تقارير

قراءة القصص للطفل.. كيف تتم؟ وما فوائدها؟

سمانيوز/إعداد / نوال باقطيان

تشكل القصص الغذاء الأكثر فائدة وإشباعاً للعقل والروح. وتلعب القصص دوراً حيوياً في تطور الطفل ونموه فكرياً ونفسياً.
وإلى جانب المتعة الكبيرة التي توفرها قراءة القصص للطفل، وتحفيز خياله وملكته على التأمل والتفكير، فإنها تشكل أيضاً مصدراً مهماً للمعلومات، ووسيلة لإيصال القيم الإنسانية والأخلاقية، وأداة لبناء قدرات الطفل اللغوية وتقويتها.
كما تسهم القصص في تعزيز الوعي لدى النشء، وبناء قدراتهم المعرفية، وإثراء ثقافتهم، الأمر الذي يساعدهم في تحقيق التفوق العلمي، ويعزز من فرص نجاحهم حياتياً ومهنياً.
ويمكن إجمال أهمية قراءة القصص في الآتي:

تنمية القدرات اللغوية والتعبيرية:

قراءة القصص تعدّ أداة حيوية وفاعلة لتنمية القدرات اللغوية والتعبيرية للطفل، كتابةً ومحادثة، من خلال إثراء مخزونه من المفردات والعبارات والأفكار، وتعزيز ملكة الفهم والاستيعاب والتركيز لديه، الأمر الذي يساعده على التعبير عن مشاعره وإيصال أفكاره بطريقة واضحة، وضمن سياق منطقي.

تعزيز النضج النفسي والعاطفي:

قراءة القصص تساعد الطفل على فهم مشاعره والتعبير عنها، إلى جانب فهم مشاعر الآخرين واستيعابها والتفاعل معها، وتوجيه علاقته بأفراد أسرته، وبناء شبكة علاقات مع الناس من حوله، وتعزيز قدراته التواصلية والتفاعلية معهم، بما يسهم في تعزيز نضجه اجتماعياً ونفسياً، وبناء منظومة الذكاء العاطفي لديه، التي تمكنه من التكيف مع مجتمعه بصورة ناجحة في المستقبل، وبناء علاقات صحية مع من حوله.

اكتساب المعرفة والثقافة:

تتيح قراءة القصص نافذة للكسب المعرفي والثقافي، من خلال الاطلاع على ثقافات وحضارات أخرى، وتعلُّم حقائق ومعلومات أدبية وعلمية وتاريخية وجغرافية وغيرها، ما يفتح أفق الطفل على قراءات معرفية وتثقيفية في مجالات متنوعة، بموازاة قراءة القصص والحكايات.

اكتساب الخبرات الحياتية والسلوكية:

توفر قراءة القصص خبرات لا نهائية للطفل، بحيث يتعلم من خلالها قواعد التعامل مع الناس، والسلوكيات الصحيحة، وتعلم بعض المهام اليومية كغسل الوجه، وتصفيف الشعر، وتنظيف الأسنان، وغسل اليدين والوجه، وآداب المائدة والكلام، خاصة القصص الموجهة للأطفال في سن التكوين، والتي تكون مكتوبة بطريقة إرشادية. كما تسهم القصص والحكايات في توسيع أفق الأطفال بشأن تجارب الحياة المختلفة.

تعزيز الثقة بالنفس:

تعدّ قراءة القصص من العوامل التي تساعد في تعزيز مستويات الثقة بالنفس لدى الطفل، وهو الأمر الذي ينعكس على تحصيله العلمي وأدائه في المدرسة، كما تؤثر على علاقاته بمحيطه الاجتماعي.

تطوير الخيال وتحفيز الإبداع:

قراءة القصص والروايات والحكايات، بكل أنواعها، من أكثر أنواع القراءات التي تساعد الطفل على تطوير خياله وشحذه نحو آفاق لا نهائية من الأفكار والتصورات. والخيال أساس الابتكار والإبداع، فكل الاختراعات العظمى في التاريخ جاءت من الخيال، ومن الإيمان بأن أي شيء تتخيله تستطيع أن تحققه.

تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية:

تساهم قراءة القصص والروايات في بناء منظومة القيم الإنسانية والأخلاقية للطفل منذ تشكل الوعي لديه، من خلال التمييز بين الخير والشر، والتفريق بين الخطأ والصواب، وترسيخ قيم التعاطف والرحمة والعطاء والمحبة والتعايش والإخاء والتسامح وقبول الآخر والانفتاح الثقافي والحضاري؛ فالقصص تفتح باباً عريضاً نحو اكتشاف عوالم الشعوب والثقافات عبر التاريخ والأجيال والمعتقدات.

كيف اقرأ قصة لطفلي؟

1- ابحث عن المواضيع التي يحبها طفلك وتناسب عمره: هل هو مولع بالفضاء؟ أم بعالم الحيوانات؟ هل يحب قصص الخيال العلمي؟ هل تحب طفلتك قصص الفتيات والمواقف التي تواجههن مثل الغيرة والتكبر ومفهوم الجمال؟
دع الطفل يختار القصص التي يحب أن يقرأها أو يسمعها، لكن بتوازن؛ لأن الطفل في الكثير من الأحيان ينجذب فقط لشكل الغلاف دون الاهتمام أو المعرفة بجودة المحتوى. فنحن هنا لا ندعو الأهل لقراءة القصص التي يحبها الطفل فقط، بل ندعوهم أيضًا لتقديم قصص أخرى من الممكن أن تكون خارج اهتمامه؛ لكن هذا يكون بهدف تعليمه سلوكاً أو أفكاراً أو معلومات جديدة، بالإضافة إلى إحداث التنوع والتغيير، فربما سيعجب نوع القصة الطفل، ويبدأ بالاهتمام به، ثم يبدأ يطلب قصصًا شبيهة، كالقصة التي تسرد أحداثًا تاريخية، أو قصصًا من النوادر والطرائف، مثل طرائف جحا أو أي نوع آخر.

2- كيف أحصل على القصة؟

يوجد العديد من الطرق للحصول على القصص، ومنها:
•استعارتها من مكتبة المدينة العامة، أو مكتبة المدرسة، في الكثير من المدن توجد مكتبات عامة مليئة بالكتب والقصص، ابحث عن أقرب مكتبة عامة لتبدأ الاستعارة. هذه الطريقة توفر على الأهل ثمن القصص، كما أنها تقدم للطفل مجموعة كبيرة من العناوين والمواضيع، وتنمي ثقافة زيارة المكتبة منذ الطفولة.
•تبادل القصص بين الأصدقاء، والجيران والأقارب.
•المواقع الإلكترونية.
•شراء القصة مباشرة من مكتبة بيع الكتب أو من الأسواق، أو معارض الكتب.
•تأليف الأهل لقصص جديدة: الأم والأب هما أقرب شخصين للطفل، فهما يشاهدان مواقف طريفة وأخرى محزنة، مواقف فيها قيم ومواقف فيها صعوبات، أسئلة واستفسارات… لذا، فمن الممكن قيامهما بتأليف قصة قصيرة ليحكياها لطفلهما بما يناسب الموقف أو المناسبة، وبذلك تكون قريبة من الطفل ومن احتياجاته.

إن كتابة القصص تتطلب موهبة ومعرفة فنيات وقواعد الكتابة، إلا أن الأهل يمكن أن يبحثوا في هذا المجال ويخوضوا هذه التجربة ولو لمرة واحدة، والتي يمكن أن يبدعوا فيها.

اختر الوقت والمكان المناسبين لقراءة القصة: على الرغم من عدم وجود وقت محدد لقراءة القصص، إلا أن هناك أوقاتاً تعد مناسبة لقراءة القصص أكثر من غيرها.

أوقات مناسبة لقراءة القصص:

•أثناء الجلسات العائلية، بحيث يصبح موضوع القصة مدخلًا للحوار والتواصل.
•قبل النوم، يعد وقتًا مناسبًا لتهيئة الطفل ذهنيًّا للنوم، وإبعاده عن الأجهزة الإلكترونية أو الأنشطة الحركية.
•يمكن للأم أن تحكي قصة “شفهيًّا” لأطفالها أثناء قيادة السيارة والتوجه بهم للمدرسة أو أي مكان آخر.
•أوقات الصباح، سواء خلال الدرس الأول في المدرسة “للمعلمات”، أو في صباح أيام العطل للأمهات.

3- اعرض الغلاف على الطفل واسأله عدة أسئلة:
ماذا تتوقع أن يكون موضوع القصة؟
هل هذه الشخصية طيبة أم شريرة؟ كيف عرفت ذلك؟
4- اقرأ العنوان، وتأكد من أن الطفل يفهمه.
لا تفترض أن الطفل على معرفة مسبقة بجميع المفردات أو المعلومات، مثال: “الغيمة الزرقاء” اسأله عن معنى الغيمة، هل الغيوم زرقاء؟
“الكنغر الواثب” ما هو الكنغر؟ أين يعيش؟
ثم تابع دون إطالة؛ لأن وقت القصة مخصص للقصة، والتوسع في الأسئلة والنقاش بطريقة مبالغ فيها يحدث أحيانًا مللًا لدى الطفل خاصةً إن كان سريع التشتت، ويضيع المعنى.
تذكر الهدف الأساسي: وهو أن يسمع الطفل القصة ويعرف معناها، أو أن يقرأها إن كان قادرًا على ذلك..

5- اقرأ القصة بلغة فصحى سليمة يفهمها الطفل قدر المستطاع:
لا تقلل من توقعاتك لمدى قدرة الطفل على فهم اللغة، كما أن قراءة القصص باللغة الفصحى سيساعده على تعلمها منذ الصغر، لكن في حال عدم تمكنه من فهم كلمة أو جملة، فيمكن للأم أو المعلمة تقديمها باللهجة الدارجة ليتمكن من الوصول إلى المعنى.
مثال 1: “ركبت (كوثر) الحافلة” ربما لا يعرف الطفل معنى كلمة الحافلة، لكنه يستطيع من خلال الرسوم الوصول للمعنى.
مثال 2: ”سقط جوال (عدنان) على الأرض” في حال عدم وجود صورة توضح المعنى، وعدم معرفة الطفل لمعنى كلمة “جوال”، يمكن للأم أو المعلمة أن تستبدلها سريعًا بالكلمة الدارجة، كالموبايل، المحمول، الخلوي.

6- اجعل لكل شخصية في القصة صوتًا مختلفًا:
على قارئ القصة أن يتخيل نفسه يقدم عرضًا مسرحيًّا يشد به الجمهور بنبرة صوته، بحيث يعطي حيوية وحياة للقصة.
7- أظهر رسوم القصة أثناء القراءة، واجعل الطفل يراها؛ فالصور تقدم شرحًا وتوضيحًا لأهم الأحداث وتساعد في فهم المعنى.
8- اطرح بعض الأسئلة أثناء القراءة عن بعض الأحداث دون إطالة، مثل: لماذا ذهب (عارف) إلى الغابة؟ هل دخول الغابة آمن؟ ما المخاطر التي يمكن أن تواجهه هناك؟

9- اسأله عن رأيه: هل أعجبتك القصة؟ لماذا؟
ما أكثر شخصية أعجبتك؟ هل تؤيد الحل الذي قام به (عارف) للحصول على العلاج؟ لو كنت مكان الطفل (عارف)، ماذا كنت ستفعل عندما حل الليل عليك وأنت في الغابة؟ لو كنتِ مكان الطفلة (عبير)، ماذا ستفعلين إذا وجدتِ حقيبة فيها مجوهرات؟
يمكن للقصة أن تنمي مهارات التواصل لدى الطفل، من خلال التفاعل بين قارئ القصة والطفل، كما أن افتراض وجود الطفل مكان إحدى الشخصيات ينمي خياله وقيمه، ويساعده على حسن التصرف في مواقف شبيهة.

10- تسلسل الأحداث:
في حال توفر نسخة من القصة كورقة عمل، اطبع صور القصة ودع الطفل يرتب أحداثها بالترتيب الصحيح. إن مهارة فهم تسلسل الأحداث من مهارات التفكير المهمة، وإن تعلُّم هذا المفهوم يساعد في تعلم مواضيع كثيرة قائمة على التسلسل مثل: تسلسل تجربة علمية، تسلسل نمو نبتة أو تسلسل دورة حياة الفراشة.

11- إعادة السرد:
دع الطفل يعيد سرد القصة بأسلوبه، يمكن تصويره، وعرض الـ(فيديو) عليه، أو تسجيل صوته فقط، هذا سيزيد من وعيه اللغوي ومن طريقة نطقه للكلمات. أعط الطفل الحرية للتعبير عن القصة كما فهمها.

12- التمثيل:
من الممكن أن يمثل الطفل القصة أو على الأقل مشهداً أساسياً منها، يمكن للأهل المشاركة في ذلك.

13- التعزيز:
عزز الطفل عندما يقرأ أو يتفاعل مع أحداث القصة.

14- العبرة:
ناقشه بالعبرة أو المغزى من القصة، حاول عدم إعطائه الإجابة بشكل مباشر، بل استمع له وقرب له المعنى؛ حتى يتمكن من الوصول إليه.

15- تجسيد الإنجاز:
يمكن عمل دودة القراءة، أو برج القراءة على الحائط، كلما قرأ الطفل أو استمع لأحداث قصة، يتم زيادة طور دودة القراءة أو زيادة ارتفاع البرج. تساعد هذه الطريقة البصرية على إظهار مدى الإنجاز الذي حققه الطفل فيما يتعلق بقراءة القصص، مما يشكل له دافعًا للاستمرار في هذا النشاط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى