تقارير

جنوبيون: وضع الجنوب استثنائي وإتاحة حرية الرأي والتعبير للخونة يجعل القضية على المحك

سمانيوز / تقرير

وضع استثنائي يمر به الجنوب، فهو لا يزال قابع تحت سلطة احتلال يهيمن على جميع قراراته وقطاعاته السيادية، بمعنى أن لا سيادة مطلقة حتى الآن لأبنائه على بره وبحره وسماه، وعلى قراره وثرواته البرية والبحرية ومصادر إيراداته المختلفة، حتى البنك المركزي الكائن في قلب عاصمة الجنوب عدن ليس تحت إمرة أبناء الجنوب، ولا يستطيع المجلس الانتقالي الجنوبي – ممثل الجنوبيين والمفوض من قبلهم لحمل قضيتهم ومعاناتهم وطموحاتهم – صرف ريال واحد من البنك المركزي بالعاصمة عدن الواقعة تحت سيطرته، بحسب إشارة مصادر مطلعة.

كما أن المواطن الجنوبي لا يزال مرتبطاً ارتباطاً إجبارياً بالوثائق الرسمية والمستندات اليمنية، فعندما يسافر إلى الخارج يتنقل بواسطة جواز وهوية يمنية، وكذا في المعاملات الداخلية ببطاقة شخصية ذات هوية يمنية، حتى شهادات الميلاد والوفاة جميعها منسوبة إلى الهوية اليمنية، بمعنى أشمل لا تزال جميع الوثائق الرسمية في التعاملات الداخلية والخارجية يمنية ولا وجود لبصمة الجنوب فيها.
هكذا وضع يعطي انطباعاً للداخل والخارج أن الجنوب ينتمي إلى الجسد اليمني، ولا يزال ضمن إطاره بحسب التعاملات الرسمية آنفة الذكر، مع أنه في واقع الأمر تحت سلطة احتلال، ويناضل بحسب منظور ما تشهده الساحات والميادين الجنوبية المختلفة من فعاليات وهتافات ورفع أعلام وصور رموز دولة الجنوب في المليونيات والتظاهرات، لأجل استعادة وطنه ما قبل العام 1990م، وهذا حق مشروع كفله القانون الدولي..

ولكن ثمة خلل كبير حدث ولا يزال يحدث، ألا وهو أن مفوض الجنوبيين لحمل قضيتهم السياسية ومشروعهم التحرري (المجلس الإنتقالي الجنوبي) شريك مع من يصفه بالمحتل في السلطة.. شراكة متنافرة فرضها المجتمع الإقليمي والدولي للتخفيف من حدة الأزمة اليمنية الواحدة، بحسب المنظور الأممي، لشكلها الخارجي دون الخوض في تفاصيلها الداخلية المرسومة على أرض الواقع في كل من صنعاء وعدن، لا سيما والاعتراف بسلطات الأمر الواقع لها استحقاقات واشتراطات مطولة.

الانتقالي مقيد سياسياً بشراكة تمنعه من اتخاذ قرارات مصيرية:

محللون سياسيون وقيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي، أقرت أن الانتقالي ارتكب خطأ كبيراً بدخوله في شراكة مع قوى يمنية متورطة في احتلال الجنوب وفي سفك دماء الجنوبيين، وفي ظل استمرار انتقاضة شعبية جنوبية على الأرض ضد الوجود اليمني، “وضع غير سوي.. الشارع الجنوبي يثور ضد من؟”.

مشيرين إلى أن الانتقالي أصبح مقيداً لا يستطيع اتخاذ قرارات مصيرية تنتصر لقضية شعب الجنوب، أو ترفع عن كاهله المعاناة، كما أنه أصبح غطاءً شرعياً غير مباشر، بحسب المنظور السطحي غير الدقيق، شرعن للقوى اليمنية تواجدها وتحركاتها في الجنوب، وهيأ لها الفرصة لإعادة التموضع وتوسيع وترسيخ نفوذها.
وكما هو معهود للقوى اليمنية في نقض العهود وخرق الاتفاقيات والانقلاب عليها، سارعت القوى اليمنية لمهاجمة الانتقالي بدلاً من رد الجميل، استخدمت خصومه السياسيين الجنوبيين، وعبر شراء ذمم بعض الخونة، من أبناء جلدته للنيل منه وضربه في عقر داره ومن أموال بلاده، في تكرار لمشهد عفاش إبان ضربه “الزمرة بالطقمة”، واستفراده بالجنوب. لم يتعظ الانتقالي من تجربة شراكة العام 1990م، بحسب مفهوم بعض الجنوبيين.

وسائل إعلام جنوبية تهاجم الانتقالي وتلمع المحتل:

في ضوء الشراكة التي تورط فيها المجلس الانتقالي الجنوبي، أصبح المجلس عرضة لهجوم معارضيه “الجنوبيين”، فتحت تلك الشراكة الباب على مصراعيه أمامهم للنيل منه ولتلميع وخدمة رموز المحتل اليمني. في مقابل ذلك لا يستطيع الانتقالي اعتبار ما يقومون به خيانة للجنوب، لماذا؟ لأنهم سيقولون نحن لم نبرم مع المحتل اليمني شراكة ونستضيفه في معاشيق، مثل ما أنت فعلت.. كيف تعاقبنا ولا تعاقب نفسك؟ كيف تتبادل مع المحتل القبلات والعناق، وتوفر له ولأسرته الحماية الكاملة في الجنوب، وتطالبنا بشن الحرب عليه؟!
هكذا وضع غير سوي، فتح المجال أمام الخونة للنيل من القضية الجنوبية، بذريعة أن الانتقالي شريك مع المحتل في السلطة، وبذريعة حرية الرأي والتعبير، دون مراعاة المتطلبات الإجبارية والضغوط الدولية التي فرضت تلك الشراكة السخيفة.

استغلت القوى اليمنية تلك الثغرة وباشرت بتمويل ودعم الخونة الجنوبيين بوسائل الإعلام المختلفة، إلى جانب تجنيد مرتزقة، وتكوين تشكيلات مسلحة ببعض المحافظات الجنوبية، فأصبحوا مع الوقت خنجراً مغروساً في ظهر الجنوب.

وضع استثنائي يتطلب رص الصفوف واستيعاب قواعد اللعبة:

يرى ناشطون أن شراكة الانتقالي مع الشرعية اليمنية في إدارة المناطق المحررة مرحلية مزمنة، فرضها المفهوم العام للأزمة اليمنية المتعارف عليها دولياً، لا سيما والأمم المتحدة لا تزال تعترف بالجمهورية اليمنية كدولة واحدة موحدة، لها مقعد وعلم واحد تحت قبة المنظومة الدولية، وتتعامل مع الوضع، شمالاً وجنوباً، تحت مظلة أزمة يمنية واحدة، وكل من يخرج عن هذا السياق تتخذ إجراءات عقابية ضده، باعتباره طرفاً متمرداً.
ففي حال فرض الانتقالي الجنوبي أمراً واقعاً على الأرض ستتخذ عقوبات وحصار ضده، ستتوقف الرواتب، وسيفرض حصار على الموانئ، وحصار اقتصادي، وقد تدعم بعض الجهات الإقليمية المتربصة تدخلاً عسكرياً ضده ليتم تدمير كل المكاسب والمنجزات الجنوبية في طرفة عين، لتعود الجنوب إلى ما دون نقطة الصفر، لا سيما وأغلب مناطق الجنوب ساحلية يسهل قصفها وحصارها وإسقاطها في فترة وجيزة قياساً بمناطق الحوثيين الجبلية الوعرة.

إتاحة حرية الرأي والتعبير للخونة يجعل القضية على المحك:

نظراً إلى الوضع السياسي غير المتجانس الذي فرضته متطلبات مرحلة اللا دولة الراهن “بحسب ناشطين”، إلا أنه لا يعني بأي حال من الأحوال نسيان أو طمس ثورة الجنوب التحررية التي انطلقت في العام 2007م، فالجميع يعلم تفاصيلها بمن فيهم الخونة والمتأرجحين الجنوبيين، الذين يتربصون منذ ذاك الحين لإفشالها، ووجدوا في شراكة الانتقالي مع الشرعية اليمنية ثغرة لمهاجمة القضية الجنوبية في الوقت الراهن، إما عبر الصحف الصفراء أو عبر المواقع الإخبارية والذباب الإلكتروني من على مواقع التواصل الاجتماعي، أو بالزج بعناصر إجرامية مأجورة للانغماس وسط التظاهرات السلمية الجنوبية، لإحداث فوضى وإعطاء نتائج عكسية قد تؤدي مع الوقت إلى نشوء صراع جنوبي داخلي، وغيرها من السلوكيات والتصرفات المتعارضة مع واقع حال النضال التحرري الذي يخوضه الجنوبيون، فالكل ثائر ولا قبول لعميل.

وحذر جنوبيون من أن إتاحة حرية الرأي والتعبير للخونة يجعل القضية الجنوبية على المحك، مطالبين المجلس الانتقالي الجنوبي بغربلة الداخل الجنوبي، واتخاذ كل ما يلزم لتحصين القضية الجنوبية، وتنقية فعاليات الجنوب من الخونة والمندسين، وكذا وضع حد لبعض الصحف الورقية الجنوبية التي تحولت إلى منابر لأعداء الجنوب، ولبث سموم الفتنة والتفرقة بأوساط المجتمع الجنوبي.

مؤكدين أن واقع حال الجنوب لا يزال بمرحلة النضال التحرري المستمر، يقارع المحتل ويقدم تضحيات ولا يقبل بالخونة بأوساطه.. لافتين إلى أن ما حصل في فعالية “ثورة الرجال” التي أقيمت يوم 17 مايو 2025م بالعاصمة عدن، يعطينا دروساً وعبراً، ويكشف حجم المخطط الإجرامي الذي تديره القوى المعادية. فالمشهد كان صادماً عكس حالة من الفوضى المقصودة.. أحداث لم تكن عفوية إطلاقاً، بل مدبرة مسبقاً من قِبل قوى مدعومة متغلغلة في العاصمة عدن.
اكتشف المخطط وبان المستور، ما حدث ليس مجرد تعبير عن غضب شعبي، بل محاولة لاستهداف المشروع الجنوبي، ولزعزعة ثقة شعب الجنوب في قيادته السياسية، وبث الفتنة بأوساطه، ما يشير إلى أن المعركة لم تقتصر على خطوط التماس الحدودية، بل انتقلت إلى ساحات النضال السلمي في قلب العاصمة عدن.

ختاماً..
الخيانة آفة الأوطان، وسبب دمارها وسقوطها بأيدي الأعداء، تأتي في عدة أشكال وصور أخطرها تجميل قبح المحتل وتشويه الثورة التحررية، بالإضافة إلى طمس مسيرة ثورة الجنوب التحررية، والترصد لأخطاء وزلات المجلس الانتقالي الجنوبي، وغض الطرف عن إنجازاته الكبيرة الأمنية والعسكرية والسياسية، التي لم تتحقق منذ العام 2007م إلا في عهده، بفضل الله ثم بحنكة قيادته السياسية، يتوجب الحفاظ عليها وتنميتها وتطويرها، لا جعلها فريسة سهلة للخونة والمتربصين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى