الضربات الأمريكية والإسرائيلية على الحوثيين: رسائل سياسية في مسرح مفتوح

سمانيوز/تقرير /جميل محمد الشعبي
في ظل التصعيد الإقليمي المتزايد وتشابك الملفات بين اليمن وطهران وتل أبيب وواشنطن، يبدو أن الضربات الأمريكية والإسرائيلية على جماعة الحوثي ليست سوى حلقة في لعبة النفوذ الإقليمي، أكثر منها خطوة جادة لاستئصال الجماعة أو إنهاء نفوذها في اليمن.
استهداف محدود… وغياب للقيادات
فبعد أكثر من خمسين يوماً من الغارات الجوية، ورغم المشاركة الإسرائيلية المحدودة، لم تُظهر هذه الضربات أي توجه فعلي نحو استهداف القيادات البارزة للحوثيين. في المقابل، كانت إيران – حليفة الجماعة – عرضة لهجمات إسرائيلية مباشرة طالت قيادات رفيعة في الحرس الثوري، وفي عمق أراضيها.
هذا التفاوت في الاستهداف يعكس تبايناً في الأهداف والنيات. فبينما يُروّج لتلك الضربات على أنها ردع لأنشطة الحوثيين، تبدو حقيقتها أقرب إلى رسائل سياسية مدروسة، هدفها ضبط الإيقاع لا تغييره، وإبقاء الجماعة كأداة ضغط نشطة في خاصرة الجزيرة العربية.
تسوية تُطبخ على نار هادئة
تشير المعطيات إلى أن خارطة الحل في اليمن – التي تم التوافق على خطوطها العريضة في الرياض ومسقط بدعم دولي – تُدار بخطى محسوبة، مع ترك باب التوقيت مفتوحًا أمام الظروف السياسية الإقليمية والدولية. وهي تسوية يبدو أنها تسعى لإعادة تشكيل السلطة بين الأطراف الشمالية، بمن فيهم المؤتمر والإصلاح، مع منح الحوثيين حصة وازنة، على حساب قوى الجنوب.
الجنوب في عين العاصفة
في هذا السياق، يبرز الجنوب، ممثلًا بالمجلس الانتقالي الجنوبي، كأكثر الأطراف عرضة للخسارة. إذ إن كل المؤشرات تؤكد تقارباً تدريجياً بين المكونات الشمالية – بمختلف توجهاتها – والحوثيين، في محاولة لإعادة اقتسام السلطة مستقبلاً ضمن تسوية لا تراعي خصوصية الجنوب، ولا تطلعات شعبه في تقرير مصيره واستعادة دولته.
وتشي القراءة السياسية بأن أي اتفاق شمالي–شمالي قادم، لن يكون إلا على حساب الجنوب، وهويته، وقضيته، في مشهد يعيد إنتاج الهيمنة المركزية، ولكن بصيغة جديدة.
ماذا بعد؟
المسؤولية اليوم تقع على كاهل كافة أبناء الجنوب – من مواطنين، ونخب، وقيادات سياسية وعسكرية – للوقوف صفاً واحداً أمام التحديات القادمة. فالمعركة القادمة لن تكون عسكرية فقط، بل سياسية وإعلامية وشعبية، تتطلب وحدة موقف، ووضوح رؤية، وشجاعة قرار.
أما الضربات الأمريكية والإسرائيلية، فلم تعد تُقنع أحداً، بعد أن انكشفت أهدافها الحقيقية، وصار واضحاً أنها لا تهدف لاجتثاث الحوثيين، بل لإعادة تدويرهم ضمن معادلة نفوذ تخدم مصالح الخارج قبل الداخل.
رسالة مفتوحة إلى قيادة الانتقالي
ويبقى السؤال الجوهري: هل قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي مستعدة فعلاً لمواجهة استحقاقات التسوية القادمة؟ وهل سيبقى الجنوب رقماً صعباً في معادلة الحل، أم يُفرض عليه واقع جديد تحت مسمى “حل سياسي شامل” دون أن تكون له فيه كلمة؟
الأيام القادمة حبلى بالإجابات، لكنها تحتاج قبل ذلك إلى قرارات جريئة، تليق بحجم المرحلة، وتستحق ثقة الشعب الجنوبي.