السلايدر الرئيسيتقارير

الربح أولًا.. مجموعة هائل سعيد تتحدى الحكومة وتتجاهل أوجاع الناس

من تاريخ الاستحواذ على الدعم الحكومي إلى التمرد على الإصلاحات الاقتصادية… المواطن يدفع الثمن وحده

سمانيوز/تقرير/هشام صويلح

في تطور يعكس حالة من التمرد التجاري على التوجهات الحكومية الأخيرة، أعلنت مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه، السبت 2 أغسطس 2025، رفضها خفض أسعار السلع الأساسية، رغم التحسن الملحوظ في سعر صرف الريال اليمني، والذي استعاد نحو 30% من قيمته خلال أسبوع، في خطوة مثّلت صدمة للأوساط الاقتصادية والشعبية على حد سواء.

المجموعة بررت موقفها بالتحذير من “اضطرابات تموينية” وخسائر مزعومة في قطاع الصناعة والتجارة، غير أن مراقبين اعتبروا هذه الذرائع محاولة للتمسك بهوامش ربح مرتفعة، بغضّ النظر عن الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها المواطنون.

هذا الرفض جاء في وقت تشهد فيه الساحة الرسمية تحركات نشطة، حيث شدد رئيس الوزراء، سالم بن بريك، خلال زيارة لوزارة الصناعة والتجارة، على ضرورة التصدي الحازم لمن يتلاعبون بأسعار السلع الأساسية، مؤكدًا أن التحسن في قيمة العملة المحلية يجب أن يُترجم إلى انخفاض فوري في الأسعار، لا أن يبقى مجرد رقم مصرفي لا يلامس حياة الناس.

من الامتيازات إلى التمرد: ملف طويل من الاستفادة

رفض المجموعة لا يمكن فصله عن تاريخ من الامتيازات والدعم، وهو ما يسلّط الضوء على واحدة من أبرز ملامح اختلال العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص في اليمن.

ففي تقريره الصادر في يناير 2021م، كشف فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن أن مجموعة هائل سعيد استحوذت بشكل غير مشروع على ما يقرب من نصف الوديعة السعودية المقدرة بـ1.89 مليار دولار، من خلال علاقات نفوذ داخل البنك المركزي والحكومة آنذاك. وقد بلغت حصة المجموعة من تلك الوديعة نحو 872.1 مليون دولار، محققة أرباحًا ضخمة من آلية دعم الاستيراد، تجاوزت 617 مليون دولار بين أرباح مباشرة وأرباح تم تسجيلها حتى قبل تنفيذ عمليات الاستيراد.

ورغم أن هذه الأموال كانت مخصصة لدعم أسعار السلع، فقد شهدت أسعار سلع مثل السكر والزيت ارتفاعات وصلت إلى 47%، في وقت كانت فيه الأسواق العالمية تشهد تراجعًا في أسعارها، ما أثار تساؤلات آنذاك عن جدوى الدعم وفعاليته في الوصول إلى المستهلك النهائي.

فجوة الثقة تتسع: الدولة مطالبة بالحسم

في ظل هذه المعطيات، تتعاظم مطالب الشارع والمراقبين الاقتصاديين بضرورة تدخل حازم يعيد ضبط العلاقة بين الدولة والشركات الكبرى. فالمعادلة التي مكّنت بعض الشركات من مراكمة الأرباح عبر قنوات الدعم، ثم رفضها لاحقًا أي التزام بالإصلاحات، تُهدد بترسيخ احتكار السوق وتفكك قواعد المنافسة والعدالة الاقتصادية.

ويشير مراقبون إلى أن دعوة المجموعة إلى “حلول مدروسة” و”ضمانات رسمية” قبل خفض الأسعار، ما هي إلا محاولة لكسب الوقت والمناورة، في حين لا يملك المواطن أي ضمان سوى صبره المستنزف وقدرته الشرائية المتآكلة.

إلى أين تتجه العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص؟

بين التجاهل المتكرر للمطالب الشعبية، والتصعيد الحكومي غير المكتمل حتى الآن، تتكشف ملامح معركة مفتوحة بين دولة تسعى لاستعادة دورها في حماية المستهلك، وشركات كبرى ترفض التنازل عن مكاسب تضخمت بفعل سياسات دعم لم تُراقب، وإصلاحات تأخرت كثيرًا.

ويبقى السؤال المُلِح: هل تمتلك الحكومة الأدوات الكافية لإعادة هيكلة السوق؟ أم أن النفوذ الاقتصادي لبعض المجموعات لا يزال أقوى من أي قرار سيادي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى