراجعت حرية الصحافة في تونس، حيث تصاعدت حدة وتيرة الانتهاكات القمعية التي تمنع الصحفيات من التغطية الإعلامية والملاحقات، وسجلت نقابة الصحفيين التونسيين ١٣٢ انتهاكاً ضد الصحفيات التونسيات منذ عام ٢٠٢٢ إلى عام ٢٠٢٣م.

الانتهاكات عبر الإنترنت:

ونالت الانتهاكات عبر الإنترنت ضد الصحفيات نصيب الأسد، والتي كانت متواجدة من أعوام عدة، وبرزت هذه الانتهاكات عبر الانترنت في عام ٢٠٢٠ أثناء جائحة كورونا، وهناك دراسة أجرتها اليونسكو والمركز الدولي للصحفيين في عام ٢٠٢٠ م، استهدفت الدراسة ٩٠٠٠ مشاركة من ١٢٥ بلداً، وأجابت عن الاستبيان ٧١٤ صحفية. وخلال الدراسة افادت ٧٣% من المشاركات بأنهن تعرضن للعنف عبر الانترنت، وتعرض ٢٥% من الصحفيات للتهديد بالعنف، و١٨% منهن تعرضن للتهديد بالعنف الجنسي، واتسع نطاق التهديدات إذ أفادت ١٣% منهن بأنهن تلقين تهديدات بالعنف ضد مقربين منهن.
كما صرحت ٢٠% من المجيبات بأنهن تعرضن للاعتداء أو الإساءة خارج الإنترنت، و١٣% من المجيبات اتخذن تدابير حماية بسبب تعرضهن للعنف عبر الانترنت. وأفادت ٤٠% منهن بتغيبهن عن العمل خشية التعرض للاعتداء خارج الإنترنت.

وأصبح العنف المرتكب عبر الانترنت منذُ جائحة كوفيد كورونا، جبهة أمامية جديدة في مجال سلامة الصحفيات على وجه الخصوص. وتعرف هذه الظاهرة بأنها مزيج من المضايقات والإساءات والمستمرة في غالب الأحيان عبر الإنترنت، التي تشمل الاعتداءات الهادفة التي كثيراً ما تنطوي على تهديدات بالعنف البدني أو الجنسي وانتهاك الخصوصية والأمن الرقميين، الذي من شأنه الكشف عن معلومات متعلقة بالهوية ومفاقمة المخاطر التي تهدد سلامة الصحفيات ومصادرهن خارج الانترنت، وشن حملات تضليل إعلامي منسقة تؤجج معاداة المرأة، وغير ذلك من صنوف خطاب الكراهية.

الصحفيات الفلسطينيات :

بينما يمعن المحتل الإسرائيلي الصهيوني في تعذيب وانتهاك الجرائم بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، تسطر الصحفيات الفلسطينيات أروع البطولات في التاريخ بالكشف عن جرائم المحتل الغاصب.
ومن هذه الجرائم التي يرتكبها المحتل قمع حرية الصحفيات في إيصال القضية الفلسطينية، وذلك من خلال تقييد تحركاتهن، وبالتالي صعوبة الحصول على المعلومة، إما بالملاحقة والاعتقال أو عن طريق التحرش الجنسي والضرب واستهداف منازلهن واستهداف أقاربهن.

ولعل أبرز مثال لاستهداف الصحفيات هو إسكات صوت الحق، باغتيال الصحفية المخضرمة شيرين أبو عاقلة، التي أفنت حياتها من أجل إبراز القضية الفلسطينية عبر قناة الجزيرة، بالإضافة إلى العديد من الصحفيات اللواتي طوت صفحاتهن معرفة هويتهن، ليفقدن في معارك الشرف حياتهن منفردات أو مع ذويهن، لا لجريمة سوى كونهن صحفيات..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى