للفت انتباه العالم إلى قضية شعب الجنوب التحررية.. جنوبيو الداخل يؤيدون تحرك الجاليات الجنوبية في الخارج

سمانيوز / تقرير
في خطوة تاريخية غير مسبوقة، أطلقت الجاليات الجنوبية في أمريكا فعاليات سياسية مناصرة لقضية شعب الجنوب، لإيصالها إلى مواقع صنع القرار بالبيت الابيض بواشنطن، خلال الفترة من 16 إلى 18 يونيو 2025م، تطالب القيادة الأمريكية والعالم بضرورة الالتفات إلى قضية شعب الجنوب السياسية، والتعاطي بإيجابية مع خيار شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته حسب حدودها الدولية المتعارف عليها ما قبل العام 1990م، وكذا شرح معاناة شعب الجنوب جراء الأزمات المفتعلة الاقتصادية والخدمية، التي يكابدها بصورة يومية وكانت سبباً في تجويعه وإفقاره وإيصاله إلى حافة المجاعة، رغم ما تمتلكه أرضه من خيرات وثروات بحرية ونفطية وغازية هائلة.
ويشمل برنامج الفعاليات عقد سلسلة من اللقاءات الرسمية في مبنى الكونغرس الأمريكي، وعدد من الدوائر التابعة للإدارة الأمريكية، بهدف تسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها أبناء الجنوب.
وتسعى اللقاءات إلى نقل صوت شعب الجنوب، والمطالبة بإنهاء الحرب، ومكافحة الإرهاب، والدفع نحو إحلال السلام العادل، بما يضمن حق شعب الجنوب المشروع في تقرير مصيره وبناء دولته الفيدرالية المستقلة.
ويرى مراقبون أن هذا التحرك سياسي بامتياز، يعطي دفعة قوية صوب تحريك المياه الراكدة وكشف الستار عن ماهية قضية شعب الجنوب وإبرازها بمعزل عن القضية اليمنية، وما يعانيه الجنوبيون طيلة الثلاثة العقود الماضية أمام أهم مواقع صناعة القرار العالمي بواشنطن.
وكانت الجالية الجنوبية في أمريكا – بالتعاون مع مؤسسات مجتمعية وحقوقية أمريكية – نجحت في إقامة تلك الفعاليات السياسية في العاصمة الأمريكية واشنطن، ولاقت تأييد ومباركة ساسة وناشطي الجنوب في الداخل.
هاشتاج وإشادة بتحرك الجالية الجنوبية بأمريكا:
في السياق، أطلق ناشطون وسياسيون جنوبيون، عصر يوم الإثنين 16 يونيو 2025م، هاشتاج تحت وسم #تحركات_الجالية_الجنوبية_بأمريكا على مواقع التواصل الاجتماعي، أشاروا خلاله إلى أهمية ما يتضمنه برنامج المناصرة من عقد لقاءات في مبنى الكونجرس والإدارة الأمريكية، لتوضيح المعاناة الإنسانية التي يعانيها شعب الجنوب في العاصمة الجنوبية عدن، وباقي محافظات الجنوب، والمطالبة بإنهاء الحرب، ومواجهة الإرهاب، وإحلال السلام العادل الذي يعطي شعب الجنوب حقه في تقرير مصيره، واستعادة وبناء دولته الجنوبية الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة. واستمر الهاشتاج إلى يوم الأربعاء 18 يونيو 2025م.
وأشادوا بأهمية تحركات الجاليات الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرين إلى أن الفعالية الوطنية للجنوبيين الأمريكيين في واشنطن، تعتبر الأولى من نوعها.. مؤكدين على أهمية تعزيز الأمن والازدهار المشترك بين الولايات المتحدة والجنوب، منوهين بأهمية تنظيم الجالية الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية، بالتعاون مع شركائها من المؤسسات المجتمعية والحقوقية، لأول فعالية وطنية من نوعها في العاصمة واشنطن، وذلك خلال الفترة من 16 إلى 18 يونيو 2025م.
البرنامج التفصيلي للفعالية:
كما سرد الناشطون الجنوبيون البرنامج التفصيلي للفعالية الوطنية الأولى للجاليات الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرين إلى أنه تضمن اليوم الأول (15 يونيو) وصول المشاركين من مختلف الولايات الأمريكية إلى العاصمة واشنطن، وذلك بهدف إكمال الترتيبات النهائية لانطلاق برنامج المناصرة.
فيما تضمن اليوم الثاني (16 يونيو) التدريب والمحاكاة، حيث خُصص هذا اليوم لتدريب المشاركين على آليات التأثير في السياسات العامة، وتضمن جلسات حول فهم العمل التشريعي الأمريكي، ومحاكاة للقاءات الرسمية (Mock Meetings)، ونقاشات معمّقة حول القضايا التي سيتم طرحها في الكونغرس.
أما اليومان الثالث والرابع (17 و 18 يونيو)، فكانا أهم يومين في الفعالية، حيث تضمنا لقاءات رسمية مع صناع القرار، انتقل خلالهما المشاركون إلى مقرات الكونغرس لعقد اجتماعات مباشرة مع أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب، وممثلين عن وزارة الخارجية الأمريكية، ولجان متخصصة بالشؤون الخارجية، وحقوق الإنسان والمساعدات.
إحاطة ساسة البيت الأبيض برؤية واضحة حول قضية شعب الجنوب:
وأكد الناشطون الجنوبيون على أهمية ما سيقدمه وفد الجاليات الجنوبية في أمريكا من رؤية واضحة وتفاصيل دقيقة حول قضية شعب الجنوب، وشرح حيثياتها منذ النشأة أمام الساسة بالبيت الأبيض، ومطالب محددة لدعم الأمن، وحماية الهوية، وتعزيز الشراكة التنموية.. موضحين بأن الفعالية الوطنية الأولى تهدف إلى إيصال صوت الجنوبيين إلى صناع القرار في الكونغرس والجهات الفيدرالية، وتسليط الضوء على أهمية الشراكة بين الجنوب والولايات المتحدة الأمريكية في قضايا الأمن، والتنمية، وحقوق الإنسان، ومكافحة التطرف، وغيرها.
وأبرزوا محاور المناصرة، التي أهمها مواجهة تهديد ميليشيا الحوثي الإرهابية، وتعزيز الأمن، وذلك من خلال التأكيد على أن الجنوب يواجه تهديدًا وجوديًا من جماعة الحوثي المدعومة من إيران.. مطالبين الكونغرس الأمريكي بضرورة فرض عقوبات اقتصادية مركزة على قادة ميليشيا الحوثي الإرهابية، وكذا أهمية تعزيز التنسيق مع الشركاء الإقليميين لإحكام الخناق على مليشيا الحوثي الإرهابية، لضمان وقف تزويدها بالمال والسلاح.
وأوضح الناشطون بأن وفد الجاليات الجنوبية في أمريكا سيطالب الكونغرس الأمريكي بوضع اشتراطات في قانون الاعتمادات الفيدرالي، تقارير دورية من وزارة الخارجية حول جهود الاعتراض، ودعم تحسين القدرات الأمنية لحماية حدود الجنوب.
كما أشاروا إلى أن وفد الجاليات الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية سيضع على طاولة الكونغرس الأمريكي ملفاً يتضمن حماية الهوية الدينية والثقافية للجنوب، لاسيما والجنوب يتمتع بتاريخ غني من التعددية الدينية والثقافية، تعرض للتهميش والعبث منذ توقيع الوحدة المشؤومة في 22 مايو 1990م،
الإشادة بدور الانتقالي في إرساء مداميك الأمن والاستقرار:
وأكد الناشطون الجنوبيون على أهمية إبراز دور المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس عيدروس بن قاسم الزُبيدي، في إرساء مداميك الأمن والاستقرار في الجنوب خاصة والمنطقة عامة، وذلك لما يحظى به من حاضنة شعبية كبيرة، وتفويض شعبي وسياسي، وإجماع جنوبي واسع يمتد من العاصمة عدن غرباً حتى المهرة شرقاً، لحمل القضية الجنوبية وتمثيل شعب الجنوب في جميع المحافل الإقليمية والدولية، وكذلك توضيح الصورة أمام العالم بأن المجلس الانتقالي الجنوبي هو الكيان السياسي الوحيد الممثل لشعب الجنوب، وأنه رغم التحديات والضغوط يعد نموذجًا لحكم محلي متزن فاعل.
ومن المتوقع أن تطالب الفعالية القيادة الأمريكية بدعم تفعيل عمل جميع المؤسسات لضمان تقديم خدمات أفضل للمواطنين، بالإضافة إلى أهمية دعم الاستجابة الإنسانية، لاسيما والجنوب يعاني من تدفق النازحين اليمنيين والأفارقة القادمين من القرن الأفريقي، ونقص المساعدات. وسيطالب المشاركون بالضغط على الجهات الدولية لضمان استثناءات إنسانية فعالة في ظل تصنيف ميليشيا الحوثي الإرهابية كجماعة إرهابية، وتوفير تمويل مستدام للمشاريع الإغاثية طويلة الأمد في الجنوب.
الجنوب.. موقع وثروات برية وبحرية واعدة:
وتوقع الناشطون الجنوبيون أن تعطي الولايات المتحدة الأمريكية الجنوب اهتماماً استثنائياً، باعتباره يمثل أهمية استراتيجية لإطلاله على مضيق باب المندب، الذي يعد أحد أهم الممرات المائية في العالم، ولما يمتلك الجنوب من موارد نفطية ومعدنية وغازية، وثروات بحرية وزراعية وحيوانية، وأراضٍ خصبة وسواحل واعدة قابلة للاستثمار الاقتصادي.
كما أشاروا إلى أن الجنوب يعتبر شريكاً موثوقاً في مكافحة الإرهاب، حيث أثبتت القوات المسلحة والأمن الجنوبية فعاليتها في مواجهة عناصر التنظيمات الإرهابية المتطرفة (القاعدة وداعش والحوثيين)، وكبح تهديداتهم للملاحة الدولية..
مؤكدين بأن الجنوب يمد يده للتعاون مع دول المنطقة وحلفاء أمريكا لتحقيق السلام والازدهار..
لافتين إلى أن فعالية الجاليات الجنوبية في الولايات المتحدة الأمريكية تمثل لحظة مفصلية في مسيرة الجالية الجنوبية في أمريكا، تتحول الجهود المجتمعية إلى عمل مؤسسي منظم له تأثير مباشر في السياسات الأمريكية تجاه الجنوب.
ودعا الناشطون في ختام الهاشتاج كافة وسائل الإعلام إلى ضرورة التفاعل مع هذا الحدث التاريخي، والمشاركة في توثيقه وتغطيته بما يليق بقضية عادلة، وصوت شعبي يتحدث بلغة الحكمة والإصرار.. مشيرين إلى أن وفد الجاليات الجنوبية في أمريكا سيوضح بأن الجنوب كان دولة مستقلة حتى عام 1990م، حين تم توقيع اتفاق وحدة طوعية مع الشمال، غير أن هذه الوحدة تحوّلت إلى احتلال قسري عقب حربين شنهما الشمال على الجنوب خلال عامي 1994 و2015، في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن الدولي.
ختاماً..
رغم الأزمات المفتعلة التي يعانيها شعب الجنوب في الوقت الراهن، إلى جانب رواسب الاحتلال اليمني من الإقصاء الممنهج، ومصادرة الحقوق، والتهميش الوظيفي الإداري والسياسي، وحرمانه من التسيد على أرضه أو إدارة ثرواته، وطمس هويته، والعبث بتاريخه ومعالمه الأثرية، إلا أنه أظهر صمودًا فريدًا، ضمد جراحه، وبقدرات متواضعة حافظ على انتمائه وهويته، وأسس قضيته السياسية المشروعة ورفع شعارها المطالب بفك الارتباط عن اليمن في ميادين الشرف، دفع قيمة فاتورة الحرية من دمه، ولا يزال يقدم قوافل من الشهداء والجرحى منذ العام 1994م حتى اللحظة، لم يتزحزح قيد أنملة. وكان الجدير بالإقليم والعالم احترام تضحياته والتعاطي مع تطلعاته.
اليوم عقب انتصاره على قوى الإرهاب أثبت شعب الجنوب أنه شريك موثوق في تعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي بمنطقة جنوب جزيرة العرب، وأنه يتعين على الشركاء الإقليميين والدوليين مساندته في استعادة دولته، جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الفيدرالية، لما لذلك من مردود إيجابي على المنطقة والعالم.