تقاريرقضايا عامة

بين انعدام الوازع الديني والأخلاقي وسوء التربية.. «التحرش بالمرأة» أنواعه وأسبابه وكيف نحمي أنفسنا منه؟

سمانيوز/شقائق/ تقرير

يرى مختصون أن تصويب النظر والاستمرار في التحديق في تفاصيل المرأة، سواءً وهي جالسة أو وهي تمشي في الشارع أو المتنزه، يُعد أحد أنواع التحرش غير المباشر، الذي قد يتطور ليصبح مباشراً. ولقد انتشرت هذه الظاهرة (الفردية) في مجتمعنا في ظل ضعف الوازع الديني والأخلاقي وسوء التربية وانتشار الوقاحة، إلى جانب انتشار المهاجرين الشباب الأفارقة والنازحين اليمنيين العاطلين عن العمل، الجالسين على قارعة الطرقات وفي أغلب الشوارع خصوصًا بالعاصمة عدن، لاسيما أن أغلبهم شباباً مراهقين (أعزب)، يعاني البعض منهم كبتاً وحرماناً عاطفياً وإدماناً على الحبوب المخدرة والقات والأفلام الخليعة. إلى جانب لا مبالاة الأجهزة الأمنية تجاه أولئك الوفود والعواقب المترتبة على العوائل.

يمكن تعريف التحرش بأنه قيام شخص ما بأفعال غير محببة أو غير لائقة من شأنها أن تنتهك خصوصية من حوله، وتتخذ هذه الأفعال إما الطابع الجنسي أو الجسدي أو النفسي أو اللفظي، والتي قد تبدأ بالمضايقات والتلميحات البسيطة لتصل لمستوى أعلى من المضايقات.
وقد يحدث التحرش في مرفق العمل أو في الشارع أو في سيارات الأجرة (الباصات)، أو في المتنفسات العامة والملاهي أو في المدارس والكليات أو في المستشفيات.
يشمل التحرش الجنسي على مجموعة من الأشكال من ضمنها التحديق والنظر غير اللائق، والنداءات كالتصفير، والتعليقات حول شكل الجسم والمظهر، أو النكت الوقحة ذات الإيحاءات الجنسية، أو الملامسة غير المرغوب بها من قبل المتحرش بها، والتي يتظاهر المتحرش على أنها وليدة الصدفة خارجة عن إرادته وهي في الحقيقة متعمدة كملامسة أجزاء حساسة من الجسد.

التحرش بالمرأة.. أنواعه وأسبابه:

وبحسب موقع “حاكيني” ترى اختصاصية العلاج السلوكي المعرفي الأستاذة سلام عامر أن للتحرش أنواع، منها:
تعليقات وطلبات والتعبير عن رغبات غريبة، والغمز أو الصفير أو التلويح بإشارات معينة باليد، والمتابعة اللصيقة أثناء السير، ومهاجمة المرأة أو عرقلة طريقها، والبحث المستمر عن اسم ورقم الضحية، والمعلومات الأخرى.
وأيضاً أي شكل من أشكال التواصل الجسدي دون موافقة، وإهانة وتحقير الهوية الجنسية للفرد، وسلوكيات عنصرية وتهديد وابتزاز، والتعليق على المظهر الجسدي مثل تفاصيل الجسم أو الملابس، فضلاً عن التقاط الصور بدون موافقة.

وتضيف الأستاذة سلام بأن للتحرش أسباب أهمها:
الكبت الجنسي، وسوء التربية وانعدام الأخلاق، والتقليد المتهور، وعدم وجود حماية أو مساءلة قانونية، والتهاون مع المتحرش.

كيف نحمي أنفسنا من التحرش؟

يقولون إذا عرف السبب بطل العجب. بمعرفة أسباب التحرش نتمكن من مواجهته وحماية أنفسنا، إلى جانب توفر الإرادة القوية والثقة بالنفس التي تمكنا من صد المتحرش ومنعه من التمادي بأفعاله. لاسيما أن كل ما يقوم به المتحرش هو نتاج ثقافته وأخلاقه المكتسبة أو الموروثة. ومن المهم ألا نصمت عما تعرضنا له أو التكتم خوفاً من الفضيحة أو من المتحرش، لابد من البوح عما تعرضنا له لأشخاص نثق بهم ولجهات رسمية قادرة على ردعه.

ولحماية أنفسنا من التحرش علينا القيام بالآتي:
تجاهل المتحرش في البداية والحافظ على الهدوء،
ولفت انتباه الناس إذا استمر التحرش والصراخ قوياً، وعدم الدخول بنزاع مع المتحرش، وحماية نفسك، كذلك عدم طلب الاحترام من المتحرش أو التوسل إليه، وتهديده بالتبليغ عنه ومن ثم القيام بالتبليغ عنه. بالإضافة إلى فتح الهاتف سريعاً والقيام بتصوير المتحرش، وتجنب التواجد مرة أخرى بجواره.

ولحماية نفسك من المتحرشين الإلكترونيين تقول الأستاذة سلام: توثيق كل ما له علاقة بواقعة التحرش من حيث تاريخ ووقت ومكان التحرش، والاحتفاظ بنسخ أو التقاط صورة من رسائل بريد إلكتروني أو نصوص أو صور أو منشورات اجتماعية لها صلة بالتحرش، وإخبار صديق موثوق أو فرد من أفراد العائلة أو زميل العمل بما حدث، والاحتفاظ بتفاصيل تلك المحادثات معهم.
وأيضاً التقدم بشكوى رسمية لمباحث الجرائم الإلكترونية، ومحاولة ضبط إعدادات حسابك على فيسبوك، بحيث لا يستطيع حساب المتحرش دخول حسابك وأخذ أي صور منه.

كما إن للتحرش آثار نفسية تظهر على الضحية منها القلق والتوتر والصداع وقلة الشهية للطعام واضطرابات النوم، والإحساس أو الشعور بالعار والخجل، وكذا سيطرة أفكار انتحارية على الضحية، وشعورها بأن هناك من يراقبها.

كيف التعامل مع ضحية التحرش؟

في الغالب تظهر على الضحية الآثار النفسية والجسدية آنفة الذكر، والتي يتعين معالجتها والتخفيف من آثار الصدمة، وإخبار الضحية بأنها غير مذنبة، وإشعارها بالأمان وبأنك تصدقها وتقف إلى جانبها.
اجعل باب الحوار دائماً مفتوحاً مع الضحية لتحدثك بكل ما تعرضت له وبكل ما تشعر به لمعرفة كيف يمكن مساعدتها.

وكلما كان لدينا خلفيات ثقافية عن هذا الموضوع امتلكنا القدرة على وضع حدود للمتحرش وتجاوز الآثار النفسية للتحرش. لذلك على الأهل أن يدركوا أهمية تربية الأبناء تربية سليمة تمكنهم من معرفة خصوصية أجسادهم، وأنه يمنع المساس بها، والرد على استفساراتهم وتساؤلاتهم حتى لا يتجهوا لمصادر أخرى غير آمنة تجيبهم عنها. بالإضافة لمراقبة المحتوى الذي يشاهده أبناءهم، فذلك قد ينقذهم من الوقوع بالخطأ أو التعرض له.

تحرش تحميه سلطة الحوثي في صنعاء:

في سياق متصل، اتهمت الناشطة السياسية (نورا الجروي) عدداً من عقال الحارات في مناطق سيطرة جماعة الحوثي بالتحول إلى بلاطجة وسرق وفساد وابتزاز وتحرش بالنساء.
وأكدت الجروي أن منظمتها وثقت مئات الشهادات لنساء تعرضن للسلطوية والتحرش والابتزاز من قبل بعض العقال، الذين يساومون النساء على تقديم الخدمات الأساسية لهن، مثل الغاز والخدمات الإنسانية، مقابل استجابتهن لمطالبهن غير المشروعة.
وأضافت الجروي أن جماعة الحوثي تمكنت من نشر قيمها السلبية وسلطويتها في المجتمع، مما أدى إلى تحول الكثير من الأشخاص الذين كانوا يظهرون بمظهر مختلف إلى ممارسة سلوكيات عنيفة ضد النساء. مشيرةً إلى أن هذه الجماعة عكست قذارتها على المجتمع.
وتضامنت الجروي مع الناشطة سمية العاضي، معبرةً عن أسفها لمقتل زوجة العاقل التي كانت ضحية لزوج متحرش وعصابة قذرة استخدمتها لتصفية حساباتهم مع سمية.
وتساءلت الجروي مخاطبة العقال المتحرشين: هل تعلمتم الدرس مما حدث أم أنكم تريدون أن تشهر النساء أسلحتهن ويدافعن عن أنفسهن؟
وختمت الجروي تصريحاتها بالتعبير عن تضامنها مع النساء ولعنتها للرجال الذين خذلوهن.

تجدر الإشارة إلى أن الجروي تنشط في مجال المجتمع المدني، فهي رئيسة (منظمة كوني وطن للتنمية)، وتترأس تحالف نساء من أجل السلام. وهي أيضاً مؤسسة ورئيسة حركة إنقاذ السياسة الشبابية الشعبية “شباب 14 يناير”، كما أنها تشغل منصب أمين عام مساعد للمجلس الأعلى لمنظمات المجتمع المدني.

في السياق لاتزال قضية الطفلة جنات (9 سنوات) التي تعرضت قبل عدة أشهر للاغتصاب في صنعاء من قبل قيادي في جماعة الحوثيين قائمة، ولكن دون إنصاف أو اقتصاص من الجاني الذي لايزال طليقاً محمياً بقوة السلطة الحوثية التي خلقت مبررات شيطانية لفعلته الشنيعة، وأباحت له الزواج من الضحية.

ختامًا..
التحرش بالمرأة هو انعكاس لضعف الوازع الديني والأخلاقي والتربوي يظهر على بعض الأفراد، لذا فهو في الغالب سلوك (فردي) ليس مجتمعي. وبتكاتف الجميع يسهل القضاء عليه، ولكن تكمن المشكلة في التحرش المحمي من قبل السلطة كما هو حاصل من قبل جماعة الحوثيين. وكما يقولون حاميها حراميها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى